“`html
إدانة الرئيس التنفيذي السابق لـ SafeMoon Braden Karony في قضية احتيال كريبتو بـ 200 مليون دولار
في تطور مهم يلقي الضوء على مخاطر الاحتيال في عالم العملات المشفرة، أدانت هيئة محلفين فيدرالية الرئيس التنفيذي السابق لشركة SafeMoon، برادن جون كاروني، بجميع التهم الموجهة إليه في مخطط احتيال عملات مشفرة ضخم. هذا المخطط، الذي قدرت قيمته بنحو 200 مليون دولار، أدى إلى سرقة ملايين الدولارات من المستثمرين الذين وقعوا ضحية لوعود كاذبة تتعلق بأمن التمويل اللامركزي (DeFi).
بعد محاكمة استمرت 12 يومًا في بروكلين، وجدت هيئة المحلفين في 21 مايو كاروني مذنبًا بالتآمر لارتكاب احتيال في الأوراق المالية، احتيال إلكتروني، وغسل الأموال. هذه الإدانة تمثل انتصارًا كبيرًا للسلطات التي تسعى جاهدة لفرض النظام والمساءلة في سوق العملات المشفرة الذي غالبًا ما يكون فوضويًا.
وجه المدعون العامون اتهامات خطيرة لكاروني، مؤكدين أنه كذب على المستثمرين بشأن سيولة SafeMoon المؤمنة (locked liquidity pools). زعموا أنه كان يصل سرًا إلى هذه الأموال ويستنزفها، مستخدمًا الملايين التي سرقها في شراء عقارات وسيارات فاخرة، متجاهلاً الثقة التي منحها إياه المستثمرون الأفراد.
يواجه كاروني الآن عقوبة سجن تصل إلى 45 عامًا، مما يعكس خطورة الجرائم المرتكبة والتأثير المدمر الذي خلفه على حياة المستثمرين. كما أمرت هيئة المحلفين بمصادرة حوالي 2 مليون دولار من الأصول العقارية المرتبطة بشكل مباشر بالمخطط الاحتيالي. ومن المقرر تحديد موعد النطق بالحكم عليه في وقت لاحق من هذا العام.
في غضون ذلك، اعترف أحد المتآمرين المشاركين معه، توماس سميث، بالذنب سابقًا وينتظر هو الآخر النطق بالحكم. أما المتهم الثالث المزعوم، كايل ناغي، فلا يزال طليقًا، مما يشير إلى أن التحقيقات وجهود ملاحقة جميع المتورطين في القضية لا تزال مستمرة.
من المثير للاهتمام أن مشروع SafeMoon نفسه قد شهد تحولًا كبيرًا منذ انكشاف المخطط والتحقيقات. تولى المجتمع إدارة المشروع وقام بإعادة تسميته، وتحول إلى ما يعرف الآن باسم “عملة ميم” (memecoin)، مما يعكس مسارًا مختلفًا تمامًا عن الرؤية الأصلية التي قدمها كاروني وشركاؤه.
تفاصيل مخطط الاحتيال الذي دبّره كاروني
بدأ كاروني وشركاؤه المزعومون مشروع SafeMoon في مارس 2021. في ذلك الوقت، كان سوق العملات المشفرة يشهد طفرة هائلة، خاصة في مجال التمويل اللامركزي (DeFi). استغل الفريق هذا الاهتمام المتزايد وسوّقوا SafeMoon على أنها رمز DeFi آمن للغاية ويتمتع بآلية سيولة ذاتية الاستدامة، مصمم لحماية أموال المستثمرين وضمان استقرار المشروع على المدى الطويل.
كانت إحدى النقاط الرئيسية في تسويق SafeMoon هي فرض ضريبة بنسبة 10% على كل معاملة تتم باستخدام الرمز. زعموا أن هذه الضريبة ستُستخدم لعدة أغراض:
- مكافأة حاملي الرمز الحاليين (Rebasing أو Reflections).
- توفير السيولة للمشروع لدعم التداول السلس.
- تمويل مجمعات السيولة المؤمنة (locked liquidity pools)، والتي قيل إنها لا يمكن الوصول إليها من قبل فريق المشروع لحماية أموال المستثمرين.
كانت فكرة مجمعات السيولة المؤمنة حجر الزاوية في ادعاءات SafeMoon بالأمان واللامركزية. كان المستثمرون يضعون ثقتهم في أن جزءًا كبيرًا من أموالهم المحتجزة في هذه المجمعات سيكون محصنًا ضد وصول فريق المشروع، مما يقلل من مخاطر السحب المفاجئ للأموال (Rug Pull) أو التلاعب بالسعر.
ولكن الحقيقة كانت مختلفة تمامًا وكارثية بالنسبة للمستثمرين. اكتشف المحققون أن كاروني لم يقم بتأمين مجمعات السيولة كما ادعى. بل احتفظ بوصول كامل وغير مقيد إلى هذه المجمعات. هذا الوصول مكنه من استنزاف ملايين الدولارات من أموال المستثمرين بشكل سري وممنهج، محولاً إياها إلى حساباته الشخصية.
لم تذهب هذه الأموال إلى تطوير المشروع أو مكافأة المجتمع، بل استخدمها كاروني لتمويل نمط حياة فاخر للغاية. تشمل قائمة الأصول التي اشتراها بأموال المستثمرين المسروقة:
- منزل بقيمة 2.2 مليون دولار في ولاية يوتا.
- عقارات إضافية في ولاية كانساس.
- سيارتان رياضيتان من طراز أودي R8.
- سيارة تيسلا.
- شاحنات مخصصة.
في تصريح يلخص جوهر القضية، قال المدعي العام الأمريكي جوزيف نوتشيلا: “لم يبنِ كاروني منتجًا ماليًا آمنًا، بل بنى خط أنابيب للسرقة. لقد نهب أموال المستثمرين واستخدمها لملء مرائب سياراته وتمويل نمط حياته المترف.” هذا التصريح يسلط الضوء على النية الإجرامية الواضحة وراء أفعال كاروني.
مسار الأصول المشفرة المعقدة وجهود التحقيق
كان تتبع الأموال في هذه القضية مهمة بالغة التعقيد، نظرًا لطبيعة العملات المشفرة التي يمكن إخفاء تحويلاتها عبر شبكات معقدة. ومع ذلك، تمكن عملاء من ثلاث وكالات فيدرالية رئيسية في الولايات المتحدة من فك رموز هذا المسار الرقمي الملتوي:
- خدمة الإيرادات الداخلية – التحقيقات الجنائية (IRS-Criminal Investigation – IRS-CI).
- مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI).
- تحقيقات الأمن الداخلي (Homeland Security Investigations – HSI).
عملت فرق التحقيق الجنائي التابعة لمصلحة الضرائب الأمريكية (IRS-CI)، بما في ذلك فرقها المتخصصة في الجرائم الإلكترونية وفريق العمليات المشتركة J5 (وهو فريق دولي يضم خمس دول لمكافحة الجرائم الضريبية الدولية)، على تتبع المسار الرقمي للأموال. كشفت هذه الجهود الدؤوبة عن كيفية قيام كاروني بغسل الأموال المسروقة لإخفاء مصدرها غير القانوني.
لم تكن هذه القضية محلية فحسب، بل امتدت عبر الحدود الدولية. لذلك، تعاون المحققون الأمريكيون بشكل وثيق مع شركاء إنفاذ القانون العالميين لتتبع الأصول المشفرة عبر الولايات القضائية المختلفة. شمل هؤلاء الشركاء من دول مثل:
- أستراليا.
- كندا.
- هولندا.
- المملكة المتحدة.
هذا التعاون الدولي كان حاسمًا في فك رموز العملية العابرة للحدود التي دبرها كاروني وشركاؤه، مما يدل على الأهمية المتزايدة للتنسيق العالمي في مكافحة الجرائم المالية المشفرة.
وفي تعليق على جهود التحقيق، قال العميل الخاص المسؤول عن IRS-CI، هاري تي. تشافيس جونيور: “ملأ كاروني ممرات سياراته بالسيارات الرياضية بينما كان يخدع الملايين. لقد تتبعنا تحركات عملاته المشفرة وكشفنا المخطط على حقيقته – سرقة صريحة.” يبرز هذا التصريح التباين الصارخ بين الثراء غير المشروع للمتهم والخسائر التي تكبدها المستثمرون البسطاء.
بالإضافة إلى استنزاف مجمعات السيولة، أكدت تحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) وتحقيقات الأمن الداخلي (HSI) أن كاروني قام أيضًا بإخفاء تداولاته الشخصية لرمز SafeMoon خلال فترات ذروة الأسعار. من خلال التداول السري، حقق كاروني أرباحًا غير قانونية إضافية، كل ذلك بينما كان يؤكد للجمهور أن المطلعين على المشروع لا يتلاعبون بالرمز. هذا التضليل المتعمد زاد من حجم خيانته للثقة وشدة الجرائم المرتكبة.
العواقب القانونية والدروس المستفادة
إدانة برادن كاروني بجميع التهم تمثل محطة فارقة في جهود السلطات الأمريكية لمكافحة الاحتيال في مجال العملات المشفرة. إن العقوبة المحتملة التي تبلغ 45 عامًا في السجن ومصادرة الأصول تشكل رادعًا قويًا لأي شخص يفكر في استغلال حماس المستثمرين الجدد في هذا السوق لارتكاب جرائم مالية. كما تبعث برسالة واضحة مفادها أن استخدام التكنولوجيا المتقدمة مثل البلوك تشين والعملات المشفرة لإخفاء الجرائم لن يوفر حصانة من الملاحقة القانونية.
القضية تسلط الضوء أيضًا على نقاط الضعف المحتملة في مشاريع التمويل اللامركزي (DeFi) التي تعتمد بشكل كبير على الثقة في فريق التطوير، خاصة عندما تكون آليات التأمين والشفافية محل شك. يجب على المستثمرين توخي الحذر الشديد وإجراء بحث شامل قبل استثمار أموالهم في أي مشروع، بغض النظر عن حجم الضجيج التسويقي المحيط به.
التعاون بين وكالات إنفاذ القانون المتعددة، محليًا ودوليًا، يؤكد القدرة المتزايدة للسلطات على تتبع الأصول المشفرة عبر السلاسل المختلفة والولايات القضائية. لم يعد عالم الكريبتو ملاذًا آمنًا للمجرمين كما كان يعتقد البعض في الماضي. الأدوات والتقنيات التحليلية لتتبع المعاملات المشفرة تتطور باستمرار، مما يجعل مهمة غسل الأموال وإخفاء الأصول أكثر صعوبة.
إن تحول مشروع SafeMoon إلى عملة ميم بقيادة المجتمع بعد رحيل القيادة الأصلية هو نتيجة غير متوقعة للقضية. على الرغم من أن هذا التطور قد يعكس محاولة لإنقاذ شيء ما من الأنقاض، إلا أنه يؤكد أيضًا على الطبيعة المتقلبة وغير المتوقعة لسوق العملات المشفرة، وخاصة المشاريع التي ترتبط بشخصيات مثيرة للجدل أو قضايا قانونية.
ختامًا، تعتبر إدانة برادن كاروني تذكيرًا مؤلمًا ولكنه ضروري للمستثمرين في العملات المشفرة بضرورة الحذر واليقظة. يجب دائمًا البحث عن الشفافية واللامركزية الحقيقية والتدقيق في مصداقية الفريق قبل استثمار أي مبلغ. بينما يواصل سوق الكريبتو نضجه، تتزايد أيضًا جهود مكافحة الاحتيال، مما يساهم ببطء في بناء بيئة استثمارية أكثر أمانًا، ولكن المسؤولية النهائية تقع على عاتق المستثمر في حماية أمواله.
“`