“`html
80% من الأمريكيين يرغبون في تنويع احتياطي الذهب الأمريكي بالبيتكوين: استطلاع رأي
في تحول لافت يعكس الاهتمام المتزايد بالعملات الرقمية حتى على المستوى الشعبي، كشف استطلاع حديث أجرته منظمة “مشروع ناكاموتو” (The Nakamoto Project)، وهي مجموعة غير ربحية تُعنى بالتعليم والدعوة للبيتكوين، عن نتيجة مفاجئة ومثيرة للجدل. أظهر الاستطلاع أن أربعة من كل خمسة أمريكيين، أي ما يقرب من 80%، يرغبون في أن تقوم الولايات المتحدة بتحويل جزء من احتياطياتها الضخمة من الذهب إلى بيتكوين.
تُعد هذه النتيجة بمثابة مؤشر قوي على تغير النظرة العامة تجاه الأصول الرقمية، وتحديداً البيتكوين، واعتبارها بديلاً محتملاً أو مكملاً للأصول التقليدية مثل الذهب، حتى على مستوى الاحتياطيات الوطنية التي طالما اعتُبرت رمزاً للاستقرار والقوة الاقتصادية. إن الرغبة في تنويع هذه الاحتياطيات بهذا الشكل تشير إلى ثقة متنامية في مستقبل البيتكوين كأصل يمكن أن يحمل قيمة ويساهم في استراتيجيات الحفظ والتنمية المالية للدولة.
تفاصيل الاستطلاع والنتائج الرئيسية
شمل الاستطلاع، الذي تم إجراؤه على عينة قوامها 3,345 مشاركاً، سؤالاً مباشراً وبسيطاً ولكنه يحمل أبعاداً كبيرة: “بافتراض أن الولايات المتحدة تفكر في تحويل جزء من احتياطيها من الذهب إلى بيتكوين، ما هي النسبة المئوية التي تنصح بتحويلها؟”. تم تقديم هذا السؤال مع شريط تمرير يسمح للمشاركين باختيار النسبة التي يرونها مناسبة، ابتداءً من 0% وانتهاءً بنسبة مئوية أعلى.
كشفت النتائج عن ميل واضح نحو التنويع. الغالبية العظمى من المستجيبين لم يرغبوا في إبقاء النسبة عند 0% بيتكوين و100% ذهب. بدلاً من ذلك، أظهرت النتائج أن غالبية المشاركين نصحوا بتحويل نسبة تتراوح بين 1% و30% من احتياطي الذهب إلى بيتكوين. هذا النطاق يعكس رغبة في التخصيص للبيتكوين ولكن مع الحفاظ على جزء كبير من الاحتياطي في شكل الذهب، مما يدل على نهج حذر ولكنه منفتح على الأصول الجديدة.
وفقاً لمشروع ناكاموتو، استقر المتوسط المقترح للنسبة التي ينصح بتحويلها إلى بيتكوين حوالي 10%. هذا الرقم يعطي مؤشراً ملموساً على ما يعتبره المواطن الأمريكي العادي تخصيصاً معقولاً للاحتياطيات الوطنية في فئة الأصول الرقمية الناشئة. إنه ليس مجرد قبول للبيتكوين، بل هو رؤية لدوره المحتمل كجزء من سلة الأصول التي تمتلكها الدولة.
أظهر الاستطلاع أيضاً ارتباطاً بين العمر والنسبة المقترحة من البيتكوين في الاحتياطيات. فكلما زاد عمر المشارك، انخفضت النسبة المئوية من البيتكوين التي ينصح بتحويلها. هذه النتيجة لم تكن مفاجئة لمشروع ناكاموتو، حيث وجدت المنظمة في استطلاع سابق علاقة عكسية بين العمر وملكية البيتكوين، مما يشير إلى أن الأجيال الشابة أكثر ميلاً لامتلاك والتعامل مع العملات الرقمية.
موجة من التشكيك والاستجابات
لم تمر نتائج الاستطلاع دون إثارة بعض التشكيك والدهشة، حتى بين مؤيدي البيتكوين. علق تروي كروس، أحد مؤسسي مشروع ناكاموتو، على ردود الفعل قائلاً إن الكثيرين كانوا متشككين في النتائج، حيث اقترح البعض أن الاستطلاع ربما شمل فقط الأشخاص الذين يمتلكون البيتكوين بالفعل أو المهتمين به بشكل خاص، مما قد يشوه النتائج ويجعلها غير ممثلة للشعب الأمريكي ككل.
وأقر كروس بأنهم أنفسهم شعروا بالمفاجأة من قوة النتائج ومدى تأييد فكرة تحويل الذهب إلى بيتكوين. ولكنه أكد قائلاً: “لكن النتائج هي النتائج”. وأضاف موضحاً: “عندما أُعطي المشاركون شريط التمرير وطُلب منهم تقديم المشورة للحكومة الأمريكية بشأن النسبة الصحيحة للبيتكوين والذهب، كانوا مترددين جداً في وضع هذا الشريط على 0% بيتكوين و100% ذهب. بدلاً من ذلك، استقروا حوالي 10% بيتكوين”. هذا يشير إلى أن الرد لم يكن تلقائياً بالرفض القاطع للبيتكوين كجزء من الاحتياطي.
كما عبر دينيس بورتر، أحد مؤسسي صندوق ساتوشي أكشن (Satoshi Action Fund)، عن عدم تصديقه للنتائج في البداية. ومع ذلك، قدم تفسيراً محتملاً لهذه الظاهرة قائلاً: “الأمريكيون ببساطة لا يهتمون بالذهب كثيراً، ومعظم الناس يميلون نحو التنويع عندما يُمنحون الخيار”. هذا المنظور يقدم رؤية مفادها أن الدافع وراء الرغبة في إضافة البيتكوين إلى الاحتياطيات قد لا يكون فقط إيماناً مطلقاً بالبيتكوين، بل قد يكون أيضاً جزءاً من استراتيجية أوسع للتنويع ضد مخاطر الاعتماد على أصل واحد أو فئة أصول واحدة.
للتصدي لمخاوف التمثيلية والتحيز المحتمل في العينة، أشار كروس إلى أن الاستطلاع، الذي أجري عبر الإنترنت بين فبراير ومنتصف مارس، استخدم شركة جمع البيانات والاستطلاعات المعروفة Qualtrics. طُلب من الشركة مطابقة توزيع العينة قدر الإمكان مع توزيع تعداد سكان الولايات المتحدة من حيث العمر والجنس والعرق والدخل والتعليم والموقع الجغرافي. هذا الجهد يهدف إلى جعل العينة أكثر تمثيلاً لمختلف شرائح المجتمع الأمريكي، مما يضفي مزيداً من المصداقية على النتائج ويقلل من احتمالية أن تكون الآراء مقتصرة على مجموعة صغيرة من المتحمسين للبيتكوين.
من النتائج الأخرى التي كشف عنها الاستطلاع وكان لها صدى سياسي، كانت تلك المتعلقة بموقف المشاركين من فكرة الرئيس السابق دونالد ترامب بإنشاء “احتياطي بيتكوين استراتيجي”. أظهرت الدراسة أن حوالي 66% من المشاركين كانوا إما محايدين أو إيجابيين تجاه هذه الفكرة. هذا يشير إلى أن الدعم لإدراج البيتكوين في الاستراتيجيات المالية الوطنية قد يمتد عبر طيف أوسع من التوجهات السياسية مما قد يُفترض، وقد يجد أرضية مشتركة بين مجموعات مختلفة.
المجال المتاح للتنويع والرؤى المستقبلية
تمتلك الولايات المتحدة حالياً أكبر مخزون من احتياطيات الذهب في العالم. يبلغ هذا المخزون حوالي 8,133 طناً، تقدر قيمتها بأكثر من 830 مليار دولار بالأسعار السوقية الحالية. لطالما كان هذا المخزون الضخم ركيزة للاستقرار المالي والثقة في الدولار الأمريكي.
من ناحية أخرى، تمتلك الحكومة الأمريكية أيضاً كمية كبيرة من البيتكوين، غالباً ما تكون مصادرة من قضايا جنائية أو عمليات إنفاذ القانون. وفقاً لتقديرات BiTBO، يمتلك “العم سام” حوالي 207,189 بيتكوين، والتي تبلغ قيمتها حوالي 22 مليار دولار بالأسعار الحالية وقت إعداد التقرير. عند مقارنة قيمة حيازات البيتكوين بقيمة احتياطيات الذهب، نجد أن البيتكوين لا يمثل سوى أقل من 3% من قيمة الذهب. هذا التباين الكبير يُظهر بوضوح أن هناك “مجالاً واسعاً للتنويع” كما يشير التقرير، إذا ما قررت الحكومة الأمريكية السير في هذا الاتجاه.
ليست فكرة إضافة البيتكوين إلى الاحتياطيات مجرد اقتراح شعبي، بل إنها تكتسب زخماً أيضاً في الأوساط السياسية. طرح بو هاينز، مستشار البيت الأبيض، استراتيجية جديدة قد يبدأ من خلالها وزارة الخزانة الأمريكية في شراء البيتكوين باستخدام الأرباح الناتجة عن احتياطياتها من الذهب. إذا تم تطبيق هذه الخطة، فقد تؤدي إلى شراء ما يصل إلى مليون بيتكوين على مدى خمس سنوات. هذا يعكس تفكيراً استراتيجياً حول كيفية الاستفادة من الأصول الحالية لتمويل حيازة أصول مستقبلية يُعتقد أن لها قيمة محتملة.
في مارس الماضي، أشار هاينز إلى قانون البيتكوين لعام 2025 الذي طرحته السيناتور لوميس، مشيراً إلى أن “إذا حققنا بالفعل مكاسب على هذه [حيازات شهادات الذهب]، فسيكون ذلك وسيلة محايدة للميزانية لاكتساب المزيد من البيتكوين”. هذه الفكرة تعتمد على بيع جزء من الذهب أو استخدام عوائده لشراء البيتكوين دون الحاجة إلى تخصيص أموال جديدة من الميزانية العامة، مما يجعلها جذابة من الناحية المالية والسياسية.
الدعم لهذه الفكرة لا يقتصر على اتجاه سياسي واحد. ففي يوليو الماضي، اقترح وزير الصحة روبرت إف كينيدي جونيور فكرة “مطابقة” احتياطيات البلاد من الذهب بالبيتكوين. هذا الاقتراح، رغم جرأته، يوضح أن هناك نقاشاً جاداً ومتزايداً على مستويات مختلفة داخل الحكومة الأمريكية حول الدور الذي يمكن أن يلعبه البيتكوين كأصل احتياطي وطني. فكرة المطابقة تعني الوصول إلى وضع تكون فيه قيمة حيازات البيتكوين مساوية لقيمة حيازات الذهب، وهو ما سيتطلب استثماراً هائلاً في البيتكوين ويشير إلى مستوى عالٍ جداً من الثقة في قيمة ومستقبل العملة الرقمية.
تُظهر هذه التطورات مجتمعة – بدءاً من استطلاع الرأي الشعبي وصولاً إلى المقترحات السياسية رفيعة المستوى – أن فكرة دمج البيتكوين في استراتيجيات الاحتياطيات الوطنية الأمريكية لم تعد مجرد فكرة هامشية في عالم العملات المشفرة، بل أصبحت موضوعاً يتم تناوله بجدية ومناقشته على أوسع نطاق. سواء تم تحويل جزء من الذهب بالفعل أم لا، فإن مجرد وجود هذه النقاشات وظهور نتائج استطلاعات بهذا الشكل يمثل نقطة تحول مهمة في كيفية النظر إلى البيتكوين على المستوى المؤسسي والوطني.
“`