ektsadna.com
أخبار عامةالأخبار المتعلقة بالبلوكتشينالاقتصاد والتمويلالبلوكتشين

اختفاء عملاق سوق الدارك نت أباكوس: هل هي عملية احتيال بالبيتكوين؟




اختفاء عملاق سوق الدارك نت “أباكوس” المتداول بالبيتكوين – هل هو عملية احتيال كبرى؟

اختفاء عملاق سوق الدارك نت “أباكوس” المتداول بال – هل هو عملية احتيال كبرى؟

في تطور مفاجئ هزّ أركان عالم أسواق الدارك نت، اختفى “أباكوس ماركت” (Abacus Market)، الذي كان يُعد أكبر سوق غربي لتداول البيتكوين في الشبكة المظلمة، فجأة ودون سابق إنذار. ترك هذا الاختفاء المفاجئ بائعيه ومشتريه في حالة من الفوضى والريبة، وسط تصاعد الشكوك حول ما إذا كان هذا الاختفاء مجرد عملية احتيال ضخمة للخروج من السوق (Exit Scam).

وفقًا لشركة “تي.آر.إم لابس” (TRM Labs) المتخصصة في بيانات البلوك تشين، توقف “أباكوس ماركت” عن العمل بالكامل في أوائل يوليو 2025. لم يكتفِ السوق بالتوقف، بل قام بإزالة جميع مرافقه المرتبطة به، بما في ذلك موقعه على الشبكة العادية (clearnet mirror) وجميع البنية التحتية ذات الصلة، في خطوة مفاجئة لم يسبقها أي تحذير. هذا التوقف المفاجئ وغير المبرر أثار موجة من القلق والتكهنات حول مصير الأموال والمخدرات والبيانات التي كانت تُتداول عبر هذا السوق الضخم.

الاختفاء الغامض لسوق أباكوس

طوال أربع سنوات من عمله، نجح سوق “أباكوس” في معالجة مبيعات تجاوزت قيمتها الإجمالية 100 مليون أمريكي من البيتكوين. لقد كان هذا الرقم اً واضحًا على حجم العمليات والثقة، النسبية، التي كان يحظى بها في أوساط مستخدمي الدارك نت. ومع ذلك، بدأ السوق يواجه سحابة من الشكوك في أواخر يونيو الماضي، عندما بدأت الشكاوى تتوالى من المستخدمين بشأن تعليق عمليات السحب وتأخرها بشكل غير مسبوق.

أشارت “تي.آر.إم لابس” إلى أن هذه المشكلة تعد “علامة حمراء كلاسيكية” في نظام الدارك نت البيئي، وغالبًا ما تسبق عمليات الاحتيال الكبرى التي تهدف إلى الخروج من السوق مع أموال المستخدمين. على الرغم من ذلك، حاول مدير السوق، المعروف باسم “فيتو” (Vito)، تهدئة المخاوف. فقد نسب مشكلات السحب هذه إلى تدفق كبير من المستخدمين الجدد بعد استيلاء سلطات إنفاذ القانون على سوق “آركيتايب ماركت” (Archetyp Market)، بالإضافة إلى تعرض السوق لهجمات حجب الخدمة الموزعة (DDoS) المستمرة.

لكن هذه التأكيدات، التي نُشرت في منتديات الدارك ويب، لم تبدد شكوك العديد من المستخدمين. انعكس هذا الشك في انخفاض حاد في الودائع، حيث تراجعت من متوسط 230 ألف دولار يوميًا عبر 1400 معاملة في أوائل يونيو، إلى 13 ألف دولار يوميًا فقط عبر 100 وديعة بحلول أوائل يوليو. هذا التراجع الكبير في النشاط المالي كان بمثابة إشارة واضحة على تآكل الثقة، وهو مؤشر قوي على أن شيئًا ما كان خطأً بشكل كبير في قلب العمليات.

صعود أباكوس إلى الشهرة وتأثيره

أُطلق سوق “أباكوس” في عام 2021، وكان يُعرف في البداية باسم “ألفابيت ماركت” (Alphabet Market). بعد فترة وجيزة، قام السوق بتغيير علامته التجارية ليصبح “أباكوس”، وبدأ في الصعود بثبات نحو الشهرة والهيمنة في عالم الدارك نت. بينما كان يلبي احتياجات جمهور عالمي واسع، ركز السوق بشكل خاص على السوق الأسترالية، حيث خصص لها مشرفين محليين ورسائل ثقافية تتناسب مع الجمهور الأسترالي، مما ساهم في تعزيز قاعدة مستخدميه هناك.

على عكس العديد من منافسيه، عمل “أباكوس” بنموذج فريد يتضمن محفظة إيداع مركزية، بالإضافة إلى دعم قدرات التوقيع المتعدد (multisignature) لزيادة الأمان. كان يدعم تداول البيتكوين وعملة مونيرو (Monero) المعززة للخصوصية، مما جعله جذابًا للمستخدمين الذين يولون أهمية كبيرة للسرية والخصوصية في معاملاتهم. هذه الميزات، إلى جانب استراتيجياته التسويقية، مكنته من بناء قاعدة قوية من المستخدمين.

نما نصيب “أباكوس” في السوق بسرعة مذهلة بعد إغلاق العديد من أسواق الدارك نت الرئيسية الأخرى. ارتفع نصيبه من 10% في عام 2022 ليبلغ أكثر من 70% بحلول عام 2024، مما جعله اللاعب المهيمن بلا منازع في الفضاء الغربي للدارك نت. على سبيل المثال، أدى إغلاق سوق “آركيتايب” في يونيو 2025 إلى تدفق المزيد من المستخدمين والنشاط التجاري نحو “أباكوس”، مما رفع حجم مبيعاته الشهرية إلى 6.3 مليون دولار. هذا الارتفاع الهائل في النشاط، والذي كان يبدو نجاحًا باهرًا، ربما يكون قد أدى دون قصد إلى ختم مصيره.

استراتيجية الخروج المحتملة وعواقبها

شرحت “تي.آر.إم لابس” أن الاختفاء المفاجئ لسوق “أباكوس” كان على الأرجح عملية خروج متعمدة من قبل مشغليه. يُعتقد أنهم اختاروا تسييل أصولهم والاختفاء بدلاً من المخاطرة باهتمام سلطات إنفاذ القانون، خاصة مع تزايد حجم السوق ووضوحه بشكل ملحوظ. هذه الاستراتيجية ليست جديدة في عالم الدارك نت، بل هي نمط متكرر.

يتماشى توقيت هذا الاختفاء مع نمط لوحظ في النظام البيئي للدارك نت، حيث غالبًا ما تواجه الأسواق التي تصل إلى ذروة شهرتها ونشاطها خيارًا صعبًا: إما المخاطرة بالاستيلاء عليها من قبل السلطات، أو الحفاظ على سلامتهم الشخصية وأرباحهم عن طريق الانسحاب المفاجئ. هذا القرار يمثل نقطة تحول حاسمة في حياة أي سوق على الشبكة المظلمة، حيث يفضل العديد من المشغلين الأمان الشخصي والربح السريع على البقاء تحت التهديد المستمر.

على الرغم من أنه لا يزال من المحتمل أن تكون سلطات إنفاذ القانون قد استولت على “أباكوس” بشكل سري، إلا أن مدير منتدى “دريد” (Dread)، المعروف باسم “هاغبانتر” (Hugbunter)، والذي حافظ على اتصال وثيق بموظفي المشروع، يعتقد أن الإغلاق لم يكن مرتبطًا بعملية إغلاق رسمية من قبل السلطات. هذا الرأي يعزز نظرية الاحتيال بالخروج، حيث أن عمليات الاستيلاء الرسمية غالبًا ما تكون مصحوبة بإعلانات وتفاصيل من قبل السلطات، وهو ما لم يحدث في هذه الحالة.

تاريخيًا، تمكن مدراء أسواق الدارك نت الذين يختارون الانسحاب في ذروة شعبية أسواقهم، سواء من خلال عمليات احتيال كبرى مثل سوق “إيفوليوشن” (Evolution Market) أو عمليات إغلاق طوعية مثل سوق “أغورا” (Agora Market)، من التهرب إلى حد كبير من قبضة سلطات إنفاذ القانون. وهذا يزيد من احتمالية أن يكون اختفاء “أباكوس” قد تم في محاولة لتكرار هذا النجاح في التهرب.

صعود أسواق الدارك نت الروسية

في سياق متصل، أشارت “تي.آر.إم لابس” أيضًا إلى أنه على الرغم من إغلاق منصات الدارك نت الكبرى، فإن النظام البيئي يواصل التكيف بسرعة مدهشة. بعد إغلاق سوق “هيدرا ماركت” (Hydra Market) في عام 2022، الذي كان الأكبر من نوعه، ظهرت أسواق جديدة باللغة الروسية وتمكنت من الاستحواذ على أكثر من 97% من إيرادات تجارة المخدرات العالمية عبر الدارك نت بحلول عام 2024. هذا التحول الجغرافي واللغوي يظهر مرونة هذه الشبكات الإجرامية وقدرتها على التكيف بسرعة مع المتغيرات.

بينما حاول بعض مشغلي أسواق الدارك نت الغربية إعادة تسمية علاماتهم التجارية أو تنفيذ عمليات احتيال بالخروج بعد الاستيلاء على أسواقهم، يبدو أن عمليات إعادة بناء الأسواق بالكامل أصبحت أقل تكرارًا. يشير هذا إلى تحول في استراتيجيات مشغلي الدارك نت، حيث يفضلون الانسحاب أو التغيير الجزئي بدلاً من بناء إمبراطوريات جديدة من الصفر، ربما بسبب زيادة مخاطر الكشف والقبض عليهم.

الخاتمة

يمثل اختفاء “أباكوس ماركت” فصلاً آخر في القصة المستمرة والمتطورة لأسواق الدارك نت. إنه تذكير صارخ بالطبيعة المتقلبة وغير المستقرة لهذه المنصات، حيث لا يمكن الوثوق بالضمانات، وحيث تكون المخاطر كبيرة جدًا بالنسبة للمستخدمين والبائعين على حد سواء. سواء كان الأمر عملية احتيال بالخروج أو استيلاء سري من قبل السلطات، فإن النتيجة واحدة: فقدان هائل للأموال وثقة مهزوزة في نظام قائم على إخفاء الهوية. هذا الحدث يسلط الضوء على القدرة الفائقة للشبكات الإجرامية على التكيف وتغيير أشكالها، مما يتطلب يقظة مستمرة وتطورًا في استراتيجيات مكافحة الجريمة السيبرانية لمواجهة هذه التحديات المعقدة والمتجددة.

مواضيع مشابهة