استحواذات ستأراتيجي وميتا بلانيت على البيتكوين ترفع حصصهما إلى 3.1% من المعروض
في خطوة تعكس التوجه المتزايد للشركات نحو تبني الأصول الرقمية كجزء من استراتيجيات خزائنها، قامت شركتا ستأراتيجي (Strategy) وميتا بلانيت (Metaplanet) بتوسيع مقتنياتهما من البيتكوين (BTC) في 18 أغسطس. هذا التوسع الاستراتيجي رفع ملكيتهما المجمعة إلى ما يقرب من 3.1% من إجمالي المعروض المتداول للعملة المشفرة الرائدة. تسلط هذه الاستحواذات الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه خزائن الشركات في تضييق السيولة المتاحة من البيتكوين، مع استمرار المؤسسات في بناء تعرضها لهذه الفئة من الأصول.
لم يعد البيتكوين مجرد أصل للمستثمرين الأفراد أو صناديق التحوط المتخصصة، بل أصبح ركيزة أساسية ضمن محافظ استثمارية لشركات عامة تسعى لتحقيق أقصى قيمة لمساهميها وتحوط ضد التضخم وتقلبات العملات التقليدية. يمثل هذا التراكم المؤسسي تحولاً نوعياً في بنية سوق البيتكوين، حيث يقلص العرض المتاح للتداول ويزيد من ندرة الأصل، مما قد يكون له تداعيات كبيرة على ديناميكيات الأسعار المستقبلية.
توسيع المخزون: ستأراتيجي في المقدمة
أعلن مايكل سايلور، رئيس مجلس إدارة ستأراتيجي والرئيس التنفيذي السابق، عن أحدث عملية شراء للشركة لـ 430 بيتكوين في منشور له على وسائل التواصل الاجتماعي بتاريخ 18 أغسطس. بلغت قيمة هذا الاستحواذ ما يقرب من 51.4 مليون دولار، بسعر تقريبي للبيتكوين الواحد 119,666 دولارًا. ويعكس هذا الشراء الثقة المستمرة للشركة في البيتكوين كأصل استراتيجي على المدى الطويل.
مع هذه الإضافة الأخيرة، أصبحت ستأراتيجي تمتلك الآن 629,376 بيتكوين، وهو ما يمثل ما يقرب من 3% من إجمالي المعروض الكلي للبيتكوين. تواصل الشركة، تحت قيادة سايلور ورؤيته الجريئة، ترسيخ مكانتها كأكبر مالك مؤسسي للبيتكوين في العالم. لقد استثمرت ستأراتيجي ما يزيد عن 46 مليار دولار في البيتكوين، بمتوسط سعر للبيتكوين الواحد يبلغ 73,320 دولارًا.
يجدر بالذكر أن استثمارات ستأراتيجي قد أثمرت عن أرباح غير محققة تتجاوز 27 مليار دولار، حيث بلغ سعر البيتكوين 116,535 دولارًا وقت إعداد هذا التقرير. يعكس هذا الربح الهائل ليس فقط الأداء القوي للبيتكوين على المدى الطويل، بل يؤكد أيضًا فعالية استراتيجية ستأراتيجي الجريئة التي تركز على الاستحواذ المستمر للبيتكوين كأصل خزينة رئيسي. يُعد هذا “العائد من البيتكوين” (BTC Yield) بنسبة 25.1% لهذا العام دليلاً إضافياً على نجاح سياستهم.
تؤكد هذه الأرقام الضخمة التزام ستأراتيجي الثابت بالبيتكوين كاستراتيجية للنمو، وتثير تساؤلات حول مدى تأثير هذه الاستراتيجيات على تقييم الشركة نفسها في سوق الأسهم، حيث باتت تُنظر إليها بشكل متزايد على أنها شركة استثمار في البيتكوين أكثر من كونها شركة برمجيات تقليدية.
ميتا بلانيت: تسارع وتيرة التراكم
من جانبها، أعلنت شركة ميتا بلانيت اليابانية عن شرائها 775 بيتكوين بمتوسط سعر 17.72 مليون ين ياباني للعملة الواحدة (ما يعادل 119,853 دولارًا أمريكيًا). بلغ إجمالي نفقات هذا الاستحواذ 13.73 مليار ين ياباني (92.8 مليون دولار أمريكي). تظهر هذه العملية الالتزام المتزايد للشركات الآسيوية بالبيتكوين، وميتا بلانيت هي مثال ساطع على ذلك.
بعد هذا الاستحواذ الأخير، أصبحت ميتا بلانيت تمتلك الآن 18,888 بيتكوين، تم الحصول عليها بمتوسط سعر مدمج يبلغ 15.04 مليون ين ياباني لكل عملة (101,726 دولارًا أمريكيًا). بلغ إجمالي الاستثمار التراكمي للشركة في البيتكوين 284.1 مليار ين ياباني (1.9 مليار دولار أمريكي). من الملاحظ أن ميتا بلانيت قد قامت بتسريع عملياتها المتعلقة بخزينة البيتكوين بشكل ملحوظ طوال عام 2025، حيث زادت حيازاتها بأكثر من أربعة أضعاف منذ شهر مارس الماضي.
يعكس هذا التسارع التزام ميتا بلانيت القوي بالبيتكوين كأصل استراتيجي لتحوط ضد التضخم والاستفادة من إمكاناته للنمو. إن وتيرة استحواذات ميتا بلانيت، خاصة في ظل بيئة اقتصادية عالمية غير مستقرة، تبرز البيتكوين كخيار مفضل لإدارة المخاطر وتعزيز قيمة الأصول على المدى الطويل.
التأثير المجمع: 3.1% من إجمالي المعروض
معاً، تسيطر ستأراتيجي وميتا بلانيت الآن على ما يقرب من 3.1% من إجمالي البيتكوين المتداول. هذا التركيز الكبير يسلط الضوء على الدور المتزايد للشركات المدرجة في توزيع الأصول الرقمية وتضييق سيولتها في السوق. عندما تحتفظ شركات بهذا الحجم بكميات كبيرة من البيتكوين، فإنها تقلل بشكل فعال من العرض المتاح للشراء في الأسواق المفتوحة، مما يمكن أن يؤدي إلى “صدمة عرض” مع تزايد الطلب.
تعتمد كلتا الشركتين على أسواق رأس المال لتمويل خزائنهما، مما يضخم التفاعل بين تقييمات الأسهم وتراكم البيتكوين. فأسهم هذه الشركات، وخاصة ستأراتيجي، أصبحت تُنظر إليها كأدوات استثمار بديلة للتعرض المباشر للبيتكوين. ومع توسع هذه البرامج، سيظل التوازن بين تخفيف أسهم المساهمين (Shareholder Dilution) وزيادة أصول الخزانة (Treasury Accretion) تحت مراقبة المستثمرين الدقيقة. يمكن أن يؤثر إصدار أسهم جديدة لتمويل شراء البيتكوين على سعر السهم على المدى القصير، لكن الهدف على المدى الطويل هو تعزيز قيمة الشركة من خلال أصول البيتكوين المتزايدة.
إن هذا التراكم المؤسسي لا يؤثر فقط على ديناميكيات العرض والطلب، بل يرسل أيضًا رسالة قوية إلى السوق الأوسع حول نضج البيتكوين كأصل قابل للاستثمار. إنه يضفي شرعية على البيتكوين كفئة أصول، مما قد يشجع المزيد من الشركات على اتباع هذا المسار، وبالتالي تعزيز الاعتماد العام للعملة المشفرة.
تحديث سياسة ستأراتيجي للتراكم
لقد اجتذبت عمليات استحواذ ستأراتيجي اهتمامًا متجددًا بعد تحديثها لإرشادات الأسهم في 18 أغسطس. تقوم الشركة الآن بتصنيف خطط إصدار الأسهم بناءً على مضاعفات صافي قيمة الأصول (mNAV). هذا الإطار الجديد يوفر رؤية واضحة حول كيفية تخطيط ستأراتيجي لتمويل استحواذاتها المستقبلية من البيتكوين.
تنص السياسة الجديدة على أنها ستصدر الأسهم بنشاط لشراء البيتكوين عندما تتداول الشركة فوق 4.0x من مضاعفات صافي قيمة الأصول (mNAV). وهذا يعني أنه عندما يكون تقييم ستأراتيجي في سوق الأسهم مرتفعًا جدًا مقارنة بقيمة أصولها، ستغتنم الشركة الفرصة لجمع رأس المال من خلال إصدار الأسهم وشراء المزيد من البيتكوين.
وبين 2.5x و 4.0x من مضاعفات صافي قيمة الأصول (mNAV)، ستصدر ستأراتيجي الأسهم بشكل انتهازي. هذا يعطي الشركة مرونة أكبر للاستفادة من ظروف السوق المواتية، دون الالتزام بإصدار نشط. يسمح لها ذلك بتقييم الظروف الاقتصادية وتقييم السوق قبل اتخاذ قرارات بشأن إصدار الأسهم.
أما تحت 2.5x من مضاعفات صافي قيمة الأصول (mNAV)، فإن إصدارات الأسهم تقتصر على خدمة الديون ودفع الأرباح. هذا يوضح أن الشركة ستكون أكثر تحفظًا في استخدام أسهمها لتمويل شراء البيتكوين عندما يكون تقييمها أقل، وستركز بدلاً من ذلك على التزاماتها المالية الأساسية.
وأخيرًا، قد تؤدي المستويات التي تقل عن 1.0x من مضاعفات صافي قيمة الأصول (mNAV) إلى عمليات إعادة شراء للأسهم باستخدام الائتمان. هذه خطوة دفاعية تهدف إلى دعم سعر السهم عندما يتداول بأقل من قيمته المتوقعة، وتشير إلى مرونة الإدارة في استخدام الأدوات المالية المتاحة لدعم قيمة المساهمين.
يختلف هذا الإطار عن الإرشادات التي صدرت قبل أقل من شهر واحد، والتي حددت قيودًا أكثر صرامة على إصدار الأسهم دون 2.5x من مضاعفات صافي قيمة الأصول (mNAV). يعكس هذا التغيير ربما تزايد ثقة الإدارة في سيولتها وقدرتها على تحقيق التوازن بين تمويل استراتيجية البيتكوين ومسؤولياتها تجاه المساهمين. يمكن أن يكون أيضًا رد فعل على ظروف السوق المتغيرة، أو فرصة محسوبة للاستفادة من تقييمات البيتكوين المتزايدة. تظهر هذه التحديثات كيف أن الشركات الكبرى تعدل استراتيجياتها باستمرار للتكيف مع بيئة الأصول الرقمية سريعة التطور.
الخلاصة والتطلعات المستقبلية
تؤكد عمليات الاستحواذ الأخيرة التي قامت بها ستأراتيجي وميتا بلانيت على تزايد أهمية البيتكوين كأصل خزينة للشركات. فمع استحواذهما على 3.1% من إجمالي المعروض المتداول، لا تساهم هاتان الشركتان في تقليص السيولة المتاحة في السوق فحسب، بل ترسخان أيضًا البيتكوين كفئة أصول مشروعة ومقبولة على نطاق واسع في عالم الشركات.
إن هذا التوجه نحو تراكم البيتكوين من قبل الشركات العامة يمكن أن يكون له تداعيات عميقة على السوق بأكمله. فمن ناحية، قد يؤدي إلى مزيد من “صدمات العرض” التي تدفع الأسعار إلى الارتفاع على المدى الطويل. ومن ناحية أخرى، فإنه يوفر للمستثمرين التقليديين طرقًا جديدة للتعرض للبيتكوين عبر أسهم الشركات التي تحتفظ به، مما يقلل من حواجز الدخول ويزيد من اعتماده.
في الختام، مع استمرار هذه الشركات في تعزيز مراكزها في البيتكوين، من المتوقع أن يلعبوا دورًا متزايد الأهمية في تشكيل مستقبل العملات المشفرة ودورها في الاقتصاد العالمي. إن المراقبة الدقيقة لسياساتهم المالية وتأثيرها على كل من تقييمات أسهمهم وديناميكيات سوق البيتكوين ستكون حاسمة للمستثمرين في السنوات القادمة.