أسهم إنفيديا تتهاوى مجددًا قبيل تقرير الأرباح الحاسم الأربعاء: نظرة تحليلية عميقة
شهدت أسهم شركة إنفيديا (NVIDIA)، عملاق صناعة رقائق الذكاء الاصطناعي، تراجعًا ملحوظًا في تداولاتها الأخيرة، لتثير موجة من القلق والترقب في أوساط المستثمرين وخبراء السوق على حد سواء. فقد تراجعت الأسهم بنسبة 2.4% في تداولات ما قبل السوق يوم الجمعة، بعد انخفاضها بنسبة 3.6% يوم الخميس، لتواصل بذلك اتجاه البيع الذي يشهده قطاع التكنولوجيا بشكل عام. يأتي هذا التراجع قبيل إعلان إنفيديا عن تقرير أرباحها الفصلية المنتظر يوم الأربعاء، وهو ما يضع الشركة تحت ضغط كبير لتقديم نتائج قوية لتطمئن الأسواق.
تراجع أسهم إنفيديا الأخير: هل هي مجرد هزة أم مؤشر لتحول؟
لم تكن إنفيديا وحدها من واجهت رياحًا معاكسة في السوق، فقد تراجعت أسهم شركات رقائق الذكاء الاصطناعي الأخرى مثل “أدفانسد مايكرو ديفايسز” (AMD) بنسبة 2.5%، بينما خسرت “برودكوم” (Broadcom) 1.2% في تداولات ما قبل السوق. هذه التحركات المتزامنة تشير إلى اتجاه أوسع في السوق نحو الابتعاد عن أسهم التكنولوجيا، ربما بسبب مخاوف تتعلق بالتقييمات المرتفعة أو تغيرات في التوقعات الاقتصادية الكلية.
ومع ذلك، يظل الضغط الأكبر على إنفيديا التي تُعد رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي. هذا التراجع يضع تقرير الأرباح القادم في صدارة الاهتمامات، حيث سيبحث المستثمرون عن أي إشارات تدعم استمرار نمو الشركة في ظل التحديات الحالية.
توقعات المحللين ونتائج الأرباح المرتقبة: بصيص أمل؟
على الرغم من التراجعات الأخيرة، لا يزال محللو “وول ستريت” يحتفظون بنظرة إيجابية بشكل عام لآفاق إنفيديا. يتوقع المحلل “جون فينه” من “كي بنك” أن تعلن إنفيديا عن نتائج قوية للربع الثالث، وأن تقدم توجيهات أعلى للربع الرابع. وقد حافظ “فين” على تصنيف “وزن زائد” للسهم مع سعر مستهدف يبلغ 250 دولارًا.
ويعزو “فين” هذا النمو المتوقع إلى زيادة شحنات أجهزة Blackwell Ultra من إنفيديا، بالإضافة إلى زيادة إنتاج رقائق Hopper الأقدم. قد تشير زيادة إنتاج رقائق Hopper إلى أن إنفيديا تستأنف شحناتها إلى الصين، وهو أمر لم تعلق عليه الشركة رسميًا. تجدر الإشارة إلى أن إنفيديا كانت قد صرحت في السابق بأنها لا تفترض أي إيرادات من الصين، خاصة وأن بكين تشجع الشركات المحلية على استخدام الأجهزة غير الأمريكية.
التحديات الجيوسياسية: الصين وتشريعات التصدير تزيد الضغط
تتصاعد حدة النقاش حول صادرات رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة، مما يضع إنفيديا في موقف معقد. تدعم شركات عملاقة مثل “مايكروسوفت” و”أمازون” تشريعات مقترحة تُلزم شركات الرقائق بإعطاء الأولوية للطلب الأمريكي قبل إرسال المنتجات إلى الصين والدول الأخرى الخاضعة للحظر.
من جانبها، تعارض إنفيديا هذه السياسة بشدة. وقد نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” موقف الشركة الرافض لهذه المتطلبات المقترحة. وأكد متحدث باسم إنفيديا لـ”بارونز” يوم الجمعة أن الشركة لا تبيع منتجات مقيدة “لخصوم” على حساب الشركات الأمريكية. وأضاف المتحدث: “المبيعات للعملاء المعتمدين في جميع أنحاء العالم لا تحرم العملاء الأمريكيين من أي شيء، بل توسع السوق للعديد من الشركات والصناعات الأمريكية”، منتقدًا ما وصفه بـ”الأخبار الكاذبة” التي تُقدم للكونغرس حول إمدادات الرقائق.
تزعم إنفيديا أن السياسة المقترحة قد تُبطل خطة عمل الرئيس السابق دونالد ترامب للذكاء الاصطناعي، وأنها ستُفقد أمريكا فرصتها للريادة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي والحوسبة.
المنافسة المتزايدة في سوق رقائق الذكاء الاصطناعي: تهديد للريادة؟
بالإضافة إلى قيود التصدير الأمريكية، تواجه إنفيديا منافسة داخلية متزايدة في الصين من شركات مثل “هواوي”، مما قد يؤدي إلى تراجع حصتها السوقية في رقائق الذكاء الاصطناعي هناك.
علاوة على ذلك، تعكف شركات الحوسبة السحابية الكبرى، بما في ذلك “جوجل” و”أمازون” و”ميتا“، بشكل متزايد على تطوير رقائق الذكاء الاصطناصي المخصصة الخاصة بها. تهدف وحدات معالجة البيانات (TPUs) من “جوجل” (مثل Ironwood TPUs) إلى تقليل الاعتماد على إنفيديا وتحسين الأداء لأعباء عمل معينة.
كما تكتسب سلسلة Instinct MI300X من “AMD” ورقائق Gaudi 3 من “إنتل” زخمًا في مجال مسرعات الذكاء الاصطناعي. وقد صرحت “AMD” مؤخرًا أنها تتوقع نموًا في الإيرادات بمتوسط يزيد عن 35% على مدى السنوات الثلاث إلى الخمس القادمة، مما يؤشر إلى تصاعد حدة المنافسة في هذا القطاع الحيوي.
نظرة تاريخية وتقلبات أسهم إنفيديا: هل التاريخ يعيد نفسه؟
على الرغم من هيمنة إنفيديا الحالية في مجال الذكاء الاصطناعي، فإن سهم الشركة قد شهد انخفاضات حادة تجاوزت 30% خلال أقل من شهرين في ثماني مناسبات مختلفة على مر السنين. فقد تعرض السهم لتراجع بنسبة 85% خلال الأزمة المالية العالمية، و68% خلال انهيار فقاعة الدوت كوم. تذكر هذه الأرقام المستثمرين بأن أسهم إنفيديا، وإن كانت واعدة، فإنها ليست محصنة ضد التقلبات السوقية الكبيرة.
ومع ذلك، في الجانب الإيجابي، أعلنت إنفيديا عن نمو في الإيرادات بنسبة 71.6% على مدى الاثني عشر شهرًا الماضية. وتحافظ الشركة على هامش تدفق نقدي حر يبلغ 43.6% وهامش تشغيل بنسبة 58.1%، مما يدل على قوة مالية جوهرية.
الخلاصة
تترقب الأسواق بفارغ الصبر تقرير أرباح إنفيديا يوم الأربعاء، الذي سيكون له تأثير كبير على مسار سهم الشركة وربما على قطاع التكنولوجيا بأكمله. في حين تواجه إنفيديا تحديات متعددة من تقلبات السوق والضغوط الجيوسياسية والمنافسة المتزايدة، فإن موقعها الريادي في الذكاء الاصطناعي وأداءها المالي القوي يمثلان عوامل داعمة. يبقى السؤال المحوري: هل ستتمكن إنفيديا من تجاوز هذه العاصفة وتقديم نتائج تفوق التوقعات، أم أن التقلبات الأخيرة هي مجرد بداية لمرحلة جديدة من التحديات؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة.
كلمات مفتاحية: إنفيديا، أسهم إنفيديا، رقائق الذكاء الاصطناعي، قطاع التكنولوجيا، أرباح إنفيديا، الصين، صادرات، AMD، إنتل، جوجل، ميتا، أمازون، Blackwell Ultra، Hopper، تقلبات الأسهم، الاستثمار في التكنولوجيا.
