ektsadna.com
بيتكوين

البيتكوين يدخل “سوقًا هابطًا هيكليًا”: ماذا يعني ذلك وما هو التالي؟

ال يدخل “سوقًا هابطًا هيكليًا”: ماذا يعني ذلك وما هو التالي؟

شهدت عملة البيتكوين (Bitcoin) تراجعًا مفاجئًا آخر في سعرها مساء الأحد، لتهبط إلى أدنى مستوى لها في ستة أشهر عند 93,000 أمريكي. للوهلة الأولى، تبدو الأسباب وراء هذا الانهيار الأخير غامضة إلى حد كبير، حيث لا توجد محفزات أساسية واضحة يمكن إلقاء اللوم عليها. ومع ذلك، يعتقد المحللون من “كوبييسي ليتر” (The Kobeissi Letter) أن هناك تحولًا أعمق وأكثر جوهرية يحدث في المشفرة، وقد أوضحوا لماذا بدأت دورة هبوطية “هيكلية” من نوع جديد. هذا المقال سيتعمق في فهم طبيعة هذا السوق الهابط الهيكلي، الأسباب الكامنة وراءه، وما يمكن أن نتوقعه في الأيام والأسابيع القادمة لعالم الكريبتو.

لطالما كانت أسواق العملات المشفرة معروفة بتقلباتها الشديدة، لكن التراجع الأخير في سعر البيتكوين أثار تساؤلات جدية. فبعد أن وصل سعر البيتكوين إلى أعلى مستوياته على الإطلاق في أوائل أكتوبر، خسر ما يقرب من 25% من قيمته، ليستقر عند 95,000 دولار بعد انخفاض يوم الأحد. ما يجعل هذا التراجع غريبًا بشكل خاص هو غياب التطورات السلبية الجوهرية على الصعيد الأساسي للكريبتو. بل على العكس تمامًا، فقد شهدنا تصريحات إيجابية من شخصيات سياسية مؤثرة مثل الرئيس ، الذي أكد أن جعل أمريكا “رقم واحد في الكريبتو” هو أولويته القصوى. هذه التناقضات هي التي دفعت المحللين إلى البحث عن تفسيرات أعمق من مجرد ردود فعل السوق المعتادة.

لماذا هذه التحركات الكبيرة والمفاجئة في سوق البيتكوين؟

قبل الغوص في تفاصيل السوق الهابط الهيكلي، من الضروري فهم الأسباب التي يراها المحللون وراء الاضطراب العام في السوق. فكما ذكرنا، تراجع سعر البيتكوين بنسبة 25% تقريبًا منذ ذروته في أوائل أكتوبر، ووصل الآن إلى أدنى مستوياته في ستة أشهر عند 95,000 دولار بعد تراجع الأحد. ما يميز هذا الانخفاض، حسب المحللين، هو “سبب رئيسي واحد” يجعله غريبًا.

فبعيدًا عن الأخبار السلبية، هناك العديد من التطورات الإيجابية التي كان من المفترض أن تدعم السوق. على سبيل المثال، يشهد التضخم في الولايات المتحدة انخفاضًا تدريجيًا، وقام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض أسعار الفائدة مرة أخرى، كما أن واشنطن وبكين تقتربان من اتفاق تجاري. هذه العوامل عادةً ما تخلق بيئة أكثر تفاؤلاً في الأسواق المالية، بما في ذلك الكريبتو، مقارنةً بما كانت عليه الأوضاع في أبريل على سبيل المثال. هذه المفارقة هي ما دفع المحللين لتصنيف هذا التراجع الحالي بأنه “هيكلي وميكانيكي” بدلاً من كونه مدفوعًا بعوامل أساسية سلبية واضحة.

جوهر السوق الهابط الهيكلي: التدفقات المؤسسية الكبيرة والرافعة المالية المفرطة

وفقًا لمحللي “كوبييسي ليتر”، فإن الانكماش الحالي بدأ بتدفقات مؤسسية خارجة في منتصف إلى أواخر أكتوبر. يتضح هذا من أرقام صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) المرتبطة بالكريبتو، والتي شهدت في الأسبوع الأول من نوفمبر تدفقات خارجة صافية بقيمة 1.2 مليار دولار، وهو رقم قياسي غير مسبوق. هذه التدفقات المؤسسية الكبيرة تمثل تحولًا مهمًا في ديناميكيات السوق، حيث أن المستثمرين الكبار يحركون كميات هائلة من رأس المال، مما يؤثر بشكل مباشر على الأسعار.

دور الرافعة المالية المفرطة في تضخيم التقلبات

ولكن النقطة الأكثر حساسية وتعقيدًا في سوق العملات المشفرة، كما أوضح “كوبييسي ليتر”، هي المستويات المفرطة من الرافعة المالية المستخدمة خلال هذه التدفقات المؤسسية الخارجة. عندما تحدث هذه الانخفاضات المفاجئة في الكريبتو، تتصاعد عمليات التصفية بشكل كبير. ففي العاشر من أكتوبر، أدت موجة تصفية بقيمة 19.2 مليار دولار إلى ظهور أول شمعة يومية للبيتكوين بقيمة 20,000 دولار على الإطلاق، وهو ما يعكس الحجم الهائل للخسائر التي تكبدها المتداولون الذين يستخدمون الرافعة المالية.

لقد أدت المستويات المفرطة من الرافعة المالية إلى سوق يبدو شديد الحساسية لأي تحرك في الأسعار. هذا يعني أن التغيرات الصغيرة نسبيًا في القيمة يمكن أن تؤدي إلى سلسلة من عمليات التصفية، مما يدفع الأسعار إلى الانخفاض بشكل أكبر في حلقة مفرغة. هذه الظاهرة لا تؤثر فقط على المتداولين الأفراد، بل يمكن أن تزعزع استقرار السوق بأكمله، خاصةً في بيئة يكون فيها حجم التداول “رقيقًا” أو منخفضًا.

تحول معنويات السوق وال المستقبلية لـ البيتكوين

أشار ال إلى أن ثلاثة أيام فقط من أصل آخر ستة عشر يوم تداول شهدت ارتفاعًا في عمليات التصفية لتتجاوز مليار دولار. علاوة على ذلك، أصبح من الشائع أن تتجاوز عمليات التصفية اليومية 500 مليون دولار. وعندما يقترن هذا بحجم تداول “ضعيف”، فإن التقلبات السعرية في أي من الاتجاهين تصبح عنيفة بشكل خاص.

هذا يفسر أيضًا التحول الهائل في معنويات السوق. فكما ورد في نهاية الأسبوع، وصل مؤشر الخوف والجشع (Fear and Greed Index) إلى أدنى مستوياته منذ فبراير، على الرغم من أن سعر البيتكوين قد ارتفع بنسبة 25% منذ القاع الذي سجله في أبريل. وهذا يشير إلى أن المستثمرين أصبحوا أكثر حذرًا وخوفًا، حتى مع وجود مكاسب سابقة. يعلق المحللون قائلين: “الرافعة المالية تضخم التحولات في معنويات المستثمرين.”

هل القاع قريب؟ تحسين القيمة الأساسية لسوق الكريبتو

على الرغم من كل هذه التقلبات والظواهر التي تشير إلى سوق هابط هيكلي، خلص فريق “كوبييسي ليتر” إلى أن القيمة الأساسية لسوق العملات المشفرة قد تحسنت فقط. وتوقعوا أن القاع بات قريبًا، وأن هذه “التجاعيد” ستزول تدريجيًا. هذا المنظور المتفائل يعتمد على الحقائق الأساسية للسوق: التضخم يتراجع، أسعار الفائدة تُخفض، والتطورات التنظيمية تبدو أكثر إيجابية.

لذلك، عند النظر إلى الصورة الكبيرة، يبدو أن سوق الكريبتو يمر بالفعل بسوق هابط “هيكلي”. القيمة الأساسية للكريبتو لم تتحسن فحسب، بل ديناميكيات السوق تتغير. وكما هو الحال مع أي سوق فعال، فإن هذه المشاكل “ستحل نفسها” بمرور الوقت. يعتقد المحللون أن القاع بات وشيكًا، مما يبعث الأمل في نفوس المستثمرين على المدى الطويل. هذا النوع من السوق الهابط لا يعكس ضعفًا في التكنولوجيا أو المبادئ الأساسية للعملات المشفرة، بل هو بالأحرى تصحيح للتقييمات المبالغ فيها وسلوكيات التداول المحفوفة بالمخاطر.

ماذا يعني السوق الهابط الهيكلي للمستثمرين؟

بالنسبة للمستثمرين، فإن فهم طبيعة هذا السوق الهابط الهيكلي أمر بالغ الأهمية لتوجيه قراراتهم الية. بدلاً من الذعر أو التكهن بشأن أخبار سلبية جوهرية غير موجودة، يجب التركيز على فهم آليات السوق وديناميكيات الرافعة المالية والتدفقات المؤسسية التي تشكل هذه الدورة. هذا الفهم يمكن أن يدفع المستثمرين إلى تبني استراتيجية استثمارية أكثر حذرًا وتخطيطًا. على سبيل المثال، قد يكون من الحكمة تجنب التداول بالرافعة المالية المفرطة، والتي ثبت أنها تضخم الخسائر خلال فترات التقلبات العالية. بدلاً من ذلك، قد يفضل المستثمرون التركيز على تجميع الأصول تدريجيًا عبر استراتيجية متوسط التكلفة بالدولار (Dollar-Cost Averaging)، مما يساعد على تخفيف مخاطر الدخول في السوق عند الذروة أو محاولة توقيت القاع. كما ينبغي للمستثمرين مراجعة محافظهم الاستثمارية والتأكد من أنها تتوافق مع قدرتهم على تحمل المخاطر على المدى الطويل، مع الأخذ في الاعتبار أن الأسواق الهيكلية قد تستغرق وقتًا لتصحيح مسارها.

دروس مستفادة من السوق الهابط الهيكلي الحالي

يمكن استخلاص عدة دروس قيمة من هذا السوق الهابط الهيكلي، والتي لا تخص فقط المتداولين بل المجتمع الأوسع للعملات المشفرة. أولاً، يظهر هذا السوق بوضوح أنه حتى في غياب الأخبار السلبية الجوهرية أو الأزمات الاقتصادية العالمية، يمكن لديناميكيات السوق الداخلية، مثل التحولات في التدفقات المؤسسية والاستخدام المفرط للرافعة المالية، أن تتسبب في تحركات سعرية كبيرة ومفاجئة. هذا يؤكد على أهمية فهم البنية الكامنة للسوق وليس فقط العوامل الخارجية. ثانيًا، يشير هذا النوع من السوق إلى نضوج متزايد في سوق العملات المشفرة، حيث تصبح التفاعلات بين اللاعبين المؤسسيين، مثل صناديق التحوط والمؤسسات المالية الكبيرة، وتأثير التداول بالرافعة المالية، عوامل محورية في تحديد اتجاهات الأسعار. لم يعد السوق مجرد تجمع للمتداولين الأفراد، بل هو نظام بيئي معقد يتفاعل فيه الكبار والصغار. ثالثًا، يؤكد هذا التطور على أن الأساسيات القوية للعملات المشفرة، مثل التبني المتزايد للتقنية، والابتكار المستمر في تطبيقات البلوك تشين، والاعتراف المتنامي بها كفئة أصول، لا تزال سليمة. وأن التصحيحات السعرية، حتى لو كانت عنيفة ومفاجئة، هي جزء طبيعي وصحي من دورة السوق، وتساعد في تنقية السوق من المضاربات المفرطة وإنشاء قاعدة أكثر استدامة للنمو المستقبلي.

الخلاصة

في الختام، بينما يمر سوق البيتكوين والعملات المشفرة بفترة صعبة من التراجع، فإن تصنيفها كسوق هابط “هيكلي” يوفر تفسيرًا منطقيًا يختلف عن الأسواق الهابطة التقليدية. إنها ليست قصة ضعف أساسي، بل هي قصة إعادة توازن قوى السوق، حيث تلعب التدفقات المؤسسية والرافعة المالية أدوارًا رئيسية. مع تفاؤل “كوبييسي ليتر” بقرب القاع وتحسن القيمة الأساسية، يبقى الأمل موجودًا في تعافي السوق بمجرد أن “تتسوى التجاعيد” وتستقر ديناميكيات التداول. على المستثمرين أن يتحلوا بالصبر، وأن يركزوا على الاستثمار الذكي وإدارة المخاطر في هذه الفترة المحورية.

مواضيع مشابهة