هل البيتكوين يقترب من القاع؟ مؤشرات مبكرة توحي بالإيجاب (تحليل Bitfinex Alpha)
لقد أثار التراجع الأخير في سوق العملات المشفرة حالة من الارتباك بين العديد من مستثمري البيتكوين وعشاق السوق. فبينما تشير بعض التوقعات والعوامل إلى مزيد من الانخفاض، يرى آخرون أن العملة المشفرة الرائدة عالميًا تستقر عند منطقة دعم قوية. هذا التضارب في الآراء يجعل المستثمرين في حيرة من أمرهم حول الاتجاه المستقبلي لأكبر عملة رقمية.
شهدت البيتكوين، بلا شك، انتعاشًا سعريًا ملحوظًا الأسبوع الماضي، حيث قفزت بنحو 15% لتتجاوز 93,000 دولار. لكن هذه الحركة الإيجابية لم تدم طويلاً، إذ سرعان ما تراجعت إلى 84,000 دولار يوم الاثنين وسط عمليات بيع مكثفة من قبل العديد من حامليها، مما أدى إلى بداية صعبة للأسبوع الجديد. هذا التقلب السريع يبرز الطبيعة المتقلبة لسوق العملات المشفرة، ويؤكد على أهمية فهم العوامل الأساسية التي تدفع هذه التقلبات.
التصفية والاستسلام: علامات على اقتراب القاع؟
بالنظر إلى عوامل مثل الاستسلام (Capitulation)، والتصفية (Deleveraging)، وإرهاق البائعين (Seller Exhaustion)، يشير تقرير Bitfinex Alpha الأخير إلى أن البيتكوين تقترب جدًا من القاع، مما يمثل أدنى نقطة في هذه الدورة قبل أن تتعافى لتصل إلى مستويات قياسية جديدة. هذه المؤشرات ليست مجرد تكهنات، بل تستند إلى تحليل عميق لسلوك السوق والمستثمرين على حد سواء.
التصفية القصوى: طرد المتداولين المحفوفين بالمخاطر
أحد العوامل التي تشير بقوة إلى اقتراب القاع هو التصفية القصوى. فمما لا شك فيه أن الآلاف من المضاربين والمتداولين بالرافعة المالية قد أُخرجوا قسرًا من السوق، بدءًا من انهيار 10 أكتوبر الذي أسفر عن تصفية بأكثر من 19 مليار دولار. هذه الأحداث الدراماتيكية، التي شهدت خسائر فادحة للمتداولين الذين يستخدمون الرافعة المالية، تعتبر تطهيرًا ضروريًا للسوق. بعد هذا الطرد للمتداولين المحفوفين بالمخاطر، من المتوقع أن يصبح سوق العملات المشفرة أكثر استقرارًا وصحة للمستثمرين والحائزين على المدى الطويل.
يتوافق هذا التوجه أيضًا مع توقعات حديثة من توم لي، من Fundstrat، الذي أشار إلى أنه بمجرد أن يكمل السوق هذا “التطهير”، فإنه قد يصل إلى مستويات قياسية جديدة. هذا يعني أن الفترة الحالية، على الرغم من صعوبتها، قد تكون خطوة حاسمة نحو بناء أساس أقوى لنمو البيتكوين في المستقبل. فالأسواق الصحية غالبًا ما تمر بمراحل تصحيح وتطهير لإزالة المضاربين المفرطين في المخاطرة.
استسلام حاملي المدى القصير: ذروة الخسائر المحققة
بالإضافة إلى التصفية القصوى، يعد استسلام حاملي المدى القصير عاملًا آخر يشير إلى اقتراب قاع البيتكوين. فقد تفاعل العديد من متداولي التجزئة، ومشتري “الخوف من الضياع” (FOMO) في عطلة نهاية الأسبوع، والمستثمرين الجدد والمتوترين بشكل عاطفي مع انخفاض السوق، وباعوا مقتنياتهم في حالة من الذعر. هذا السلوك يعكس عدم النضج العاطفي في التعامل مع تقلبات السوق، وهو سمة مميزة للمستثمرين غير المتمرسين.
نتيجة لذلك، وصلت الخسائر المحققة المعدلة حسب الكيانات (Entity-Adjusted Realised Losses) إلى ذروتها بأكثر من 400 مليون دولار، متجاوزة الخسائر خلال انخفاضات السوق الرئيسية السابقة. يشير هذا المعدل من الخسائر إلى أن الاستسلام يقترب من نهايته، وبمجرد أن يختفي ضغط البيع، سيستقر سعر البيتكوين. هذه الذروة في الخسائر غالبًا ما تسبق تحولًا في الاتجاه، حيث أن المستثمرين الذين باعوا في ذروة الذعر قد استنفدوا قدرتهم على البيع، مما يقلل من المعروض في السوق.
إرهاق البائعين والاهتمام المؤسسي: علامات على التحول
نظرة فاحصة على الرسم البياني لسعر البيتكوين خلال الأيام القليلة الماضية تشير إلى إرهاق البائعين، حيث يمتلئ بالعديد من الشموع الصغيرة. هذا النمط يشير إلى أن الذعر والخوف قد تبددا تقريبًا، وأن ضغط البيع قد انخفض. وبالتالي، فإن الاستنتاج بأن البيتكوين قريبة من القاع يصبح أكثر ترجيحًا. عندما تقل الشموع الصغيرة، فهذا يدل على تردد في البيع والشراء، مما يشير إلى أن القوة الدافعة للاتجاه السابق (البيع في هذه الحالة) بدأت تتلاشى.
في غضون ذلك، لم يسمح بعض المستثمرين المؤسسيين للاتجاه الهابط بأن يطمس توقعاتهم الصعودية. يتجلى ذلك في سلسلة تدفقات رأس المال الضخمة لمدة أربعة أيام متتالية إلى صناديق البيتكوين المتداولة في البورصة (ETFs) المدرجة في الولايات المتحدة. هذه التدفقات النقدية الكبيرة من المؤسسات تشير إلى ثقة قوية في آفاق البيتكوين على المدى الطويل، حتى في خضم التراجع الحالي. فالمستثمرون المؤسسيون غالبًا ما ينظرون إلى الصورة الكبيرة ويستغلون فترات الانخفاض لتجميع الأصول بأسعار أقل، مما يعكس نظرة استراتيجية وليست عاطفية.
ماذا يعني هذا للمستقبل؟
تعتبر هذه المؤشرات مجتمعة إشارات قوية على أن البيتكوين قد تكون على وشك إنهاء مرحلة التراجع الحالية والدخول في مرحلة تعافٍ. فالتخلص من المتداولين المتهورين، واستسلام المستثمرين الضعفاء، وتراجع ضغط البيع، كلها عوامل تاريخية تسبق انعكاسات السوق. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الاهتمام المستمر من قبل المستثمرين المؤسسيين يضيف طبقة من الشرعية والدعم للبيتكوين، مما يعزز من احتمالية تعافيها.
بالطبع، لا يمكن لأحد أن يتنبأ بالمستقبل بيقين مطلق في سوق العملات المشفرة شديد التقلب. ومع ذلك، فإن هذه المؤشرات التي قدمها تحليل Bitfinex Alpha، جنبًا إلى جنب مع الرؤى من خبراء مثل توم لي، توفر بعض الأمل والتوجيه للمستثمرين الذين يشعرون بالحيرة. إنها تدعو إلى الصبر والتحليل المستنير، بدلاً من اتخاذ قرارات متسرعة مبنية على الذعر.
في الختام، يبدو أن سوق البيتكوين يمر بمرحلة تطهير ضرورية قد تمهد الطريق لنمو مستدام في المستقبل. بينما يظل الحذر واجبًا، فإن المؤشرات الحالية تقدم رؤية إيجابية نسبيًا لمستقبل العملة المشفرة الرائدة. يجب على المستثمرين البقاء على اطلاع دائم ومتابعة تطورات السوق عن كثب لضمان اتخاذ قرارات استثمارية مدروسة.
ملاحظة: هذه المقالة هي لأغراض إعلامية فقط ولا ينبغي اعتبارها نصيحة مالية.
