“`html
السلفادور تؤمن اتفاقية مع صندوق النقد الدولي وتحتفظ باحتياطياتها من البيتكوين وسط تغييرات مالية
توصلت السلفادور وصندوق النقد الدولي (IMF) إلى اتفاق على مستوى الموظفين بشأن المراجعة الأولى لترتيب التسهيل الممدد (EFF) للبلاد لمدة 40 شهرًا. هذه الاتفاقية هي خطوة هامة في مسار العلاقة بين السلفادور والمؤسسة المالية الدولية، وتهدف إلى دعم استقرار الاقتصاد الكلي للبلاد وتعزيز النمو المستدام على المدى المتوسط والطويل. يمثل هذا الاتفاق إشارة إيجابية للأسواق والمستثمرين بشأن التزام السلفادور بالإصلاحات الاقتصادية والمالية الضرورية.
لكن هذا الاتفاق ليس نهائيًا بعد. يظل معلقًا على موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي. تأتي هذه الموافقة النهائية بعد تقييم شامل لالتزام السلفادور بالشروط المتفق عليها وتنفيذ الإصلاحات المحددة في إطار البرنامج. يتطلب ذلك من السلطات السلفادورية الاستمرار في جهودها لتحقيق الأهداف المحددة والتغلب على أي تحديات قد تواجه عملية التنفيذ.
التقدم والإصلاحات المالية
وفقًا لبيان مشترك صادر عن مسؤولي صندوق النقد الدولي، رودريجو كوبيدو ولويس توريس، كان أداء السلفادور مبكرًا تحت البرنامج قويًا. لقد حققت البلاد أهدافًا رئيسية تتعلق بالمالية العامة والاحتياطيات، مع التقدم المطرد في إصلاحات الحوكمة والمرونة المالية. هذا الأداء الجيد يعكس جدية الحكومة السلفادورية في تطبيق الإجراءات والسياسات المطلوبة لتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد.
صرّح المسؤولان: “لقد أحرزت السلطات تقدمًا كبيرًا في تنفيذ خطتها للإصلاح الاقتصادي ضمن البرنامج المدعوم من صندوق النقد الدولي. تم تحقيق معظم أهداف البرنامج الموضوعة للمراجعة الأولى بشكل مريح، وتطبيق المعايير الهيكلية يتقدم بشكل جيد.” هذه التصريحات تؤكد على النجاحات الأولية التي حققتها السلفادور في مسار الإصلاح، مما يعزز الثقة في قدرتها على المضي قدمًا في تنفيذ باقي جوانب البرنامج.
وأضاف المسؤولان أن اقتصاد البلاد استمر في التوسع، مدعومًا بثقة المستثمرين والتدفقات النقدية التحويلية المرنة. هذه العوامل تشير إلى تعافي الاقتصاد السلفادوري وقدرته على الصمود في وجه التحديات الاقتصادية العالمية. تعد التدفقات النقدية التحويلية من المغتربين مصدرًا حيويًا للدخل القومي في السلفادور وتساهم بشكل كبير في دعم الاستهلاك المحلي والاستقرار المالي.
وأكد البيان أيضًا على أهمية الحفاظ على الزخم في ضبط أوضاع المالية العامة والتغييرات الهيكلية لمعالجة اختلالات الاقتصاد الكلي ودعم النمو المستدام. يتطلب تحقيق الاستدامة المالية والنمو طويل الأجل جهودًا متواصلة في تبني سياسات اقتصادية حصيفة وتنفيذ إصلاحات هيكلية تعزز الكفاءة والإنتاجية في مختلف القطاعات الاقتصادية. يشمل ذلك إصلاحات في الأنظمة الضريبية، والإنفاق الحكومي، والبيئة التنظيمية للأعمال.
في إطار الاتفاق، ستواصل السلفادور إجراءات التشديد المالي. تشمل هذه الإجراءات تخفيضات في فاتورة الأجور العامة، والحد من الإنفاق الجاري، وتحديثات قادمة لنظام الخدمة المدنية ونظام التقاعد. هذه الإجراءات ضرورية لتقليص العجز في الميزانية وضمان استدامة الدين العام. تهدف الحكومة من خلال هذه التخفيضات إلى تحسين كفاءة الإنفاق الحكومي وتوجيه الموارد نحو الاستثمارات الأكثر إنتاجية.
سيتم دعم هذه الجهود من خلال قانون الاستدامة المالية القادم، حيث تخطط الحكومة أيضًا لزيادة الودائع في البنك المركزي للبلاد لتعزيز الاحتياطيات الخارجية. يعد قانون الاستدامة المالية أداة تشريعية مهمة ستضع إطارًا قانونيًا للسياسات المالية وتضمن الالتزام بالانضباط المالي على المدى الطويل. أما زيادة الودائع في البنك المركزي فتهدف إلى بناء حاجز ضد الصدمات الخارجية والحفاظ على استقرار سعر الصرف.
صندوق النقد الدولي يضاعف موقفه بشأن البيتكوين
على الرغم من التقدم المحرز في الجوانب المالية والهيكلية، كرر صندوق النقد الدولي مخاوفه بشأن استراتيجية السلفادور المتعلقة بالبيتكوين. لقد صرح الصندوق بأن الجهود تبذل لضمان عدم إضافة الحكومة إلى مقتنياتها من عملة البيتكوين. هذا الموقف ليس جديدًا ويعكس تحفظات الصندوق المستمرة بشأن المخاطر المحتملة المرتبطة بتقلبات أسعار العملات المشفرة وتأثيرها على الاستقرار المالي والاقتصاد الكلي.
نص البيان على: “فيما يتعلق بالبيتكوين، ستستمر الجهود لضمان أن يظل إجمالي كمية البيتكوين المحتفظ بها عبر جميع المحافظ المملوكة للحكومة دون تغيير.” هذا الشرط يعتبر حاسمًا بالنسبة لصندوق النقد الدولي لضمان أن الحكومة لا تتحمل مخاطر إضافية تتعلق بالاستثمار في البيتكوين باستخدام الأموال العامة. يعني ذلك عمليًا تجميد حجم مقتنيات الحكومة من البيتكوين عند مستواها الحالي.
بالإضافة إلى ذلك، يجري العمل على التخلص التدريجي من مشاركة القطاع العام في محفظة “شيفو” (Chivo wallet) بحلول نهاية يوليو. محفظة “شيفو” هي التطبيق الرسمي الذي أطلقته الحكومة السلفادورية لتسهيل استخدام البيتكوين كوسيلة دفع قانونية. يهدف هذا الإجراء إلى تقليل تعرض الحكومة المباشر للعمليات المتعلقة بالعملات المشفرة ونقل هذه الأنشطة بشكل أكبر إلى القطاع الخاص.
في ديسمبر 2024، توصل الطرفان إلى اتفاق بقيمة 1.4 مليار دولار تضمن شروطًا لتقييد أنشطة البلاد المتعلقة بالعملات المشفرة. تطلب هذا الاتفاق أن يظل قبول البيتكوين في القطاع الخاص في السلفادور طوعيًا وأن يتم تقييد مشاركة القطاع العام في المعاملات ذات الصلة. هذه الشروط تعكس رغبة صندوق النقد الدولي في الحد من المخاطر النظامية المحتملة المرتبطة بالاعتماد الواسع على العملات المشفرة في الاقتصاد.
تم لاحقًا دمج هذه الشروط في السياسة الوطنية من خلال تعديلات على قانون البيتكوين وافق عليها كونغرس السلفادور. هذا يوضح التزام الحكومة السلفادورية بتعديل إطارها القانوني ليتوافق مع متطلبات برنامج صندوق النقد الدولي، حتى لو كانت بعض هذه المتطلبات تتعارض مع سياساتها السابقة المتعلقة بالبيتكوين. الموافقة التشريعية تضفي شرعية على هذه التغييرات وتجعلها جزءًا ملزمًا من القانون السلفادوري.
وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي بعد ذلك على اتفاقية التمويل في فبراير 2025، مما سمح بصرف دفعة أولية قدرها 120 مليون دولار، رهنا بالموافقة. يمثل هذا الصرف الأول خطوة مهمة نحو حصول السلفادور على التمويل اللازم لدعم برنامجها الإصلاحي. ومع ذلك، فإن صرف الدفعات اللاحقة سيكون مشروطًا بتقييم مستمر لأداء السلفادور ومدى التزامها بالشروط المحددة في الاتفاقية.
استراتيجية السلفادور المستمرة في شراء البيتكوين
على الرغم من القيود المطلوبة على المشاركة في العملات المشفرة، استمر مكتب البيتكوين في السلفادور في استراتيجيته المتمثلة في شراء عملة بيتكوين واحدة يوميًا. هذه الاستراتيجية التي أعلن عنها الرئيس نجيب بوكيلي تهدف إلى زيادة احتياطيات البلاد من البيتكوين بشكل تدريجي ومستمر، بغض النظر عن تقلبات السوق أو موقف المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي. يعكس هذا التزامًا قويًا من قبل الحكومة السلفادورية برؤيتها المتعلقة بالبيتكوين كأصل استراتيجي للبلاد.
اعتبارًا من 28 مايو 2025، تمتلك البلاد ما يقرب من 6,190 عملة بيتكوين، تقدر قيمتها بحوالي 675 مليون دولار. هذه الاحتياطيات تمثل جزءًا كبيرًا من أصول السلفادور وتشكل محورًا رئيسيًا في سياستها الاقتصادية الجديدة. تتابع الحكومة السلفادورية عن كثب تطورات سوق البيتكوين وتراهن على ارتفاع قيمته على المدى الطويل لزيادة ثروة البلاد.
لقد صرح الرئيس نجيب بوكيلي علنًا أيضًا أن العملات المشفرة لا تزال جزءًا محوريًا من رؤيته للبلاد. يرى الرئيس بوكيلي أن تبني البيتكوين يمكن أن يجلب فوائد كبيرة للسلفادور، بما في ذلك زيادة الشمول المالي، جذب الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز السياحة والابتكار التكنولوجي. هذه الرؤية الطموحة تميز السلفادور عن معظم الدول الأخرى وتضعها في موقع فريد في عالم التكنولوجيا المالية والعملات المشفرة. على الرغم من التحديات والضغوط الدولية، يبدو أن الحكومة السلفادورية مصممة على المضي قدمًا في مسارها المتعلق بالبيتكوين.
بينما تسعى السلفادور جاهدة لتحقيق التوازن بين متطلبات صندوق النقد الدولي والحفاظ على رؤيتها المتمثلة في تبني البيتكوين، فإن الوضع يظل معقدًا وديناميكيًا. تظهر الاتفاقية على مستوى الموظفين استعدادًا من كلا الجانبين للعمل معًا، لكن الشروط المفروضة على أنشطة البيتكوين تشير إلى أن الصندوق لا يزال يحمل تحفظات كبيرة. يعتمد نجاح هذا الاتفاق في النهاية على قدرة السلفادور على تنفيذ الإصلاحات المالية والهيكلية المتفق عليها، بينما تجد في الوقت نفسه طريقة للتوفيق بين التزاماتها تجاه الصندوق واستراتيجيتها المتعلقة بالعملات المشفرة على المدى الطويل. إن كيفية تطور هذا التوازن في الأشهر والسنوات القادمة ستكون حاسمة لمستقبل السلفادور الاقتصادي وعلاقتها مع المؤسسات المالية الدولية.
“`