ektsadna.com
ايثيريوم

انهيار الإيثريوم بنسبة 10%: هل تضاعف الحيتان والمؤسسات رهاناتها وسط التراكم الهادئ؟ تحليل عميق لسلوك السوق.

انهيار الإيثريوم بنسبة 10%: هل تضاعف الحيتان والمؤسسات رهاناتها وسط التراكم الهادئ؟ عميق لسلوك السوق.

شهدت عملة الإيثريوم (ETH)، ثاني أكبر عملة مشفرة من حيث القيمة السوقية، انخفاضًا حادًا وملحوظًا خلال الـ 24 ساعة الماضية، حيث خسرت ما يقرب من 10% من قيمتها لتتداول دون مستوى 3,200 أمريكي. هذا الانخفاض الأخير ليس حدثًا معزولًا، بل جاء ليوسع نطاق التراجع الذي استمر لمدة أسبوع كامل، ملقيًا بظلاله على المشفرة الأوسع ومحدثًا ضغطًا كبيرًا على جميع الأصول الرقمية. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذا التراجع الواضح والضغط الهبوطي، استمرت عمليات التراكم النشطة عبر محافظ متعددة، مما يشير إلى وجود استراتيجيات ية متباينة بين مختلف شرائح المستثمرين. هذا التباين في السلوك يجعل المشهد الحالي لسوق الإيثريوم معقدًا ومثيرًا للاهتمام.

موجة التراكم الخفية: اللاعبون الكبار يدخلون السوق بهدوء

في خضم حالة عدم اليقين التي تسيطر على السوق، كشفت Lookonchain لتحليلات البلوك تشين عن نشاط ملحوظ وغير معلن بشكل واسع من قبل شركة BitMine Immersion Technologies. هذه الشركة، المتخصصة في أصول الخزانة الرقمية (DAT) وتركز بشكل خاص على الإيثريوم، وتُقاد من قبل استراتيجي وول ستريت الشهير توماس لي، لا تزال تواصل نشاطها الدؤوب في السوق. فقد رصدت المنصة محفظة جديدة، يُرجح أن تكون مرتبطة بالشركة، وهي تتلقى ما يقارب 9,176 عملة إيثريوم من محفظة Galaxy Digital OTC. هذه الكمية الضخمة من الإيثريوم تُقدر قيمتها بحوالي 29.14 مليون دولار أمريكي. هذا التحرك يعكس استراتيجية تراكمية جريئة من قبل مؤسسة مالية كبرى، تستغل الانخفاضات الحالية لتعزيز حيازاتها من الإيثريوم، وهو ما يُعرف في الأوساط المالية بـ “شراء الانخفاض” (buying the dip). إن وجود لاعبين مؤسسيين بهذا الحجم يستمرون في التراكم يشير إلى ثقة أساسية في القيمة طويلة الأجل للإيثريوم، حتى في ظل التقلبات قصيرة المدى.

علاوة على ذلك، لم يقتصر الأمر على المؤسسات فحسب، بل ازداد أيضًا عدد عقود الشراء الطويلة (long positions) على الإيثريوم، وبشكل خاص بين المستثمرين رفيعي المستوى والمعروفين بتأثيرهم في السوق. من هؤلاء، نجد شخصيات بارزة مثل نجم الموسيقى التايواني والمستثمر في الأصول الرقمية، جيفري هوانغ، المعروف في البلوك تشين بلقب “Machi Big Brother”. هو وشقيقه، “Machi Small Brother”، يمتلكان كلاهما مراكز شراء طويلة في الإيثريوم، وهما حاليًا في وضع خسارة (in the red) بسبب الانخفاض الأخير في الأسعار. هذا الوضع لم يثنِهما عن مواصلة استراتيجيتهما، بل على العكس تمامًا.

تضاعف الرهانات من قبل “إخوة ماتشي” وحيتان أخرى:

  • **جيفري هوانغ (“Machi Big Brother”):** مع استمرار انخفاض الأسعار، أضاف “Machi Big Brother” كمية هائلة بلغت 7,400.7 عملة إيثريوم، تُقدر قيمتها بحوالي 23.55 مليون دولار أمريكي، على منصة Hyperliquid. وقد حدد سعر التصفية لهذه الصفقة عند 3,040.6 دولار، مما يعني أنه مستعد لتحمل المزيد من التقلبات قبل أن تتعرض حيازاته للتصفية. هذا الإجراء يعكس ثقة كبيرة في انتعاش وشيك أو طويل الأجل لسعر الإيثريوم.
  • **شقيق جيفري هوانغ (“Machi Small Brother”):** قام “Machi Small Brother” بإيداع 5,000 عملة إيثريوم إضافية، بقيمة 15.9 مليون دولار، بالإضافة إلى هامش إضافي لتجنب التصفية. وقد تم تعديل سعر التصفية الخاص به إلى 2,794.71 دولار. هذا يظهر استراتيجية حذرة ولكنها لا تزال تراكمية، حيث يسعى لتخفيف المخاطر مع الحفاظ على مركزه الطويل.
  • **المستثمر الحوت “66kETHBorrow”:** في هذه الأثناء، أضاف مستثمر حوت آخر، يُعرف باسم “66kETHBorrow”، كمية ضخمة أخرى بلغت 16,937 عملة إيثريوم، بقيمة 53.91 مليون دولار أمريكي. وبذلك، ارتفعت إجمالي مشترياته إلى 422,175 عملة إيثريوم، أي ما يعادل حوالي 1.34 مليار دولار. هذه الأرقام الفلكية تؤكد أن تراكم الحيتان والمؤسسات مستمر وبقوة، على الرغم من الانخفاض الحاد الأخير في سعر الإيثريوم. هذه المعاملات الضخمة تُعد مؤشرًا قويًا على أن اللاعبين الكبار يرون في الانخفاضات الحالية فرصة لشراء الأصول بأسعار مخفضة، مما يعزز فكرة وجود دعم قوي في المستويات الحالية.

تُظهر هذه التحركات الاستثمارية المتواصلة من قبل كبار المستثمرين والمؤسسات أن هناك قناعة راسخة بالقيمة الجوهرية لشبكة الإيثريوم ومستقبلها، بغض النظر عن التقلبات اليومية أو الأسبوعية. إنهم ينظرون إلى الصورة الأكبر، ويستغلون فترات التصحيح في السوق لتعزيز مراكزهم الاستثمارية.

سلوك مختلط لحاملي الإيثريوم: بين الدعم وجني الأرباح

بينما تستمر عمليات التراكم من قبل بعض الكيانات الكبيرة، تظهر أنماط سلوك مختلفة بين شرائح أخرى من حاملي الإيثريوم. فقد أشار محلل العملات المشفرة الشهير، علي مارتينيز، إلى أن ما يقرب من 2.53 مليون عملة إيثريوم تم شراؤها بسعر يقارب 3,150 دولارًا. هذا يعني بشكل أساسي أن هذا المستوى السعري قد تحول إلى منطقة دعم قوية للغاية، حيث تدخل المشترون بقوة خلال الانخفاض الأخير في الأسعار، مما حال دون مزيد من التدهور السريع. هذه البيانات تؤكد وجود اهتمام كبير بالشراء عند مستويات معينة، مما يساهم في استقرار السوق بعد عمليات البيع المكثفة.

ومع ذلك، لم تتفاعل جميع فئات المستثمرين بنفس الطريقة مع انخفاض الأسعار. فقد كشف تحليل حديث صادر عن منصة Glassnode، الرائدة في بيانات البلوك تشين وتحليلاتها، أن حاملي الإيثريوم على المدى الطويل قد زادوا بشكل حاد من نشاطهم في الإنفاق خلال التصحيح الأخير في السوق. فمنذ أواخر أغسطس، ومع تراجع الإيثريوم عن ذروته، قامت المحافظ التي تحتفظ بالإيثريوم لمدة تتراوح بين 3 و 10 سنوات بتسريع متوسط توزيعها اليومي ليصل إلى أكثر من 45,000 عملة إيثريوم يوميًا، وذلك بناءً على المتوسط المتحرك البسيط لمدة 90 يومًا. هذه الزيادة الحادة تمثل أعلى مستوى إنفاق من قبل المستثمرين المخضرمين منذ فبراير 2021.

يشير هذا الارتفاع الكبير في نشاط الإنفاق إلى أن شريحة من المستثمرين على المدى الطويل تقوم بجني الأرباح أو إعادة تخصيص أصولها مع ضعف ظروف السوق. قد يكون هؤلاء المستثفون يرون أن الوقت قد حان لتأمين الأرباح بعد فترة من النمو، أو أنهم يعيدون تقييم استراتيجياتهم الاستثمارية في ظل التقلبات الحالية. هذا السلوك يتناقض بشكل صارخ مع استراتيجية التراكم التي يتبناها الحيتان والمؤسسات، مما يخلق مشهدًا سوقيًا معقدًا حيث تتصادم الدوافع المختلفة.

الخلاصة: سوق إيثريوم في مفترق طرق

إن المشهد الحالي لسوق الإيثريوم يقدم صورة معقدة ومتعددة الأوجه. فمن جهة، نشهد استمرارًا قويًا في عمليات التراكم من قبل المستثمرين الكبار والمؤسسات، الذين يستغلون الانخفاضات لزيادة حيازاتهم، مما يعكس ثقتهم طويلة الأجل في الإيثريوم. ومن جهة أخرى، هناك مؤشرات على أن جزءًا من المستثمرين على المدى الطويل يقومون بتأمين أرباحهم أو إعادة هيكلة محافظهم، مما يزيد من التقلبات قصيرة المدى. هذه الديناميكية تخلق بيئة سوقية حيث تتشكل مستويات دعم قوية، ولكنها تواجه أيضًا ضغطًا بيعيًا من أولئك الذين يسعون للاستفادة من المكاسب السابقة. على المستثمرين أن يراقبوا هذه التفاعلات عن كثب، وأن يفهموا أن السوق يتأثر باستراتيجيات متعددة، وأن التوازن بين التراكم وجني الأرباح هو ما سيحدد مسار الإيثريوم في الأمدين المتوسط والطويل. الاستثمار في العملات المشفرة يحمل مخاطر عالية، وينصح دائمًا بإجراء البحث الخاص واتخاذ قرارات مستنيرة.

مواضيع مشابهة