إيثيريوم في منطقة حيادية: هل يستعد الـ ETH لقفزة جديدة أم يواجه حالة ركود؟
شهدت عملة الإيثيريوم (ETH)، ثاني أكبر عملة مشفرة من حيث القيمة السوقية، أداءً لافتاً خلال الأشهر الثلاثة الماضية، حيث ارتفعت بنحو 80%. ومع ذلك، يبدو أن الزخم الذي دفع هذه الارتفاعات قد بدأ في التباطؤ مؤخراً، مسجلاً تراجعاً بنسبة 0.6% خلال الشهر الماضي. هذا التباطؤ يثير تساؤلات حول الاتجاه المستقبلي للعملة، خاصةً مع دخول تداول الإيثيريوم على منصة بينانس (Binance) مرحلة “المنطقة الحيادية”، وفقاً لتحليلات الخبراء.
تعتبر الإيثيريوم، بفضل شبكتها القوية وإمكانياتها اللامحدودة في مجال العقود الذكية والتطبيقات اللامركزية (dApps)، حجر الزاوية في عالم البلوك تشين. لذا، فإن أي تحركات كبيرة في سعرها أو حجم تداولها تثير اهتماماً واسعاً في أوساط المستثمرين والمتداولين على حد سواء. التحليل الأخير يشير إلى فترة من الهدوء النسبي والتوازن الذي قد يكون مقدمة لتحولات مهمة أو استمرار لحالة الترقب.
منطقة الحياد في تداول الإيثيريوم على بينانس: تحليل معمق
وفقاً لمنشور CryptoQuant Quicktake الذي أعده المساهم “Arab Chain”، يشهد تداول الإيثيريوم على منصة بينانس خلال شهر سبتمبر 2025 فترة من الهدوء النسبي مقارنة بالأشهر الأخرى. الملاحظة الأبرز في هذا التحليل هي تراجع الاختلال بين أحجام التداول الفوري (Spot) والعقود الآجلة الدائمة (Perpetual) لـ ETH. هذا التراجع يشير إلى مرحلة من التوازن، حيث لم يعد هناك سيطرة واضحة لأحد السوقين على الآخر، مما يعكس حالة من عدم اليقين أو إعادة تقييم في السوق.
في تعليقه على الارتفاع الأخير في سعر ETH، والذي شهد قفزة من 2,127 دولاراً في 15 يونيو إلى حوالي 4,500 دولاراً وقت كتابة هذا التحليل، أشار “Arab Chain” إلى أن هذا الارتفاع لم يكن مدعوماً بزخم قوي. بعبارة أخرى، لم يساهم كل من السوق الفورية والمضاربين بالرافعة المالية بشكل كبير في هذا الارتفاع السعري. هذا يعني أن الارتفاع قد يكون نتيجة لعوامل أخرى، أو أنه كان ارتفاعاً مدفوعاً بضغوط شراء قصيرة الأجل وليس بناءً على قناعة قوية أو تدفقات رأسمالية ضخمة.
ركز المساهم في CryptoQuant الانتباه على مؤشر Z-score للإيثيريوم، والذي تذبذب بين 0.0 و -1.0 لمعظم شهر سبتمبر. يشير مثل هذا المؤشر عادةً إلى أن الأصل يتم تداوله في “منطقة حيادية”، مع ميل طفيف نحو السوق الفورية. لفهم ذلك، يجب أن ندرك أن مؤشر Z-score يقيس مدى بعد نقطة بيانات معينة عن المتوسط، معبراً عنها بوحدات الانحراف المعياري. في التداول، يتم استخدامه لتحديد ما إذا كانت قيمة معينة – مثل حجم التداول أو السعر – مرتفعة أو منخفضة بشكل غير عادي مقارنة بمتوسطها التاريخي. وبالتالي، فإن القراءة الحالية لمؤشر Z-score تشير إلى أن تداول الإيثيريوم ليس في منطقة ذروة شراء أو ذروة بيع، بل في حالة من الاستقرار النسبي الذي قد يسبق حركة كبيرة.
تلاشي زخم المضاربة وتأثيره على السوق
في جوهر الأمر، يعني مؤشر Z-score الحالي لـ ETH أن العقود الآجلة الدائمة (Perpetual contracts) تفقد هيمنتها ببطء في حجم التداول. يمكن أن يكون هذا نتيجة لعدة أسباب، مثل خروج المضاربين من السوق، أو بسبب زيادة الاعتماد على أوامر البيع والشراء الحقيقية من المستثمرين الفعليين. هذا التحول مهم، لأنه يعكس تغيراً في طبيعة المشاركين في السوق. فبدلاً من التركيز على المضاربة بالرافعة المالية، قد يكون هناك تحول نحو الاستثمار طويل الأجل أو التداول القائم على القيمة الحقيقية للأصل.
يعتبر انخفاض حجم تداول العقود الآجلة الدائمة كبيراً مقارنة بالفترة ما بين يونيو وأغسطس. ونتيجة لذلك، تضاءل أيضاً الإقبال على المضاربة بالرافعة المالية، وهي علامة على تزايد الحذر في السوق. وأضاف “Arab Chain”: “على الرغم من هذا الانخفاض، أظهرت السوق الفورية أيضاً قوة محدودة، مما يعكس نقصاً عاماً في مشاركة المستثمرين. وظل حجم التداول الفوري أقل من نطاق 500 ألف إلى مليون دولار، وهو أقل بكثير من الذروات المسجلة في يوليو ويونيو”. هذا يعني أن حتى المستثمرين الذين يفضلون السوق الفورية لا يبدون حماساً كبيراً للدخول في صفقات ضخمة في الوقت الحالي، مفضلين الانتظار وترقب اتجاهات أكثر وضوحاً.
حذر المحلل من أنه على الرغم من أن غياب الاختلالات القوية بين السوق الفورية والعقود الآجلة قد يبدو إيجابياً في البداية، إلا أنه قد يعني أيضاً ارتفاع حالة عدم اليقين والركود فيما يتعلق باتجاه سعر ETH. فالتوازن ليس دائماً إشارة إلى الاستقرار الذي يسبق الصعود، بل قد يكون مؤشراً على حالة من الجمود حيث يتردد المشترون والبائعون على حد سواء في اتخاذ خطوات حاسمة، مما يؤدي إلى حركة سعرية محدودة ومتقلبة في نطاق ضيق.
هل يستعد الإيثيريوم لارتفاع جديد؟ علامات صعود محتملة
على الرغم من أن ETH يبدو عالقاً في حالة من عدم اليقين بسبب حركة سعره البطيئة، إلا أن بعض المحللين واثقون من أن الأصل الرقمي من المرجح أن يستأنف مساره الصعودي في المدى القريب. هناك عدة عوامل تدعم هذه النظرة المتفائلة:
- **نقص المعروض في البورصات:** تستمر احتياطيات ETH في البورصات في التناقص بوتيرة سريعة. عادة ما يشير هذا إلى أن المستثمرين يسحبون عملاتهم من منصات التداول إلى محافظهم الخاصة (Cold Storage)، مما يقلل من المعروض المتاح للبيع في السوق. هذا النقص في المعروض يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع الأسعار إذا زاد الطلب، حيث يصبح هناك عدد أقل من العملات المتاحة للشراء.
- **الطلب المؤسسي القوي:** يستمر الطلب المؤسسي على ETH في أن يكون قوياً. تدرك المؤسسات المالية الكبرى والمستثمرون الكبار الإمكانات الهائلة لشبكة الإيثيريوم ودورها المحوري في اقتصاد الويب 3.0 والتمويل اللامركزي (DeFi). هذا الطلب المستمر يوفر دعماً أساسياً لسعر العملة، حتى في فترات التقلب.
- **توقعات سعرية متفائلة:** يتوقع بعض المحللين أن يرتفع سعر ETH ليصل إلى 6,800 دولار بحلول نهاية عام 2025. تستند هذه التوقعات إلى عوامل متعددة، بما في ذلك التحديثات المستمرة لشبكة الإيثيريوم (مثل الانتقال إلى Ethereum 2.0 وSharding)، والنمو المتزايد في استخدام الشبكة، وازدياد تبني العملات المشفرة بشكل عام. في وقت كتابة هذا التقرير، يتم تداول ETH بسعر 4,439 دولاراً، بانخفاض 1.6% في الـ 24 ساعة الماضية، مما يشير إلى أن هناك مجالاً كبيراً للنمو المحتمل إذا تحققت هذه التوقعات.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التطورات التكنولوجية المستمرة على شبكة الإيثيريوم، مثل تحسينات قابلية التوسع وتقليل رسوم الغاز (Gas Fees)، تزيد من جاذبية الشبكة للمطورين والمستخدمين. هذه التحسينات ليست مجرد تحديثات فنية، بل هي ركائز أساسية تدعم نمو النظام البيئي بأكمله، مما يعزز من القيمة الجوهرية لعملة ETH.
الخلاصة: ترقب حذر وآفاق مستقبلية
في الختام، يجد الإيثيريوم نفسه في مفترق طرق. فمن ناحية، تشير تحليلات “Arab Chain” إلى فترة من الحياد والركود في التداول، مع تراجع في زخم المضاربة وضعف في السوق الفورية. هذه العوامل تدعو إلى الحذر وتفسر التباطؤ الأخير في حركة السعر. ومن ناحية أخرى، هناك إشارات قوية تدعم سيناريو الارتفاع المستقبلي، مثل تناقص المعروض في البورصات، والطلب المؤسسي القوي، والتوقعات السعرية المتفائلة لعام 2025. هذا التناقض يخلق بيئة معقدة للمستثمرين.
ينبغي على المستثمرين والمتداولين مراقبة هذه العوامل عن كثب. ففي حين أن المنطقة الحيادية قد تعني حالة من الترقب، إلا أنها غالباً ما تكون مقدمة لتحركات سعرية كبيرة في أي من الاتجاهين. التطورات المستقبلية لشبكة الإيثيريوم وتبنيها المستمر في مختلف القطاعات ستلعب دوراً حاسماً في تحديد مسارها. يبقى الإيثيريوم أصلاً ذا قيمة جوهرية عالية، وقد يكون “الهدوء الذي يسبق العاصفة” إما استعداداً لقفزة نوعية جديدة أو فترة طويلة من الاستقرار قبل البحث عن محفزات جديدة للنمو. لذلك، يُنصح بالبقاء على اطلاع دائم بآخر التحليلات والأخبار لتمكين اتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة في هذا السوق الديناميكي.