بيتكوين تخسر خط دفاعها الأخير: انهيار الـ 98 ألف دولار يطلق العنان لسلسلة تراجعات حادة
في تطور مقلق لسوق العملات المشفرة، شهدت عملة بيتكوين (BTC) انخفاضًا حادًا بنسبة 3% لتصل إلى مستوى 98,550.33 دولارًا أمريكيًا وقت إعداد هذا التقرير، متراجعة بذلك للمرة الثالثة خلال هذا الشهر دون الحاجز النفسي المهم عند 100,000 دولار. هذا التراجع ليس مجرد تقلب عابر، بل هو نتيجة لتضافر عدة عوامل ضاغطة تشمل تصفية متتالية للرافعة المالية، وتدفقات مستمرة من صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) خارجة من السوق، بالإضافة إلى موقف عام متزايد من الابتعاد عن المخاطرة يسيطر على الأصول الرقمية. هذا المشهد يثير تساؤلات جدية حول استدامة الارتفاعات السابقة ويضع المستثمرين في حالة ترقب شديد، فهل نحن على أعتاب مرحلة تصحيحية أعمق؟
انهيار الدعم وتأثيره الكارثي على السيولة
تسارعت وتيرة الانزلاق الهبوطي لبيتكوين بشكل ملحوظ بعد اختراقها لمستوى الدعم الحاسم عند 100,000 دولار. هذا الاختراق أطلق شرارة تصفية واسعة النطاق لأكثر من 190 مليون دولار من المراكز الطويلة (long liquidations) في غضون ساعة واحدة فقط، وفقًا للبيانات الصادرة عن Coinglass. لقد فشلت بيتكوين في اختراق مستوى الدعم الذي تحول إلى مقاومة قوية عند 106,400 دولار في وقت سابق من هذا الأسبوع، مما أثار مخاوف متزايدة حول المسار المستقبلي للعملة. تاريخيًا، كانت بيتكوين تظهر مرونة كبيرة، حيث كانت ترتد دائمًا حول الدعم النفسي البالغ 100,000 دولار أو على الأقل مستوى الدعم عند 99,000 دولار الذي تشكل في يونيو. إلا أن السيناريو الحالي يبدو مختلفًا، مما يشير إلى ضعف هيكلي قد يؤدي إلى مزيد من الانخفاضات. لقد بلغ إجمالي التصفية عبر الـ 24 ساعة الماضية رقمًا صادمًا وصل إلى 655 مليون دولار، مما أدى إلى تضخيم الزخم الهبوطي بشكل كبير مع تفكيك المراكز ذات الرافعة المالية المفرطة في جميع أنحاء السوق. لم تكن بيتكوين هي العملة الوحيدة التي عانت من هذا الضغط؛ فقد تراجعت عملة إيثيريوم (Ethereum) بنسبة 5.75% لتصل إلى 3,218.37 دولارًا، بينما انخفضت سولانا (Solana) بنسبة 5.2% إلى 145.55 دولارًا، وهبطت BNB بنسبة 3.2% لتصل إلى 922.90 دولارًا. هذا الانخفاض المتزامن يعكس ضغط بيع منهجي يطال معظم العملات الرقمية الرئيسية، مؤكدًا على أن المخاطر منتشرة عبر السوق بأكمله.
تحول جذري في تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة: انسحاب الطلب المؤسسي
شهدت صناديق بيتكوين المتداولة في البورصة الفورية الأمريكية (US spot Bitcoin ETFs) تحولًا مقلقًا في تدفقاتها. فقد سجلت هذه الصناديق صافي تدفقات خارجة بقيمة 278 مليون دولار في 12 نوفمبر، مما ساهم في تراكم ما يقرب من 961 مليون دولار من عمليات الاسترداد التراكمية خلال هذا الشهر وحده، وفقًا لتقرير Farside Investors. هذا التحول الجذري من التدفقات الداخلة الصافية التي كانت سائدة إلى عمليات سحب متواضعة يزيل قوة استقرار رئيسية كانت تدعم الأسعار بقوة خلال الفترة التي امتدت حتى منتصف عام 2025. ونتيجة لذلك، أصبحت الأسواق الفورية الآن أكثر عرضة للتقلبات الشديدة المدفوعة بالمشتقات المالية. تشير الأنماط التاريخية إلى أن انعكاسات تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة غالبًا ما تتزامن مع مراحل التوحيد أو التجميع (consolidation phases) بدلاً من فترات الاقتناع الاتجاهي القوي. هذا يعني أن السوق في مرحلة من عدم اليقين، حيث يبحث عن اتجاه واضح، وأن العوامل المؤسسية التي كانت تعد محركًا رئيسيًا للنمو قد تراجعت بشكل كبير، مما يترك السوق في يد قوى المضاربة بشكل أكبر.
تدهور المعنويات وجفاف السيولة: نظام هبوطي يسيطر
يؤكد تحليل Glassnode الصادر بتاريخ 12 نوفمبر أن بيتكوين قد تداولت باستمرار دون متوسط تكلفة حائزي المدى القصير (short-term holder cost basis) البالغ 111,900 دولار منذ أوائل أكتوبر. هذا التطور يؤسس بوضوح لنظام هبوطي جديد يتميز بسيولة منخفضة في السوق وقناعة ضعيفة بين المستثمرين. لقد انخفضت نسبة الربح والخسارة المحققة لحائزي المدى القصير في الشبكة إلى أقل من 0.21 بالقرب من مستوى 98,000 دولار. هذا الرقم الصادم يشير إلى أن أكثر من 80% من القيمة المحققة جاءت من العملات التي تم بيعها بخسارة، وهو ما يمثل كثافة استسلام (capitulation intensity) تتجاوز تلك التي شهدتها ثلاث عمليات تصفية رئيسية سابقة في الدورة الحالية. تحدد Glassnode منطقة ما دون 100,000 دولار كساحة معركة حرجة للغاية حيث بدأت علامات إرهاق البائعين (seller exhaustion) في الظهور. ومع ذلك، فإن تحقيق تعافٍ مستدام يتطلب من بيتكوين استعادة متوسط التكلفة البالغ 111,900 دولار وتحويله إلى مستوى دعم قوي. تظل معدلات تمويل العقود الآجلة الدائمة لبيتكوين (Bitcoin perpetual futures funding rates) منخفضة عبر البورصات الرئيسية، مع استمرار انخفاض كل من معدلات التمويل والفائدة المفتوحة منذ تدفق الرافعة المالية الذي حدث في أكتوبر. يعكس هذا الغياب للتمركزات القوية ترددًا واضحًا في السوق، حيث يتجنب المتداولون الرهانات الاتجاهية الكبيرة مع بقاء توقعات التقلبات مرتفعة بشكل غير عادي.
سوق الخيارات ومناطق المقاومة الحاسمة: رهان على الحماية
تعزز بيانات سوق الخيارات هذا الموقف الدفاعي والحذر السائد في السوق. يتم تسعير تداولات الحماية من الهبوط (Put protection trades) بعلاوة تقلب ضمني (implied volatility premium) بنسبة 11% فوق عقود الشراء (calls) للآجال القصيرة، مما يشير بوضوح إلى أن المتداولين مستعدون لدفع ثمن باهظ للحصول على التأمين ضد المخاطر الهبوطية. تتركز الفائدة المفتوحة (open interest) بشكل كبير حول مستوى 100,000 دولار لآجال نهاية نوفمبر، مما يجعل هذا المستوى عتبة حرجة للغاية حيث يمكن أن تضخم تدفقات تحوط المتداولين التقلبات بشكل كبير إذا تم اختراقها. لقد ركزت تدفقات الخيارات الأخيرة على عقود البيع (puts) بين 108,000 دولار و 95,000 دولار، وقد تم تنظيم هذه الصفقات إما كحماية صريحة أو كفروقات تقويمية (calendar spreads) تهدف إلى الاستفادة من توقعات الاضطرابات قصيرة الأجل. تكشف خريطة حرارية لتوزيع متوسط التكلفة من Glassnode عن مجموعة كثيفة من العرض بين 106,000 دولار و 118,000 دولار، وهي تمثل المستثمرين الذين في وضع يسمح لهم بالخروج من السوق بالقرب من نقطة التعادل بعد فترة من الصبر. يخلق هذا العرض الفائض مقاومة طبيعية قوية حيث قد تتوقف أي محاولات للارتفاع ما لم تمتص التدفقات المتجددة ضغط التوزيع هذا بكفاءة.
نظرة مستقبلية: ضعف الطلب وتأثير الاقتصاد الكلي
تلاحظ Glassnode أن الطلب من حائزي المدى القصير، والذي يعتبر مؤشرًا حيويًا لزخم المستثمرين الجدد، ظل ضعيفًا بشكل ملحوظ منذ يونيو 2025 (ملاحظة: هذا التاريخ قد يكون خطأ مطبعيًا في المصدر الأصلي، سأتعامل معه ضمن سياق الأزمة الحالية)، مما يعكس غياب رأس المال الجديد الذي يدخل السوق بشكل فعال. تفاقمت معنويات المخاطر الأوسع نطاقًا بالتوازي مع انخفاض العملات المشفرة، مع ارتفاع العوائد الحقيقية واستمرار ضغط التمويل الذي يضغط على الأصول المضاربية، وذلك على الرغم من الحل الأخير لإغلاق الحكومة الأمريكية. لقد نصحت مذكرة “موسم الخريف” الأخيرة الصادرة عن مورجان ستانلي عملائها بضرورة جني الأرباح بدلاً من مطاردة الارتفاعات خلال هذه المرحلة من دورة الأربع سنوات، مما ساهم بشكل كبير في تقليل الرغبة في المخاطرة بين المخصصين المؤسسيين. هذا المزيج المعقد من تمركزات الرافعة المالية الثقيلة، وضعف الطلب على صناديق الاستثمار المتداولة، والمقاومة الهيكلية القوية فوق الأسعار الحالية، قد حول كل اختراق دون مستوى 100,000 دولار إلى سلسلة متتالية من التراجعات التي تعزز نفسها. يبقى السوق في حالة ترقب وحذر شديد، مع تزايد المخاوف من استمرار الضغوط الهبوطية في الأمد القريب والمتوسط، مما يتطلب من المستثمرين توخي أقصى درجات الحذر والتحليل المتعمق قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية.
