“`html
تراجع سعر البيتكوين مع إعلان ترامب عن صفقة تعريفات جمركية مع الصين
شهدت عملة البيتكوين (BTC) والسوق الأوسع للعملات المشفرة تراجعاً طفيفاً ومفاجئاً بعد أن أعلن الرئيس السابق دونالد ترامب عن الانتهاء من ترتيب تعريفات جمركية جديد مع الصين، والذي ينتظر توقيعاً رسمياً منه ومن الرئيس الصيني شي جين بينغ. جاء هذا الإعلان عبر منصة “Truth Social”، حيث ذكر ترامب أن الاتفاقية تمنح الولايات المتحدة “تعريفات بنسبة 55%” على السلع الصينية، مقارنة بـ 10% المفروضة حالياً على الصادرات الأمريكية.
تفاصيل الصفقة التي أعلن عنها ترامب تشمل أيضاً تأمين إمدادات صينية من مغناطيسات الأرض النادرة التي تعتبر حاسمة للصناعات التكنولوجية والدفاعية. بالإضافة إلى ذلك، قال ترامب إن واشنطن ستحافظ على وصول الطلاب الصينيين إلى الجامعات الأمريكية، ووصف العلاقة بين البلدين بأنها “ممتازة”. على الرغم من النبرة الإيجابية التي حاول ترامب إبرازها بشأن العلاقات الثنائية، إلا أن الأسواق تفاعلت بتحفظ وقلق.
تحركات سعر البيتكوين الأخيرة
تراجع سعر البيتكوين إلى أدنى مستوى يومي له بلغ 108,331 دولاراً بعد انتشار الأخبار. وخلال وقت إعداد هذا التقرير، كان يتم تداول البيتكوين عند حوالي 108,654.87 دولاراً، مسجلاً انخفاضاً بنسبة 1.5% خلال الـ 24 ساعة الماضية. من الجدير بالذكر أن البيتكوين لا يزال يحافظ على موقعه فوق “السعر المحقق” (Realized Price) البالغ 106,900 دولار، وهو المتوسط المرجح لسعر الشراء لجميع المستثمرين الذين اشتروا العملة الرائدة خلال الـ 24 ساعة الماضية.
وفقاً لتقرير حديث صادر عن شركة Glassnode المتخصصة في تحليل بيانات البلوكتشين، فإن مستويات السعر المحقق التالية الهامة تقع عند 105,200 دولار للمستثمرين الذين يحتفظون بعملة البيتكوين لمدة تزيد عن شهر، وعند 104,900 دولار للمستثمرين الذين يحتفظون بالعملة لمدة تتراوح بين أسبوع وشهر. تعتبر هذه المستويات نقاط دعم محتملة قد يرتد منها السعر إذا استمر التراجع.
قراءة وتحليل السوق
عكس كل من البيتكوين والأسهم المكاسب المبكرة التي سجلوها في غضون دقائق من إعلان ترامب. يشير هذا التفاعل السريع إلى القلق المتجذر في الأسواق من أن الزيادة الكبيرة في الرسوم الجمركية الأمريكية قد تلقي بثقلها على الطلب العالمي، حتى لو تم التوصل إلى هدنة رسمية تخفف من التوترات المعلنة. هذا التفاعل يبرز كيف أصبحت الأسواق حساسة للغاية للأخبار المتعلقة بالعلاقات التجارية بين القوى الاقتصادية الكبرى.
وفقاً لمذكرة شاركها جاغ كونر (Jag Kooner)، رئيس قسم المشتقات في منصة Bitfinex، فإن الإطار المقترح للاتفاقية “يقلل عدم اليقين العالمي بشكل هامشي” إذا تم تنفيذه فعلاً. هذا يعني أن الاتفاقية، في حال إتمامها، قد توفر بعض الوضوح بشأن العلاقات التجارية، لكن تأثيرها على إزالة حالة عدم اليقين بشكل كامل قد يكون محدوداً.
ومع ذلك، لاحظ كونر أن “جزءاً كبيراً من حالة عدم اليقين في السوق قد تم تسعيره بالفعل”. يشير هذا إلى أن الأسواق كانت تستعد بالفعل لاحتمالية فرض تعريفات جمركية أعلى أو تصاعد التوترات التجارية، وبالتالي فإن الإعلان قد لا يمثل صدمة كاملة غير متوقعة. يتوقع كونر حدوث “فورة قصيرة من التقلب” في الأسواق عقب الأخبار، يليها عودة إلى المتوسط، ما لم تقدم الصفقة دفعة واضحة للسيولة في النظام الاقتصادي.
علاوة على ذلك، ربط كونر تحركات الأسعار التي شهدتها أسواق العملات المشفرة والأسهم في 11 يونيو بإصدار بيانات أسعار المستهلكين (CPI) لشهر مايو في الصباح نفسه. وجادل بأن التضخم المرتبط بالتعريفات الجمركية قد بدأ بالظهور في الأرقام الرئيسية منذ الشهر الماضي، ومن المرجح أن يبلغ ذروته بحلول أغسطس.
يعتقد كونر أن مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) هو المحفز الحقيقي للتقلبات في الأسواق. وأضاف أن الارتفاع الطفيف بنسبة 0.1% في الأسعار الأساسية يعزز التوقعات بتيسير نقدي من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وهذا “يخلق فراغاً فوق مستوى 111,000 دولار بالنسبة للبيتكوين”، مما يشير إلى أن هذا المستوى قد يصبح هدفاً محتملاً للبيتكوين في حال استمرار التوقعات بتيسير السياسة النقدية.
هذه العلاقة الوثيقة تعني أن صعود البيتكوين قد يكون محدوداً ما دامت الأسهم تتحرك في نطاق ضيق. ومع ذلك، يمكن أن تسمح هذه العلاقة للبيتكوين بأن يتصدر الارتفاع إذا ما شهدت الأسهم دفعة صعودية قوية، خاصة في ظل بيانات تضخم أكثر ليونة قد تدعم التوقعات بتخفيض أسعار الفائدة. وكتب كونر:
“بدون آلية تحفيز مباشر، من غير المرجح أن تشهد أسواق العملات المشفرة تحركات صعودية مستدامة.”
تشير هذه المقولة إلى أن البيتكوين، على الرغم من ديناميكياته الخاصة، لا يزال يتأثر بشكل كبير بحالة السيولة العامة في الأسواق العالمية والتحفيزات الاقتصادية الكلية.
ومع ذلك، يرى كونر أن حالات التراجع والانخفاض في الأسعار تمثل “فرصاً للشراء”. ويبرر ذلك بأن العديد من العملات المشفرة لا تزال تحقق أرباحاً لمستثمريها مقارنة بأسعار شرائها، وأن أرصدة العملات المشفرة في منصات التداول لا تزال منخفضة نسبياً، مما قد يقلل من ضغوط البيع الفورية. وتوقع أن أي اختراق لمستوى 111,000 دولار سيكون “مدفوعاً بالطلب الفوري (spot)، مع تسارع الطلب من الصناديق المتداولة في البورصة (ETFs) مع تحول النظام الاقتصادي الكلي نحو التيسير النقدي”.
العوامل المستقبلية للمراقبة
في الوقت الحالي، لا يوجد بيان رسمي من البيت الأبيض أو الحكومة الصينية يؤكد ما نشره ترامب على منصته. لذلك، يتطلع المستثمرون الآن إلى أي نص رسمي يتم نشره بشأن اتفاقية التعريفات الجمركية، بالإضافة إلى تقرير أسعار المنتجين (PPI) الذي سيصدر في 12 يونيو، للحصول على مزيد من التوجيه بشأن الاتجاهات الاقتصادية الكلية.
حذر كونر من أنه حتى ظهور وثيقة مفصلة بشأن الاتفاقية، يجب على الأسواق أن توازن بين النبرة البناءة التي حاول ترامب إظهارها، وبين المخاطر الحقيقية المتمثلة في أن التعريفات الجمركية الأعلى قد تؤدي إلى تضييق الأوضاع المالية خلال الربع الثالث من العام.
أخيراً، أكد كونر على ضرورة أن يراقب المتداولون عن كثب ردود فعل السياسات الصينية، والتعليقات المتعلقة بسلاسل الإمداد من قبل تجار التجزئة الأمريكيين، بالإضافة إلى رد فعل الكونغرس الأمريكي على تقسيم الرسوم المقترح. كل هذه العوامل ستلعب دوراً حاسماً في تشكيل مشهد السوق وتحديد مسار أسعار الأصول، بما في ذلك البيتكوين، في الفترة المقبلة.
“`