بيتكوين تتراجع 10 آلاف دولار من ذروتها التاريخية – إليك مناطق الدعم التالية (محلل)
شهدت عملة البيتكوين (BTC)، العملة المشفرة الرائدة عالمياً، تراجعاً ملحوظاً خلال الأيام القليلة الماضية، لتفقد آلاف الدولارات من قيمتها في ما يمكن وصفه بحالة “سقوط حر” من ذروتها الأخيرة. فبعد أن كانت تتداول قرب مستوى 119,000 دولار أمريكي، انخفضت البيتكوين لتلامس أدنى مستوياتها في عدة أسابيع، متجاوزة عتبة 112,000 دولار أمس، مما أثار موجة من القلق بين المستثمرين والمتداولين. هذه التحركات السعرية الحادة دفعت بالعديد من المحللين إلى إعادة تقييم المسار المحتمل للعملة وتحديد مناطق الدعم الحاسمة التي قد يتم اختبارها في المستقبل القريب.
في خضم هذا التراجع السريع، ألقى محلل بارز الضوء على أهم مناطق الدعم التي يمكن أن تواجهها البيتكوين لاحتواء هذا النزيف السعري، والتي قد تلعب دوراً محورياً في تحديد حركتها القادمة. إن فهم هذه المستويات الدعمية يعد أمراً حاسماً لأي شخص يسعى لفهم ديناميكيات السوق الحالية والتنبؤ بالاتجاهات المحتملة. في هذا المقال، سنتعمق في تفاصيل هذا التراجع وأسبابه، بالإضافة إلى تحليل مناطق الدعم الرئيسية التي تم تحديدها بناءً على رؤى المحللين الخبراء.
البيتكوين: رحلة من الذروة إلى التصحيح
تُظهر الرسوم البيانية الخاصة بالبيتكوين صورة واضحة ومقلقة في الوقت ذاته. فبعد فترة من الصعود المذهل في منتصف يوليو، حيث شنت العملة المشفرة الأكبر عالمياً صعوداً قوياً تخطت به عتبة 123,000 دولار لتسجل بذلك أحدث رقم قياسي لها، لم تتمكن البيتكوين من الحفاظ على هذه المستويات المرتفعة. سرعان ما بدأت العملة في مسار تصحيحي، متراجعة عن ذروتها التاريخية في مؤشر على تزايد الضغوط البيعية.
قضت البيتكوين الأيام العشرة التالية أو نحو ذلك في نطاق سعري ضيق نسبياً، متذبذبة بشكل مستمر بين مستوى 117,000 دولار و 120,000 دولار. خلال هذه الفترة، شهدنا محاولات متكررة لاختراق هذا النطاق سواء صعوداً أو هبوطاً، لكن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل، مما خلق حالة من عدم اليقين والترقب في السوق. هذا التماسك الطويل كان بمثابة إشارة على تردد المستثمرين، حيث لم يكن هناك ما يكفي من قوة الشراء لدفع السعر للأعلى، ولا ضغط بيعي كافٍ لكسره للأسفل بشكل حاسم، قبل أن تتغير الديناميكيات بشكل مفاجئ.
بدء الانهيار وتحديد أدنى مستويات جديدة
بعد محاولة اختراق خاطئة في 25 يوليو، والتي تمكن فيها المشترون من الدفاع عن مستوى معين ومنع انهيار وشيك، بدأ الانهيار الفعلي والواضح في نهاية الشهر ومع بداية شهر أغسطس. تم رفض البيتكوين بقوة عند خط 119,000 دولار، مما دفعها إلى التراجع جنوباً وبشكل حاد لتصل إلى ما دون 112,000 دولار أمس، مسجلة بذلك أدنى مستوى لها في ثلاثة أسابيع. هذا الانخفاض السريع كان بمثابة إشارة واضحة لتغير في ديناميكيات السوق وبداية مرحلة هبوطية أكثر حدة.
هذا الانخفاض الملحوظ لم يحدث من فراغ؛ بل يمكن أن تُعزى الأسباب الكامنة وراء هذا الهبوط إلى مجموعة من العوامل المتداخلة. تتراوح هذه العوامل بين التوترات الكلية وعدم اليقين في الأسواق المالية العالمية، والتي غالباً ما تدفع المستثمرين للابتعاد عن الأصول الخطرة مثل العملات المشفرة، وصولاً إلى عمليات بيع كبيرة من قبل المستثمرين الكبار. على صعيد هذه النقطة الأخيرة، أشار المحلل المالي الشهير علي مارتينيز إلى أن عمال التعدين (Miners) كانوا أيضاً يساهمون في الضغط البيعي مؤخراً، حيث قاموا بتفريغ كميات كبيرة من البيتكوين التي قاموا بتعدينها. وفقاً لمارتينيز، قام عمال التعدين ببيع أكثر من 3,000 عملة بيتكوين في غضون أسبوعين فقط، وهي كمية كبيرة يمكن أن تؤثر بشكل ملموس على العرض في السوق.
يُعتبر بيع عمال التعدين مؤشراً هاماً بشكل خاص لأنهم يمثلون مصدراً رئيسياً للعرض في السوق. عندما يبدأ عمال التعدين ببيع كميات كبيرة من البيتكوين، فإن ذلك يشير غالباً إلى ضغوط بيعية متزايدة وقد يعكس حاجتهم للسيولة لتغطية تكاليف التشغيل المرتفعة، أو توقعاتهم بانخفاض الأسعار في المستقبل القريب. هذا السلوك يمكن أن يؤثر سلباً على المعنويات العامة للمستثمرين ويزيد من الزخم الهبوطي في السوق. إن تأثير بيع عمال التعدين، إلى جانب عدم اليقين الاقتصادي العام، يشكل مزيجاً قوياً يمكن أن يدفع الأسعار للأسفل بشكل كبير.
صرح المحلل علي مارتينيز في تغريدة له: “قام عمال تعدين البيتكوين بتفريغ أكثر من 3,000 بيتكوين في الأسبوعين الماضيين!”
تصفية المراكز ومناطق الدعم الحيوية القادمة
بالنظر إلى الانهيار الأخير للبيتكوين، والذي أدى في إحدى مراحله إلى تصفية ما يقرب من مليار دولار من المراكز المفتوحة ذات الرافعة المالية المفرطة، ناقش المحلل علي مارتينيز أيضاً مناطق الدعم الرئيسية التالية للبيتكوين. تُعد هذه المناطق حاسمة لمراقبتها عن كثب، حيث يمكن أن توفر نقاط ارتداد محتملة للبيتكوين، أو، في حال كسرها، تشير إلى استمرار الهبوط وتعمق التراجع السعري.
تتراوح مناطق الدعم التي أشار إليها مارتينيز بين 105,000 دولار و 107,000 دولار. هذه المنطقة تمثل مستوى نفسياً وتاريخياً مهماً، حيث يمكن أن يجد المشترون فيها قوة للدخول وإيقاف مسار الهبوط. في كثير من الأحيان، تتحول مستويات المقاومة السابقة إلى مستويات دعم قوية، وهذه المنطقة قد تكون شاهداً على هذه الظاهرة. في وقت لاحق، أكد مارتينيز مجدداً على الأهمية القصوى لمستوى 107,100 دولار على وجه التحديد، واصفاً إياه بنقطة تراكم كبيرة لمسار سعر البيتكوين المستقبلي. هذا يعني أن هذا المستوى شهد في الماضي تجميعاً كبيراً للعملة من قبل المستثمرين الكبار والمؤسسات، مما يجعله مستوى قوياً للدعم الحالي من حيث وجود عدد كبير من أوامر الشراء المعلقة.
أكد علي مارتينيز في تحديث لاحق: “لا يزال مستوى 107,160 دولاراً يبرز كمستوى دعم حاسم للبيتكوين!”
حتى الآن، حافظت العملة المشفرة على سعرها بشكل جيد فوق هذا المستوى، حيث تتداول حالياً فوق 113,000 دولار. وهذا يعطي بعض الأمل للمشترين بأن الدعم القوي قد يكون قادراً على الصمود في وجه الضغوط البيعية. ومع ذلك، من المتوقع أن تشهد الأسواق المزيد من التقلبات الكبيرة يوم الاثنين، عندما تفتح جميع الأسواق المالية العالمية أبوابها. إن تزامن هذا التوقيت مع بداية أسبوع تداول جديد غالباً ما يزيد من حجم التداول ويؤدي إلى تقلبات سعرية أكبر، خاصة في ظل حالة عدم اليقين الحالية.
عوامل إضافية مؤثرة يجب مراقبتها
بالإضافة إلى ديناميكيات السوق المعتادة والعوامل التقنية، هناك عامل آخر يجب مراقبته عن كثب: تصريحات الشخصيات العامة المؤثرة. فمن المعروف أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لديه عادة الإدلاء بإعلانات مهمة قد تهز الأسواق المالية في أيام الأحد. هذه التصريحات، سواء كانت متعلقة بالسياسة الاقتصادية، أو التجارة، أو حتى القضايا الجيوسياسية، يمكن أن يكون لها تأثير فوري ومفاجئ على معنويات المستثمرين، وبالتالي على أسعار الأصول الخطرة مثل البيتكوين. لذلك، يُنصح بشدة بمراقبة الأخبار والتطورات خلال عطلة نهاية الأسبوع الجارية وعند افتتاح الأسواق يوم الاثنين، حيث يمكن لأي تصريح غير متوقع أن يغير مسار السوق بشكل كبير.
خاتمة وتوقعات مستقبلية
في الختام، تمر البيتكوين بمرحلة حرجة وحاسمة تتطلب متابعة دقيقة ومستمرة. بعد انخفاض كبير عن ذروتها التاريخية، أصبحت مستويات الدعم التي حددها المحللون، وخاصة المنطقة المحصورة بين 105,000 دولار و 107,000 دولار، هي حجر الزاوية الذي قد يحدد اتجاهها القادم. إن قدرة البيتكوين على الصمود فوق هذه المستويات ستكون مؤشراً قوياً على إمكانية ارتدادها واستعادة بعض من خسائرها الأخيرة، مما يعيد الثقة تدريجياً إلى المستثمرين.
مع اقتراب يوم الاثنين وافتتاح الأسواق العالمية، بالإضافة إلى التكهنات حول التصريحات المحتملة من شخصيات مؤثرة، يبقى الحذر هو سيد الموقف. يجب على المستثمرين تقييم المخاطر بعناية فائقة والبقاء على اطلاع دائم بآخر التطورات والأخبار لاتخاذ قرارات مستنيرة في هذا السوق المتقلب والديناميكي. على الرغم من أن المستقبل لا يزال غامضاً وغير مؤكد، إلا أن فهم مناطق الدعم والمقاومة الرئيسية، واستيعاب العوامل الكلية المؤثرة، يوفر بوصلة قيمة للملاحة في بحر العملات المشفرة المتقلب والمليء بالتحديات. يجب أن يكون الهدف الأساسي هو الحفاظ على رأس المال واستغلال الفرص المحتملة بحكمة.