“`html
البيتكوين يحافظ على مستوى 100 ألف دولار النفسي وسط تراجع حديث يشير إلى معنويات قوية للمستثمرين
في عالم العملات الرقمية المتقلب باستمرار، غالبًا ما تكون مستويات الأسعار الكبيرة مثل 100,000 دولار أمريكي بمثابة نقاط محورية هامة. بالنسبة للبيتكوين (BTC)، أكبر عملة رقمية من حيث القيمة السوقية، لم يكن الانخفاض الأخير الذي وصل إلى هذا المستوى مجرد حركة سعرية عادية. وفقًا لتقرير صادر عن Glassnode في 10 يونيو، فإن الانزلاق الطفيف للبيتكوين نحو 100,000 دولار لم يضعف هيكل السوق، بل على العكس، عززه.
يأتي هذا التقرير في وقت يشهد فيه البيتكوين بعض التقلبات. حاليًا، يتداول البيتكوين حول 109,500 دولار أمريكي، وذلك بعد أن شهد ارتفاعًا تجاوز 4% في 9 يونيو ليصل إلى أعلى مستوى أسبوعي عند 110,600 دولار أمريكي. يشير هذا التعافي السريع فوق مستوى 100,000 دولار إلى قدرة السوق على امتصاص الضغوط البيعية والارتداد بقوة، وهو ما يعكس معنويات إيجابية بين المستثمرين.
تحليل التراجع الأخير: خسائر محققة محدودة
سلط تقرير Glassnode الضوء على أن التراجع بنسبة 9% الذي حدث في أعقاب تسجيل البيتكوين أعلى مستوى قياسي جديد عند 111,965 دولار أمريكي في 7 يونيو، أدى إلى خسائر محققة بلغت حوالي 200 مليون دولار أمريكي فقط. هذا الرقم يعتبر منخفضًا بشكل ملحوظ مقارنة بعمليات التصحيح السابقة التي شهدتها الدورة الحالية. في الدورات الصعودية القوية، غالبًا ما تؤدي عمليات التصحيح إلى خسائر محققة أكبر بكثير حيث يميل المستثمرون إلى البيع لتأمين الأرباح أو تقليل الخسائر في مواجهة التقلبات.
يشير انخفاض حجم الخسائر المحققة خلال هذا التراجع تحديدًا إلى أن الضغط البيعي لم يكن واسع النطاق عبر قاعدة المستثمرين بأكملها. هذا التحليل المبني على بيانات السلسلة (on-chain data) يوفر رؤى أعمق من مجرد النظر إلى حركة السعر على الرسوم البيانية. بيانات السلسلة تتتبع كل معاملة تتم على شبكة البلوكتشين، مما يسمح للمحللين بفهم سلوك مختلف شرائح المستثمرين.
من هم الباعة؟ الاستسلام يقتصر على الداخلين حديثًا
أحد أبرز النتائج التي توصل إليها تقرير Glassnode هو أن معظم عمليات الخروج من السوق (البيع بخسارة) خلال هذا التراجع جاءت من محافظ تحتوي على بيتكوين تم حيازته لفترة أقل من أسبوع واحد. هذا النمط من البيع يشير بوضوح إلى استسلام من قبل الوافدين الجدد إلى السوق – أولئك الذين اشتروا البيتكوين بالقرب من أعلى مستوياته الأخيرة وشعروا بالذعر عندما بدأ السعر في الانخفاض. هؤلاء المستثمرون غالبًا ما يكونون أقل خبرة وأكثر عرضة للبيع بدافع الخوف.
في المقابل، كانت الخسائر التي حققتها العناوين التي احتفظت بالبيتكوين لأكثر من ثلاثة أشهر تقريبًا صفرية خلال هذه الحركة السعرية. المستثمرون على المدى الطويل، الذين يُعرفون عادةً بأنهم أصحاب الحيازات القوية والأكثر فهمًا لديناميكيات السوق، لم يشاركوا في موجة البيع هذه. هذا السلوك يؤكد على أن الثقة لا تزال عالية بين شريحة كبيرة ومهمة من حاملي البيتكوين.
يُظهر هذا التباين بين سلوك حاملي المدى القصير وحاملي المدى الطويل أن هيكل السوق الأساسي لا يزال قويًا. المستثمرون الذين لديهم قناعة طويلة الأجل بأصولهم لم يتأثروا بالتراجع القصير، مما يشير إلى أساس قوي يدعم الاتجاه الصعودي الأوسع.
تأثير على سوق المشتقات: تقليص الرافعة المالية
بالإضافة إلى سلوك المستثمرين الفوريين، كان للتراجع أيضًا تأثير كبير على سوق المشتقات. انخفضت الفائدة المفتوحة (Open Interest)، وهي القيمة الإجمالية لعقود المشتقات التي لم تتم تسويتها بعد، بمقدار 2.3 مليار دولار أمريكي. يُعد هذا الانخفاض هو سابع أكبر حدث لتقليص الرافعة المالية (deleveraging) منذ عام 2023.
تشير حركة الفائدة المفتوحة هذه إلى أن الانخفاض في سعر البيتكوين كان مدفوعًا بشكل أساسي بتصفية مراكز الرافعة المالية في سوق المشتقات، وليس بالتوزيع الفوري للبيتكوين من قبل المستثمرين الكبار. عندما ينخفض السعر، يتم تصفية مراكز المشتقات التي تعتمد على الرافعة المالية (خاصة مراكز الشراء المفتوحة)، مما يضع ضغطًا هبوطيًا إضافيًا على السعر في حلقة تغذية راجعة سلبية. حقيقة أن الانخفاض كان مدفوعًا بالرافعة المالية وليس بالبيع الفوري من الحيازات الكبيرة تعد إشارة إيجابية، حيث تشير إلى أن ضغط البيع كان فنيًا ومرتبطًا بهيكل السوق المشتقات أكثر منه ضعفًا أساسيًا في الطلب الفوري.
مستوى 100 ألف دولار: الدعم النفسي ونقطة الارتداد
من النقاط الهامة الأخرى التي أبرزها التقرير هي أن السعر ارتد قبل أن يختبر متوسط التكلفة (cost basis) لحاملي المدى القصير، والذي كان عند حوالي 97,600 دولار أمريكي. متوسط التكلفة هو متوسط السعر الذي اشترت عنده شريحة معينة من المستثمرين أصولها. غالبًا ما يعمل متوسط التكلفة هذا كمنطقة دعم رئيسية، حيث يميل المستثمرون إلى الدفاع عن مستوى سعر شرائهم لتجنب الخسائر.
والأهم من ذلك، أن السعر ظل فوق مستوى 100,000 دولار النفسي. تُعد المستويات السعرية ذات الأرقام المستديرة الكبيرة مثل 10,000 أو 100,000 دولار مستويات نفسية مهمة في الأسواق المالية، حيث يميل العديد من المشاركين في السوق إلى التركيز عليها كنقاط دعم أو مقاومة رئيسية. الحفاظ على السعر فوق هذا النطاق يحافظ على الزخم الدوري (cyclical momentum) للبيتكوين.
وفقًا للتقرير، منذ القاع المسجل في عام 2022، شهد 41% من أيام التداول عمليات تراجع أعمق من التراجع الأخير بنسبة 9%. هذا يعني أن التراجع الأخير كان أقل حدة مقارنة بالعديد من التراجعات الأخرى خلال الدورة الصعودية الحالية، مما يعزز فكرة أن هذا الانخفاض لم يكن إشارة ضعف هيكلي بل مجرد تصحيح صحي تم استيعابه بسرعة.
سلوك حاملي المدى الطويل: تحقيق الأرباح واستمرار التراكم
على الجانب الإيجابي، حقق حاملو المدى الطويل أرباحًا محققة بلغت 930 مليون دولار أمريكي يوميًا عند الذروة الأخيرة. هذا يتطابق مع وتيرة تحقيق الأرباح التي شوهدت خلال الاختراق فوق 100,000 دولار في مارس الماضي، ولكنه لا يزال أقل بكثير من الذروة البالغة 1.64 مليار دولار التي شوهدت في أوائل أبريل. هذا يشير إلى أن بعض حاملي المدى الطويل قاموا ببعض عمليات جني الأرباح عند المستويات العليا، وهو أمر طبيعي في أي سوق صعودي.
ومع ذلك، وعلى الرغم من تحقيق بعض الأرباح، استمر الرصيد الإجمالي لهذه الشريحة (حاملي المدى الطويل) في الارتفاع. هذا النمط غير معتاد في ظروف نهاية الدورة الصعودية، حيث يميل حاملو المدى الطويل في العادة إلى البدء في توزيع كميات كبيرة من البيتكوين التي جمعوها على مر السنين. استمرار تراكم حاملي المدى الطويل يشير إلى أنهم لا يزالون يرون إمكانات صعودية كبيرة ويحتفظون ببيتكوين بدلاً من بيعه بالكامل.
عزا التقرير هذا “العرض الأكثر ثباتًا” إلى برامج حفظ الأصول المرتبطة بصناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) وغيرها من القنوات المؤسسية التي تزيل العملات من التداول السائل. صناديق البيتكوين المتداولة الفورية، على سبيل المثال، تشتري كميات كبيرة من البيتكوين وتحتفظ بها نيابة عن المستثمرين المؤسسيين والأفراد الكبار، مما يقلل من العرض المتاح للتداول في البورصات الفورية ويخلق طلبًا مستمرًا.
بلغت نسبة الربح والخسارة المحققة لحاملي المدى الطويل 9.4، وهو مستوى تم تجاوزه في أقل من 16% من أيام التداول منذ عام 2011. هذا المستوى غالبًا ما يرتبط بحالة من النشوة في السوق، مما يشير إلى أن حاملي المدى الطويل يحققون أرباحًا كبيرة على استثماراتهم الطويلة الأجل.
توزيع السعر المحقق والفجوة الهوائية
يُظهر توزيع السعر المحقق لوحدات الإخراج غير المنفقة (UTXO Realized Price Distribution) وجود نطاق كثيف من العملات التي تم شراؤها حول مستوى 100,000 دولار إلى 103,000 دولار. هذا النطاق يمثل منطقة تراكم قوية حيث دخل عدد كبير من المستثمرين السوق.
يقع السعر الآن عند الحافة العليا لهذا التجمع، مع حجم تاريخي خفيف نسبيًا فوقه. هذا يخلق ما يسمى “فجوة هوائية” (air gap) – منطقة يمكن أن يتحرك فيها السعر بسرعة إذا استمر الطلب، نظرًا لعدم وجود مستويات مقاومة قوية ناجمة عن أحجام تداول كبيرة سابقة.
كثافة العرض المحقق (Realized Supply Density)، التي تقيس حصة العرض التي لديها متوسط تكلفة قريب من السعر الفوري الحالي، قد زادت جنبًا إلى جنب مع الارتفاع الأخير. هذه الزيادة تشير إلى حساسية متزايدة لسعر السوق الحالي بين قاعدة العرض الموجودة.
معنويات متفائلة في سوق الخيارات
على الرغم من التقلبات الأخيرة، يبدو أن متداولي الخيارات غير قلقين. يستمر التقلب الضمني (Implied Volatility) عند الأسعار الحالية (at-the-money) عبر آجال الاستحقاق القصيرة والطويلة في الانخفاض. يشير انخفاض التقلب الضمني عادةً إلى توقعات بانخفاض التقلبات المستقبلية.
أشار التقرير إلى أن هذا الموقف يتناقض مع ما حدث قبل قفزات التقلب في الدورات السابقة. يمكن أن يكون هذا التناقض بمثابة إعداد لتحركات أكبر في المستقبل، خاصة إذا أعاد السعر اختبار أعلى مستوياته على الإطلاق. بعبارة أخرى، بينما يتوقع سوق الخيارات الهدوء، قد تكون الظروف مهيأة لحركة سعرية كبيرة إذا تغيرت المعنويات أو حدث محفز.
خلاصة: الاتجاه الصعودي لا يزال سليمًا
بشكل عام، فإن رد الفعل المحدود على انخفاض الأسبوع الماضي والتعافي السريع فوق مستوى 100,000 دولار يتركان الاتجاه الصعودي العام للبيتكوين سليمًا. تشير هذه الديناميكيات إلى أن الطلب كان كافيًا لاستيعاب أكبر تصفية مدفوعة بالعقود الآجلة (futures-driven shake-out) في شهرين.
إن قدرة البيتكوين على الحفاظ على مستوى الدعم النفسي عند 100,000 دولار، في ظل انخفاض الخسائر المحققة المحدود، وسلوك حاملي المدى الطويل الذين يواصلون التراكم، وتقليص الرافعة المالية في سوق المشتقات بدلاً من البيع الفوري، كلها مؤشرات قوية على أن معنويات المستثمرين لا تزال قوية ومرنة.
هذه العلامات من بيانات السلسلة ترسم صورة لمشهد سوق قوي، حيث يتم امتصاص الضغط البيعي من قبل المشترين الذين يرون في الانخفاض فرصة للشراء. مع استمرار تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة والطلب المؤسسي، يبدو الأساس للارتفاعات المستقبلية صلبًا، على الرغم من التقلبات القصيرة الأجل التي هي سمة مميزة لسوق العملات الرقمية.
بينما يجب على المستثمرين دائمًا توخي الحذر وإجراء أبحاثهم الخاصة، فإن البيانات الحالية المستقاة من السلسلة تشير إلى أن التراجع الأخير لم يكن بداية نهاية الاتجاه الصعودي، بل كان مجرد اختبار لقوة الدعم النفسي والفني، وقد اجتاز البيتكوين هذا الاختبار بنجاح حتى الآن.
- التراجع الأخير إلى 100,000 دولار عزز هيكل السوق.
- الخسائر المحققة كانت محدودة للغاية مقارنة بالتصحيحات السابقة.
- معظم البيع جاء من حاملي البيتكوين لأقل من أسبوع.
- حاملو المدى الطويل لم يحققوا أي خسائر تقريبًا واستمروا في التراكم.
- الانخفاض كان مدفوعًا بتصفية عقود المشتقات (تقليص الرافعة المالية).
- السعر ارتد فوق مستوى 100,000 دولار النفسي وقبل متوسط تكلفة حاملي المدى القصير.
- نسبة الربح/الخسارة لحاملي المدى الطويل مرتفعة، لكن التراكم مستمر بفضل العوامل المؤسسية.
- هناك “فجوة هوائية” فوق السعر الحالي يمكن أن تسمح بتحركات سريعة.
- التقلب الضمني في سوق الخيارات منخفض، مما قد يسبق تحركات كبيرة.
- الاتجاه الصعودي لا يزال سليمًا بعد استيعاب ضغط البيع الأخير.
“`