تراجع سهم إنفيديا مجددًا قبل تقرير الأرباح الحاسم يوم الأربعاء: نظرة تحليلية على التحديات والفرص
شهدت أسهم شركة إنفيديا (NVIDIA Corporation)، التي تُعرف بالرمز (NVDA) في البورصة، تراجعًا ملحوظًا في التداولات الأخيرة، مما أثار قلق المستثمرين قبل إصدار تقرير أرباحها المنتظر يوم الأربعاء. فبعد انخفاض بنسبة 3.6% يوم الخميس، تابعت الأسهم تراجعها بنسبة 2.4% أخرى في تعاملات ما قبل السوق يوم الجمعة، لتصل إلى 182.39 دولارًا. هذا التراجع ليس مجرد انخفاض عابر، بل يمتد ليشمل قطاع التكنولوجيا الأوسع، حيث يتجه المستثمرون نحو بيع أسهم شركات التكنولوجيا، خاصة تلك التي تركز على الذكاء الاصطناعي.
لم تكن إنفيديا وحدها في هذا التراجع، فقد شهدت أسهم شركات تصنيع الرقائق الأخرى التي تركز على الذكاء الاصطناعي انخفاضات مماثلة؛ حيث تراجعت أسهم شركة أدفانسد مايكرو ديفايسز (Advanced Micro Devices) بنسبة 2.5%، بينما خسرت برودكوم (Broadcom) 1.2% في تداولات ما قبل السوق. هذه التراجعات تضع ضغطًا إضافيًا على إنفيديا لتقديم نتائج قوية ومطمئنة في تقرير أرباحها القادم.
توقعات المحللين وأرباح الربع الثالث: هل تستطيع إنفيديا تجاوز التحديات؟
على الرغم من الانخفاضات الأخيرة، لا يزال محللو وول ستريت يحافظون على نظرة إيجابية بشكل عام تجاه آفاق إنفيديا. يتوقع المحلل جون فينه من KeyBanc أن تعلن إنفيديا عن نتائج قوية للربع الثالث، وأن تقدم توجيهات أعلى للربع الرابع. وقد حافظ فينه على تصنيف “وزن زائد” (Overweight) للسهم، مع سعر مستهدف يبلغ 250 دولارًا. يعتقد فينه أن الشحنات المتزايدة لأجهزة Blackwell Ultra من إنفيديا ستكون الدافع الرئيسي للنمو، مشيرًا أيضًا إلى أن الشركة تعمل على زيادة إنتاج رقائق Hopper الأقدم.
قد تشير الزيادة في إنتاج رقائق Hopper إلى أن إنفيديا قد تستأنف شحناتها إلى الصين، وهو أمر لم تعلق عليه الشركة رسميًا. تجدر الإشارة إلى أن إنفيديا كانت قد صرحت سابقًا بأنها لا تفترض أي إيرادات من الصين، في ظل سياسات بكين التي تثني الشركات المحلية عن استخدام الأجهزة الأمريكية. هذا التطور المحتمل يمكن أن يكون له تأثير كبير على إيرادات الشركة ومركزها في السوق العالمية.
صراع إنفيديا مع قيود التصدير والصين: لعبة شد الحبل الجيوسياسية
يستمر النقاش المحتدم حول صادرات رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة، حيث تدعم شركات عملاقة مثل مايكروسوفت وأمازون تشريعًا مقترحًا يطالب شركات الرقائق بإعطاء الأولوية للطلب الأمريكي قبل إرسال المنتجات إلى الصين والدول الأخرى الخاضعة للحظر. ومع ذلك، تعارض إنفيديا هذه السياسة بشدة، وقد ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال معارضتها لهذه المتطلبات المقترحة.
في تصريح لصحيفة بارونز يوم الجمعة، قال متحدث باسم إنفيديا إن الشركة لا تبيع منتجات مقيدة “لخصوم” على حساب الشركات الأمريكية. وأضاف المتحدث: “المبيعات للعملاء المعتمدين في جميع أنحاء العالم لا تحرم العملاء الأمريكيين من أي شيء – بل في الواقع توسع السوق للعديد من الشركات والصناعات الأمريكية.” وانتقد المتحدث ما وصفه بـ “الأخبار الكاذبة” التي تُقدم للكونجرس حول توريد الرقائق.
تزعم إنفيديا أن السياسة المقترحة ستلغي “خطة عمل الذكاء الاصطناعي” التي وضعها الرئيس السابق دونالد ترامب، وأنها ستُفقد أمريكا فرصتها للريادة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي والحوسبة. تواجه إنفيديا تحديات متعددة على الرغم من هيمنتها على سوق الذكاء الاصطناعي، حيث من المتوقع أن تؤدي قيود التصدير الأمريكية والمنافسة المحلية المتزايدة من شركات مثل هواوي (Huawei) إلى انخفاض حصتها السوقية في رقائق الذكاء الاصطناعي في الصين.
تحديات المنافسة في سوق الرقائق: عمالقة التكنولوجيا يصنعون رقائقهم الخاصة
ليس فقط القيود الحكومية هي ما يهدد هيمنة إنفيديا، بل إن كبار مزودي الخدمات السحابية، بما في ذلك جوجل (Google) وأمازون (Amazon) وميتا (Meta)، يقومون بشكل متزايد بإنشاء رقائق الذكاء الاصطناعي المخصصة الخاصة بهم. تهدف وحدات معالجة البيانات (TPUs) من جوجل، مثل Ironwood، إلى تقليل الاعتماد على إنفيديا وتحسين الأداء لأعباء عمل معينة.
بالإضافة إلى ذلك، تكتسب سلسلة Instinct MI300X من AMD ومعالج Gaudi 3 من إنتل (Intel) زخمًا في مسرعات الذكاء الاصطناعي. وقد صرحت AMD مؤخرًا بأنها تتوقع أن يبلغ متوسط نمو إيراداتها أكثر من 35% على مدى السنوات الثلاث إلى الخمس القادمة، مما يشير إلى منافسة شرسة ومتصاعدة في هذا القطاع الحيوي.
التاريخ المتقلب لأسهم إنفيديا: هل يعيد التاريخ نفسه؟
على الرغم من هيمنتها الحالية على الذكاء الاصطناعي، إلا أن سهم إنفيديا ليس غريبًا على التقلبات الشديدة. فقد انخفض سهم الشركة بأكثر من 30% خلال أقل من شهرين في ثماني مناسبات منفصلة عبر سنوات مختلفة. شهد السهم تراجعًا بنسبة 85% خلال الأزمة المالية العالمية، وانخفاضًا بنسبة 68% خلال أزمة فقاعة الدوت كوم. هذا التاريخ يذكر المستثمرين بالمخاطر الكامنة في الاستثمار في أسهم التكنولوجيا عالية النمو، حتى لو كانت الشركة في موقع قيادي.
النمو المالي والربحية على الرغم من التحديات
على الرغم من التحديات والمخاطر المذكورة، أظهرت إنفيديا نموًا قويًا في الإيرادات بنسبة 71.6% على مدار الاثني عشر شهرًا الماضية. كما تحافظ الشركة على هامش تدفق نقدي حر يبلغ 43.6% وهامش تشغيل بنسبة 58.1%. تشير هذه الأرقام إلى أن إنفيديا لا تزال تتمتع بأساس مالي قوي وقدرة على تحقيق الأرباح، مما قد يساعدها في تجاوز التقلبات الحالية والمستقبلية في السوق.
إن قدرة إنفيديا على الابتكار وقيادتها لسوق رقائق الذكاء الاصطناعي تظل نقطة قوة رئيسية. فمع استمرار الطلب المتزايد على حلول الذكاء الاصطناعي في مختلف الصناعات، تظل إنفيديا في وضع يسمح لها بالاستفادة من هذا النمو، شريطة أن تتمكن من التكيف مع المشهد الجيوسياسي المتغير والتنافس المتزايد. تقرير الأرباح القادم سيكون حاسمًا في تحديد مسار السهم على المدى القريب، وسيراقب المستثمرون عن كثب أي إشارات حول استراتيجية الشركة للتعامل مع هذه التحديات.
في الختام، بينما يمر سهم إنفيديا بفترة من الضغط، فإن الصورة الكبيرة للشركة لا تزال معقدة ولكنها واعدة. إنها شركة في طليعة ثورة الذكاء الاصطناعي، ولكنها تواجه رياحًا معاكسة كبيرة من السياسات الحكومية والمنافسة الشديدة. كيف ستتعامل إنفيديا مع هذه التحديات سيكون له تأثير كبير على قيمتها السوقية ومستقبلها في المشهد التكنولوجي العالمي.
