تفكك “ين كاري تريد” وتأثيره على البيتكوين: هل ينتهي خدعة المال اللانهائي؟
في عالم مليء بالترابط الاقتصادي، قد تبدو بعض المفاهيم المالية معقدة ومبهمة، ولكن تأثيرها يمكن أن يهز الأسواق العالمية بأسرها. أحد هذه المفاهيم هو “ين كاري تريد” (Yen Carry Trade)، الذي وصفه اليوتيوبر الشهير غراهام ستيفان مؤخرًا بأنه “خدعة المال اللانهائي” لوول ستريت، مشيرًا إلى أن هذه الخدعة توشك على الانهيار. فما هو هذا التداول، وماذا يعني تفككه بالنسبة للبيتكوين وأسواق العملات المشفرة؟
ما هو “ين كاري تريد”؟
لعدة عقود، كان “ين كاري تريد” محركًا سريًا للسيولة العالمية، وقد ساهم في تحريك تريليونات الدولارات. كانت آلياته بسيطة للغاية لدرجة أن طفلًا يمكن أن يفهمها، ولكنها مربحة بما يكفي لجذب كبار المستثمرين. إليك الخطوات الأساسية:
- الاقتراض الرخيص: كان المستثمرون يقترضون الأموال من اليابان، حيث كانت أسعار الفائدة فعليًا عند 0%.
- الاستثمار في الخارج: كانوا يأخذون هذا “المال المجاني” ويشترون به أصولًا أمريكية ذات عائد أعلى، مثل سندات الخزانة الأمريكية التي كانت تدفع 4-5%.
- جني الأرباح: كانوا يحتفظون بالفرق كأرباح صافية دون استخدام أي من أموالهم الخاصة.
هذه الاستراتيجية سمحت للمستثمرين بجني أرباح هائلة من فرق أسعار الفائدة بين اليابان والولايات المتحدة، مما أدى إلى تدفق مستمر للأموال إلى الأسواق الأمريكية والعالمية.
لماذا يتفكك الآن؟
بحسب غراهام ستيفان، فإن هذا التداول يتحول إلى وضع سام عندما يتقلص الفارق في أسعار الفائدة وتتحرك العملة في الاتجاه الخاطئ. وتوقيت هذا التفكك يعتبر حرجًا بشكل خاص للأصول الخطرة، حيث تتزامن اليابان في تشديد سياستها لدعم الين مع تخفيف الاحتياطي الفيدرالي لسياسته النقدية.
يقول ستيفان: “اليابان ترفع أسعار الفائدة أخيرًا لإنقاذ عملتها في الوقت الذي بدأ فيه الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة. الفجوة بين الأسعار تتقلص. ‘المال المجاني’ لم يعد مجانيًا.”
عندما تصبح تكلفة التمويل أكثر تكلفة وتتحول العملة، فإن المراكز ذات الرافعة المالية لا تحصل على نافذة نقاش طويلة، بل يتم إغلاقها قسرًا. هذا يعني أن المستثمرين يضطرون الآن لبيع أصولهم الأمريكية لسداد قروض الين الخاصة بهم. بدلًا من تدفق الأموال إلى الأسواق الأمريكية، يتم سحبها لسداد الديون في طوكيو، مما يخلق “نزيف سيولة هائلًا يحدث تحت أنوفنا”.
ماذا يعني تفكك “ين كاري تريد” بالنسبة للبيتكوين؟
رؤية ستيفان للبيتكوين ليست أن “البيتكوين قد انهار”، بل أن البيتكوين هو المكان الذي تظهر فيه شهية المخاطرة والرافعة المالية مبكرًا، وحيث يمكن أن يبدو البيع القسري وحشيًا عندما يحدث. بعبارة أخرى، عندما تتراجع السيولة ويضطر المستثمرون إلى تصفية مراكزهم، فإن الأصول الأكثر تقلبًا مثل البيتكوين تكون عرضة لضغوط بيع شديدة.
لكن هذا ليس الجزء الوحيد من القصة. يرى ستيفان أن البيتكوين يقع بين قوتين لا تتحركان بالضرورة في نفس الإطار الزمني: اندفاع قوي محتمل لإلغاء الرافعة المالية من تفكك تداولات الـ “كاري”، واندفاع أبطأ للتيسير النقدي إذا تراجعت شروط السياسة. يمكن للأول أن يضرب السعر بعنف في نافذة قصيرة؛ بينما قد يستغرق الأخير وقتًا للتعبير عن نفسه بوضوح.
دور الاحتياطي الفيدرالي: عودة طباعة الأموال؟
أشار ستيفان أيضًا إلى دور الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، مدعيًا أن البنك المركزي قد خفض أسعار الفائدة “للمرة الثالثة هذا العام” وأنه “أنهى رسميًا ‘التشديد الكمي’ ويعود بهدوء نحو طباعة الأموال”. ويضيف أن الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة “بدون أي بيانات تضخم على الإطلاق” بسبب اضطرابات متعلقة بالإغلاق. كما فسر سياسة الميزانية العمومية بشكل خاص:
“أخيرًا، أهم خبر في اليوم: التشديد الكمي (QT) قد انتهى… حتى أنهم أعلنوا أنهم سيشترون 40 مليار دولار من سندات الخزانة على مدى الثلاثين يومًا القادمة. عصر التشديد قد مات. عصر ‘التحفيز’ يتم إعادة تشغيله الآن، وآلة طباعة الأموال يتم تشغيلها.”
هذا يعني أننا قد نكون على شفا دورة جديدة من التيسير النقدي، والتي يمكن أن تكون إيجابية على المدى الطويل للأصول مثل البيتكوين، ولكن ليس قبل أن يمر السوق بمرحلة من التقلبات بسبب تفكك “ين كاري تريد”.
البيتكوين: تقلب طبيعي ومنطقة شراء قوية
ختم ستيفان بالقول إن “البيتكوين لم ينكسر. إنه متقلب فقط، وهذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها هذا. إحصائيًا، شهد البيتكوين انهيارات جذرية بنسبة 50% أو أكثر، لكنه لم ينخفض أبدًا دون ‘تكلفته الكهربائية’ (تكلفة تعدين عملة واحدة)، والتي تبلغ حوالي 71,000 دولار اليوم. إذا اقتربنا من هذا الرقم، يشير التاريخ إلى أنها منطقة شراء قوية.”
في وقت كتابة هذا التقرير، تم تداول البيتكوين عند 87,082 دولارًا. هذه النقطة تشير إلى أن التقلبات جزء طبيعي من سوق العملات المشفرة، وأن هناك مستويات دعم تاريخية يمكن أن تكون مناطق جذب للمستثمرين على المدى الطويل.
خاتمة
إن تفكك “ين كاري تريد” يمثل حدثًا ماليًا هامًا له تداعيات واسعة على الأسواق العالمية، بما في ذلك البيتكوين. بينما قد يؤدي سحب السيولة إلى تقلبات على المدى القصير، فإن التحول المحتمل في سياسة الاحتياطي الفيدرالي نحو التيسير يمكن أن يوفر دفعة على المدى الطويل. على المستثمرين أن يظلوا يقظين وأن يفهموا هذه القوى المتعارضة التي تشكل المشهد الحالي للعملات المشفرة.
هل أنت مستعد لمواجهة التقلبات القادمة في سوق العملات المشفرة؟ شاركنا رأيك في التعليقات!
