“`html
أغلب مستخدمي العملات المشفرة يبدأون بعملات الميم قبل توسيع محافظهم: تقرير جيميني
شهد عالم العملات المشفرة خلال العام الماضي ظاهرة ملفتة تمثلت في الصعود السريع لعملات الميم (Meme Coins). هذه الأصول الرقمية، التي غالبًا ما تبدأ كنكات أو إشارات ثقافية من الإنترنت، استحوذت على اهتمام واسع، ليس فقط بسبب طبيعتها الفيروسية، بل أيضًا بسبب حجم التداول الهائل الذي حققته والعوائد التي وصلت في بعض الأحيان إلى آلاف بالمائة في غضون ساعات قليلة. على الرغم من الجدل الكبير المحيط بها ومخاطرها العالية، يبدو أن عملات الميم تلعب دورًا غير متوقع في جذب وافدين جدد إلى عالم الأصول الرقمية المعقد.
عملات الميم تحفز مشاركة أوسع في عالم الكريبتو
وفقًا لأحدث تقرير صادر عن منصة تداول العملات المشفرة جيميني (Gemini)، التي يقودها التوأمان وينكليفوس (Winklevoss)، والذي يحمل عنوان “حالة الكريبتو” (State of Crypto)، فإن عملات الميم تشجع بالفعل القادمين الجدد على استكشاف صناعة الأصول الرقمية. توصل التقرير إلى هذه النتيجة بعد إجراء مسح شمل 7,205 مستهلكين في ست دول رئيسية: الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، فرنسا، إيطاليا، سنغافورة، وأستراليا، بواقع ما يقرب من 1,200 مستهلك من كل دولة.
النتائج كانت مذهلة، حيث أظهرت أن الغالبية العظمى من حاملي عملات الميم، والتي بلغت نسبة مذهلة قدرها 94%، يمتلكون أيضًا أنواعًا أخرى من العملات المشفرة. تشير هذه النسبة القوية إلى أن عملات الميم تعمل كجسر حقيقي يربط المستخدمين الجدد بالنظام البيئي الأوسع للعملات المشفرة. يبدو أن العديد من المستخدمين يبدأون رحلتهم الاستثمارية بهذه الرموز ذات الطبيعة الفيروسية قبل التوسع في أنواع أخرى من الأصول الرقمية مثل البيتكوين والإيثيريوم وغيرها.
لفهم هذا الاتجاه بشكل أعمق، نظر التقرير إلى نسبة المستثمرين الذين بدأوا استثماراتهم في الكريبتو بعملات الميم قبل الانتقال إلى أصول أخرى. على سبيل المثال، صرح 31% من المستثمرين في الولايات المتحدة الذين يمتلكون كلاً من عملات الميم والعملات المشفرة التقليدية أن عملات الميم كانت أول عملية شراء لهم في عالم الكريبتو. ينعكس هذا الاتجاه بشكل مشابه في دول أخرى، حيث جاءت أستراليا والمملكة المتحدة في المرتبة الثانية بنسبة 28% لكل منهما، تليهما سنغافورة بنسبة 23%، ثم إيطاليا بنسبة 22%، وأخيرًا فرنسا بنسبة 19%.
من المثير للاهتمام أيضًا النظر إلى معدلات ملكية عملات الميم بشكل عام عبر الدول التي شملها الاستطلاع. تتصدر فرنسا قائمة الدول من حيث ملكية عملات الميم، حيث صرح 67% من مستثمري الكريبتو فيها بأنهم يمتلكون عملة ميم واحدة على الأقل. يستمر هذا الاتجاه في مناطق أخرى، حيث بلغت النسبة في سنغافورة 59%، وإيطاليا 58%، والمملكة المتحدة 57%، والولايات المتحدة 55%، وأستراليا 45%.
تشير هذه الأرقام بوضوح إلى أن عملات الميم ليست مجرد ظاهرة عابرة أو استثمار متخصص للنخبة، بل أصبحت جزءًا لا يتجزأ من محافظ العديد من مستثمري العملات المشفرة حول العالم. إن سهولة الوصول إليها، وسعرها المنخفض نسبيًا مقارنة بالعملات الرئيسية، وقصص النجاح الفيروسية التي تنتشر حولها، تجعلها نقطة جذب طبيعية للمبتدئين الذين يرغبون في دخول سوق الكريبتو دون استثمار مبالغ كبيرة في البداية.
أوروبا تقود ملكية الكريبتو وتأثير السياسات الأمريكية يمتد عالمياً
بالنظر إلى الصورة الأوسع، أظهر تقرير جيميني أن ملكية العملات المشفرة قد نمت بشكل مطرد عبر مناطق متعددة في أعقاب تراجع السوق الذي شهدناه في عام 2022. سجلت أوروبا على وجه الخصوص ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات تبني الكريبتو. في عام 2025، قال 24% من المشاركين في الاستطلاع في المملكة المتحدة إنهم يمتلكون عملات مشفرة، وهي زيادة ملحوظة عن نسبة 18% التي تم تسجيلها في عام 2024.
شهدت فرنسا ارتفاعًا مشابهًا، حيث زادت نسبة ملكية الكريبتو إلى 21%، مقارنة بـ 18% في العام السابق. يعزو المحللون هذا النمو جزئيًا إلى المناخ التنظيمي الأكثر ملاءمة في أوروبا، والذي يتم دفعه من خلال التطبيق التدريجي لإطار عمل الاتحاد الأوروبي للأسواق في الأصول المشفرة (MiCA) على مدار العامين الماضيين. يوفر إطار MiCA وضوحًا قانونيًا وتنظيميًا للشركات والمستثمرين في قطاع الكريبتو، مما يعزز الثقة ويشجع على المزيد من التبني والاستثمار في المنطقة.
من بين جميع الدول التي شملها المسح، سجلت سنغافورة أعلى معدل لملكية الكريبتو، حيث أفاد 28% من المشاركين فيها بأنهم يمتلكون أصولًا رقمية. تشتهر سنغافورة ببيئتها التنظيمية المواتية للابتكار والتكنولوجيا المالية، مما جعلها مركزًا رئيسيًا للأعمال المتعلقة بالكريبتو في آسيا.
في الولايات المتحدة، تلعب السياسات الأخيرة المؤيدة للكريبتو التي تبناها الرئيس دونالد ترامب دورًا في التأثير على الرأي العام والمشاعر تجاه الأصول الرقمية. بعد التعهد بدعم الأصول الرقمية خلال حملته الانتخابية، اتخذ ترامب عدة خطوات تعتبر إيجابية من قبل مجتمع الكريبتو. شملت هذه الخطوات إطلاق ما أسماه “احتياطي البيتكوين الاستراتيجي” (Strategic Bitcoin Reserve)، وإعادة هيكلة هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) نحو موقف أكثر توجهًا نحو الابتكار، ودعم التشريعات التي تهدف إلى تنظيم العملات المستقرة والأسواق الأوسع للعملات المشفرة. تهدف هذه الإجراءات إلى توفير إطار عمل أكثر وضوحًا وتنظيمًا للقطاع، مما يمكن أن يقلل من حالة عدم اليقين ويشجع على الاستثمار.
بالإضافة إلى هذه التطورات السياسية، أطلق ترامب أيضًا عملة ميم تحمل علامته التجارية (Trump-branded meme coin)، والتي وصلت قيمتها السوقية إلى ما يقرب من 3 مليارات دولار هذا الشهر. هذه الخطوة، سواء كانت مدفوعة بدوافع سياسية أو مالية، سلطت الضوء بشكل كبير على عملات الميم وربطتها بشخصية سياسية بارزة، مما زاد من visibility والحديث حول هذا النوع من الأصول.
يبدو أن هذه التطورات مجتمعة تعزز الثقة بين المستثمرين المحتملين. وفقًا للتقرير، قال ما يقرب من 23% من غير مالكي العملات المشفرة في الولايات المتحدة إن الإعلان عن “احتياطي البيتكوين الاستراتيجي” جعلهم أكثر ثقة في قيمة الكريبتو وإمكاناته كأصل استثماري.
لم يقتصر تأثير مبادرات ترامب على الولايات المتحدة فقط، بل امتد ليشكل ما يمكن وصفه بـ “تأثير الدومينو” الدولي على المواقف تجاه الاستثمار في الأصول الرقمية. أظهر التقرير أن 21% من غير مالكي العملات المشفرة في المملكة المتحدة و 19% في سنغافورة عبروا عن شعور مماثل بالثقة المتزايدة تجاه الكريبتو نتيجة لتلك التطورات في الولايات المتحدة. يشير هذا إلى أن السياسات التي يتم تبنيها في الاقتصادات الكبرى يمكن أن يكون لها تأثير كبير على المشاعر العامة وسلوك المستثمرين في مناطق أخرى من العالم.
في الختام، يؤكد تقرير جيميني على الدور المتزايد الذي تلعبه عملات الميم كنقطة دخول أولى للعديد من المستخدمين الجدد إلى عالم العملات المشفرة، رغم طبيعتها المتقلبة والمحفوفة بالمخاطر. كما يسلط الضوء على النمو المستمر في ملكية الكريبتو عالميًا، مدفوعًا بعوامل تنظيمية مواتية في مناطق مثل أوروبا، وتأثيرات سياسية واضحة في دول مثل الولايات المتحدة. هذه الديناميكيات المعقدة تشكل المشهد الحالي والمستقبلي لسوق الأصول الرقمية.
إن فهم هذه الاتجاهات أمر بالغ الأهمية لكل من المستثمرين الجدد وذوي الخبرة، وكذلك للجهات التنظيمية. فبينما توفر عملات الميم مسارًا سهلاً للوصول، يجب ألا يغفل المستخدمون عن المخاطر الكبيرة المرتبطة بها. وفي المقابل، يوفر النمو في التبني والوضوح التنظيمي المتزايد أساسًا أقوى لتطور الصناعة على المدى الطويل.
تقرير جيميني يقدم رؤية قيمة حول سلوك المستهلكين والمستثمرين في سوق العملات المشفرة المتغير باستمرار. إن حقيقة أن غالبية حاملي عملات الميم يتوسعون في محافظهم لتشمل أصولًا أخرى تؤكد أن هذه العملات قد تكون أكثر من مجرد ظاهرة قصيرة الأجل؛ قد تكون بداية رحلة استثمارية أطول وأكثر تنوعًا في عالم الأصول الرقمية.
تأثير السياسات الحكومية والشخصيات العامة، مثل مبادرات دونالد ترامب، يوضح أيضًا كيف يمكن للعوامل الخارجية غير المرتبطة مباشرة بالتكنولوجيا الأساسية أن تؤثر بشكل كبير على ثقة السوق وتبني المستخدمين. مع استمرار تطور الإطار التنظيمي وتزايد الوعي العام، من المرجح أن نشهد المزيد من التغيرات في كيفية تفاعل المستخدمين مع العملات المشفرة، ودور الأصول المختلفة، بما في ذلك عملات الميم، في هذا المشهد المتطور.
بناءً على ما ورد في التقرير، يمكن القول إن عملات الميم، رغم كل التحفظات، قد نجحت في اختراق حاجز الدخول إلى عالم الكريبتو للكثيرين. إنها دليل على قوة المجتمع والانتشار الفيروسي في العصر الرقمي. ومع ذلك، يظل التثقيف حول المخاطر وكيفية بناء محفظة متنوعة أمرًا حيويًا لأي شخص يبدأ رحلته في هذا الفضاء المثير والمتغير باستمرار.
إن الاستمرار في مراقبة التقارير والأبحاث مثل تلك الصادرة عن جيميني سيوفر رؤى قيمة حول الاتجاهات الناشئة وتغيرات سلوك المستثمرين، مما يساعد الأفراد والمؤسسات على اتخاذ قرارات مستنيرة في سوق العملات المشفرة الذي لا يتوقف عن التطور.
“`