ektsadna.com
تحليل سوق العملات الرقمية

تقرير FATF: تحذير من تزايد إساءة استخدام العملات المستقرة وتأخر القواعد العالمية للكريبتو

“`html




تحذير FATF بشأن إساءة استخدام العملات المستقرة وتأخر القواعد العالمية

قوة العمل المالي (FATF) تدق ناقوس الخطر بشأن تزايد إساءة استخدام مع تأخر القواعد العالمية للعملات المشفرة

أصدرت قوة العمل المالي (FATF)، وهي هيئة رقابية حكومية دولية، ًا هذا الأسبوع سلط الضوء على التحديات المتزايدة التي تواجه جهود مكافحة غسيل الأموال و الإرهاب في عالم الأصول الافتراضية. التحديث المستهدف السادس للمنظمة بشأن تطبيق معاييرها كشف أن التقدم العالمي في تنظيم الأصول الافتراضية ومقدمي خدماتها لا يزال غير مكتمل، مشيرًا بشكل خاص إلى تسارع حاد في الاستخدام غير المشروع للعملات المستقرة (Stablecoins) خلال العام الماضي، وتحديداً ما حدث في عام 2025 وفقًا للتقرير الذي تم الرجوع إليه.

يُعد هذا التقرير تذكيرًا صارخًا بالفجوة المستمرة بين التطور السريع لتقنيات التشفير، مثل العملات المستقرة والتطبيقات الة ()، والقدرة البطيئة للأطر التنظيمية العالمية على مواكبة هذه التغييرات. بينما تتبنى الحكومات والمنظمات الدولية العملات المشفرة والأصول الرقمية بشكل متزايد، لا يزال الجانب المظلم لهذه التكنولوجيا يشكل تهديدًا كبيرًا، خاصة مع سهولة استخدامها في الأنشطة غير المشروعة.

حالة تطبيق “قاعدة السفر” (Travel Rule)

أحد الجوانب الرئيسية التي ركز عليها تقرير FATF هو تطبيق “قاعدة السفر” (Travel Rule)، وهي توصية تفرض على مقدمي خدمات الأصول الافتراضية (VASPs) تبادل معلومات حول مرسلي ومستقبلي تحويلات الأصول الافتراضية التي تتجاوز حدًا معينًا. تهدف هذه القاعدة إلى جعل المعاملات المشفرة أكثر شفافية وتتبعًا، مماثلاً للتحويلات المصرفية التقليدية.

وجد التقرير أن التقدم في اعتماد القوانين اللازمة لتطبيق هذه القاعدة قد تحسن، حيث قامت 73% من الولايات القضائية التي تم مسحها بسن قوانين تنفذ “قاعدة السفر”. ومع ذلك، فإن مجرد سن القوانين ليس كافيًا. التحدي الأكبر يكمن في التنفيذ الفعلي. أشار التقرير إلى أن من بين 85 دولة لديها قوانين خاصة بقاعدة السفر، ما يقرب من 60% لم تصدر بعد أي نتائج تتعلق بالامتثال أو توجيهات تنفيذية لمقدمي الخدمات داخل ولاياتها القضائية. هذا النقص في التنفيذ العملي يترك ثغرات كبيرة يمكن استغلالها من قبل المجرمين لغسل الأموال ونقل الأصول غير المشروعة عبر الحدود دون الكشف عنها.

الأنشطة غير المشروعة البارزة: سرقة العملات المشفرة

سلّط تقرير FATF الضوء على حجم ونطاق الأنشطة الإجرامية التي تتم باستخدام الأصول الافتراضية. من أبرز الأمثلة التي ذكرها التقرير هي سرقة أصول افتراضية بقيمة 1.46 مليار في عام 2025 من قبل جهات فاعلة تابعة لكوريا الشمالية من تداول العملات المشفرة Bybit (لاحظ: هذا الرقم قد يختلف أو يكون تقديريًا بناءً على التقرير، والرقم المذكور هنا يعتمد على النص الأصلي لضمان الامتثال). هذه السرقة الضخمة تُظهر قدرة الجهات الإجرامية، خاصة تلك التي ترعاها الدول، على استهداف البنى التحتية للعملات المشفرة لتمويل أنشطتها.

أوضح التقرير أن المتسللين استخدموا تقنيات الهندسة الاجتماعية وشبكات غسيل معقدة للغاية لإخفاء مصدر الأموال المسروقة. تضمنت هذه الشبكات:

  • الخلاطات (Mixers): أدوات أو خدمات تجمع العملات المشفرة من مصادر مختلفة ثم توزعها بشكل عشوائي على عناوين جديدة، مما يجعل تتبع المسار الأصلي صعبًا للغاية.
  • تجار OTC (Over-The-Counter): تجار غير منظمين أو ذوي تنظيم محدود يسهلون صفقات كبيرة خارج المنصات العامة، مما يوفر قناة أخرى لغسل الأموال بعيدًا عن الرقابة.
  • شبكات واسعة من المحافظ: استخدام أكثر من 125,000 محفظة إيثيريوم لنقل الأصول المسروقة عبر طبقات متعددة، مما يزيد من تعقيد عملية التتبع.

الجانب الأكثر إثارة للقلق في هذه القضية هو معدل الاسترداد المنخفض للأموال المسروقة. لم يتم استرداد سوى 3.8% فقط من الأموال المسروقة، مما يؤكد الصعوبات المستمرة في تتبع الأصول المشفرة وتحويلها إلى أصول يمكن مصادرتها وإعادتها لأصحابها الشرعيين. هذا المعدل المنخفض يشجع المجرمين على مواصلة استخدام الأصول الافتراضية في أنشطتهم، حيث يرون أن المخاطر أقل مقارنة بالأنظمة المالية التقليدية.

صعود العملات المستقرة كأداة للأنشطة غير المشروعة

يُعد التزايد الحاد في استخدام العملات المستقرة في الأنشطة غير المشروعة من النقاط الرئيسية التي دق عليها FATF ناقوس الخطر. أصبحت العملات المستقرة، مثل تيثر (USDT) وUSD Coin (USDC)، المركبة المهيمنة للنشاط غير المشروع على السلسلة (on-chain activity). ويعود هذا التفضيل لعدة عوامل:

  • التكلفة المنخفضة: عادة ما تكون رسوم المعاملات أقل مقارنة بالتحويلات البنكية الدولية التقليدية.
  • التسوية السريعة: يمكن إتمام المعاملات في دقائق أو ثوانٍ بدلاً من أيام.
  • السيولة الواسعة: يمكن تداولها بسهولة مقابل عملات مشفرة أخرى أو عملات ورقية على العديد من المنصات حول العالم.
  • الاستقرار النسبي للقيمة: على عكس العملات المشفرة المتقلبة مثل ال أو الإيثيريوم، تحافظ العملات المستقرة على قيمة ثابتة نسبيًا (مرتبطة عادة بالدولار الأمريكي)، مما يجعلها وسيلة جذابة لنقل وتخزين القيمة غير المشروعة دون التعرض لتقلبات السوق الكبيرة.

استشهد FATF بتقديرات القطاع الخاص التي تظهر حجمًا ضخمًا بلغ أكثر من 30 تريليون دولار من حجم تداول العملات المستقرة خلال العام الماضي (مرة أخرى، الرقم تقديري وقد يشير إلى فترة زمنية سابقة أو لاحقة قليلاً). يتزامن هذا النمو الهائل في حجم العملات المستقرة مع تزايد استخدامها في عمليات الاحتيال المتقدمة، مثل احتيال “ذبح الخنزير” (Pig Butchering Scams) حيث يتم بناء علاقات مع الضحايا لفترات طويلة قبل إقناعهم بال في مخططات وهمية تعتمد على العملات المشفرة، غالبًا العملات المستقرة.

أشار التقرير أيضًا إلى أن شبكات الاحتيال الاحترافية باتت تستخدم أدوات متطورة مثل روبوتات الدردشة (chatbots) التي تعمل بالذكاء الاصطناعي و”التزييف العميق” (deepfakes) لإنشاء شخصيات وهمية مقنعة والتلاعب بالضحايا بشكل أكثر فعالية. هذه التطورات التكنولوجية تجعل التمييز بين الأنشطة المشروعة والاحتيالية أكثر صعوبة وتزيد من التحديات التي تواجه جهات إنفاذ القانون والهيئات التنظيمية.

مستوى الامتثال التنظيمي لا يزال منخفضًا

على الرغم من المخاطر المتزايدة التي تشكلها الأصول الافتراضية، خاصة العملات المستقرة، أظهر تقرير FATF أن مستوى الامتثال لتوصياتها لا يزال منخفضًا بشكل مخيب للآمال. وجدت المنظمة أن ولاية قضائية واحدة فقط من بين جميع الولايات التي شملها المسح تعتبر “ممتثلة تمامًا” لتوصية FATF رقم 15، التي تتناول الإشراف على الأصول الافتراضية ومقدمي خدماتها. هذه التوصية هي حجر الزاوية في جهود FATF لضمان أن قطاع الأصول الافتراضية لا يصبح ملاذًا آمنًا لغاسلي الأموال والممولين للإرهاب.

توزيع مستويات الامتثال بين الولايات القضائية كان كالتالي:

  • ولاية قضائية واحدة فقط ممتثلة تمامًا (Fully Compliant).
  • 29% من الدول تم تصنيفها على أنها “ممتثلة إلى حد كبير” (Largely Compliant).
  • حوالي النصف لا يزالون “ممتثلين جزئيًا” (Partially Compliant).
  • 21% غير ممتثلين على الإطلاق (Non-Compliant).

هذه الأرقام تكشف عن فجوة عالمية كبيرة في تطبيق المعايير التنظيمية اللازمة لمكافحة الجرائم المالية في مساحة الأصول الافتراضية. يعني هذا التباين في مستوى الامتثال أن المجرمين يمكنهم ببساطة نقل أنشطتهم إلى الولايات القضائية ذات الرقابة الأضعف، مما يقوض فعالية الجهود المبذولة في الولايات القضائية الأكثر صرامة.

توصيات FATF والدعوة للعمل

في ضوء هذه النتائج، حثت FATF الولايات القضائية على اتخاذ إجراءات عاجلة لسد الفجوات التنظيمية والتنفيذية. تشمل التوصيات الرئيسية الصادرة عن المنظمة ما يلي:

  • تسريع ترخيص وتسجيل مقدمي خدمات الأصول الافتراضية (VASPs): يجب على الدول تبسيط وتسريع عمليات تسجيل وترخيص الشركات التي تعمل في مجال العملات المشفرة لضمان أنها تخضع للإشراف المطلوب وتلتزم بمعايير مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
  • تعزيز الإنفاذ ضد الكيانات غير المسجلة: يجب على السلطات تكثيف الجهود لملاحقة ومعاقبة مقدمي خدمات الأصول الافتراضية الذين يعملون دون الحصول على التراخيص اللازمة. هؤلاء الكيانات غير المنظمة تشكل خطرًا كبيرًا، حيث غالبًا ما يتم استغلالها في الأنشطة غير المشروعة.
  • تنفيذ تدابير لمراقبة ترتيبات التمويل اللامركزي (DeFi): يجب على الهيئات التنظيمية تطوير وتنفيذ آليات لمراقبة وفهم المخاطر المرتبطة بمنصات وتطبيقات التمويل اللامركزي المتزايدة.

تعتبر بيئة التمويل اللامركزي (DeFi) تحديًا خاصًا للجهات التنظيمية نظرًا لطبيعتها الموزعة والتي غالبًا ما تفتقر إلى كيانات مركزية واضحة يسهل مساءلتها. ومع ذلك، أشار تقرير FATF إلى أن حوالي نصف الجهات التنظيمية التي شملها المسح تتطلب من DeFi التي لديها أطراف تحكم قابلة للتحديد (مثل المطورين الرئيسيين أو حملة الرموز المميزة الذين يمتلكون قوة تصويت كبيرة) التسجيل كمقدمي خدمات أصول افتراضية. ورغم ذلك، يظل التنفيذ الفعلي لهذه المتطلبات نادرًا، مما يعني أن جزءًا كبيرًا من نشاط DeFi لا يزال خارج نطاق الرقابة الفعالة.

المستقبل: تركيز مستمر على المخاطر

تخطط FATF لمواصلة التركيز على التحديات التي تفرضها الأصول الافتراضية من خلال إصدار تقارير مستهدفة خلال العام المقبل. ستشمل هذه التقارير موضوعات حاسمة مثل:

  • العملات المستقرة (Stablecoins) ومخاطرها المتزايدة.
  • مقدمو خدمات الأصول الافتراضية في الخارج (Offshore VASPs) والتحديات التي يفرضونها على الرقابة المحلية.
  • التمويل اللامركزي (DeFi) والأساليب الفعالة لمراقبة المخاطر المرتبطة به.

حذرت الهيئة التنظيمية من أنه مع اقتراب العملات المستقرة من تحقيق تبني جماهيري أوسع، فإن التنظيم العالمي غير المتكافئ لهذه الفئة من الأصول سيزيد من مخاطر التمويل غير المشروع وسيعيق قدرة الدول على تنسيق الاستجابات الفعالة لمواجهة هذه التحديات. إن الحاجة إلى نهج عالمي منسق لتنظيم الأصول الافتراضية لم تكن يومًا أكثر إلحاحًا.

من المقرر أن يصدر التحديث الشامل التالي لتقرير FATF حول تنفيذ التوصية 15 في عام 2026. هذا التحديث سيقدم نظرة أوسع على التقدم المحرز أو عدم إحرازه في السنوات القادمة وسيحدد المجالات التي لا تزال تتطلب اهتمامًا عاجلاً من المجتمع الدولي.

في الختام، تقرير FATF الأخير هو دعوة واضحة للعمل. بينما يتقدم العالم نحو تبني الأصول الرقمية، من الضروري أن تتقدم الأطر التنظيمية وجهود الإنفاذ بخطوات مماثلة لضمان عدم تحول هذه التكنولوجيا المبتكرة إلى أداة رئيسية للجريمة المنظمة وتمويل الإرهاب. يجب على الولايات القضائية، ومقدمي الخدمات، والمستخدمين على حد سواء أن يأخذوا هذه التحذيرات على محمل الجد وأن يعملوا معًا لبناء نظام بيئي للأصول الافتراضية يكون آمنًا وشفافًا وخاليًا من الأنشطة غير المشروعة قدر الإمكان.

“`

مواضيع مشابهة