“`html
هل تلوح في الأفق تقلبات للبيتكوين؟ 3 عوامل قد تحرك أسواق العملات المشفرة هذا الأسبوع
يشهد الأسبوع الحالي أجندة اقتصادية أمريكية مزدحمة للغاية، مع ترقب صدور مجموعة كبيرة من بيانات التضخم التي سيتم تحليلها وهضمها من قبل المستثمرين وصناع السياسات على حد سواء. تأتي هذه البيانات في وقت لا تزال فيه الأسواق المالية، بما في ذلك أسواق الأصول الخطرة مثل العملات المشفرة، تحاول استيعاب الإشارات المتضاربة من الاقتصاد.
الأسبوع الماضي، شهدت تقارير مؤشرات مديري المشتريات (PMI) بعض الضعف، حيث أظهرت بيانات التصنيع انكماشًا للشهر الثالث على التوالي، بينما تراجع نشاط قطاع الخدمات لأول مرة منذ 11 شهرًا. يمكن أن تشير هذه البيانات إلى بعض التباطؤ في أجزاء من الاقتصاد، وهو ما قد يكون له تأثير على توقعات التضخم وقرارات البنك الاحتياطي الفيدرالي.
من ناحية أخرى، استقرت أسواق العملات المشفرة قليلاً بعد التقلبات التي شهدتها في أعقاب الجدل الذي نشأ بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والملياردير التقني إيلون ماسك أواخر الأسبوع الماضي. هذا الجدل، رغم أنه قد يبدو هامشيًا لبعض المراقبين، إلا أنه يسلط الضوء على حساسية السوق للأخبار الفردية وتأثير الشخصيات البارزة.
ومع ذلك، فإن هذا الهدوء النسبي قد لا يستمر طويلاً، خاصة مع اقتراب موعد صدور التقارير الاقتصادية الرئيسية هذا الأسبوع. بيانات التضخم وثقة المستهلك يمكن أن تعيد الزخم والتقلب إلى الأسواق، بما في ذلك سوق العملات المشفرة.
البيانات الاقتصادية الرئيسية التي ستؤثر هذا الأسبوع
وفقًا لتعليقات من “كوبيسي ليتر” (Kobeissi Letter) ومصادر أخرى، فإن الأسبوع بين 9 و13 يونيو يحمل في طياته عدة أحداث اقتصادية ذات أهمية قصوى:
1. بيانات التضخم: مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) ومؤشر أسعار المنتجين (PPI)
تقرير مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) لشهر مايو هو الأهم هذا الأسبوع على الإطلاق، ومن المقرر إصداره يوم الأربعاء. يعتبر هذا التقرير أحد المقياسين الرئيسيين للتضخم في الولايات المتحدة، ويتم مراقبته عن كثب شديد من قبل محافظي البنوك المركزية في الاحتياطي الفيدرالي والمستثمرين في جميع فئات الأصول. تقرير CPI يعكس اتجاهات الأسعار لمجموعة واسعة من السلع والخدمات التي يستهلكها الأفراد، وبالتالي فهو يؤثر بشكل مباشر على القوة الشرائية للمستهلكين ويشكل المعنويات العامة في السوق.
يتوقع العديد من المحللين أن يؤكد تقرير CPI لشهر مايو أن ضغوط الأسعار لا تزال مرتفعة نسبياً، على الرغم من بعض علامات التباطؤ في أجزاء أخرى من الاقتصاد. يمكن أن تؤدي قراءة أعلى من المتوقع إلى تجديد المخاوف بشأن التضخم وتؤثر سلباً على شهية المخاطرة في الأسواق المالية، بما في ذلك سوق العملات المشفرة الذي يُعتبر من الأصول الأكثر حساسية لتغيرات أسعار الفائدة والتضخم.
يتبع تقرير CPI تقرير مؤشر أسعار المنتجين (PPI) لشهر مايو، الذي سيصدر يوم الخميس. يقيس PPI متوسط التغيير في أسعار البيع التي يتلقاها المنتجون المحليون لإنتاجهم. بمعنى آخر، هو يعكس تكاليف المدخلات للشركات والمصنعين. يعتبر PPI مؤشراً رائداً لضغوط التضخم المستقبلية، حيث أن زيادة تكاليف الإنتاج غالباً ما يتم تمريرها إلى المستهلكين في شكل أسعار تجزئة أعلى (مما ينعكس لاحقاً في CPI). إذا جاء تقرير PPI أعلى من المتوقع، فقد يعزز هذا التوقعات بارتفاع التضخم المستقبلي.
2. مؤشرات ثقة المستهلك وتوقعات التضخم
يوم الجمعة، سيتم إصدار القراءات الأولية لمؤشر ميشيغان لثقة المستهلكين وتوقعات التضخم لشهر يونيو. تعتبر هذه التقارير حيوية لأنها تلخص الحالة المزاجية للمستهلكين الأمريكيين وتوقعاتهم الاقتصادية، خاصة فيما يتعلق بالتضخم على المدى القصير والطويل. ثقة المستهلكين لها تأثير كبير على الإنفاق الاستهلاكي، والذي يمثل جزءًا كبيرًا من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي. المستهلكون الواثقون يميلون إلى الإنفاق أكثر، مما يدعم النمو الاقتصادي.
الأهم من ذلك بالنسبة للأسواق المالية وتوقعات السياسة النقدية هو بيانات توقعات التضخم. إذا توقع المستهلكون استمرار ارتفاع الأسعار، فقد يؤثر ذلك على سلوكهم الشرائي ويجعل هذه التوقعات ذاتية التحقق. يراقب الاحتياطي الفيدرالي هذه التوقعات عن كثب كجزء من تقييمه لضغوط التضخم المستدامة. توقعات تضخم مرتفعة من المستهلكين يمكن أن تعطي الفيدرالي سبباً إضافياً للحفاظ على سياسة نقدية متشددة لفترة أطول، مما يمكن أن يثقل كاهل الأصول الخطرة.
3. محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين
إضافة إلى البيانات الاقتصادية الداخلية، من المقرر أن تبدأ الجولة التالية من المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين يوم الاثنين. يمكن أن تؤثر التطورات في العلاقات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم على المعنويات العالمية وسلاسل الإمداد، مما قد يكون له تداعيات غير مباشرة على الأسواق المالية، بما في ذلك سوق العملات المشفرة. أي تصعيد في التوترات يمكن أن يزيد من حالة عدم اليقين ويدفع المستثمرين نحو الأصول الأكثر أمانًا، بينما قد يؤدي أي تقدم نحو التوصل إلى اتفاق إلى تحسن المعنويات العامة.
الأحداث الرئيسية هذا الأسبوع: نظرة سريعة
إليك ملخص لأهم الأحداث الاقتصادية المقرر حدوثها هذا الأسبوع، والتي يمكن أن تؤثر على الأسواق:
- بيانات مؤشر الناتج المحلي الإجمالي الآن (GDPNow) من بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا – الاثنين
- بيانات التضخم لمؤشر أسعار المستهلكين (CPI) لشهر مايو – الأربعاء
- مزاد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات – الأربعاء
- بيانات التضخم لمؤشر أسعار المنتجين (PPI) لشهر مايو – الخميس
- بيانات توقعات التضخم من ميشيغان لشهر يونيو (أولية) – الجمعة
- بيانات مؤشر ثقة المستهلك من ميشيغان لشهر يونيو (أولية) – الجمعة
يمثل هذا الأسبوع الأخير الذي يشهد صدور بيانات تضخم رئيسية قبل اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) التابعة للاحتياطي الفيدرالي في يونيو. وفقًا لأداة Fed Watch الخاصة بـ CME، هناك احتمال مرتفع للغاية (99.9%) بأن تظل أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماع البنك المركزي المقرر عقده في 18 يونيو. ومع ذلك، فإن بيانات هذا الأسبوع ستلعب دورًا حاسمًا في تشكيل التوقعات بشأن مسار السياسة النقدية بعد ذلك، وتحديداً متى يمكن أن يبدأ الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة، وهو ما يمثل عاملاً حيوياً لأسواق الأصول الخطرة مثل العملات المشفرة.
نظرة على سوق العملات المشفرة الحالي
شهدت أسواق العملات المشفرة تراجعاً طفيفاً خلال الـ 24 ساعة الماضية، حيث انخفضت القيمة السوقية الإجمالية للسوق بنسبة 2% تقريباً، لتصل إلى 3.41 تريليون دولار خلال تداولات صباح يوم الاثنين بتوقيت آسيا.
بشكل عام، لا تزال الأسواق تتداول ضمن نطاق محدود بعد أن تعافت من الانخفاض الذي شهدته يوم الجمعة وحافظت على استقرارها خلال عطلة نهاية الأسبوع.
أداء البيتكوين (BTC)
البيتكوين، أكبر عملة مشفرة من حيث القيمة السوقية، تجاوز 106,000 دولار في أواخر تداولات يوم الأحد، لكنه انخفض قليلاً ليستقر حول 105,600 دولار صباح يوم الاثنين 9 يونيو. بصرف النظر عن الانخفاض السريع الذي شهدته الأسواق يوم الجمعة، بقي سعر البيتكوين محصوراً ضمن قناة تداول ضيقة نسبياً منذ نهاية شهر مايو الماضي. هذا النطاق الضيق يشير إلى حالة من الترقب وعدم اليقين بين المتداولين، حيث ينتظرون محفزاً قوياً لدفع السعر في أي من الاتجاهين. يمكن أن تكون بيانات التضخم هذا الأسبوع هي هذا المحفز.
أداء الإيثيريوم (ETH)
الإيثيريوم، ثاني أكبر عملة مشفرة، يحافظ على استقراره حول منطقة سعر 2,500 دولار. لقد فشل في اختراق مستويات المقاومة الهامة فوق 2,700 دولار في المحاولات الأخيرة، ولكنه في الوقت نفسه لم يتراجع بشكل حاد نحو مستوى الدعم النفسي عند 2,000 دولار. يشير هذا أيضاً إلى التداول ضمن نطاق، حيث يبدو أن المستثمرين ينتظرون إشارات أوضح قبل اتخاذ تحركات كبيرة. التطورات المتعلقة بترقيات شبكة إيثيريوم أو النشاط في قطاعات التمويل اللامركزي (DeFi) والرموز غير القابلة للاستبدال (NFT) يمكن أن تؤثر أيضاً على سعره، بالإضافة إلى تأثير المعنويات العامة في السوق.
أداء العملات البديلة (Altcoins)
معظم العملات البديلة (altcoins) تتداول بشكل جانبي ومسطح عموماً خلال الساعات الأخيرة. شهدت بعض العملات مكاسب طفيفة، مثل XRP و ICP، بينما استمرت بعض العملات المشفرة فئة “الميم كوينز” (memecoins) في تكبد المزيد من الخسائر بعد فترات من التقلبات العالية. عادةً ما تتبع العملات البديلة اتجاه البيتكوين والإيثيريوم، ولكنها يمكن أن تكون أكثر حساسية للتقلبات، وقد تشهد تحركات أكبر نسبياً بناءً على أخبار أو تطورات خاصة بها.
كيف يمكن أن تؤثر هذه العوامل على أسواق العملات المشفرة؟
الصلة بين البيانات الاقتصادية الكلية وأسواق العملات المشفرة أصبحت أكثر وضوحاً وقوة في السنوات الأخيرة. تُعتبر العملات المشفرة، وخاصة البيتكوين، في بعض الأحيان أصولًا خطرة مشابهة للأسهم التكنولوجية أو غيرها من الأصول ذات العائد المرتفع. لذلك، فإن العوامل التي تؤثر على شهية المخاطرة العامة في الأسواق المالية العالمية تميل إلى التأثير على أسعار العملات المشفرة.
إذا جاءت بيانات التضخم هذا الأسبوع (CPI و PPI) أعلى من التوقعات، فقد يؤدي ذلك إلى:
- زيادة التوقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يضطر إلى إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول أو حتى النظر في رفعها مستقبلاً إذا استمر التضخم في الارتفاع بشكل مقلق.
- زيادة المخاوف بشأن تآكل القوة الشرائية للمستهلكين وتأثير ذلك على النمو الاقتصادي.
- انخفاض شهية المخاطرة بين المستثمرين، مما قد يدفعهم إلى بيع الأصول الخطرة مثل العملات المشفرة والاتجاه نحو الأصول الأكثر أمانًا مثل السندات الحكومية.
على العكس من ذلك، إذا جاءت بيانات التضخم أضعف من التوقعات، أو إذا أظهرت تقارير ثقة المستهلك تباطؤاً كبيراً قد يدفع الفيدرالي إلى التفكير في التحفيز، فقد يؤدي ذلك إلى:
- زيادة التوقعات بخفض وشيك في أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
- تحسن في المعنويات العامة للمستثمرين وزيادة شهية المخاطرة.
- تدفق لرأس المال نحو الأصول الخطرة، بما في ذلك العملات المشفرة، مع سعي المستثمرين لتحقيق عوائد أعلى في بيئة أسعار فائدة منخفضة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التطورات في المحادثات التجارية الأمريكية الصينية يمكن أن تضيف طبقة أخرى من التعقيد. يمكن أن تؤدي الأخبار الإيجابية إلى تعزيز المعنويات العالمية ودعم الأصول الخطرة، بينما يمكن أن تسبب الأخبار السلبية حالة من عدم اليقين والضغط على الأسواق.
خلاصة
هذا الأسبوع يحمل في طياته إمكانية كبيرة لزيادة التقلبات في أسواق العملات المشفرة. بينما يبدو أن السوق قد استقر نسبياً بعد تقلبات الأسبوع الماضي، فإن صدور بيانات التضخم الأمريكية الهامة (CPI و PPI) وتقارير ثقة المستهلك وتوقعات التضخم يمكن أن توفر المحفزات اللازمة لتحركات سعرية كبيرة.
يجب على المستثمرين في سوق العملات المشفرة مراقبة هذه التقارير الاقتصادية عن كثب، حيث أن رد فعل الأسواق المالية التقليدية عليها يمكن أن يكون له تأثير مباشر وملموس على البيتكوين والإيثيريوم والعملات البديلة. الأسبوع المقبل قبل اجتماع الفيدرالي في يونيو سيكون حاسماً في تحديد اتجاهات السوق على المدى القصير والمتوسط.
“`