“`html
دعم تورنادو كاش: مؤسسة إيثيريوم تتعهد بمليون دولار لدفاع ستورم، وكيانات تعزز استئناف بيرتسيف
شهد مطورو تورنادو كاش (Tornado Cash)، رومان ستورم وأليكسي بيرتسيف، دعمًا متجددًا من مجتمع العملات المشفرة في قضاياهم القضائية المتعلقة بنشر الكود مفتوح المصدر وراء أداة مزج العملات المشفرة هذه. تسلط هذه التطورات الضوء على النقاش المستمر حول مسؤولية مطوري البرمجيات المفتوحة المصدر والتقاطع المعقد بين التكنولوجيا والخصوصية والقانون في العصر الرقمي.
تأتي هذه التطورات في وقت حرج لكلا المطورين، حيث يواجهان تهماً خطيرة تتعلق بتهم غسيل الأموال وتسهيلها من خلال استخدام بروتوكول تورنادو كاش. وقد أثارت قضاياهم قلقًا واسعًا في الأوساط التقنية والقانونية، خاصة فيما يتعلق بمدى مسؤولية المطورين عن الاستخدامات التي يقوم بها المستخدمون النهائيون لأدواتهم، حتى لو كانت الأدوات لا مركزية ولا يمكن السيطرة عليها بمجرد نشرها.
مؤسسة إيثيريوم تدعم دفاع رومان ستورم بقوة
في خطوة مهمة، تبرعت مؤسسة إيثيريوم (Ethereum Foundation) في 12 يونيو بمبلغ 500,000 دولار أمريكي للدفاع القانوني لرومان ستورم، أحد مطوري تورنادو كاش. وقد صرحت المؤسسة أنها ستطابق مبلغًا إضافيًا يصل إلى 750,000 دولار أمريكي من المساهمين العامين، في إشارة واضحة إلى الالتزام بدعم حقه في الدفاع، خاصة مع اقتراب موعد المحاكمة في قضية غسيل الأموال المرفوعة ضده في الولايات المتحدة.
أقر ستورم بهذا التعهد بعد دقائق على منصة X (المعروفة سابقًا بتويتر)، واصفًا الدعم بأنه حاسم و”ضروري للدفاع عن الخصوصية والحق في كتابة الكود”. هذا الالتزام الجديد من مؤسسة إيثيريوم يأتي في أعقاب منحة سابقة بقيمة 1.25 مليون دولار من شركة الاستثمار Paradigm في وقت سابق من هذا العام. وبذلك، يرتفع إجمالي الدعم الذي تلقاه ستورم من المجتمع لتمويل دفاعه القانوني إلى ما يقرب من 3 ملايين دولار أمريكي، مما يعكس حجم الدعم والتضامن داخل مجتمع العملات المشفرة والمطورين.
يبقى مطور تورنادو كاش، رومان ستورم، حاليًا بكفالة قدرها 2 مليون دولار في ولاية واشنطن. وقد اعتقله المدعون العامون في 23 أغسطس 2023، ووجهوا له تهمًا بالتآمر لغسل أكثر من مليار دولار من العملات المشفرة، بما في ذلك أموال يُزعم أنها مرتبطة بمجموعة Lazarus Group الكورية الشمالية، وهي اتهامات يرفضها ستورم وفريقه القانوني بشدة.
يُعد التاريخ المحدد لمحاكمة هيئة المحلفين في 14 يوليو 2025 محطة حاسمة في هذه القضية. يعتقد أنصار ستورم أن محاكمته ستكون سابقة قانونية بالغة الأهمية قد تؤثر على مستقبل تطوير البرمجيات مفتوحة المصدر، لا سيما تلك التي تتعلق بالخصوصية في الفضاء الرقمي.
مجموعات الدفاع عن الحقوق تتدخل في قضية استئناف أليكسي بيرتسيف
في هولندا، قدمت مجموعتان بارزتان للدفاع عن الحقوق، وهما Coin Center وصندوق تعليم التمويل اللامركزي (DeFi Education Fund)، مذكرة “صديق المحكمة” (amicus brief) لدعم استئناف أليكسي بيرتسيف، المبرمج الآخر لتورنادو كاش، ضد إدانته بتهمة غسيل الأموال. تجادل المذكرة بأن الكود الذكي غير القابل للتغيير (immutable smart contract code) هو مجرد أداة محايدة، وأن تحميل المطورين المسؤولية عن استخدامه سيؤدي إلى تجميد الابتكار في مجال المصادر المفتوحة. هذا النوع من المذكرات القانونية يقدم معلومات أو وجهات نظر غير متضمنة في المرافعات الأصلية، بهدف مساعدة المحكمة في اتخاذ قرار مستنير.
قضية بيرتسيف كانت قد حظيت بالفعل بمنحة سابقة من مؤسسة إيثيريوم بقيمة 1.25 مليون دولار في 26 فبراير، حملت نفس الرسالة التي شوهدت في حملة تمويل ستورم: “الخصوصية أمر طبيعي، وكتابة الكود ليست جريمة”. هذا التناغم في الرسالة يؤكد أن الدعم المقدم للمطورين ليس مجرد مساعدة فردية، بل هو جزء من معركة أوسع للدفاع عن مبادئ الخصوصية والابتكار.
اعتقلت السلطات الهولندية بيرتسيف في أمستردام في 10 أغسطس 2022، وذلك بعد يومين فقط من فرض وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على تورنادو كاش. تمت محاكمته في 25 و 26 مارس 2024، وحكم عليه في 14 مايو بالسجن لمدة 64 شهرًا (حوالي 5 سنوات و4 أشهر) بتهمة تسهيل غسل حوالي 1.2 مليار دولار من خلال البروتوكول. على الرغم من الحكم الصادر ضده، غادر بيرتسيف السجن ووضع تحت المراقبة الإلكترونية في 7 فبراير 2025، بينما تستمر إجراءات استئنافه أمام المحكمة في مدينة هيرتوجنبوش (s-Hertogenbosch).
جاء قرار محكمة الاستئناف الأمريكية الذي قضى بعدم إمكانية فرض عقوبات على الكود غير القابل للتغيير الخاص بعقود تورنادو كاش الذكية كـ”ملكية” ليؤدي إلى قيام مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) بإلغاء إدراج عناوين العقود الذكية لتورنادو كاش من قائمة العقوبات في 21 مارس. خفف هذا الإلغاء من القيود المفروضة على الرموز المرتبطة بتورنادو كاش (مثل رمز TORN)، وسمح للبروتوكول بالعمل جزئيًا من جديد، ولكنه لم يضع حدًا للقضايا الجنائية الموازية المرفوعة ضد المطورين، مما يؤكد التمييز القانوني بين العقوبات المفروضة على الأصول والإجراءات الجنائية ضد الأفراد.
تداعيات القضايا على مجتمع التشفير والمطورين
تعتبر قضايا رومان ستورم وأليكسي بيرتسيف محورية لمستقبل تطوير التمويل اللامركزي (DeFi) والبرمجيات المفتوحة المصدر ككل. يخشى المدافعون عن المطورين من أن تؤدي الإدانات أو حتى مجرد الملاحقات القضائية إلى ما يُعرف بـ “تأثير التجميد” (chilling effect)، حيث يصبح المطورون مترددين في بناء أدوات مبتكرة، خاصة تلك التي تعزز الخصوصية، خوفًا من تحمل المسؤولية القانونية عن كيفية استخدام الآخرين لكودهم.
يدفع فريق الدفاع عن ستورم وبيرتسيف بأن المطورين يقومون ببساطة بإنشاء ونشر أدوات محايدة تخدم أغراضًا مشروعة وغير مشروعة على حد سواء، تمامًا مثل الطرق أو شبكات الإنترنت أو العملة الورقية. ويجادلون بأن تحميل المطورين مسؤولية سوء استخدام هذه الأدوات يضع عبئًا غير معقول عليهم ويقوض المبادئ الأساسية للمصادر المفتوحة، حيث يتم بناء البرمجيات بشكل تعاوني ومجهول غالبًا، وتكون الملكية الفكرية مشتركة ومتاحة للجميع.
في المقابل، يرى المدعون العامون أن المطورين، في بعض الحالات، قد يتجاوزون دور مجرد كتاب الكود ليصبحوا مشاركين في أعمال إجرامية، خاصة إذا كانوا على دراية باستخدام البروتوكول في أنشطة غير قانونية واستمروا في دعمه أو تطويره. تعتمد القضايا على تفسيرات مختلفة للقوانين القائمة المتعلقة بغسيل الأموال على أدوات وتقنيات جديدة لم تكن موجودة عند سن هذه القوانين.
الدعم المالي والقانوني المقدم من كيانات مثل مؤسسة إيثيريوم وParadigm ومجموعات الدفاع عن الحقوق يؤكد أن مجتمع العملات المشفرة لا ينظر إلى هذه القضايا على أنها مجرد مشاكل فردية للمطورين المعنيين، بل كمعركة للدفاع عن القيم الأساسية التي يقوم عليها الفضاء اللامركزي، مثل الخصوصية والقدرة على الابتكار بحرية. تبرز هذه القضايا الحاجة الماسة لوضوح تنظيمي وقانوني أكبر يراعي الطبيعة الفريدة للبرمجيات اللامركزية والمفتوحة المصدر.
مع استمرار الدعاوى القضائية في كل من الولايات المتحدة وهولندا، يترقب المراقبون عن كثب النتائج التي يمكن أن تشكل سابقة للمسؤولية القانونية في عالم التقنية اللامركزية لسنوات قادمة. إن الدفاع عن “الحق في الكود” و”الخصوصية الطبيعية” أصبح شعارًا لهذه المعركة القانونية المستمرة.
“`