رموز NFT ترتفع في الربع الثاني رغم تراجع حجم التداول، وPENGU في المقدمة
شهد الربع الثاني من العام أداءً مذهلاً وغير متوقع في سوق العملات الرقمية، حيث برزت الرموز المرتبطة بالرموز غير القابلة للاستبدال (NFT) كأقوى القطاعات أداءً. حققت هذه الرموز مكاسب تجاوزت التوقعات، بمتوسط ارتفاع بلغ 55.4%، وذلك على الرغم من الانخفاض الملحوظ في حجم تداول رموز NFT المقوم بالدولار، والذي وصل إلى أدنى مستوياته منذ سنوات.
تُظهر البيانات الصادرة عن منصة Artemis المتخصصة في تحليلات بيانات البلوكتشين أن متوسط المكاسب التي حققتها الرموز المرتبطة بـ NFT تجاوزت بفارق كبير أداء القطاع الثاني الأفضل، وهو عملة الإيثيريوم (ETH)، التي ارتفعت بنسبة 37.2% خلال نفس الفترة. هذا الفارق، الذي يقترب من 50%، يسلط الضوء على القوة الدافعة التي ميزت هذا القطاع تحديداً في الربع الثاني.
PENGU: الرمز الذي قاد الارتفاع
يعود جزء كبير من هذا التقدم القوي الذي شهده قطاع الرموز المرتبطة بـ NFT إلى الأداء الاستثنائي لرمز PENGU التابع لمجموعة Pudgy Penguins الشهيرة. أظهرت بيانات التداول أن رمز PENGU أغلق تداولاته في 30 يونيو عند سعر 0.01476 دولار، محققاً ارتفاعاً هائلاً من أدنى مستوى وصل إليه خلال اليوم في 8 أبريل، والذي كان عند 0.00387 دولار.
يمثل هذا التحرك السعري قفزة بنحو 3.8 أضعاف خلال 83 يوماً فقط، مما يجعله أحد أبرز قصص النجاح في السوق خلال هذه الفترة. لم يكن هذا الارتفاع مجرد وميض لحظي، بل صاحبته أحجام تداول كبيرة ومستمرة.
شهدت منصة بينانس، إحدى أكبر منصات تداول العملات الرقمية في العالم، أحجام تداول يومية لرمز PENGU تتجاوز بانتظام 180 مليون دولار أمريكي مقابل USDT. تشير هذه السيولة العالية وأحجام التداول الضخمة إلى وجود شهية كبيرة للمضاربة على هذا الرمز بشكل خاص، وثقة متزايدة في العلامة التجارية Pudgy Penguins.
وفقاً لبيانات Artemis، ساهمت هذه الزيادة الكبيرة في تجاوز سلة تطبيقات NFT لقطاعات أخرى بارزة مثل رموز الذكاء الاصطناعي (AI)، التي ارتفعت بنسبة 35.6%، وحتى بيتكوين (Bitcoin)، التي حققت ارتفاعاً بنسبة 31.4% خلال نفس الفترة.
ومع تسجيل البيتكوين رقماً قياسياً جديداً فوق 118,000 دولار في 11 يوليو، لا يزال رمز PENGU يحافظ على زخمه، حيث بلغ سعره 0.229 دولار، مسجلاً زيادة إضافية بنسبة 20%، مما يعكس استمرار الاهتمام والطلب عليه حتى بعد انتهاء الربع الثاني.
حجم التداول يتقلص بينما عدد المعاملات يتزايد: مفارقة السوق
في تناقض صارخ مع ارتفاع أسعار الرموز المرتبطة بـ NFT، أظهر تقرير “حالة صناعة التطبيقات اللامركزية” الصادر عن DappRadar صورة مختلفة تماماً لسوق NFT نفسه. كشف التقرير أن حجم تداول NFT في الربع الثاني انخفض بشكل كبير ليصل إلى 823 مليون دولار، مقارنة بـ 1.5 مليار دولار في الربع الأول، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 45%.
يصبح هذا الانخفاض أكثر وضوحاً وإثارة للقلق عند مقارنته بحجم التداول قبل عام واحد، والذي بلغ 4 مليارات دولار. يمثل الانخفاض من 4 مليارات دولار إلى 823 مليون دولار تدهوراً بنسبة 79% على أساس سنوي، مما يؤكد التباطؤ الكبير في سوق NFT التقليدي.
ما يجعل هذا الوضع فريداً هو أن هذا الانخفاض الحاد في حجم التداول المقوم بالدولار قد حدث على الرغم من زيادة ملحوظة في عدد صفقات بيع NFT. ارتفع عدد الصفقات إلى 12.5 مليون صفقة في الربع الثاني، مقارنة بـ 7 ملايين صفقة في الربع السابق. يشير هذا التباين الواضح بين تراجع الحجم الإجمالي وزيادة عدد الصفقات إلى أن النشاط التجاري بات يتركز حول العناصر ذات القيمة المنخفضة أو “التذاكر الأصغر حجماً”.
تحليل أسباب الانفصال بين الرموز والأصول
يعزو تقرير DappRadar هذا التباعد بين عدد المعاملات وحجم التداول الإجمالي إلى تحول في ديناميكيات السوق نحو المقتنيات منخفضة التكلفة وعمليات “السكّ” (Minting) التي تتسم باللعب والتفاعل (gamified minting). تؤدي هذه الأنشطة، بحسب DappRadar، إلى تضخيم أعداد المعاملات دون أن تسهم بشكل كبير في رفع القيمة الإجمالية المتداولة بالدولار.
من جانبهم، يشير المشاركون في السوق والمحللون إلى سبب آخر رئيسي لهذا الانفصال الظاهر بين أسعار الرموز المشتقة من NFT وحجم التداول في أسواق NFT. يكمن السبب في تحول الاهتمام والمضاربة من الأصول غير القابلة للاستبدال نفسها (الـ NFT كصورة أو عنصر رقمي فريد) إلى رموز الحوكمة أو رموز الميم (Meme Tokens) المرتبطة بتلك العلامات التجارية لـ NFT.
لاحظ محللو Artemis أن المتداولين الذين يسعون للحصول على تعرض “معزز” (leveraged exposure) لثقافة NFT قد انجذبوا بشكل متزايد نحو الرموز السائلة المدرجة في البورصات، بدلاً من الأصول غير السائلة التي غالباً ما تكون مجرد صور رقمية (Illiquid JPEGs). وقد اشتد هذا النمط من السلوك بشكل خاص بعد أن أصبحت معدلات التمويل (Funding Rates) للإيثيريوم سلبية في منتصف مايو، مما زاد من جاذبية التداول على الرموز المشتقة التي توفر سيولة أكبر وخيارات تداول أوسع.
تعزز بيانات القطاعات الأوسع هذا الانقسام وتؤكد التفضيل المتزايد للرموز القابلة للاستبدال على الأصول غير القابلة للاستبدال. فخلال الربع الثاني، نما نظام بيتكوين البيئي بنسبة 6.2%، وارتفعت منصات العقود الذكية بنسبة 16.2%. في المقابل، شهدت رموز الأصول في العالم الحقيقي (Real-World Asset tokens) انخفاضاً حاداً بنسبة 50.6%، وهبطت مشاريع توفير البيانات (Data Availability projects) بنسبة 47.4%، وفقاً لـ Artemis. هذا التباين يبرز كيف أن المكاسب كانت مركزة في قطاعات معينة، وعلى رأسها الرموز المرتبطة بـ NFT.
وضع PENGU الحالي والآثار المترتبة
لقد أدت الأداء القوي لرمز PENGU في الربع الثاني إلى وصول قيمته السوقية إلى ما يتجاوز 1.4 مليار دولار، مما وضعه ضمن أفضل 82 عملة رقمية من حيث القيمة السوقية على لوحات متابعة الأسعار الرئيسية. هذا الإنجاز لرمز واحد، خاصة عند مقارنته بالانخفاض الحاد في حجم تداول سوق NFT الذي يرتبط به، يمثل مثالاً حياً للانفصال المتزايد بين التمثيل القابل للاستبدال لعلامات NFT التجارية (أي الرموز المرتبطة بها) والأصول غير القابلة للاستبدال الأساسية التي تشير إليها.
هذه الديناميكية الجديدة تطرح تساؤلات مهمة حول مستقبل سوق NFT وهيكل القيمة فيه. هل ستظل الرموز القابلة للاستبدال المرتبطة بمشاريع NFT هي المحرك الرئيسي للقيمة والنشاط المضاربي؟ أم أن الانفصال سيعود للالتحام مع تعافي سوق NFT الأساسي؟ يبدو أن المتداولين حالياً يجدون فرصاً أكبر في الرموز التي توفر سيولة أكبر وأدوات تداول أكثر تطوراً، حتى لو كانت مرتبطة بأصول شهدت تباطؤاً في التداول المباشر.
في الختام، قدم الربع الثاني من العام مفاجأة كبيرة بارتفاع الرموز المرتبطة بـ NFT، بقيادة رمز PENGU، في الوقت الذي تراجع فيه حجم تداول NFT بشكل ملحوظ. يشير هذا الانفصال إلى تحول في سلوك المستثمرين والمتداولين، مع تفضيل متزايد للتعرض السائل والمضاربي عبر الرموز القابلة للاستبدال بدلاً من اقتناء الأصول غير السائلة نفسها. تبقى المراقبة الدقيقة لهذه الديناميكيات ضرورية لفهم التطورات المستقبلية في كل من أسواق الرموز المرتبطة بـ NFT وأسواق NFT التقليدية.
“`