**سعر الإيثريوم يتراجع: هل تتجه العملة نحو تصحيح أعمق؟ تحليل شامل**
شهد سعر الإيثريوم (Ethereum – ETH) خلال الأسبوع الماضي انزلاقًا أعمق في هيكل هبوطي متصاعد، مما أثار قلقًا متزايدًا بين المستثمرين والمتداولين على حد سواء. وقد أدت مجموعة من العوامل، بما في ذلك ضعف الزخم، وتدفقات هائلة خارجة من صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs)، وعمليات بيع مكثفة من قبل حاملي العملة على المدى الطويل، إلى دفع سعر الإيثريوم نحو الأسفل بوتيرة سريعة. هذا التراجع المتسارع يطرح تساؤلات جدية حول ما إذا كانت ثاني أكبر عملة مشفرة تستعد لتصحيح أعمق بكثير في الأيام القادمة. فهل تلوح منطقة الـ 3000 دولار في الأفق مجددًا كمنطقة دعم حرجة، أم أن الزخم الهبوطي الحالي قوي بما يكفي لاختراقها؟
**انخفاض سعر الإيثريوم دون المتوسطات المتحركة وتعمق تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة**
تشير البيانات الحديثة الصادرة عن شركة “10x Research” إلى أن سعر الإيثريوم يتداول حاليًا وبقوة دون كل من المتوسطين المتحركين لسبعة أيام وثلاثين يومًا، وهو ما يؤكد تحولًا واضحًا نحو الزخم الهبوطي. يوضح التغير الأخير على مدى أسبوع واحد انخفاضًا بنسبة -6.6%، حيث فشل السعر في استعادة خط الاتجاه قصير المدى في أي مرحلة خلال موجة البيع هذه. تُظهر الرسوم البيانية التي قدمتها الشركة البحثية كيف تدهور أداء زوج ETH/USD طوال أوائل نوفمبر، حيث انحنى كلا المتوسطين المتحركين للأسفل، مما يشير إلى أن هيكل السوق قد ضعف بشكل كامل وواضح.
لا يقتصر التدهور الفني على هذه المؤشرات فحسب، بل يتزامن مع فترة تشهد فيها سوق صناديق الإيثريوم المتداولة (ETFs) واحدة من أثقل عمليات الاسترداد في تاريخها. وفقًا لبيانات من منصة “SoSoValue”، شهدت صناديق الإيثريوم الفورية المتداولة صافي تدفقات خارجة تجاوزت 1.4 مليار دولار منذ بداية نوفمبر. يعكس هذا التغير تحولًا حاسمًا في الشهية المؤسسية تجاه الإيثريوم، حيث يبدو أن كبار المستثمرين والمؤسسات يفضلون تقليل تعرضهم للعملة في الوقت الحالي. هذا المزيج من ضغط البيع المستمر وتراجع الطلب على صناديق المؤشرات المتداولة قد خلق حلقة مفرغة تستمر في سحب سعر الإيثريوم نحو الأسفل مع كل مستوى دعم يفشل في الصمود.
**بيع مكثف من الحائزين على المدى الطويل وتراكم غامض من الحيتان**
ترسم التدفقات على السلسلة (On-chain flows) صورة لنظام بيئي تحت الضغط. تظهر البيانات أن حاملي الإيثريوم على المدى الطويل، وهم المحافظ التي احتفظت بعملاتهم لمدة تتراوح بين ثلاث وعشر سنوات، يبيعون حاليًا بأسرع وتيرة منذ عام 2021. تُعرف هذه المجموعة بأنها خاملة خلال معظم مراحل السوق، لذا فإن نشاطهم الأخير قد أدخل موجة عرض قوية لم تتمكن البورصات من استيعابها بسهولة، مما يضيف إلى الضغط الهبوطي. عادة ما يكون بيع هؤلاء المستثمرين مؤشراً على تشاؤم كبير، أو على الأقل رغبة في جني الأرباح بعد فترة طويلة من الاحتفاظ، وهو ما يمكن أن يؤثر سلبًا على معنويات السوق بشكل عام.
ومع ذلك، فإن الديناميكية ليست أحادية الاتجاه بالكامل. ففي مقابل هذا البيع المكثف، تُظهر بيانات السلسلة أيضًا أن عددًا قليلًا من محافظ الحيتان الكبيرة قد تدخلت بقوة خلال فترة التراجع وقامت بشراء مئات الآلاف من عملات الإيثريوم، بقيمة تتجاوز مليار دولار. هذا التراكم من قبل الحيتان يشير إلى أن بعض المستثمرين الكبار يرون في المستويات الحالية فرصًا للشراء بأسعار مخفضة، ربما بتوقع انتعاش مستقبلي. ومع ذلك، فإن حجم هذا التراكم لم يكن كبيرًا بما يكفي لمواجهة عمليات البيع الأوسع من حاملي المدى الطويل أو التدفقات الخارجة من صناديق المؤشرات المتداولة، مما يترك سعر الإيثريوم محاصرًا داخل قناة اتجاه هبوطية مائلة نحو الأسفل. هذا التناقض بين بيع كبار السن وتراكم الكبار الجدد يخلق حالة من عدم اليقين في السوق.
تُعد عمليات الشراء هذه من قبل الحيتان ظاهرة جديرة بالملاحظة، فهي تُظهر أن هناك ثقة كامنة لدى بعض الفاعلين الرئيسيين في السوق في القيمة طويلة الأجل للإيثريوم، حتى في خضم التقلبات الحالية. ومع ذلك، يجب النظر إليها بحذر، حيث أن تأثيرها الكلي لم ينجح بعد في تغيير الاتجاه العام للسوق، مما يشير إلى أن قوة البيع لا تزال هي المهيمنة. السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: إلى متى يمكن للحيتان الاستمرار في التراكم قبل أن يتمكن تأثيرها من عكس مسار السوق؟ وما هو حجم السيولة التي يمكنهم ضخها قبل أن تظهر علامات الاستنزاف؟
**الوضع الفني ومستويات الدعم الرئيسية للإيثريوم**
يتداول الإيثريوم حاليًا حول مستوى 3,182 دولارًا، ولكن انخفاضه خلال اليوم امتد إلى 3,023 دولارًا. هذا يترك هامشًا ضئيلًا جدًا بين المستوى الحالي ومنطقة الدعم الحرجة عند 3,000 دولار. لطالما كانت منطقة 3,000 دولار بمثابة حاجز نفسي وفني مهم لسعر الإيثريوم. تاريخيًا، كانت بمثابة مستوى دعم قوي في بعض الأحيان، ومستوى مقاومة عنيد في أحيان أخرى. اختراق هذا المستوى يمكن أن يؤدي إلى موجة بيع بانيك (Panic Selling) وتراجع أعمق.
إذا استمر البائعون في الهيمنة ودفعوا السعر إلى ما دون النطاق الحاسم بين 3,150 دولارًا و 3,200 دولارًا، يصبح الانزلاق المباشر إلى 3,000 دولار أمرًا مرجحًا بشكل متزايد خلال الأسبوع الجديد. إن اختراق هذا المستوى الأخير يمكن أن يفتح الباب أمام مزيد من الانخفاضات، حيث قد تكون مناطق الدعم التالية بعيدة، مما يعرض الإيثريوم لخطر تصحيح أوسع وأكثر إيلامًا. يجب على المستثمرين والمتداولين مراقبة هذه المستويات عن كثب، حيث يمكن أن تكون مؤشرًا حاسمًا على الاتجاه المستقبلي للإيثريوم في المدى القريب والمتوسط.
يُعد التحليل الفني هنا حاسمًا؛ ففشل الإيثريوم في استعادة المتوسطات المتحركة، بالإضافة إلى التدفقات الخارجة من الصناديق وعمليات البيع من قبل حاملي المدى الطويل، يشير إلى أن السوق قد يدخل مرحلة ضعف أطول. يجب على المتداولين والمستثمرين الاستعداد لاحتمالية زيادة التقلبات، وقد يكون من الحكمة تطبيق استراتيجيات إدارة المخاطر لتقليل الخسائر المحتملة في حال استمر الاتجاه الهبوطي. إن مراقبة حجم التداول عند هذه المستويات الحرجة ستوفر رؤى إضافية حول قوة البائعين أو المشترين.
**الخلاصة وتوقعات مستقبل الإيثريوم**
في الختام، يواجه الإيثريوم حاليًا فترة صعبة تتسم بالعديد من العوامل السلبية التي تدفعه نحو الأسفل. من ضعف الزخم الفني وتراجع سعر الإيثريوم دون المتوسطات المتحركة، إلى تدفقات هائلة خارجة من صناديق المؤشرات المتداولة التي تعكس تراجعًا في الشهية المؤسسية، وصولًا إلى عمليات البيع الكبيرة من قبل حاملي العملة على المدى الطويل، كل هذه العوامل تتضافر لخلق بيئة هبوطية قوية. ورغم وجود بعض عمليات الشراء من قبل الحيتان، إلا أنها لم تكن كافية لمواجهة ضغط البيع العام.
تظل منطقة الـ 3,000 دولار بمثابة مستوى دعم حاسم، واختراقها قد يشير إلى بداية تصحيح أعمق. يحتاج المستثمرون إلى متابعة التطورات عن كثب، لا سيما بيانات التدفقات على السلسلة وحركة صناديق المؤشرات المتداولة، بالإضافة إلى المستويات الفنية الرئيسية. هل سيتمكن الإيثريوم من الصمود والارتداد، أم أن الزخم الهبوطي الحالي سيدفعه نحو قاع جديد؟ الأيام القليلة القادمة ستحمل الإجابة.
—
ملاحظة: هذا المقال لأغراض تعليمية وتحليلية فقط ولا يُعد نصيحة مالية. يُنصح بالتشاور مع مستشار مالي قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية.
