“`html

ظهور Tudou Guarantee كخليفة رئيسي بعد إغلاق Huione Darknet

في عالم التكنولوجيا المظلم والشبكات الخفية، غالباً ما يؤدي اختفاء لاعب رئيسي إلى ظهور بدائل جديدة تتسابق لملء الفراغ. هذا هو الحال تماماً مع سوق الضمانات الرقمية الذي يعمل في الظل، والذي شهد مؤخراً صدمة كبيرة بإغلاق منصة Huione Guarantee. كانت Huione Guarantee، التي تعمل أساساً عبر تطبيق Telegram، مركزاً رئيسياً لعدد لا يحصى من المحتالين عبر الإنترنت، وعصابات غسيل الأموال، وسماسرة المعلومات المسروقة في جنوب شرق آسيا والصين. لقد كان إغلاقها بمثابة زلزال في هذا النظام الإجرامي الرقمي.

على الرغم من هذا الاضطراب الكبير، لا تزال العديد من الأسواق المماثلة التي تعمل عبر Telegram تعمل دون عائق، بل إنها تشهد نمواً ملحوظاً. تستفيد هذه المنصات من الفراغ الذي خلفته Huione، وتسعى لجذب المستخدمين والبائعين الذين أصبحوا الآن بلا منصة أساسية لعملياتهم غير المشروعة. هذا المشهد المتغير يسلط الضوء على المرونة والتكيف السريع لهذه الشبكات الإجرامية في مواجهة إجراءات إنفاذ القانون أو الضغوط التقنية.

صدمة الإغلاق وتداعياتها

لم يكن إغلاق Huione Guarantee مجرد حدث بسيط في عالم الجريمة السيبرانية. لقد كان يمثل انهياراً لبنية تحتية رئيسية تسهل أنواعاً خطيرة من الاحتيال، أبرزها “احتيال ذبح الخنزير” (pig butchering scams)، وهي حملات احتيالية معقدة وطويلة الأمد تستهدف الأفراد لإقناعهم باستثمار مبالغ كبيرة في مخططات وهمية. حجم المعاملات التي مرت عبر Huione كان شاهداً على دورها المحوري؛ فقد عالجت المنصة أكثر من 27 مليار دولار أمريكي من المعاملات، معظمها مرتبط بشكل مباشر بتوفير الأدوات والخدمات اللازمة لهذه العمليات الاحتيالية واسعة النطاق.

جاء سقوط Huione Guarantee في 13 مايو 2025، بعد تحقيق مفصل أجرته شركة Elliptic، وهي شركة متخصصة في تحليل بيانات البلوك تشين. كشفت تحليلات Elliptic عن طبيعة أنشطة Huione المشبوهة، مما دفع Telegram إلى اتخاذ إجراءات حاسمة. قامت Telegram بحذف الآلاف من القنوات المرتبطة بالمنصة وحظر حسابات المستخدمين المرتبطين بها، مما أدى في النهاية إلى شل عمليات Huione.

ومع ذلك، من المهم فهم أن Huione Guarantee لم تكن الكيان الوحيد في هذا المجال. لقد كانت مجرد “عقدة” واحدة ضمن شبكة مترامية الأطراف من أسواق الضمانات الناطقة بالصينية والتي تزدهر على Telegram. تسمح هذه المنصات بتبادل السلع والخدمات غير المشروعة التي تعتبر حيوية لعمليات الاحتيال والجريمة السيبرانية، مثل:

• البيانات المسروقة (مثل معلومات بطاقات الائتمان، بيانات تسجيل الدخول)
• الأدوات التقنية الاحتيالية (مثل برامج الروبوت التي تقوم بإنشاء حسابات وهمية، أدوات التصيد الاحتيالي)
• خدمات غسيل الأموال وتحويل الأموال بشكل غير مشروع
• معلومات وحسابات لمخططات استثمارية وهمية
• خدمات الاحتيال المخصصة (مثل تزوير الوثائق)

يشكل وجود هذه الأسواق المتعددة تحدياً كبيراً لجهات إنفاذ القانون، حيث أن إغلاق منصة واحدة غالباً ما يؤدي فقط إلى تشتيت النشاط الإجرامي عبر منصات أخرى موجودة أو ظهور منصات جديدة بسرعة.

انتقال البائعين إلى Tudou Guarantee

وفقاً لأحدث تقرير صادر عن شركة Elliptic، فإن نشاط Huione Guarantee قد توقف تماماً، لكن رحيلها لم يمر دون أن يخلف وراءه حركة هجرة واضحة. يشير التقرير إلى أن البائعين والعملاء السابقين لـ Huione يتم توجيههم بشكل متزايد نحو منصة أخرى تسمى Tudou Guarantee. يبدو أن Tudou Guarantee قد استوعبت بالفعل حصة كبيرة من المعاملات التي كانت تتم سابقاً عبر Huione.

هذا الانتقال ليس مفاجئاً. في العادة، عندما يتم إغلاق منصة رئيسية في عالم الجريمة السيبرانية، تكون هناك بالفعل منصات بديلة قائمة ومستعدة لاستقبال تدفق المستخدمين الجدد. غالباً ما يكون هناك تداخل في قاعدة المستخدمين والبائعين بين هذه المنصات، وقد تكون هناك حتى روابط خفية أو تنسيق معين لتسهيل عملية الانتقال عند الضرورة. Tudou Guarantee، بكونها منصة ضمانات أخرى تعمل عبر Telegram وتستهدف نفس السوق، كانت المرشح الطبيعي لتكون الوجهة التالية للبائعين الذين فقدوا منصتهم الرئيسية.

يعد تتبع هذا الانتقال أمراً حيوياً لشركات تحليل البلوك تشين وجهات إنفاذ القانون. من خلال مراقبة تدفقات الأموال (وخاصة العملات المستقرة مثل USDT التي يفضلها هذا النوع من النشاط) من المحافظ المرتبطة بـ Huione سابقاً إلى المحافظ المرتبطة بمنصات أخرى مثل Tudou، يمكن الحصول على رؤى قيمة حول كيفية إعادة تنظيم الشبكات الإجرامية لأنفسها بعد الضربة.

تاريخ Huione والتحول نحو الإجرام

قبل إغلاقها المفاجئ، كانت Huione Guarantee تدار من قبل مجموعة Huione ومقرها كمبوديا. تم إطلاق المنصة في الأصل في عام 2021 بنية تسهيل المعاملات المشروعة التي تشمل أصولاً مثل السيارات والعقارات. كانت الفكرة الأولية هي توفير خدمة ضمان (Escrow) موثوقة للمشترين والبائعين في الصفقات الكبيرة.

ومع مرور الوقت، حدث تحول تدريجي في قائمة المعروضات والأنشطة على المنصة. بدلاً من التركيز على الأصول المشروعة، بدأت Huione في التورط بشكل متزايد في تسهيل المعاملات المرتبطة بالأنشطة غير القانونية. كانت الفترة التي سبقت إغلاقها مباشرة تشهد تركيزاً كبيراً على دعم عمليات الاحتيال السيبراني، مما يشير إلى أن المنصة انحرفت بشكل كبير عن هدفها الأصلي أو أنها ربما كانت تغسل الأموال أو تدعم أنشطة مشبوهة تحت ستار العمليات المشروعة منذ البداية.

هذا التحول من الأعمال المشروعة (المزعومة) إلى دعم الأنشطة الإجرامية ليس أمراً غريباً في عالم الشبكات المظلمة. غالباً ما يستخدم الفاعلون السيئون واجهات تبدو مشروعة لإخفاء أنشطتهم الحقيقية أو للتسلل إلى الأسواق، ثم يتحولون تدريجياً عندما يصبحون أكثر رسوخاً أو عندما تزداد جاذبية الأرباح من الأنشطة غير القانونية.

نشاط Huione باستخدام USDT يقترب من الصفر

كما هو شائع في العديد من الأسواق الرقمية غير المشروعة، كانت المعاملات على Huione Guarantee تتم بالكامل تقريباً باستخدام عملة Tether المستقرة (USDT). يوفر استخدام USDT سهولة في الحركة وسرعة في التسوية مقارنة بالعملات المشفرة الأخرى، بالإضافة إلى مستوى معين من الخصوصية والبعد عن النظام المالي التقليدي، مما يجعلها جذابة للمجرمين. على الرغم من أن USDT ليست عملة مجهولة تماماً (يمكن تتبع المعاملات على البلوك تشين)، إلا أنها توفر قدراً كبيراً من المرونة للمستخدمين.

كان ارتباط Huione بالأنشطة المشبوهة واضحاً حتى لشركة Tether نفسها. في يوليو 2024، قامت Tether بتجميد محفظة مرتبطة بـ Huione بسبب اشتباه في وجود صلات بينها وبين مجموعة Lazarus Group، وهي كيان قرصنة سيبرانية مرتبط بكوريا الشمالية ومعروف بأنشطته الإجرامية واسعة النطاق، بما في ذلك سرقة العملات المشفرة وعمليات الابتزاز. هذا التجميد كان بمثابة مؤشر مبكر على أن Huione كانت تحت المراقبة وأن ارتباطاتها تتجاوز مجرد تسهيل الصفقات إلى التورط المحتمل مع أخطر الجهات الإجرامية في العالم السيبراني.

بعد أن قامت Telegram بإزالة القنوات العامة وأسماء المستخدمين المرتبطة بـ Huione، أعلنت المنصة رسمياً عن إغلاقها، ونصح القائمون عليها البائعين بالانتقال إلى Tudou Guarantee. في البداية، زعمت Huione أنها ستستمر في تسهيل خدمات الضمان الخاصة للعملاء الحاليين، ربما في محاولة للتهدئة أو للحفاظ على تدفق محدود للأموال. ومع ذلك، بحلول أواخر مايو، أعلنت المنصة عن توقف كامل وشامل لجميع عملياتها.

أكدت شركة Elliptic، من خلال تحليلها لبيانات البلوك تشين، هذا الإغلاق النهائي. أشارت البيانات إلى أن تدفقات USDT الواردة إلى محافظ Huione انخفضت إلى “مستويات لا تُذكر”، مما يؤكد أن المنصة لم تعد تعمل كمركز للمعاملات. هذا الانخفاض الحاد في النشاط المالي هو دليل قاطع على فعالية الإجراءات التي اتخذتها السلطات وTelegram، وقدرة تحليل البلوك تشين على التحقق من نتائج هذه الإجراءات في العالم الرقمي.

المستقبل لسوق الضمانات الرقمية المظلمة

إن قصة Huione Guarantee ثم صعود Tudou Guarantee تسلط الضوء على الطبيعة الديناميكية والمتغيرة للجريمة السيبرانية المنظمة. بدلاً من التوقف بعد ضربة كبيرة، فإن الشبكات الإجرامية غالباً ما تتكيف وتعيد تنظيم نفسها. تستخدم أدوات مثل Telegram لسهولة التواصل وتشفير الرسائل، وتعتمد على العملات المشفرة لتسهيل المعاملات مع تجنب البنوك التقليدية.

يشير انتقال البائعين إلى Tudou وغيرها من المنصات المماثلة إلى أن الطلب على خدمات الضمان غير المشروعة لا يزال مرتفعاً للغاية. طالما أن هناك عمليات احتيال واسعة النطاق تتطلب أدوات وخدمات، وطلب على البيانات المسروقة وقدرات غسيل الأموال، ستستمر هذه الأسواق في الظهور والتطور. إن التحدي الذي يواجه جهات إنفاذ القانون وشركات الأمن السيبراني هو ليس فقط إغلاق منصة واحدة، بل فهم الشبكة الأوسع، وتعطيل البنية التحتية الأساسية، وتتبع الأموال، وملاحقة الأفراد الذين يديرون هذه العمليات.

تتطلب مكافحة هذه الظاهرة تعاوناً دولياً وتنسيقاً بين جهات إنفاذ القانون والشركات الخاصة، بما في ذلك شركات تحليل البلوك تشين مثل Elliptic ومنصات التواصل مثل Telegram. إن فهم كيفية عمل هذه الأسواق، وكيفية انتقال المستخدمين والبائعين بينها، وكيفية استخدامهم للعملات المشفرة، أمر بالغ الأهمية لتطوير استراتيجيات فعالة لمكافحتها. قصة Huione وTudou هي مجرد فصل واحد في معركة مستمرة بين الفاعلين السيئين الذين يسعون للاستفادة من التكنولوجيا لأغراض إجرامية وبين أولئك الذين يعملون لحماية النظام الرقمي والمستخدمين.

“`