“`html
عودة تجار التجزئة إلى الساحة مع اقتراب البيتكوين من قمة جديدة
مع استمرار قوة عملة البيتكوين الرقمية وإثارتها للشهية باقترابها من تسجيل قمة تاريخية جديدة، يبدو أن المستثمرين الأفراد (تجار التجزئة) بدأوا يعودون بقوة إلى الأسواق. ومع ذلك، تشير البيانات إلى أن المؤسسات لا تزال تهيمن على المشهد العام.
زيادة ملحوظة في اهتمام تجار التجزئة
في تطور يعكس تغيرًا في معنويات السوق، أفادت شركة تحليلات البلوكتشين سانتيمينت (Santiment) في تقرير صادر في 11 يونيو أن “تجار التجزئة أصبحوا متفائلين” مع اقتراب البيتكوين من قمتها التاريخية خلال الأيام القليلة الماضية. يُعد هذا التحول في المعنويات مؤشرًا هامًا على عودة الاهتمام من شريحة واسعة من المستثمرين الذين يمثلون القاعدة الأكبر في السوق من حيث العدد، وإن لم يكن بالضرورة من حيث حجم رؤوس الأموال.
قدم محللو الشركة بيانات تدعم هذا الاستنتاج، حيث أفادوا بأن عدد التعليقات الإيجابية حول البيتكوين على وسائل التواصل الاجتماعي يفوق ضعف عدد التعليقات السلبية. هذه النسبة العالية من الإيجابية تُعتبر إشارة قوية على تزايد اهتمام المستثمرين الأفراد وتفاؤلهم بمستقبل العملة الرقمية الرائدة.
وأضاف التقرير أن هذه النسبة من التعليقات الإيجابية هي الأعلى منذ انتخاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قبل أكثر من سبعة أشهر. هذا الربط التاريخي يسلط الضوء على مدى ندرة هذه المستويات من التفاؤل الجماعي بين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الذين يناقشون البيتكوين، مما يؤكد على أهمية الملاحظة التي قدمتها سانتيمينت.
مؤشرات الجشع تتسلل إلى الأسواق
في نفس السياق، أشارت سانتيمينت إلى ظاهرة أخرى مصاحبة لهذا التفاؤل المتزايد. نظرًا لأن الأسواق تميل أحيانًا للتحرك في الاتجاه المعاكس لتوقعات تجار التجزئة، فإن “الارتفاعات في المناقشات المتعلقة بالقمة التاريخية للبيتكوين هي إشارات قوية على بلوغ الذروة، مما يشير إلى الجشع”. هذا يعني أن الحماس المفرط والرغبة في تحقيق الأرباح السريعة قد تكون مؤشرًا على قرب حدوث تصحيح أو تراجع في الأسعار، حيث يميل المستثمرون الجشعون إلى الشراء عند القمم، مما يضعف من استدامة الارتفاع.
بالتوازي مع ذلك، يعكس مؤشر الخوف والجشع للبيتكوين (Bitcoin Fear and Greed Index)، الذي يقيس معنويات السوق بشكل عام، الحالة الحالية. يسجل المؤشر حاليًا قراءة تبلغ 71، وهو ما يمثل منطقة “الجشع”. تقع هذه القراءة ضمن النطاق الذي يشير إلى أن المستثمرين أصبحوا أكثر جرأة واستعدادًا لتحمل المخاطر بحثًا عن الأرباح، وهو ما يتوافق مع التفاؤل الذي رصدته سانتيمينت.
سلوك فريد للمستثمرين الكبار والصغار في هذه الدورة
في تقريرها الأسبوعي عن البيانات على السلسلة (on-chain)، لاحظت شركة جلاسنود (Glassnode) أن هذه الدورة السوقية تظهر سلوكًا غير عادي للمستثمرين مقارنة بالأسواق الصاعدة السابقة. أشار التقرير بشكل خاص إلى حاملي البيتكوين على المدى الطويل (أولئك الذين يحتفظون بعملاتهم لأكثر من 155 يومًا). على الرغم من أن هؤلاء المستثمرين يقومون بعمليات جني أرباح كبيرة، بمتوسط يبلغ 930 مليون دولار يوميًا، إلا أن إجمالي المعروض الذي يمتلكونه يستمر في الزيادة بدلاً من النقصان.
هذا الوضع يخلق ما وصفته جلاسنود بـ “ثنائية فريدة”، حيث يحدث جني الأرباح جنبًا إلى جنب مع استمرار عملية التجميع. يرجع السبب في ذلك إلى أن عدد العملات التي تصل إلى حالة النضج وتصبح مملوكة لحاملي المدى الطويل أكبر من عدد العملات التي يتم بيعها من قبل هذه الفئة. هذا يشير إلى أن هناك تدفقًا مستمرًا للعملات إلى المحافظ التي لا تنوي البيع على المدى القصير، وهو ما يمكن أن يوفر أساسًا قويًا للأسعار على الرغم من عمليات البيع الكبيرة التي يقوم بها البعض من نفس الفئة.
من جانبها، راقبت شركة كريبتو كوانت (CryptoQuant) سلوك الحيتان (المستثمرين الكبار الذين يمتلكون كميات ضخمة من البيتكوين). لاحظت الشركة أن الحيتان لا يبدون أي نية لجني الأرباح عند المستويات الحالية للأسعار. من المرجح أنهم ينتظرون أسعارًا أعلى بكثير، “حيث يتشكل ارتفاع كبير في درجة حرارة السوق وظهور فقاعة، قبل أن يقوموا بتحركاتهم”. هذا يعني أن رؤوس الأموال الكبيرة لا تزال ترى إمكانية للارتفاع قبل البدء في عمليات البيع الكبيرة، مما يوفر بعض الدعم الفني للسوق على المدى القصير إلى المتوسط.
تحذيرات اقتصادية وموقف البيتكوين
في تطور آخر يؤثر على معنويات السوق المالية الأوسع، حذر وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت يوم الأربعاء من أن الفشل في رفع سقف الدين الأمريكي قد يؤدي إلى “أكبر أزمة منذ عام 2008”. هذا التحذير يسلط الضوء على المخاطر الاقتصادية الكلية التي يمكن أن تؤثر على جميع فئات الأصول، بما في ذلك العملات المشفرة.
في تعليق على هذا الوضع، قال محللو شركة سوان (Swan): “التعثر (عن سداد الدين) ليس خيارًا، طباعة الأموال هي الخيار”. وأضافوا: “نظرية الألعاب تفضل الأصل ذو المعروض الثابت. هذا هو البيتكوين”. تشير هذه النقطة إلى أن البيتكوين، بمعروضه المحدود والمجدول بصرامة، قد يكون أصلًا جذابًا في بيئة اقتصادية تتميز بالديون المتزايدة واحتمالية التضخم نتيجة لطباعة النقود، مما يعزز من جاذبيته كـ “ملاذ آمن” أو مخزن للقيمة.
توقعات سعر البيتكوين
تمكنت البيتكوين من تجاوز مستوى 110,000 دولار يومي الثلاثاء والأربعاء من هذا الأسبوع، لتصل إلى أقل من 2,000 دولار فقط من قمتها التاريخية المسجلة في 22 مايو عند 111,814 دولارًا. كان هذا الأداء بمثابة إشارة إيجابية قوية دفعت الكثيرين إلى التفاؤل بقرب تجاوز القمة السابقة.
ومع ذلك، تراجعت العملة قليلاً خلال جلسة التداول الآسيوية صباح يوم الخميس، لتعود أدنى مستوى 108,000 دولار وقت كتابة هذا التقرير. يُعتبر هذا التراجع الطفيف أمرًا طبيعيًا بعد أي ارتفاع قوي، وقد يمثل عملية تصحيح صحية قبل محاولة أخرى لاختبار مستويات أعلى.
في وقت سابق من هذا الأسبوع، قال المحلل المعروف باسم ‘Rekt Capital’ إن البيتكوين قد أعادت اختبار مستوى المقاومة السابق عند 104,400 دولار – وهو الحد العلوي لنطاق إعادة التجميع السابق – بنجاح كدعم جديد لأربعة أسابيع متتالية. هذا التأكيد على مستوى الدعم هذا يعتبر إيجابيًا للغاية، حيث يحول مستوى مقاومة سابق إلى مستوى دعم قوي، مما يعزز الأساس الذي يمكن للبيتكوين الانطلاق منه.
وأضاف ‘Rekt Capital’: “البيتكوين ترتد من قاعدة الدعم الجديدة هذه في محاولة للانتقال إلى مرحلة اكتشاف الأسعار مرة أخرى”. تشير مرحلة اكتشاف الأسعار إلى الفترة التي يتجاوز فيها الأصل أعلى قمة سابقة، ولا تكون هناك مستويات مقاومة واضحة بناءً على البيانات التاريخية، مما يفتح الباب أمام ارتفاعات محتملة كبيرة.
خلاصة
على الرغم من أن المؤسسات لا تزال تلعب دورًا مهيمنًا في سوق البيتكوين، فإن عودة تجار التجزئة إلى الساحة وتزايد تفاؤلهم يمثلان تطورًا هامًا. يشير هذا التفاؤل المتزايد، المصحوب بارتفاع في مؤشر الجشع، إلى فترة حساسة قد تشهد اختبارًا لمستويات سعرية جديدة. في الوقت نفسه، فإن السلوك الفريد لحاملي المدى الطويل الذين يجمعون العملات على الرغم من جني الأرباح، بالإضافة إلى عدم رغبة الحيتان في البيع عند المستويات الحالية، يوفر أساسًا قويًا للسوق. ومع تجاوز البيتكوين لمستويات مقاومة رئيسية وتحويلها إلى دعم، تبدو التوقعات على المدى القصير مائلة نحو محاولة اختبار واختراق القمة التاريخية، على الرغم من وجود بعض التحذيرات الكلية المتعلقة بالوضع الاقتصادي العالمي.
تبقى الأيام القادمة حاسمة لمراقبة ما إذا كان الزخم الحالي كافيًا لدفع البيتكوين لتسجيل قمة جديدة، أو ما إذا كانت إشارات الجشع قد تؤدي إلى تصحيح قصير المدى قبل استئناف الاتجاه الصاعد.
“`