قادة الكريبتو يتعهدون بملايين الدولارات في حفل ترامب بالبيت الأبيض: تقاطع السلطة والعملات المشفرة
في حدثٍ بارزٍ جمع عمالقة المال والسياسة، استضاف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حفل عشاءٍ رفيع المستوى لجمع التبرعات في البيت الأبيض. لم يكن هذا الحدث مجرد تجمعٍ عاديٍ للصفوة، بل كان نقطة التقاءٍ استراتيجيةٍ بين النخبة السياسية وقيادات بارزة في صناعة العملات المشفرة والتكنولوجيا. الهدف المعلن كان دعم مشروعٍ طموحٍ لتوسعة قاعة رقصٍ في البيت الأبيض بتكلفةٍ تقديريةٍ تصل إلى 250 مليون دولار أمريكي. وقد شهد الحفل حضورًا لافتًا لتنفيذيي شركاتٍ رائدةٍ في مجال الكريبتو، مثل ريبل (Ripple)، وجيميني (Gemini)، وكوين بيس (Coinbase)، الذين أعلنوا عن تعهداتٍ ماليةٍ كبيرةٍ، مؤكدين بذلك تزايد نفوذ قطاع العملات الرقمية في المشهد السياسي الأمريكي.
تُسلط هذه التطورات الضوء على العلاقة المتنامية بين عالم الأصول الرقمية سريع التوسع والمؤسسات السياسية التقليدية في واشنطن. فبينما تسعى شركات الكريبتو إلى تأمين بيئةٍ تنظيميةٍ مواتيةٍ لنموها، يجد السياسيون، بمن فيهم دونالد ترامب، في هذا القطاع مصدرًا جديدًا ومهمًا للدعم المالي والسياسي. يعكس هذا التحالف الجديد تحولًا كبيرًا في ديناميكيات القوة، حيث لم تعد العملات المشفرة مجرد ظاهرةٍ ماليةٍ فحسب، بل أصبحت لاعبًا رئيسيًا على الساحة السياسية، قادرًا على التأثير في الانتخابات والتشريعات.
ترامب يستضيف قادة الكريبتو في حملة جمع تبرعات ضخمة
استضاف دونالد ترامب حفل العشاء الفاخر في مقر إقامته السابق، البيت الأبيض، بهدف حشد الدعم المالي لمشروع قاعة رقصٍ جديدةٍ تبلغ مساحتها 90,000 قدم مربع. كان من بين الحضور قائمة حصرية من كبار الشخصيات، تضم روادًا في صناعة العملات المشفرة مثل كاميرون وتايلر وينكليفوس، الشريكين المؤسسين لمنصة تداول العملات الرقمية جيميني. وقد أكدت صحيفة وول ستريت جورنال حضورهما إلى جانب مجموعةٍ أخرى من كبار المانحين، مما يبرز الأهمية المتزايدة لهذه الشراكات.
يأتي دعم الأخوين وينكليفوس لترامب كاستمراريةٍ لسجلهما الثابت في حملاته السياسية ومبادراته التشريعية المتعلقة بالعملات المشفرة. فقد تعهد الأخوان في السابق بتقديم 2 مليون دولار أمريكي على شكل بيتكوين خلال حملة ترامب الرئاسية لعام 2024. كما قدما تبرعاتٍ ضخمةٍ بلغت 21 مليون دولار أمريكي إلى لجنة عملٍ سياسيٍ متحالفةٍ مع ترامب قبل انتخابات التجديد النصفي لعام 2026. هذه التبرعات لا تعكس مجرد دعمٍ ماليٍ، بل تشير إلى استثمارٍ استراتيجيٍ طويل الأجل في السياسات التي قد تكون مواتيةً لمصالحهم في قطاع الكريبتو.
لم يقتصر نشاطهما في واشنطن على التبرعات المالية فحسب، بل شمل أيضًا مشاركتهما الفعالة في الفعاليات التي تدعم سياسات الأصول الرقمية. ففي شهر يوليو، حضر الأخوان وينكليفوس مراسم توقيع مشروع قانون العملات المستقرة (GENIUS) في البيت الأبيض. وقد أبرز هذا الحدث العلاقات المتنامية بينهما وبين إدارة ترامب، مشيرًا إلى دورٍ متزايدٍ لهما في تشكيل مستقبل التنظيمات المالية الرقمية.
تنفيذيو ريبل يعززون العلاقات مع ترامب والإدارة الأمريكية
يُعد حضور الرئيس التنفيذي لشركة ريبل لابس (Ripple Labs)، براد غارلينغهاوس، ورئيس الشؤون القانونية، ستيوارت ألدروتي، في حفل جمع التبرعات هذا مؤشرًا آخر على النفوذ المتصاعد لصناعة الكريبتو. فقد بنى كلٌ من غارلينغهاوس وألدروتي علاقاتٍ قويةٍ مع دونالد ترامب منذ حملته الانتخابية لعام 2024. وشملت هذه العلاقة حضور فعاليات التنصيب وقمةً ركزت على العملات المشفرة استضافها ترامب في مارس، مما يدل على اهتمامٍ مشتركٍ ومتبادلٍ بين الطرفين.
لقد تكثف انخراط ريبل مع إدارة ترامب منذ مرور التشريعات المؤيدة للعملات المشفرة. وقد دعمت الشركة بقوةٍ قانون GENIUS، سعيًا منها للمساعدة في صياغة الأطر التنظيمية للعملات المشفرة بطريقةٍ تخدم مصالحها ومصالح الصناعة الأوسع. هذا الدعم لم يكن سريًا، حيث شوهدت إعلانات ريبل بشكلٍ واضحٍ في جميع أنحاء واشنطن العاصمة خلال الأحداث السياسية الرئيسية، مما يؤكد على جهودها الكبيرة في مجال الضغط والتأثير.
اجتمع تنفيذيو ريبل بانتظامٍ مع المشرعين والمنظمين لتعزيز اعتماد العملات المشفرة وتوضيح موقف الشركة من القضايا التنظيمية. يضيف ظهور غارلينغهاوس في البيت الأبيض وزنًا كبيرًا لنفوذ ريبل المتزايد في واشنطن. ويشير تواصله المستمر مع ترامب إلى وجود توافقٍ في الرؤى بشأن سياسات العملات المشفرة، مما قد يمهد الطريق لبيئةٍ تنظيميةٍ أكثر ملاءمةً للابتكار في هذا القطاع.
كوين بيس وعمالقة التكنولوجيا الآخرون ينضمون إلى ترامب في حفل جمع التبرعات
لم يكن براين أرمسترونج، الرئيس التنفيذي لكوين بيس، غائبًا عن هذه القائمة المهمة من الحضور في عشاء ترامب بالبيت الأبيض. يتوافق حضوره المستمر في الكابيتول هيل مع جهود كوين بيس للدفاع عن لوائح العملات المشفرة المواتية. وقد سبق له أن التقى بترامب بشكلٍ خاصٍ وقدم دعمه لقانون GENIUS، مما يبرز دوره المحوري في تشكيل السياسة المتعلقة بالعملات الرقمية.
وتشير التقارير إلى أن كوين بيس تبرعت بمليون دولار أمريكي لصندوق تنصيب ترامب لعام 2024، مما يؤكد على التزام الشركة بالانخراط السياسي على أعلى المستويات. لا يزال تركيز أرمسترونج في تعاملاته مع المشرعين الفيدراليين منصبًا على مشاريع قوانين هيكلة سوق العملات المشفرة، ويسلط حضوره في حفل جمع التبرعات الضوء على جهود التواصل السياسي الواسعة النطاق التي تبذلها الشركة لضمان مستقبلٍ مشرقٍ للعملات الرقمية.
تجاوز حضور الحفل قطاع الكريبتو ليشمل تنفيذيين من عمالقة التكنولوجيا التقليديين مثل جوجل وميتا ومايكروسوفت، بالإضافة إلى شركة لوكهيد مارتن المتخصصة في الصناعات الدفاعية، مما وسع نطاق المانحين من الشركات. كما حضرته كيلي لوفلر، الرئيسة التنفيذية السابقة لـ Bakkt، والتي تعمل حاليًا في إدارة الأعمال الصغيرة تحت إدارة ترامب. ومن اللافت أن حفل جمع التبرعات مضى قدمًا دون تأخير، على الرغم من الإغلاق الحكومي، مما يدل على الأولوية القصوى التي تُعطى لمثل هذه الأحداث.
مستقبل العملات المشفرة في ظل التحالفات السياسية الجديدة
يُشكل حفل العشاء هذا في البيت الأبيض أكثر من مجرد حدثٍ لجمع التبرعات؛ إنه يرمز إلى لحظةٍ فارقةٍ في العلاقة بين عالم العملات المشفرة المزدهر والساحة السياسية الأمريكية. إن التعهدات بملايين الدولارات من قبل قادة الكريبتو، إلى جانب حضورهم النشط في المناسبات السياسية، تؤكد على تزايد نفوذهم وسعيهم الحثيث لتشكيل البيئة التنظيمية لصالحه. هذا التحالف بين الرأسمال الجديد والتأثير السياسي قد يُحدث تحولًا جذريًا في كيفية النظر إلى العملات المشفرة وتنظيمها في المستقبل.
مع استمرار تطور هذا المشهد، يبقى السؤال الأهم هو: كيف ستؤثر هذه التحالفات السياسية على مستقبل الابتكار والاعتماد العام للعملات المشفرة؟ وهل سيؤدي هذا التقارب إلى تشريعاتٍ أكثر وضوحًا ودعمًا للصناعة، أم أنه سيزيد من التعقيدات؟ بغض النظر عن النتائج، فمن الواضح أن قطاع العملات المشفرة قد عزز موقعه كقوةٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ لا يمكن تجاهلها في واشنطن.
