هل بلغ قاع البيتكوين بالفعل؟ محلل يكشف عن احتمالية 91.5% ويقدم رؤية جريئة للمستقبل
في عالم العملات المشفرة المتقلب، تعد التنبؤات حول قاع السوق لحظات حاسمة تنتظرها مجتمعات المستثمرين والمتداولين بشغف. وفي تحليل جريء ومفاجئ، أثار محلل العملات الرقمية الشهير مايلز دويتشه (Miles Deutscher) جدلاً واسعاً بإصداره أقوى نداء حول “قاع” دورة البيتكوين الحالية. بتاريخ 4 ديسمبر، صرح دويتشه عبر حسابه على منصة X (تويتر سابقاً) بما يمكن اعتباره أحد أبرز تصريحات العام، حيث كتب: “فلتذهب! أنا أضع سمعتي على المحك هنا. أنا متأكد بنسبة 91.5% من أن قاع البيتكوين قد تحقق بالفعل”. هذا التصريح القوي لا يحمل مجرد توقع، بل يلمح إلى تحول كبير في المشهد المالي الرقمي، ويعني أنه إذا صدق توقعه، فإن الكثيرين ممن ينتظرون قيعانًا أعمق قد يجدون أنفسهم في موقف صعب بعد أن فوتوا فرصة الشراء من القاع. ولكن ما هي الأسس والتحليلات العميقة التي بنى عليها دويتشه قناعته الراسخة هذه؟ دعونا نتعمق في منهجيته ونكشف عن الركائز الأربع التي تدعم وجهة نظره المتفائلة.
الركائز الأربع التي تدعم قناعة دويتشه: نموذج تحليلي فريد لقاع البيتكوين
لا يعتمد مايلز دويتشه في تحليله على الحدس أو المشاعر، بل يبني قناعته على أربع ركائز أساسية، يتم تقييم كل منها بدقة في نموذج داخلي خاص به. هذا النموذج المتكامل يجمّع البيانات والمؤشرات ليخلص إلى قراءة صعودية مثيرة بلغت 91.5 من أصل 100 نقطة. هذه الركائز الحاسمة هي: رد فعل السوق للأخبار العالمية، السلوك التاريخي لأحداث التخويف والشك وعدم اليقين (FUD) المتكررة، التحول الملحوظ في تدفقات رأس المال داخل السوق، وأخيراً، تحسن بيئة السيولة العالمية والاقتصاد الكلي. دعونا نستكشف كل ركيزة بالتفصيل لنفهم كيف تشكل هذه الصورة الشاملة.
1. رد فعل السوق للأخبار: مؤشر قوة غير متوقع
يبدأ دويتشه بتحليل دقيق لسلوك السعر مقابل العناوين الرئيسية للأخبار، وهو ما يسميه “مؤشر قوة السوق”. يلاحظ أنه خلال الأيام الماضية، استوعب السوق بنجاح “تدفقاً كبيراً من الأخبار السيئة”، والتي لم تكن مجرد أخبار عابرة، بل شملت تجدد مخاوف وتخويف التيثر (Tether FUD) بشأن احتياطياتها، وجولة أخرى من الشائعات حول “حظر الصين للعملات المشفرة” – وهو سيناريو متكرر، بالإضافة إلى التدقيق المكثف والمخاوف حول حيازات شركة مايكروستراتيجي (MicroStrategy) من البيتكوين، وأيضاً القلق بشأن التأثير المحتمل لتفكيك عملية الين المربحة التي يقودها بنك اليابان على الأسواق العالمية.
يقول دويتشه بوضوح: “على الرغم من كل هذه الأخبار السيئة، ارتفع السعر”. ويصف هذا الحدث بأنه “المرة الأولى منذ بدء عمليات البيع الكبيرة” التي يستجيب فيها البيتكوين بشكل إيجابي ومقنع لدورة أخبار مدمرة كهذه. ويشدد على مقولة تداول قديمة ومعروفة لدى المتمرسين: “رد الفعل على الأخبار أهم من الخبر نفسه. وهذا يخبرك بكل ما تحتاج لمعرفته حول مرونة السوق”. هذه الركيزة تشير بقوة إلى نضوج السوق، وتزايد قدرته على استيعاب الصدمات السلبية، وتحول السرد من الخوف إلى المرونة، مما يجعلها إشارة قوية نحو تحقيق القاع وانعكاس الاتجاه.
2. السلوك التاريخي لأحداث التخويف (FUD): دليل متكرر على القيعان
تتمثل الركيزة الثانية في نظرة منهجية ومفصلة لما إذا كانت مجموعات أحداث الـ FUD هذه تتزامن عادة مع القيعان المحلية للسوق. يذكر دويتشه أنه قام باختبار شامل و”مكثف” لتاريخ السوق، حيث درس “كل مرة دخل فيها تخويف التيثر، أو شائعات حظر الصين، أو مخاوف بنك اليابان، أو مشكلات مايكروستراتيجي إلى السوق” بطريقة مماثلة ومكثفة. كانت نتيجته واضحة وصارمة، وقدمت نمطاً متكرراً: “في كل مرة، كانت أحداث الـ FUD هذه تمثل قاعاً محلياً. تخويف التيثر = قاع. ‘حظر’ الصين للعملات المشفرة = قاع. مخاوف بنك اليابان/الين = قاع. تخويف مايكروستراتيجي = قاع”.
على هذا الأساس التاريخي المتين، يمنح نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص به هذه الركيزة أقصى درجة ممكنة: 28/28. ويحذر من أن “هذا العامل بمفرده لا يهم كثيراً وقد يكون مضللاً”، لكنه يجادل بأن بالاشتراك مع الركيزة الأولى (رد فعل السعر)، فإنه “يبدأ في رسم صورة صعودية مقنعة للغاية ومبنية على بيانات تاريخية”. هذا الارتباط التاريخي القوي يوفر حجة لا يمكن تجاهلها بأن السوق قد تجاوز أسوأ فترات الذعر والتصفية، وأن القاع قد يكون قريباً جداً أو قد تحقق بالفعل.
3. التحول في تدفقات رأس المال: عامل حاسم لاتجاه السوق
يصف دويتشه الركيزة الثالثة بأنها “العامل الأكثر أهمية على الإطلاق (صافي ضغط الشراء/البيع)”، حيث تمثل مؤشراً حيوياً على صحة السوق واتجاهه. ففي الأسابيع والشهور الماضية، كانت التدفقات “سلبية بقوة” بشكل مستمر، مع بيع الحيتان القديمة (OG whales) لكميات كبيرة من البيتكوين، وتفريغ صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) لبعض مراكزها. لكنه يجادل بأن هذه الصورة القاتمة قد تغيرت مؤخراً بشكل ملحوظ. “بدأت تدفقات صناديق المؤشرات المتداولة في الاستقرار ثم الارتفاع”، وظلت حيازات الشركات الكبرى والمؤسسات في الخزائن مستقرة دون تغييرات كبيرة، والأهم من ذلك، “توقفت الحيتان القديمة عن التفريغ بلا هوادة (وهذا واضح جداً في دفاتر الطلبات ومؤشرات السوق)”.
تحصل هذه الركيزة الحيوية على درجة 22.5/25 في نموذجه، مما يعكس أهميتها القصوى. ويضيف دويتشه تحذيراً رئيسياً وواقعياً: طالما أن “الأسواق المشتقة بالرافعة المالية (DATs)” موجودة وتلعب دوراً كبيراً، “توجد مخاطر مادية لا يمكن إغفالها”. ومع ذلك، فإن هذا التحول الواضح في التدفقات يشير إلى عودة الاهتمام من المستثمرين المؤسسيين والأفراد، وانخفاض ضغط البيع من كبار الملاك، مما يعزز بقوة فكرة وجود قاع وانتقال محتمل إلى مرحلة تراكم جديدة.
4. بيئة السيولة الكلية والاقتصاد الكلي: رياح خلفية داعمة
الركيزة الرابعة تتناول العوامل الكلية التي تؤثر على جميع الأسواق المالية. يشير دويتشه إلى أن سيولة السوق كانت تتقلص وتتشدد لعدة أشهر، مما خلق بيئة صعبة للأصول الخطرة. لكن “الأمور تتجه الآن نحو زيادة سيولة السوق” بشكل واضح، مع “تخفيف الظروف المالية العالمية إلى مستويات شبه عالية”، مما يعني أن هناك المزيد من الأموال المتاحة في النظام المالي. ويسلط الضوء على “الرياح الخلفية للاقتصاد الكلي” الهامة، ويضيف أن رئيساً جديداً للاحتياطي الفيدرالي (Fed chair) محتملاً أكثر مرونة وتسامحاً مع التضخم قادم، وأن “برنامج التيسير الكمي (QT) قد انتهى الآن رسمياً”، مما يزيل ضغطاً كبيراً على السيولة.
تحصل هذه المجموعة من العوامل الكلية على درجة 9/10 في إطاره التحليلي. يعني تحسن ظروف السيولة أن هناك المزيد من الأموال المتاحة للاستثمار في الأصول الخطرة مثل البيتكوين، بينما تشير التغييرات في السياسة النقدية، خاصة انتهاء التيسير الكمي، إلى بيئة اقتصادية عالمية أكثر دعماً للنمو واستقرار الأسواق، وهو ما يعد عاملاً حاسماً في دعم أي انتعاش في أسواق العملات المشفرة.
تجميع الركائز والنتيجة النهائية: قناعة مبنية على البيانات
يؤدي تجميع وتحليل جميع الركائز الأربع، مع الأخذ في الاعتبار الأوزان والدرجات المخصصة لكل منها في نموذج دويتشه الداخلي، إلى الرقم الرئيسي الذي أعلنه: “مع أخذ جميع ركائز السوق الأربع في الاعتبار، نصل إلى درجة نهائية قدرها 91.5/100”. هذه النتيجة المرتفعة للغاية، والتي تقترب من اليقين، تدعم بقوة وجهة نظر دويتشه بأن قاع البيتكوين قد تحقق بالفعل، وأن السوق مهيأ لمرحلة جديدة من النمو.
تحذيرات دويتشه: رؤية واقعية ومنطقية
وعلى الرغم من قناعته القوية، فإن دويتشه لا يقدم توقعه هذا بيقين مطلق، بل يسرد صراحة بعض التحذيرات الهامة والواقعية التي يجب أخذها في الاعتبار. يشير إلى أن الأسواق الأمريكية “شهدت صعوداً هائلاً” في الفترة الأخيرة وقد تحتاج إلى فترة تهدئة أو تصحيح، وأن الأسواق المشتقة بالرافعة المالية (DATs) “لا تزال تشهد بعض الضغط على المدى القصير” مما قد يسبب تقلبات، وأن تدفقات صناديق المؤشرات المتداولة “يمكن أن تتحول إلى سلبية في أي وقت” إذا تغيرت ظروف السوق.
يخلص دويتشه إلى استنتاج احتمالي ومرن بدلاً من كونه مطلقاً أو قاطعاً: “الأسواق هي لعبة احتمالات، وأعتقد أن الاحتمالات تميل بقوة إلى أن القاع قد تحقق – نظراً للتخويف الشديد الذي شهدناه ورد فعل السوق المرن والمقاوم له”. في وقت كتابة هذا التقرير، تم تداول البيتكوين بسعر 91,035 دولاراً أمريكياً، مما يعكس اهتماماً متزايداً بهذه العملة الرقمية الرائدة ويدعم جزئياً رؤية دويتشه.
ختاماً: هل نحن على أعتاب مرحلة جديدة للبيتكوين؟
تحليل مايلز دويتشه يقدم رؤية متعمقة ومبنية على أسس متعددة ومعقدة حول وضع البيتكوين الحالي، مما يوفر للمستثمرين والمتداولين منظوراً شاملاً لتحديد استراتيجياتهم. بينما لا يمكن لأحد أن يجزم بالمستقبل أو يقدم ضمانات، فإن هذه الركائز الأربع توفر إطاراً تحليلياً قوياً لفهم ديناميكيات سوق العملات المشفرة. يبقى السؤال: هل أنت مستعد لتقييم محفظتك وإعادة تموضعها في ضوء هذه التطورات والتحليلات الجريئة التي قد تشير إلى نهاية فترة الهبوط وبداية دورة صعودية جديدة للبيتكوين؟
