ektsadna.com
أخبار العملات الرقميةأخبار عامة

كوين بيس تواجه مقاومة شرسة من لوبي البنوك لطلب ترخيصها الائتماني

كوين بيس تواجه مقاومة شرسة من لوبي البنوك لطلب ترخيصها الائتماني

في خطوة جريئة تهدف إلى سد الفجوة بين عالم العملات المشفرة سريع التطور والقطاع المالي التقليدي الراسخ، تقدمت كوين بيس (Coinbase)، إحدى أكبر بورصات العملات المشفرة في العالم، بطلب للحصول على ترخيص شركة ائتمان وطنية (National Trust Company Charter) في أكتوبر 2023. يمثل هذا الطلب جزءًا محوريًا من استراتيجية كوين بيس لتعزيز شرعية العملات الرقمية ودمجها بشكل أكبر في النظام المالي الأوسع. ومع ذلك، لم يمر هذا المسعى دون تحديات، حيث واجهت كوين بيس معارضة قوية ومنظمة من جمعية المصرفيين المجتمعيين المستقلين (ICBA)، وهي جماعة ضغط مصرفية قوية تسعى جاهدة لحماية مصالح أعضائها من البنوك التقليدية الصغيرة والمتوسطة. هذه المعركة التنظيمية لا تسلط الضوء فقط على التوتر المتزايد بين اللاعبين الجدد في مجال التكنولوجيا المالية والمؤسسات المالية التقليدية، بل تكشف أيضًا عن التحديات الكبيرة التي تواجه الجهات التنظيمية في محاولة فهم وتنظيم المشهد المتغير باستمرار.

لماذا تسعى كوين بيس للحصول على ترخيص ائتماني وطني؟

إن سعي كوين بيس للحصول على ترخيص ائتماني وطني ليس مجرد إجراء بيروقراطي، بل هو خطوة استراتيجية عميقة الأثر. يهدف هذا الترخيص إلى تمكين كوين بيس من تقديم خدمات ائتمانية منظمة، مما يعزز الثقة بين المستثمرين والمؤسسات التي تتطلع إلى الانخراط في المشفرة. من خلال العمل كشركة ائتمان وطنية، ستتمكن كوين بيس من تقديم خدمات حضانة الأصول الرقمية (crypto custody) بطريقة تتوافق مع المعايير التنظيمية الصارمة، مما يوفر طبقة إضافية من الأمان والشرعية. هذا التوجه نحو التنظيم يعكس التزام كوين بيس بالعمل ضمن الأطر القانونية القائمة، وهو أمر حيوي لجذب المزيد من ال المؤسسي وتوسيع قاعدة المستخدمين خارج نطاق المتحمسين الأوائل للعملات المشفرة. تسعى كوين بيس بشكل واضح إلى أن تكون جسرًا موثوقًا بين الابتكار المالي الرقمي والاحتياجات التقليدية للحفاظ على رأس المال وإدارة المخاطر، مما يضعها في طليعة الجهود الرامية لدمج العملات المشفرة في الاقتصاد العالمي.

جمعية المصرفيين المجتمعيين المستقلين (ICBA) تثير الاعتراضات

لم تتأخر جمعية المصرفيين المجتمعيين المستقلين (ICBA) في التعبير عن معارضتها الشديدة لطلب كوين بيس. ففي رسالة حادة اللهجة موجهة إلى مكتب مراقب العملة (OCC)، عبرت الجمعية عن “معارضتها الصارمة” لتطبيق كوين بيس، مقدمة مجموعة من الحجج التي تهدف إلى تقويض أسس الطلب. تركزت اعتراضات ICBA بشكل أساسي على ما وصفته بالعناصر “غير المختبرة” في اقتراح كوين بيس، لا سيما فيما يتعلق بممارسات حضانة العملات المشفرة. أعربت الجمعية عن قلقها البالغ من أن هذه الممارسات قد لا تكون قوية بما يكفي لتحمل تقلبات سوق العملات المشفرة، مما قد يعرض العملاء للخطر. علاوة على ذلك، زعمت ICBA أن شركة كوين بيس الفرعية قد “تكافح للحفاظ على ربحيتها خلال فترات الركود في السوق”، مشيرة إلى الطبيعة الدورية وعدم الاستقرار المتأصل في أسواق العملات المشفرة. هذا القلق من الاستدامة المالية يبرز التحديات التي يواجهها منظمو الأصول التقليدية عند تقييم الكيانات العاملة في مساحة الأصول الرقمية. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أثارت ICBA أيضًا مخاوف أوسع بشأن “الآثار المترتبة على المصلحة العامة”، مطالبة مكتب مراقب العملة إما برفض الطلب بشكل قاطع أو تمديد فترة المراجعة بشكل كبير للسماح بمزيد من التدقيق. تهدف هذه الاعتراضات إلى حماية النموذج المصرفي التقليدي وتأخير أو منع دخول شركات العملات المشفرة إلى مجال الخدمات المالية المنظمة، مما يعكس صراعًا أوسع حول مستقبل الصناعة المصرفية.

تستند حجة ICBA إلى فكرة أن السماح لشركة عملات مشفرة بالعمل كشركة ائتمان من شأنه أن يفتح الباب أمام مخاطر غير مسبوقة للنظام المالي. وتجادل بأن الافتقار إلى السجل التنظيمي الطويل لكوين بيس، مقارنة بالبنوك التقليدية التي تعمل منذ عقود تحت إشراف صارم، يجعلها مرشحًا غير مناسب لمثل هذا الترخيص. تتخوف الجمعية من أن تؤدي الابتكارات في مجال العملات المشفرة، التي لم يتم اختبارها بعد في بيئات مالية متطرفة، إلى عواقب وخيمة على الاستقرار المالي. كما تشير إلى أن الطبيعة الة والسرية المحتملة لبعض جوانب العملات المشفرة قد تعيق قدرة الهيئات التنظيمية على الإشراف الفعال، مما يزيد من المخاطر المحتملة لغسل الأموال و الإرهاب. في جوهرها، ترى ICBA أن المخاطر تفوق بكثير الفوائد المحتملة للسماح لكوين بيس بدخول هذا المجال، وأن الوقت قد حان لتأخذ الجهات التنظيمية موقفًا أكثر حذرًا في مواجهة التطورات السريعة في قطاع العملات المشفرة.

دفاع كوين بيس القوي عن طلبها

في مواجهة هذا الهجوم المنظم من قبل ICBA، لم تقف كوين بيس مكتوفة الأيدي. فقد دافعت المنصة بقوة عن طلبها للحصول على ترخيص شركة ائتمان وطنية. كان بول غريوال (Paul Grewal)، كبير المسؤولين القانونيين في كوين بيس، في طليعة هذا الدفاع، حيث وجه انتقادات لاذعة إلى جماعة الضغط المصرفية. كتب غريوال على منصة X (تويتر سابقًا) معلقًا بتهكم: “تخيل أنك تعارض ترخيصًا ائتمانيًا منظمًا لأنك تفضل أن تظل العملات المشفرة… غير منظمة”. هذه العبارة البليغة تلخص كوين بيس بأن معارضة ICBA لا تدعم المصلحة العامة، بل تسعى بدلاً من ذلك إلى الحفاظ على الوضع الراهن حيث يمكن للبنوك التقليدية حماية مصالحها الخاصة من خلال عرقلة التقدم التنظيمي في مجال العملات المشفرة. يرى غريوال أن ICBA تحاول “حفر خنادق تنظيمية” لحماية مصالحها الخاصة، وذلك من خلال محاولة إعاقة الابتكار وخلق حواجز أمام المنافسة العادلة. هذا التكتيك، وفقًا لغريوال، يمثل “حماية للمصالح الذاتية” وليس حرصًا على استقرار النظام المالي. وشددت كوين بيس مرارًا وتكرارًا على أنها لا تنوي التحول إلى بنك من خلال هذا التطبيق، بل تسعى بدلاً من ذلك إلى توفير خدمات ائتمانية متخصصة ومنظمة تتكامل مع عروضها الحالية في مجال العملات المشفرة. يؤكد هذا الدفاع القوي على التزام كوين بيس بالامتثال التنظيمي والسعي لتطوير إطار عمل يسمح بالابتكار المسؤول في قطاع الأصول الرقمية، مع التأكيد على أن الشفافية والمساءلة هما ركيزتان أساسيتان لنمو الصناعة.

تعتقد كوين بيس أن تنظيم خدمات العملات المشفرة من خلال هياكل ائتمانية قائمة سيؤدي إلى بيئة أكثر أمانًا للمستهلكين والمؤسسات على حد سواء. وترفض فكرة أن العملات المشفرة يجب أن تظل في منطقة رمادية غير منظمة، مشيرة إلى أن هذا هو بالضبط ما يزيد المخاطر بدلاً من تقليلها. من وجهة نظر كوين بيس، فإن الحصول على ترخيص ائتماني وطني سيوفر إشرافًا تنظيميًا واضحًا، مما يجبر المنصة على الالتزام بمعايير صارمة للنزاهة المالية والأمن السيبراني وحماية العملاء. هذه المعايير، التي تخضع لها البنوك التقليدية بالفعل، ستساعد في بناء الثقة وتوفير الوضوح اللازم للمستثمرين المترددين. إن موقف كوين بيس هو أن التنظيم ليس عائقًا للابتكار، بل هو عامل تمكين أساسي للنمو المستدام والمسؤول في قطاع العملات المشفرة. كما أنهم يشيرون إلى أن حماية مصالح البنوك التقليدية على حساب الابتكار وتقدم التكنولوجيا ليس في صالح الاقتصاد ككل، بل يعرقل التطور الطبيعي للخدمات المالية في العصر الرقمي.

نظرة مكتب مراقب العملة (OCC) على الطلب: ومستقبل

مع هذا النقاش المحتدم بين كوين بيس وICBA، يقع العبء الأكبر الآن على عاتق مكتب مراقب العملة (OCC). إن عملية مراجعة OCC لطلب كوين بيس ليست سريعة بأي حال من الأحوال، ومن المتوقع أن تستغرق ما بين 12 إلى 18 شهرًا لاتخاذ قرار نهائي. خلال هذه الفترة، سيقوم المكتب ب معمق لجميع جوانب الطلب، مع الأخذ في الاعتبار المخاوف التي أثارتها ICBA، بالإضافة إلى الفوائد المحتملة التي قد يجلبها الترخيص للنظام المالي الأوسع. لا يزال القرار معلقًا، مما يترك كوين بيس في حالة ترقب، ولكن هذا لا يثنيها عن سعيها الحثيث لسد الفجوة بين العملات المشفرة والخدمات المصرفية التقليدية. تواصل كوين بيس التأكيد على التزامها الصارم بالامتثال للوائح وتشجيع الابتكار ضمن القطاع المالي، معتبرة أن هذه الخطوات ضرورية لمستقبل التمويل. من المهم ملاحظة أن OCC لم تتخذ بعد قرارات علنية بشأن طلبات مماثلة من شركات أخرى بارزة في مجال العملات المشفرة مثل (Ripple) وسيركل (Circle)، مما يشير إلى نهج حذر ومتروٍ من قبل الجهات التنظيمية تجاه دمج الأصول الرقمية في الأطر المالية التقليدية. هذا التردد يعكس التعقيد والآثار المحتملة لهذه القرارات على المشهد المالي بأكمله، ويؤكد على الحاجة إلى دراسة متأنية لكل حالة على حدة. يبقى طلب كوين بيس للحصول على ترخيص ائتماني قيد التدقيق المكثف، مع احتمال استمرار المراجعة لفترة طويلة، مما يجعله نقطة محورية في تطور العلاقة بين العملات المشفرة والتمويل التقليدي.

تعتبر هذه المراجعة من قبل OCC بمثابة لحظة فارقة ليس فقط لكوين بيس، بل للصناعة بأكملها. فالقرار الذي سيتخذه مكتب مراقب العملة يمكن أن يحدد سابقة لكيفية دمج الأصول الرقمية والخدمات المتعلقة بها في النظام المالي المنظم. إذا تم منح الترخيص لكوين بيس، فإنه سيمثل انتصارًا كبيرًا لمؤيدي العملات المشفرة، ويفتح الباب أمام المزيد من الابتكار والقبول المؤسسي. أما إذا تم رفضه، فإنه قد يعزز موقف جماعات الضغط المصرفية ويعيق التقدم التنظيمي في هذا المجال لفترة من الزمن. بغض النظر عن النتيجة النهائية، فإن هذه العملية تسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى حوار مستمر وتعاون بين الجهات التنظيمية وشركات التكنولوجيا المالية والمؤسسات المالية التقليدية لوضع إطار عمل شامل يدعم الابتكار مع حماية المستهلكين ويحافظ على الاستقرار المالي. إن مستقبل التمويل يتوقف على قدرة هذه الأطراف على التكيف والتعاون في وجه التحديات الجديدة التي تفرضها الثورة الرقمية.

الخلاصة: معركة مستمرة من أجل مستقبل التمويل

إن المعركة الدائرة بين كوين بيس وجمعية المصرفيين المجتمعيين المستقلين حول طلب الترخيص الائتماني هي أكثر من مجرد نزاع تنظيمي؛ إنها معركة حول رؤيتين مختلفتين لمستقبل التمويل. تسعى كوين بيس إلى قيادة الطريق نحو دمج العملات المشفرة في التيار الرئيسي للخدمات المالية، بينما تسعى ICBA إلى حماية البنية التحتية المصرفية التقليدية من ما تعتبره تهديدًا جديدًا وغير مستقر. إن قرار مكتب مراقب العملة سيكون له تداعيات بعيدة المدى على كل من قطاع العملات المشفرة والقطاع المالي التقليدي. وبينما ننتظر هذا القرار، تظل كوين بيس ثابتة في التزامها بالابتكار المنظم، مؤكدة أن التنظيم ليس عائقًا، بل هو جسر نحو مستقبل مالي أكثر شمولاً وابتكارًا. يبقى السؤال: هل ستمهد الجهات التنظيمية الطريق أمام هذا الجسر، أم أنها ستفضل الإبقاء على الخنادق التنظيمية التي تحمي المصالح القائمة؟ الأيام والشهور القادمة ستحمل الإجابة.

مواضيع مشابهة