ektsadna.com
العملات الرقمية الرائدة

مدفوعات العملات الرقمية في بوليفيا تقفز 630% مسجلة 430 مليون دولار




مدفوعات العملات الرقمية تقفز 630% في بوليفيا.. البنك المركزي يسجل 430 مليون دولار منذ رفع الحظر

مدفوعات العملات الرقمية تقفز 630% في بوليفيا.. البنك المركزي يسجل 430 مليون منذ رفع الحظر

شهدت مدفوعات العملات الرقمية في بوليفيا نمواً هائلاً، حيث أعلن البنك المركزي البوليفي (BCB) في 27 يونيو عن تسجيل إجمالي معاملات محلية بقيمة 430 مليون دولار أمريكي في فترة الـ 12 شهراً التي تلت إعادة فتح القنوات الرسمية للمدفوعات من قبل الهيئات التنظيمية. يمثل هذا الرقم قفزة مذهلة بلغت 630% مقارنة بالعام السابق، مما يسلط الضوء على التبني المتزايد للأصول الرقمية داخل البلاد.

وفقاً ل البنك المركزي البوليفي، قام المستخدمون بتنفيذ 10,193 عملية بقيمة إجمالية بلغت 611 مليون بوليفيانو (BOB) حتى 31 مايو 2025، أي ما يعادل حوالي 88 مليون دولار أمريكي. تُظهر هذه الأرقام النشاط المتزايد في الرقمية البوليفي، الذي كان سابقاً يخضع لحظر أكثر صرامة.

توزيع المعاملات يكشف تفاصيل مثيرة للاهتمام. فقد نفذ الأشخاص الطبيعيون 86% من هذه التحويلات، وشكل الرجال 77% من هذه المجموعة. يؤكد هذا التوزيع أن الأفراد هم المحرك الرئيسي للنشاط في هذا القطاع حالياً. من المهم ملاحظة أن التقرير لم يشمل سوى التدفقات عبر القنوات المسجلة لدى هيئة الإشراف على النظام المالي (ASFI)، مما يعني أن النشاط بين النظراء (Peer-to-Peer) الذي يتم خارج هذه القنوات لم يُحتسب ضمن الإجمالي، وبالتالي فإن الحجم الفعلي للمعاملات قد يكون أعلى.

وفيما يتعلق بالمنصات المستخدمة، أشار التقرير إلى أن القنوات المرتبطة ب (Binance) استحوذت على الحصة الأكبر من هذه المعاملات، مما يدل على هيمنة المنصات العالمية الكبرى حتى في الأسواق الناشئة مثل بوليفيا.

تسلط أحجام التداول في النصف الأول من العام الضوء بشكل أكبر على وتيرة النمو المتسارعة. فقد ارتفعت مدفوعات العملات الرقمية من 46.5 مليون دولار أمريكي في الأشهر الستة الأولى من عام 2024 إلى 294 مليون دولار أمريكي في الفترة المماثلة من عام 2025. هذه الزيادة الكبيرة في فترة قصيرة تعكس التحول الكبير في موقف الهيئات التنظيمية والمواطنين على حد سواء تجاه الأصول الرقمية.

استراتيجية الرقابة والتنظيم: تمهيد الطريق للنمو المسؤول

هذا النمو الملحوظ يأتي في أعقاب القرار رقم 082/2024، الصادر في 25 يونيو من العام الماضي، والذي شكل نقطة تحول حاسمة. فقد اعترف هذا القرار رسمياً بـ “الأصول الافتراضية” وسمح للبنوك بتوجيه أوامر العملاء إلى . كان هذا الاعتراف خطوة ضرورية لدمج العملات الرقمية في النظام المالي الرسمي وتوفير بيئة أكثر وضوحاً للمستخدمين والمؤسسات المالية.

لم يقتصر التوسع على القطاع الخاص، بل امتد ليشمل القطاع العام أيضاً. في 13 مارس، سمحت السلطات لشركة الطاقة الوطنية البوليفية (YPFB) باستخدام الأصول الرقمية لدفع ثمن واردات الوقود. جاء هذا القرار مدفوعاً بنقص حاد في الدولار ونقص مستمر في إمدادات الوقود، مما يشير إلى أن الحكومة ترى في العملات الرقمية وسيلة محتملة للتغلب على التحديات الاقتصادية التقليدية.

لم تتوقف جهود البنك المركزي عند الاعتراف والسماح، بل امتدت لتشمل تعزيز الشفافية والرقابة. صرح البنك المركزي البوليفي بأنه سينشر لوحات بيانات ربع سنوية حول نشاط منصات التداول وسيتعاون مع السلطة الضريبية الوطنية (SIN) لدمج ات المحافظ الرقمية مع سجلات ضريبة القيمة المضافة الحالية. هذه الخطوات تهدف إلى ضمان الامتثال الضريبي وتتبع التدفقات المالية المرتبطة بالعملات الرقمية.

فُرضت أيضاً متطلبات صارمة على البنوك التي تتعامل مع الأصول الرقمية. يجب على البنوك تقديم تقارير يومية عن تدفقات العملات الرقمية والحفاظ على فحص فوري مقابل قائمة عقوبات مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC). هذه الإجراءات تهدف إلى مكافحة غسيل الأموال و الإرهاب وضمان عدم استخدام العملات الرقمية في أنشطة غير قانونية.

في الفترة التي غطاها التقرير، أشارت الهيئات التنظيمية إلى 27 حساباً لفحص معزز، لكنها لم تفرض أي غرامات، مما يشير إلى أن التركيز الحالي هو على الفهم المبكر والامتثال بدلاً من العقوبات الصارمة الفورية.

وفي سياق حماية المستهلك، حذر المسؤولون من أن المحافظ الحاضنة (custodial wallets)، التي تحتفظ فيها جهة خارجية بالمفاتيح الخاصة للمستخدم، مستثناة من نظام تأمين الودائع الوطني. هذا التحذير يهدف إلى توعية المستخدمين بالمخاطر المرتبطة بالاعتماد على أطراف ثالثة لإدارة أصولهم الرقمية.

كما حث المسؤولون المستخدمين على اتخاذ خطوات احترازية لضمان أمان أصولهم. وشملت التوصيات الرئيسية الاحتفاظ بمفاتيحهم الخاصة في وضع عدم الاتصال بالإنترنت والتحقق الدقيق من تهجئة اسم النطاق قبل تسجيل الدخول إلى أي منصة أو خدمة. ولتعزيز الوعي بالمخاطر، تضمنت وحدات التثقيف المالي عروضاً حية لعمليات احتيال ال باستخدام التزييف العميق (deep-fake) التي استهدفت مؤخراً مجموعات واتساب في لاباز، عاصمة بوليفيا. هذا يدل على أن السلطات تدرك التهديدات السيبرانية المرتبطة بالأصول الرقمية وتعمل على تثقيف الجمهور للتعامل معها.

الحواجز القانونية الجديدة وحملة التوعية الوطنية: بيئة أكثر أماناً

واصلت حكومة الرئيس لويس آرسي تعزيز الإطار التنظيمي في مايو الماضي بإصدار المرسوم الأعلى 5384. يمثل هذا المرسوم خطوة مهمة نحو تنظيم قطاع التكنولوجيا المالية ومقدمي خدمات الأصول الافتراضية، حيث يفرض عليهم الحصول على تراخيص رسمية. يهدف هذا الترخيص إلى ضمان عمل هذه الشركات ضمن إطار قانوني واضح وتحت إشراف الهيئات المختصة.

ينص المرسوم أيضاً على ضرورة تطبيق ضوابط مكافحة غسيل الأموال (AML) بما يتماشى مع إرشادات مجموعة العمل المالي لأمريكا اللاتينية (GAFILAT). كما يحدد المرسوم مفاهيم أساسية مثل الأصول الرمزية (tokenized assets)، وشبكات البلوك تشين (blockchain networks)، والتزامات الحضانة (custody obligations). تم منح هيئة الإشراف على النظام المالي (ASFI) مهلة 40 يوم عمل لنشر القواعد التنفيذية لهذا المرسوم، مما يشير إلى الجدية في تطبيق هذا الإطار الجديد بسرعة نسبية.

بالتوازي مع الإصلاح القانوني، أطلق البنك المركزي البوليفي حملة تثقيف وطنية واسعة النطاق. تهدف هذه الحملة إلى زيادة الوعي العام حول العملات الرقمية والمخاطر المرتبطة بها. جدول المسؤولون ورش عمل في جميع المقاطعات التسع في بوليفيا لتغطية موضوعات حيوية مثل إدارة المفاتيح الخاصة، تقلبات الأسعار، ومنع الاحتيال. تُظهر هذه الحملة أن السلطات تدرك أن التنظيم القانوني وحده ليس كافياً وأن تثقيف المواطنين هو عنصر أساسي لضمان التبني المسؤول والآمن للأصول الرقمية.

يعكس هذا الجهد المزدوج، المتمثل في بناء إطار قانوني قوي وتطبيق برنامج تثقيفي شامل، رؤية استباقية من قبل السلطات البوليفية للاستفادة من إمكانات الأدوات الرقمية الحديثة مع التخفيف من المخاطر المحتملة. فكما جاء في التقرير: “يمكن للأدوات الرقمية الحديثة تحسين النشاط الاقتصادي، ولكن يجب على المواطنين فهم المخاطر”.

إن القفزة بنسبة 630% في حجم مدفوعات العملات الرقمية في بوليفيا خلال عام واحد منذ رفع الحظر ليست مجرد إحصائية؛ إنها مؤشر على تغيير كبير في المشهد المالي للبلاد. يدل هذا النمو على وجود طلب كامن كبير على الأصول الرقمية وقدرة الهيكل التنظيمي الجديد على تلبية جزء منه. في حين أن التحديات لا تزال قائمة، لا سيما فيما يتعلق بتثقيف الجمهور ومكافحة الأنشطة غير المشروعة، فإن الأرقام الأخيرة والتطورات التنظيمية تشير إلى مسار واعد نحو دمج العملات الرقمية بشكل أكبر في الاقتصاد البوليفي.

من المتوقع أن تستمر أحجام التداول في النمو مع استمرار تطبيق الإطار التنظيمي الجديد وزيادة الوعي العام. سيلعب التعاون بين البنك المركزي والسلطة الضريبية والهيئات الإشرافية الأخرى دوراً حاسماً في ضمان أن هذا النمو يتم بطريقة مسؤولة وشفافة. كما سيكون دور القطاع الخاص، بما في ذلك منصات التداول ومقدمي خدمات الأصول الافتراضية المرخصين حديثاً، مهماً في تقديم خدمات آمنة وموثوقة للمستخدمين.

في الختام، تُظهر تجربة بوليفيا كيف يمكن للتغييرات التنظيمية المدروسة أن تفتح الباب لنمو هائل في تبني العملات الرقمية. القفزة من 46.5 مليون دولار إلى 294 مليون دولار في النصف الأول من العام، وتسجيل 430 مليون دولار في عام واحد، هي أرقام لا يمكن تجاهلها. مع استمرار تطبيق المرسوم الأعلى 5384 وحملة التوعية الوطنية، يبدو مستقبل العملات الرقمية في بوليفيا مشرقاً، ولكنه يتطلب يقظة مستمرة من جميع الأطراف لضمان الاستفادة الكاملة من فوائد هذه التكنولوجيا مع حماية المستخدمين والنظام المالي من المخاطر.

مواضيع مشابهة