إيثيريوم تستعد لارتفاع سعري مع اقتراب عدد الحائزين على المدى القصير من 4 ملايين – إليك الأسباب
شهد سوق العملات الرقمية بشكل عام، وعملة إيثيريوم (ETH) بشكل خاص، انتعاشًا ملحوظًا في أواخر شهر أبريل، حيث تمكنت ثاني أكبر عملة رقمية من حيث القيمة السوقية من العودة للتداول فوق مستوى 1800 دولار. يأتي هذا التعافي بعد فترة تصحيح سعري مطولة بدأت تقريبًا في ديسمبر 2024، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت هذه العملة البديلة البارزة قد وجدت أخيرًا الزخم الصعودي اللازم لتغيير مسار حظوظ المستثمرين. ومما يثير الاهتمام، أن المحلل البارز في سوق العملات المشفرة، بورك كيسميجي، قد سلط ضوءًا إيجابيًا على هذا التطور الأخير، مقترحًا وجود مؤشرات قد تبشر بمرحلة صعودية قادمة.
لقد كانت الأشهر القليلة الماضية مليئة بالتحديات بالنسبة لمستثمري إيثيريوم، حيث واجه السعر ضغوطًا بيعية متزايدة وتقلبات حادة أدت إلى تآكل جزء كبير من المكاسب التي تحققت سابقًا. ومع ذلك، فإن المرونة التي أظهرتها العملة في الارتداد من مستويات الدعم الرئيسية، والعودة فوق حاجز 1800 دولار النفسي، قد أعادت بعض التفاؤل إلى السوق. يبقى السؤال الأهم الآن: هل هذا التعافي مجرد ارتداد مؤقت ضمن اتجاه هابط أوسع، أم أنه بداية لموجة صعودية مستدامة يمكن أن تدفع الأسعار إلى مستويات أعلى بكثير؟ تحليل كيسميجي يقدم رؤى قيمة بناءً على بيانات السلسلة (on-chain data)، وتحديدًا سلوك فئتين رئيسيتين من حائزي العملة.
تدفقات مستثمري التجزئة في إيثيريوم تدعم التوقعات الصعودية
في منشور له على منصة X (تويتر سابقًا) بتاريخ 2 مايو، طرح المحلل المخضرم بورك كيسميجي فرضية مثيرة للاهتمام مفادها أن إيثيريوم قد تكون على وشك الدخول في اتجاه صعودي طويل الأمد. ويستند كيسميجي في تحليله هذا على دراسة نشاط فئة معينة من المستثمرين تُعرف باسم “الحائزين على المدى القصير” (Short-Term Holders أو STH). وفقًا لتحليله، يتجه عدد هؤلاء الحائزين نحو عتبة محددة، يشير تجاوزها تاريخيًا إلى بداية ارتفاع سعري طويل الأمد لعملة إيثيريوم. هذا المؤشر، المستمد من تحليل بيانات البلوك تشين، يوفر نافذة على ديناميكيات العرض والطلب وسيكولوجية المستثمرين الجدد أو الأكثر نشاطًا في السوق.
يعتبر تحليل سلوك المجموعات المختلفة من حائزي العملات الرقمية أداة قوية لفهم معنويات السوق وتوقع تحركاته المستقبلية المحتملة. فبينما يمثل الحائزون على المدى الطويل (LTH) عادةً قناعة راسخة بآفاق الأصل على المدى البعيد، يعكس الحائزون على المدى القصير (STH) بشكل أكبر الاهتمام المتجدد، والمضاربة، وردود الفعل السريعة تجاه تغيرات الأسعار والأخبار. لذلك، فإن مراقبة التغيرات في حجم ونشاط مجموعة STH يمكن أن تقدم إشارات مبكرة حول التحولات المحتملة في اتجاه السوق.
من هم الحائزون على المدى القصير (STH) في سوق إيثيريوم؟
في سياق سوق إيثيريوم، يشير مصطلح “الحائزين على المدى القصير” (STH) إلى المحافظ أو العناوين التي قامت بشراء أو الحصول على عملة ETH مؤخرًا، وتحديدًا خلال فترة تقل عادةً عن 155 يومًا. يعتبر هذا الإطار الزمني (أقل من 155 يومًا) معيارًا شائعًا في تحليلات بيانات السلسلة للتمييز بين المستثمرين الذين دخلوا السوق حديثًا أو يميلون للتداول بشكل متكرر، وأولئك الذين يحتفظون بأصولهم لفترات أطول. يتميز هؤلاء المستثمرون عادةً بحساسيتهم العالية لاتجاهات السوق وتقلبات الأسعار. غالبًا ما يكون دافعهم الأساسي هو المضاربة وتحقيق أرباح سريعة بدلاً من الاقتناع طويل الأمد بأساسيات المشروع أو قيمته الجوهرية. ونتيجة لذلك، يكونون أكثر عرضة للبيع عند ظهور أولى علامات ضعف السوق أو لتحقيق أرباح متواضعة.
إن طبيعة هذه الفئة من المستثمرين تجعلها مؤشرًا جيدًا على “الدم الجديد” الذي يدخل السوق. عادةً ما يشير ارتفاع عدد الحائزين على المدى القصير إلى تجدد الاهتمام بالسوق، ربما بسبب أخبار إيجابية، أو تحسن في معنويات السوق العامة، أو ببساطة جاذبية حركة السعر الأخيرة التي تجذب المتداولين الباحثين عن فرص سريعة. يمكن اعتبارهم مقياسًا لمدى “سخونة” السوق أو جاذبيته للمشاركين الجدد.
أهمية تجاوز عتبة 4 ملايين حائز على المدى القصير
على الرغم من أن زيادة عدد الحائزين على المدى القصير تعتبر إشارة إيجابية بشكل عام، إلا أن كيسميجي يحدد مستوى حاسمًا يجب تجاوزه لتأكيد قوة الدفع الصعودي. يوضح المحلل أن عدد حائزي ETH على المدى القصير، والذي يبلغ حاليًا حوالي 3.92 مليون عنوان، يجب أن يتجاوز عتبة الـ 4 ملايين لكي يشير ذلك بوضوح إلى أن سوق إيثيريوم يمتلك القوة الصعودية الكافية لدعم اتجاه صعودي قوي ومستدام.
لماذا هذا الرقم بالذات؟ يشير كيسميجي إلى السوابق التاريخية. بشكل ملحوظ، شهدت إيثيريوم ارتفاعات سعرية قوية في المرات السابقة التي ارتفع فيها عدد حائزيها على المدى القصير فوق مستوى 4 ملايين. وقد لوحظ هذا النمط بوضوح في عامي 2022 و 2024 (مع الأخذ في الاعتبار أن التواريخ قد تكون تقديرية أو مرتبطة بفترات محددة ضمن تلك السنوات). يبدو أن تجاوز هذا الحاجز النفسي والعددي يمثل نقطة تحول، حيث يصل عدد المشاركين الجدد أو النشطين إلى “كتلة حرجة” قادرة على امتصاص ضغوط البيع ودفع الأسعار للأعلى.
ويؤكد كيسميجي أنه طالما بقي عدد الحائزين على المدى القصير دون هذه العتبة الهامة (4 ملايين)، فقد يعكس ذلك عدم كفاية الطلب في السوق للحفاظ على الارتفاع الحالي لإيثيريوم. بمعنى آخر، قد يكون الانتعاش الحالي مدفوعًا بعوامل أخرى أو يكون أكثر هشاشة، وقد يحتاج السوق إلى موجة جديدة أكبر من المشترين الجدد لتأكيد استمرار الاتجاه الصعودي وتجاوز مستويات المقاومة الرئيسية.
نظرة على الحائزين على المدى الطويل (LTH)
في المقابل، وعلى النقيض من حساسية الحائزين على المدى القصير لتقلبات السوق، يقدم عدد الحائزين على المدى الطويل (Long-Term Holders أو LTH) صورة مختلفة وأكثر استقرارًا. تشير البيانات الحالية إلى أن عدد حائزي إيثيريوم على المدى الطويل قد وصل الآن إلى مستوى مذهل يبلغ 104.24 مليون عنوان. يعتبر هذا الرقم المرتفع مؤشرًا قويًا على الثقة الكبيرة في آفاق نمو سعر الأصل على المدى البعيد. يمثل الحائزون على المدى الطويل عادةً المستثمرين الأكثر اقتناعًا بأساسيات إيثيريوم وتقنيتها وإمكانياتها المستقبلية، وهم أقل ميلًا للبيع استجابةً لتقلبات السوق قصيرة الأجل.
كيف يزداد عدد الحائزين على المدى الطويل؟ يحدث الارتفاع في عدد LTH بشكل عام نتيجة لعملية تُعرف باسم “نضج العملة” (coin maturation). يحدث هذا عندما يختار الحائزون على المدى القصير عدم بيع ممتلكاتهم من ETH لأكثر من 155 يومًا. بمرور الوقت، ومع تجاوز فترة الاحتفاظ لهذه العتبة، يتم إعادة تصنيف هذه العملات (والعناوين التي تحتفظ بها) من STH إلى LTH. وبالتالي، فإن الزيادة المستمرة في عدد LTH، كما هو ملاحظ حاليًا، تشير إلى أن نسبة متزايدة من المستثمرين يفضلون الاحتفاظ بإيثيريوم بدلاً من بيعها، مما يقلل من المعروض المتاح للبيع في السوق ويدعم السعر على المدى الطويل.
المتوسط المتحرك البسيط لـ 365 يومًا (SMA 365) يمثل حاجزًا آخر أمام إيثيريوم
بالإضافة إلى التطورات المتعلقة بفئة الحائزين على المدى القصير، يشير بورك كيسميجي إلى تحدٍ فني هام آخر يواجه إيثيريوم. يلاحظ المحلل أن سعر ETH لا يزال يتداول عند مستوى أقل بكثير من المتوسط المتحرك البسيط لمدة 365 يومًا (SMA 365). يشير هذا الوضع إلى أن “الثيران” (المشترين أو المتفائلين بالسوق) لم يتمكنوا بعد من السيطرة الكاملة على السوق، وأن الاتجاه الصعودي لم يتأكد بشكل قاطع بعد من منظور فني أوسع.
يعتبر المتوسط المتحرك البسيط مؤشرًا فنيًا أساسيًا يستخدمه المتداولون والمحللون لتحديد الاتجاه العام للسعر وتحديد مستويات الدعم والمقاومة المحتملة. يشير التداول المستمر فوق متوسط متحرك طويل الأجل مثل SMA 365 عادةً إلى اتجاه صعودي قوي، بينما يشير التداول أدناه إلى اتجاه هابط أو سوق ضعيف.
ما هو المتوسط المتحرك البسيط لـ 365 يومًا (SMA 365)؟
كما يوحي الاسم، يقيس المتوسط المتحرك البسيط لـ 365 يومًا (SMA 365) متوسط سعر إغلاق الأصل خلال الـ 365 يومًا الماضية (أي عام كامل تقريبًا). يتم حسابه بجمع أسعار الإغلاق لآخر 365 يومًا ثم قسمة المجموع على 365. يوفر هذا المؤشر رؤية طويلة الأمد لاتجاه السعر عن طريق تخفيف التقلبات اليومية قصيرة الأجل. يُستخدم بشكل شائع لتحديد الاتجاه العام للسوق: عندما يكون السعر فوق SMA 365، يُعتبر الاتجاه العام صعوديًا، وعندما يكون السعر أدناه، يُعتبر الاتجاه العام هبوطيًا.
علاوة على ذلك، غالبًا ما يعمل خط SMA 365 كمستوى دعم ديناميكي في الأسواق الصاعدة (حيث يميل السعر للارتداد منه صعودًا) أو كمستوى مقاومة ديناميكي في الأسواق الهابطة (حيث يميل السعر للارتداد منه هبوطًا). على الرغم من المكاسب الأخيرة التي حققتها إيثيريوم وعودتها فوق 1800 دولار، إلا أنها لا تزال بحاجة إلى تجاوز مستوى SMA 365، الذي يقع حاليًا عند حوالي 2849 دولارًا، لتأكيد أي نية حقيقية للدخول في اتجاه صعودي قوي ومستدام. يعتبر اختراق هذا المستوى وتثبيت السعر فوقه إشارة فنية هامة للغاية للمضاربين على الارتفاع.
وضع إيثيريوم الحالي في السوق والتوقعات المستقبلية
في وقت كتابة هذا التحليل (بناءً على بيانات المصدر)، كانت إيثيريوم تتداول عند حوالي 1835 دولارًا. يعكس هذا السعر انخفاضًا طفيفًا بنسبة 0.80٪ خلال الـ 24 ساعة الماضية، مما يشير إلى بعض التردد أو جني الأرباح بعد الارتفاع الأخير. ومما يزيد من حالة الحذر، أن حجم تداول الأصل قد انخفض بنسبة 15.01٪ خلال نفس الفترة. يمكن أن يشير انخفاض حجم التداول أثناء محاولة السعر للارتفاع إلى ضعف في قوة الدفع الصعودي أو عدم اقتناع كافٍ من قبل المشاركين في السوق بالمستويات الحالية.
إذًا، ما هي الخلاصة؟ تقدم البيانات الحالية صورة مختلطة ولكنها تميل نحو التفاؤل الحذر. من ناحية، يقترب عدد الحائزين على المدى القصير من عتبة 4 ملايين الحرجة، والتي ارتبط تجاوزها تاريخيًا بموجات صعودية قوية. كما أن العدد المرتفع جدًا للحائزين على المدى الطويل يعكس ثقة أساسية قوية في مستقبل إيثيريوم. هذه العوامل تشير إلى وجود إمكانية حقيقية لارتفاع سعري قادم.
من ناحية أخرى، يمثل المتوسط المتحرك البسيط لـ 365 يومًا عند مستوى 2849 دولارًا عقبة فنية كبيرة يجب تجاوزها. بالإضافة إلى ذلك، يُظهر السعر الحالي وحجم التداول بعض الضعف على المدى القصير. لذلك، بينما تبدو المؤشرات المتعلقة بسلوك الحائزين مشجعة، يحتاج المستثمرون والمتداولون إلى مراقبة قدرة إيثيريوم على تجاوز المقاومة الفنية الرئيسية المتمثلة في SMA 365، بالإضافة إلى مراقبة استمرار نمو عدد الحائزين على المدى القصير فوق مستوى 4 ملايين لتأكيد بداية موجة صعودية مستدامة. ستكون الأسابيع القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كان الانتعاش الأخير مجرد وميض أم بداية فصل جديد من النمو لإيثيريوم.