قمة بيتكوين عند 104,000 دولار تشعل فتيل مراكز بيع عالية المخاطر – التفاصيل الكاملة
واصلت عملة البيتكوين صعودها المذهل يوم الاثنين، متجاوزة حاجز 104,000 دولار، وهو الارتفاع الذي أغرى بعض كبار المتداولين والمضاربين في السوق للمراهنة ضد هذا الاتجاه الصاعد. حاليًا، تقف عدة مراكز بيع على المكشوف ذات مخاطر عالية على شفا الانهيار، مما يسلط الضوء على المخاطر الجسيمة التي تنطوي عليها رهانات الهامش الضخمة، خاصة عندما يحتفظ زخم السعر بقوته.
تحمل هذه الصفقات هوامش خطأ ضئيلة للغاية، وتُظهر بوضوح كيف يمكن أن تكون الرهانات ذات الرافعة المالية المفرطة محفوفة بالمخاطر عندما يستمر زخم السعر في دفع الأصول نحو الأعلى. إنها لعبة خطرة، حيث يمكن لأي تحرك طفيف في السعر أن يؤدي إلى خسائر فادحة وتصفية كاملة للمراكز.
مركز بيع ضخم على المحك: مقامرة بـ 93 مليون دولار
وفقًا لبيانات من متتبع البلوكتشين الشهير “لوك أون تشين” (Lookonchain)، فتحت إحدى محافظ الحيتان الكبيرة مركز بيع على المكشوف لعملة البيتكوين بقيمة 93 مليون دولار، مستخدمة رافعة مالية تبلغ 40 ضعفًا. هذا يعني أن المتداول قام فعليًا بإيداع جزء صغير فقط من هذا المبلغ الضخم، بينما اقترض الباقي لتعظيم أرباحه المحتملة – أو خسائره.
مع تداول البيتكوين حاليًا بالقرب من مستوى 104,000 دولار، فإن ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 1.5% فقط في سعر العملة سيؤدي إلى إغلاق هذا المركز قسريًا وتصفيته بالكامل عند سعر 105,700 دولار تقريبًا. هذا يعني أن تحركًا صغيرًا نسبيًا في السوق، وهو أمر شائع جدًا في عالم العملات الرقمية المتقلب، يمكن أن يمحو هذا المركز بالكامل. في الوقت الحالي، يتكبد هذا المركز خسائر ورقية تزيد عن 500,000 دولار. وبالرغم من أنه يحقق حوالي 34,000 دولار من رسوم التمويل الإيجابية، إلا أن هذه الأرباح تعتبر ضئيلة جدًا مقارنة بحجم الخسارة الحالية، وبالكاد تخفف من وطأة الموقف الحرج.
رسوم التمويل هي مدفوعات دورية يتم تبادلها بين حاملي مراكز الشراء والبيع في أسواق العقود الآجلة الدائمة. عندما تكون رسوم التمويل إيجابية، يدفع أصحاب مراكز الشراء لأصحاب مراكز البيع، مما يشير إلى أن الشعور العام يميل نحو الشراء. والعكس صحيح عندما تكون سلبية.
نشر حساب “لوك أون تشين” على منصة إكس (تويتر سابقًا) في 12 مايو 2025:
“العديد من المقامرين يبيعون البيتكوين (BTC$) على المكشوف برافعة مالية عالية!
محفظة 0x51d9 فتحت مركز بيع بقيمة 93 مليون دولار على BTC$ برافعة مالية 40 ضعف، مع سعر تصفية عند 105,690 دولار.
محفظة 0x5D2F فتحت مركز بيع بقيمة 44 مليون دولار على BTC$ برافعة مالية 40 ضعف، مع سعر تصفية عند 112,660 دولار.”
هذه الأرقام تعكس جرأة، وربما تهور، بعض اللاعبين الكبار في السوق، الذين يراهنون بمبالغ طائلة ضد اتجاه صاعد قوي.
حوت آخر على مفترق طرق: 44 مليون دولار في مهب الريح
لم يكن الحوت الأول هو الوحيد الذي يخاطر بمبالغ ضخمة. فقد قام حساب آخر بفتح مركز بيع على المكشوف بقيمة 44 مليون دولار عندما كان سعر البيتكوين عند 103,494.40 دولار، مستخدمًا أيضًا رافعة مالية متقاطعة (cross margin) تبلغ 40 ضعفًا. الرافعة المالية المتقاطعة تعني أن المتداول يستخدم كامل رصيد حسابه كهامش لدعم المركز، مما قد يوفر حماية أكبر ضد التصفية مقارنة بالهامش المعزول، ولكنه يعرض الحساب بأكمله للخطر إذا سارت الصفقة بشكل سيء للغاية.
الآن، ومع تداول البيتكوين حول مستوى 104,720 دولار، انخفضت قيمة هذه الصفقة بحوالي 515,348.53 دولار. ومع ذلك، فإن عتبة التصفية لهذا المركز أبعد نسبيًا، حيث تقع عند حوالي 112,660 دولار. هذا يمنح المتداول هامش أمان يقارب 9,000 دولار قبل أن يتم القضاء على مركزه بالكامل. حتى الآن، حصل هذا المتداول على 51,711.71 دولار كتمويل إيجابي. تشير هذه الأرصدة إلى أن المتداولين بشكل عام ما زالوا يراهنون على ارتفاع الأسعار، مما يجعل بائعي المكشوف يدفعون علاوة. ومع ذلك، إذا استمر صعود البيتكوين في مساره الحالي، فقد يتبخر هذا الهامش الواقي بسرعة كبيرة، ويجد هذا الحوت نفسه في موقف لا يُحسد عليه.
فهم آلية البيع على المكشوف والرافعة المالية
لتوضيح الصورة بشكل أكبر، دعنا نشرح بإيجاز ماذا يعني البيع على المكشوف وما هي الرافعة المالية:
- البيع على المكشوف (Short Selling): هو استراتيجية تداول يراهن فيها المستثمر على انخفاض سعر الأصل. يقوم المتداول باقتراض الأصل (في هذه الحالة، البيتكوين) وبيعه بالسعر الحالي في السوق. الهدف هو إعادة شراء نفس الكمية من الأصل بسعر أقل في المستقبل، وإعادته إلى المُقرض، والاحتفاظ بالفرق كربح. إذا ارتفع السعر بدلاً من ذلك، يتكبد البائع على المكشوف خسارة.
- الرافعة المالية (Leverage): تسمح للمتداولين بفتح مراكز أكبر بكثير من رأس مالهم الفعلي. على سبيل المثال، رافعة مالية 40 ضعف تعني أن لكل دولار واحد يمتلكه المتداول، يمكنه التحكم في 40 دولارًا من الأصل. بينما تضخم الرافعة المالية الأرباح المحتملة، فإنها تضخم أيضًا الخسائر المحتملة بشكل كبير، ويمكن أن تؤدي إلى التصفية السريعة إذا تحرك السوق ضد المركز.
- التصفية (Liquidation): تحدث عندما تتجاوز خسائر المتداول الهامش المبدئي الذي أودعه لفتح المركز ذي الرافعة المالية. في هذه الحالة، يقوم الوسيط أو المنصة بإغلاق المركز قسريًا لمنع المزيد من الخسائر التي قد تتجاوز رصيد المتداول.
رهان فاشل أُغلق بالفعل: خسارة 69.7 مليون دولار
قصص الخسائر لا تتوقف عند المراكز المهددة حاليًا. فقد احترق حوت ثالث في وقت أقرب بكثير، مما يقدم مثالًا حيًا على مدى سرعة انهيار الرهانات عالية المخاطر. قام هذا المتداول ببيع ما قيمته 69.7 مليون دولار من البيتكوين على المكشوف عندما كان السعر عند 95,969 دولارًا، مستخدمًا أيضًا رافعة مالية قدرها 40 ضعفًا.
كان سعر الإيقاف أو التصفية لهذا المركز محددًا عند 103,470 دولار. وكما نعلم الآن، تجاوز سعر البيتكوين هذا الخط الحرج منذ أيام، حيث يتم تداوله فوق مستوى 104,000 دولار في الجلسات الأخيرة. بناءً على التقارير وتحركات السوق، من شبه المؤكد أن هذا المركز قد تمت تصفيته بالفعل، مما أدى إلى خسارة فادحة للمتداول. هذا الحادث بمثابة دليل صارخ على مدى السرعة التي يمكن أن تأتي بها النتائج العكسية لمراكز البيع عالية المخاطر عندما ترتفع الأسعار بشكل حاد، خاصة في سوق متقلب مثل سوق العملات الرقمية.
عمليات التصفية تسلط الضوء على ضغوط السوق
الأرقام الإجمالية لعمليات التصفية في سوق مشتقات البيتكوين ترسم صورة أوضح للضغوط التي يتعرض لها بائعو المكشوف. خلال الـ 12 ساعة الماضية وحدها، شهدت مشتقات البيتكوين عمليات تصفية بلغت قيمتها الإجمالية 66.66 مليون دولار. اللافت للنظر أن 51.25 مليون دولار من هذا المبلغ جاءت من تصفية مراكز البيع على المكشوف.
وإذا نظرنا إلى إجمالي الـ 24 ساعة الماضية، فإن المبلغ الإجمالي الذي تم محوه من السوق يصل إلى 82.58 مليون دولار، منها 60.97 مليون دولار كانت على جانب البيع. في المقابل، شكلت عمليات إغلاق مراكز الشراء (Longs) حوالي 21 مليون دولار فقط. هذه الأرقام تؤكد بشكل لا لبس فيه حجم القوة الشرائية التي أُجبرت على العودة إلى السوق نتيجة لعمليات التصفية هذه. عندما يتم تصفية مراكز البيع، يُجبر المتداولون فعليًا على “شراء” البيتكوين لإغلاق مراكزهم، مما يضيف زخمًا إضافيًا للاتجاه الصاعد ويغذي المزيد من المكاسب، وهي ظاهرة تُعرف بـ “الضغط على البائعين” أو “short squeeze”.
في خضم هذا الصعود، يتردد صدى تحليلات تشير إلى أن هيمنة البيتكوين على سوق العملات الرقمية قد تكون وصلت إلى سقفها، مما يفتح الباب أمام نمو العملات البديلة. ومع ذلك، فإن قوة البيتكوين الحالية، خاصة عند مقارنتها بأداء الأسواق التقليدية التي قد تتعثر أحيانًا، تظل عاملاً رئيسيًا يجعل الرهان ضده محفوفًا بالمخاطر الشديدة.
ما هو “الضغط على البائعين” (Short Squeeze)؟
يحدث الضغط على البائعين عندما يبدأ سعر الأصل في الارتفاع بسرعة. هذا الارتفاع يجبر المتداولين الذين باعوا الأصل على المكشوف على شراء الأصل مرة أخرى لتغطية مراكزهم والحد من خسائرهم. هذا الطلب المتزايد على الشراء من قبل البائعين على المكشوف يدفع السعر إلى مزيد من الارتفاع، مما يؤدي إلى تصفية المزيد من مراكز البيع، وهكذا في حلقة مفرغة تغذي نفسها بنفسها حتى يتم القضاء على عدد كبير من البائعين على المكشوف أو حتى يهدأ زخم الشراء.
مخاطر الرهان ضد التيار الصاعد للبيتكوين
تُظهر هذه الموجة المحمومة من النشاط أن الرهان بمبالغ كبيرة ضد الاتجاه الصاعد القوي للبيتكوين يمكن أن ينتهي بشكل سيء وسريع للغاية. قد تبدو مدفوعات التمويل الإيجابية الصغيرة جذابة لبعض بائعي المكشوف، لكنها لن تعوض أبدًا الخسائر الهائلة التي يمكن أن تحدث إذا استمر السعر في الارتفاع. يواجه المتداولون الذين يتخذون مراكز بيع ضخمة في ظل هذه الظروف احتمالات متزايدة للتعرض لضغوط التصفية والخروج القسري من السوق.
مع استقرار سعر البيتكوين حاليًا فوق مستوى 104,000 دولار، فإن أي مكاسب إضافية، حتى لو كانت طفيفة، يمكن أن تدفع المزيد من مراكز البيع إلى حافة الهاوية، مما يؤدي إلى المزيد من عمليات التصفية وبالتالي ضخ المزيد من التقلبات في السوق خلال الأيام القادمة. إنها لحظة حاسمة تتطلب حذرًا شديدًا وفهمًا عميقًا لديناميكيات السوق.
دروس مستفادة للمتداولين
تقدم هذه الأحداث دروسًا قيمة لجميع المتداولين في سوق العملات الرقمية، وخاصة أولئك الذين يفكرون في استخدام الرافعة المالية العالية:
- الحذر الشديد من الرافعة المالية المفرطة: الرافعة المالية سيف ذو حدين. يمكن أن تضخم الأرباح، ولكنها أيضًا تضخم الخسائر بشكل كبير ويمكن أن تؤدي إلى تصفية سريعة.
- “الاتجاه هو صديقك”: الرهان ضد اتجاه قوي وراسخ في السوق هو استراتيجية عالية المخاطر. غالبًا ما يكون من الأسلم التداول مع الاتجاه السائد بدلاً من محاولة التنبؤ بقمم أو قيعان السوق.
- فهم ديناميكيات السوق: قبل الدخول في رهانات عالية المخاطر، من الضروري فهم العوامل التي تحرك السوق، بما في ذلك معنويات المستثمرين، والأخبار، والتحليل الفني والأساسي.
- إدارة المخاطر أولاً: استخدام أوامر وقف الخسارة، وتحديد حجم المركز بعناية، وعدم المخاطرة بأكثر مما يمكنك تحمل خسارته هي مبادئ أساسية في التداول المسؤول.
- التأثير العاطفي للتداول: يمكن أن يكون التداول، خاصة بالرافعة المالية، مرهقًا عاطفيًا. من المهم الحفاظ على الانضباط وتجنب اتخاذ القرارات بناءً على الخوف أو الجشع.
في الختام، بينما يواصل البيتكوين رحلته المثيرة، يجب على المتداولين أن يتذكروا دائمًا أن المكاسب الكبيرة غالبًا ما تأتي مصحوبة بمخاطر كبيرة. السوق لا يرحم، والقرارات غير المدروسة يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة. يتطلب النجاح في هذا المجال ليس فقط الجرأة، ولكن أيضًا الحكمة والحذر والتخطيط الدقيق.
الصورة المميزة من Pexels، الرسم البياني من TradingView.