“`html
هل عادت دورة صعود البيتكوين؟ مؤشر القوة النسبية اليومي يُظهر زخمًا صاعدًا معتدلاً فقط
شهد سعر البيتكوين (BTC)، العملة الرقمية الأكبر والأكثر شهرة في العالم، فترة نشاط ملحوظة منذ منتصف شهر أبريل الماضي. تمكن السعر من شق طريقه من مستوى أقل من 85,000 دولار ليصل إلى ما يقارب 104,700 دولار خلال الشهر الماضي. هذا الارتفاع جاء مدفوعًا بعدة عوامل، أبرزها التحول الإيجابي في معنويات المستثمرين تجاه الأصول الرقمية بشكل عام، بالإضافة إلى تدفقات رأسمالية جديدة وكبيرة، خاصة من خلال صناديق البيتكوين المتداولة في البورصة (ETFs) الفورية التي تم إطلاقها في وقت سابق من العام.
لقد ساهمت هذه الصناديق، التي توفر للمستثمرين التقليديين طريقة أسهل للتعرض للبيتكوين دون الحاجة لامتلاك العملة نفسها بشكل مباشر، في زيادة الطلب بشكل كبير وخلق أرضية مواتية لارتفاع الأسعار. ومع ذلك، ورغم هذا المسار الصاعد، تبدو العملة الرقمية الرائدة وكأنها تُظهر بعض علامات التعب أو الإرهاق في زخمها.
تجلت هذه العلامات بشكل واضح خلال الأسبوع الماضي، حيث فشل السعر في تحقيق اختراق حاسم لنطاق التداول الذي تراوح بين 102,000 دولار و 105,000 دولار. هذا الأداء البطيء والمتذبذب ضمن نطاق ضيق نسبيًا، بعد فترة من الصعود السريع، أثار تساؤلات كبيرة بين المحللين والمستثمرين حول مدى قوة واستدامة الاندفاع الصاعد الأخير.
البيتكوين لا يزال يفتقر إلى “العدوانية الصاعدة”
في سياق تحليل هذه التحركات السعرية الأخيرة، شارك خبير العملات الرقمية والتقني المالي المعتمد (CMT)، توني سيفيرينو (Tony Severino)، رؤية مثيرة للاهتمام على منصة X (المعروفة سابقًا بتويتر). وفقًا لسيفيرينو، قد يكون سعر البيتكوين يفتقر إلى سلوك فني كلاسيكي غالبًا ما يرتبط بالدوافع الصعودية القوية و”العدوانية” في السوق.
السبب وراء هذه الملاحظة يعود إلى حركة مؤشر فني محدد يُستخدم على نطاق واسع في التحليل الفني وهو مؤشر القوة النسبية (Relative Strength Index)، والمعروف اختصارًا بـ (RSI). مؤشر القوة النسبية هو أداة زخم تُستخدم في تحليل الأسعار التقني لتقدير سرعة وحجم تغيرات سعر الأصل. ببساطة، يساعد هذا المؤشر المتداولين على تحديد ما إذا كان الأصل يتم تداوله في منطقة “ذروة الشراء” (Overbought) أو “ذروة البيع” (Oversold)، مما قد يشير إلى انعكاس محتمل للاتجاه أو السعر.
عادةً ما تُفسر قراءة مؤشر القوة النسبية فوق مستوى 70 على أنها إشارة إلى أن الأصل في منطقة ذروة الشراء، مما يعني أن السعر قد ارتفع بسرعة كبيرة وأن هناك احتمالية لتصحيح هبوطي. وعلى العكس، تُفسر قراءة مؤشر القوة النسبية تحت مستوى 30 على أنها إشارة إلى أن الأصل في منطقة ذروة البيع، مما يعني أن السعر قد انخفض بسرعة كبيرة وأن هناك احتمالية لارتفاع تعويضي.
مؤشر القوة النسبية وسوابق دورات صعود البيتكوين
يُشير سيفيرينو إلى أن دورات صعود البيتكوين القوية تاريخيًا غالبًا ما تتزامن مع ارتفاع سريع وقوي لمؤشر القوة النسبية فوق عتبة الـ 70. هذا الارتفاع فوق هذا المستوى يُعتبر علامة على ضغط شراء هائل وسيطرة قوية للمشترين على السوق، مما يدفع السعر للارتفاع بشكل متسارع.
يمكن ملاحظة هذا النمط في تحركات البيتكوين السابقة. على سبيل المثال، خلال الارتفاع الكبير الذي شهده البيتكوين في أكتوبر 2023، حيث بدأت الأسعار في التعافي بشكل جدي بعد فترة من الركود، تجاوز مؤشر القوة النسبية اليومي مستوى الـ 70 بشكل واضح وسريع. وبالمثل، في دورات صعود سابقة وحتى خلال فترات الاندفاع القوي، كان تجاوز مؤشر القوة النسبية لمستوى الـ 70 بشكل حاسم ومستمر بمثابة إشارة فنية مهمة على قوة الزخم الصاعد.
يُشير سيفيرينو أيضًا إلى نمط مماثل قد يظهر بعد حدث مهم مثل الانتخابات، كما حدث في دورات سابقة. هذه الارتفاعات التاريخية كانت مدعومة بزخم قوي ينعكس بوضوح في تجاوز مؤشر القوة النسبية لمستويات ذروة الشراء.
الوضع الحالي: زخم معتدل يفتقر إلى “العدوانية”
على الرغم من الانتعاش النسبي الذي شهده البيتكوين منذ بداية العام ومنذ منتصف أبريل، فإن سلوك السعر الحالي يبدو أكثر حذرًا وأقل إقناعًا بالمقارنة مع الاندفاعات الصعودية الكبرى السابقة. النقطة الرئيسية التي يركز عليها سيفيرينو هي أن مؤشر القوة النسبية اليومي للبيتكوين لم يُظهر بعد ذلك الاختراق النظيف والقوي فوق مستوى الـ 70 الذي يُعتبر نموذجيًا للتوسعات الصعودية الهامة والكبيرة في السعر.
لا يزال مؤشر القوة النسبية يتداول في نطاق يُشير إلى زخم صاعد، ولكنه زخم “معتدل” أو “محافظ” مقارنة بالاندفاعات التاريخية. هذا يعني أن ضغط الشراء ليس قوياً ومستداماً بما يكفي لدفع المؤشر بثبات فوق مستوى الـ 70، مما يترك علامة استفهام حول مدى قوة الاتجاه الصاعد الحالي.
هذا السلوك المتباين لمؤشر القوة النسبية، حيث يرتفع السعر إلى مستويات جديدة ولكنه لا يحظى بدعم مؤشر زخم قوي بنفس القدر، قد يُفسر جزئيًا سبب التذبذب والتداول ضمن نطاق ضيق نسبيًا بين 102,000 دولار و 105,000 دولار. يبدو أن المشترين يواجهون مقاومة عند هذه المستويات، ولا يمتلكون القوة اللازمة لكسرها بقوة ودفع السعر إلى الأعلى بشكل حاسم.
متى يمكن أن تظهر القوة الصاعدة؟
رغم الملاحظة حول افتقار الزخم الحالي لـ”العدوانية” التاريخية، لم يستبعد توني سيفيرينو إمكانية ظهور هذه القوة الصاعدة في أي لحظة. يُشير إلى أن اندفاع البيتكوين الصاعد الحقيقي والقوي، والذي سيعطي إشارة واضحة من خلال كسر مؤشر القوة النسبية اليومي فوق مستوى الـ 70، يمكن أن يحدث بسرعة غير متوقعة.
إذا ظهرت هذه القوة الصاعدة المنشودة، ودعمها زخم شراء قوي ينعكس في ارتفاع مؤشر القوة النسبية، فقد يرى المستثمرون سعر البيتكوين يكسر نطاق التداول الحالي بين 102,000 دولار و 105,000 دولار بقوة وثبات. مثل هذا الاختراق المدعوم بالزخم يمكن أن يمهد الطريق للسعر للتحرك نحو مستويات أعلى بشكل ملحوظ، وربما حتى محاولة اختبار أعلى مستوى له على الإطلاق.
يعتمد ظهور هذا الزخم القوي على عدة عوامل، منها استمرار تدفق الاستثمارات إلى صناديق ETFs، وتطورات الاقتصاد الكلي العالمي، ومعنويات السوق العامة. مراقبة مؤشر القوة النسبية، إلى جانب أدوات ومؤشرات فنية أخرى، يمكن أن توفر رؤى قيمة حول متى يمكن أن يبدأ هذا التحول المحتمل.
نظرة عامة على سعر البيتكوين الحالي
حتى لحظة كتابة هذا التقرير، يبلغ سعر البيتكوين حوالي 103,676 دولارًا أمريكيًا. يعكس هذا السعر استقرارًا نسبيًا وعدم وجود تحركات سعرية كبيرة خلال الـ 24 ساعة الماضية. هذا الاستقرار اليومي يؤكد الأداء البطيء الذي شهده سعر العملة الرقمية الرائدة خلال الأسبوع الماضي.
وفقًا للبيانات الصادرة عن CoinGecko، وهي منصة رائدة لتتبع أسعار العملات الرقمية وبيانات السوق، لم يشهد سعر البيتكوين زيادة تذكر خلال الأيام السبعة الماضية، حيث ارتفع بنسبة 0.8% فقط. هذا الارتفاع الطفيف جدًا على مدار أسبوع يؤكد حالة التوقف المؤقت أو التماسك التي يمر بها السعر بعد الارتفاعات السابقة.
تشير هذه البيانات السعرية، بالتوازي مع تحليل مؤشر القوة النسبية الذي قدمه توني سيفيرينو، إلى أن السوق في مرحلة انتظار. المستثمرون يراقبون عن كثب ما إذا كان البيتكوين سيتمكن من حشد الزخم اللازم لتحقيق اختراق صاعد حقيقي، أم أن هذا النطاق السعري سيستمر لفترة أطول قبل تحديد الاتجاه التالي.
يبقى السؤال: هل يكتسب البيتكوين “العدوانية الصاعدة” التي يفتقر إليها حاليًا، أم أن الزخم المعتدل سيتلاشى؟ الإجابة ستعتمد على التطورات المستقبلية في ضغط الشراء ومعنويات السوق، والتي ستنعكس حتمًا في تحركات مؤشر القوة النسبية وغيره من المؤشرات الفنية.
المصدر للصورة المميزة: iStock. الرسم البياني من TradingView.
“`