OpenAI تغامر في عالم الأجهزة بصفقة 6.4 مليار دولار للاستحواذ على io، شركة المصمم الأسطوري جوني إيف

في خطوة جريئة ومفاجئة تهز عالم التكنولوجيا، أعلنت شركة OpenAI، الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، عن عزمها الاستحواذ على شركة io الناشئة المتخصصة في أجهزة الذكاء الاصطناعي، والتي شارك في تأسيسها المصمم الأسطوري جوني إيف، الرئيس السابق لقسم التصميم في شركة آبل. جاء الإعلان في 21 مايو، وتُقدر قيمة الصفقة بحوالي 6.4 مليار دولار أمريكي، تتم بالكامل على شكل أسهم، وفقًا لتقرير صادر عن شبكة CNBC.

تُعد هذه الصفقة الأكبر في تاريخ OpenAI حتى الآن، وتمثل دخولًا حاسمًا للشركة في مجال الأجهزة، وهو تحول كبير عن تركيزها الأساسي على تطوير النماذج البرمجية والذكاء الاصطناعي التوليدي الذي اشتهرت به، خاصة من خلال منتجات مثل ChatGPT. يدمج الاستحواذ شركة io بشكل مباشر ضمن هيكل OpenAI، مما يشير إلى أهمية هذا الذراع الجديد في استراتيجيتها المستقبلية.

من الجدير بالذكر أن جوني إيف، الذي يُنسب إليه الفضل في تصميم العديد من منتجات آبل الأيقونية مثل iPhone وiPad وMacBook، سيحتفظ بالاستقلالية لشركته الخاصة بالتصميم، LoveFrom. ورغم ذلك، سيتولى إيف مسؤوليات التصميم والإبداع عبر كل من OpenAI وio، مما يضمن دمج رؤيته التصميمية الفريدة في المنتجات الجديدة التي قد تنتج عن هذا التعاون.

تكامل الفرق والرؤية المشتركة

في بيان مشترك، أكد سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، وجوني إيف، أن فريق io سينتقل للعمل من سان فرانسيسكو، المقر الرئيسي لـ OpenAI. يهدف هذا الانتقال إلى تسهيل التعاون الوثيق والتكامل السلس بين فريق io المتخصص في الأجهزة وفرق البحث والتطوير والمنتجات القائمة في OpenAI.

شركة io الناشئة تأسست قبل حوالي عام واحد فقط بواسطة جوني إيف وعدد من زملائه السابقين في آبل، وهم سكوت كانون، تانغ تان، وإيفانز هانكي. كانت io تعمل سابقًا كجزء من شركة LoveFrom. هذا التأسيس بفريق يمتلك خبرة عميقة في تصميم وتصنيع الأجهزة الاستهلاكية من شركة رائدة مثل آبل يمنح io أساسًا قويًا وقدرات تصميم وهندسة صناعية عالية المستوى.

تُظهر تفاصيل الصفقة أن OpenAI تمتلك حاليًا حصة بنسبة 23% في io، ساهمت بمبلغ 1.4 مليار دولار في تقييم الصفقة الإجمالي البالغ 6.4 مليار دولار. سيتم دفع المبلغ المتبقي، البالغ 5 مليارات دولار، على شكل أسهم OpenAI. هذا يؤكد التزام OpenAI الكبير تجاه io ورؤيتها لدمج قدرات الأجهزة ضمن محفظتها.

يجلب هذا الاستحواذ فريق io المتخصص في الأجهزة والأجهزة الطرفية إلى داخل OpenAI، مما يضيف قدرة تصميم صناعي مهمة إلى مجموعة مهارات الشركة. في منشور على منصة X، وصف سام ألتمان جوني إيف بأنه “أعظم مصمم في العالم”، وهو تصريح يسلط الضوء على القيمة الكبيرة التي تراها OpenAI في خبرة إيف وفريقه.

استثمارات سابقة في الأجهزة والذكاء المادي

لا تُعد صفقة io الخطوة الوحيدة لـ OpenAI خارج مجال البرمجيات الأساسية. فإلى جانب جهودها الداخلية وتطوير نماذجها اللغوية الكبيرة، قامت OpenAI باستثمارات استراتيجية في شركات ناشئة تركز على التقاطع بين الذكاء الاصطناعي والعالم المادي. من أبرز هذه الاستثمارات، مشاركتها في تمويل شركة Physical Intelligence.

Physical Intelligence هي شركة روبوتات ناشئة مقرها سان فرانسيسكو، نجحت في جمع 400 مليون دولار في عام 2024 بتقييم بلغ 2.4 مليار دولار. شملت هذه الجولة الاستثمارية مشاركة من شخصيات بارزة مثل جيف بيزوس، مؤسس أمازون. تعمل Physical Intelligence على بناء ذكاء اصطناعي للأغراض العامة قادر على العمل والتفاعل في البيئات المادية.

إن الاستثمار في Physical Intelligence يشير بوضوح إلى نية OpenAI الأوسع في إقران برامج الذكاء الاصطناعي القوية التي تطورها مع أنظمة ملموسة وفيزيائية. يُمثل هذا الانتقال من مجرد إنتاج نصوص وصور ومحتوى رقمي إلى تمكين الآلات والأجهزة من التفاعل مع العالم الحقيقي خطوة تطورية مهمة للشركة وصناعة الذكاء الاصطناعي بشكل عام.

يأتي الاستحواذ على io ليعزز هذا التوجه بقوة. بينما لم تكشف OpenAI عن منتجات محددة تعتزم تطويرها مع io، فإن البيان المشترك أشار إلى أجهزة “تلهم، تمكّن، وتفعّل” (inspire, empower, and enable). تم التأكيد أيضًا على مهمة io في ترجمة قدرات الذكاء الاصطناعي المعقدة إلى عوامل شكلية موجهة للمستهلك النهائي، مما يعني تطوير أجهزة سهلة الاستخدام ومفيدة في الحياة اليومية.

الدوافع الاستراتيجية والتنافسية

تُسلط عملية شراء io الضوء على استراتيجية OpenAI لبناء واجهات مادية لنماذجها الذكاء الاصطناعي. يأتي هذا التحرك في وقت تتزايد فيه المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل كبير، مع دخول لاعبين رئيسيين مثل جوجل (بنموذج Gemini)، وAnthropic، وxAI (شركة إيلون ماسك) بقوة إلى الساحة.

في بيئة تنافسية محتدمة، يصبح مجرد امتلاك أفضل نموذج لغوي أو توليدي غير كافٍ للتميز والحفاظ على الريادة. يتطلب الأمر إيجاد طرق جديدة ومبتكرة لتوصيل هذه القدرات إلى المستخدمين النهائيين وجعلها جزءًا لا يتجزأ من حياتهم وتفاعلاتهم اليومية. هنا يأتي دور الأجهزة.

الجمع بين الذكاء الاصطناعي المتطور وخبرة تصميم الأجهزة الاستهلاكية التي يمتلكها جوني إيف وفريق io يمكن أن يؤدي إلى منتجات فريدة لم نرَ مثيلًا لها من قبل. تخيل جهازًا ماديًا، مصممًا بشكل جميل وسهل الاستخدام، يعمل كنقطة اتصال مباشرة مع نماذج OpenAI الذكاء. قد يكون هذا الجهاز مساعدًا شخصيًا متطورًا يتجاوز الهواتف الذكية التقليدية، أو أداة إبداعية جديدة تمامًا، أو حتى جهازًا يساعد في مهام يومية بطرق مبتكرة.

إن تصميم واجهة مستخدم مادية فعالة وبديهية للذكاء الاصطناعي يمثل تحديًا كبيرًا. فالتفاعل مع نماذج الذكاء الاصطناعي حاليًا يتم غالبًا عبر واجهات نصية أو صوتية محدودة. يمكن لفريق io، بقيادة جوني إيف الذي اشتهر بتبسيطه للتكنولوجيا المعقدة وتحويلها إلى منتجات محبوبة جماهيريًا، أن يلعب دورًا حاسمًا في جعل الذكاء الاصطناعي أكثر سهولة وصولًا وتأثيرًا في حياة الناس.

التأثير المحتمل على السوق

قد يؤدي دخول OpenAI إلى سوق الأجهزة إلى تغييرات كبيرة في المشهد التكنولوجي. إذا نجحت الشركة في إطلاق منتجات أجهزة مدعومة بالذكاء الاصطناعي تلقى قبولًا واسعًا، فقد تحفز شركات تكنولوجيا أخرى، لا سيما تلك المتخصصة في الأجهزة، على تسريع وتيرة دمج الذكاء الاصطناعي في منتجاتها بطرق أكثر تقدمًا وعمقًا.

يمكن أن تخلق هذه الصفقة فئة جديدة من الأجهزة الذكية، تتجاوز مفهوم المساعدات الصوتية المنزلية أو الأجهزة القابلة للارتداء الحالية. جهاز مصمم من قبل جوني إيف ومدعوم بأقوى نماذج الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقدم مستوى جديدًا من التفاعل والقدرات، مما يؤثر على أسواق الأجهزة الاستهلاكية والترفيهية وحتى المهنية.

من المهم أيضًا ملاحظة أن هذه الصفقة تأتي بعد أسابيع فقط من موافقة OpenAI على الاستحواذ على Windsurf، وهي شركة ناشئة متخصصة في مساعدات البرمجة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، بصفقة قيمتها 3 مليارات دولار. تُظهر هذه الاستحواذات المتتالية شهية OpenAI للنمو والتوسع في مجالات مختلفة لتعزيز قدراتها وتطبيق الذكاء الاصطناعي في نطاقات أوسع.

بينما يركز استحواذ Windsurf على تحسين أدوات المطورين وقدرات البرمجة، فإن صفقة io تركز بوضوح على الواجهة المادية وتجربة المستخدم النهائية مع الذكاء الاصطناعي. هذان الاستحواذان، بالإضافة إلى الاستثمار في Physical Intelligence، يرسمان صورة واضحة لاستراتيجية OpenAI الشاملة: بناء ذكاء اصطناعي قوي على مستوى البرمجيات، وتسهيل تطويره للمطورين، وفي نفس الوقت، إيجاد طرق فعالة ومبتكرة لتقديمه وتوصيله للمستخدمين النهائيين عبر واجهات مادية وملموسة.

إن الجمع بين القدرات الهائلة لـ OpenAI في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي والخبرة الفريدة لجوني إيف وفريق io في مجال التصميم الصناعي وتطوير الأجهزة الاستهلاكية يخلق تآزرًا محتملًا يمكن أن ينتج عنه منتجات رائدة. يبقى السؤال الأهم هو ما هي هذه المنتجات وكيف ستبدو؟ البيان المشترك يلمح إلى أجهزة “تلهم، تمكّن، وتفعّل”، وهي عبارة غامضة نسبيًا ولكنها تشير إلى التركيز على تعزيز القدرات البشرية وتحسين التفاعلات. قد تكون هذه الأجهزة شيئًا يساعد في الإبداع، أو التعلم، أو العمل، أو حتى مجرد تسهيل المهام اليومية بطرق لم نفكر بها من قبل.

التركيز على “عوامل الشكل الموجهة للمستهلك” يعني أن OpenAI لا تستهدف تطبيقات صناعية أو متخصصة بشكل بحت، بل تسعى لوضع قدرات الذكاء الاصطناعي في أيدي المستهلك العادي في شكل جهاز جذاب وسهل الاستخدام. هذا يتطلب فهمًا عميقًا لتجربة المستخدم، وهو بالضبط ما يبرع فيه فريق بقيادة جوني إيف.

في الختام، يُعد استحواذ OpenAI على io خطوة استراتيجية كبرى تعكس طموح الشركة لتجاوز مجرد البرمجيات والدخول في مجال الأجهزة. بتعاونها مع جوني إيف وفريقه، تسعى OpenAI ليس فقط لبناء ذكاء اصطناعي أقوى، بل أيضًا لخلق طرق جديدة وملموسة للتفاعل معه في العالم الحقيقي. هذه الصفقة قد تمهد الطريق لجيل جديد من الأجهزة المدعومة بالذكاء الاصطناعي وتغير الطريقة التي نعيش بها ونتفاعل مع التكنولوجيا.

نقاط رئيسية حول الصفقة:

• القيمة والحجم: صفقة بقيمة 6.4 مليار دولار، أكبر استحواذ لـ OpenAI حتى الآن.
• النوع: صفقة تتم بالكامل على شكل أسهم.
• الهدف: الاستحواذ على io، شركة أجهزة الذكاء الاصطناعي الناشئة التي أسسها جوني إيف وزملاء سابقون في آبل.
• الدور المستقبلي لجوني إيف: سيتولى مسؤوليات التصميم والإبداع عبر OpenAI وio، مع الحفاظ على استقلالية شركة LoveFrom.
• تكامل الفرق: انتقال فريق io إلى سان فرانسيسكو للعمل جنبًا إلى جنب مع فرق OpenAI.
• الدلالة الاستراتيجية: دخول OpenAI الحاسم إلى مجال الأجهزة، بهدف بناء واجهات مادية لنماذج الذكاء الاصطناعي.
• الرؤية المستقبلية: تطوير أجهزة “تلهم، تمكّن، وتفعّل” موجهة للمستهلك النهائي.
• التنافسية: تمييز OpenAI في سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي المزدحم.
• استثمارات ذات صلة: يأتي بعد الاستحواذ على Windsurf والاستثمار في Physical Intelligence، مما يؤكد توجه OpenAI نحو تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العالم المادي.