“`html
بيتكوين تشهد مكاسب متواضعة وضعف الطلب يحد من إمكانية الاختراق الكبير
استأنفت عملة البيتكوين (Bitcoin) صعودها البطيء بعد فترة من التماسك والاستقرار، حيث تجاوزت لفترة وجيزة حاجز 106,000 دولار في وقت سابق اليوم. في وقت كتابة هذا التقرير، يتم تداول العملة الرقمية الرائدة عند مستوى 105,383 دولارًا، مما يعكس زيادة متواضعة بنسبة 0.8% خلال الـ 24 ساعة الماضية. على الرغم من أن هذه الحركة الصعودية لم تؤد إلى اختراق كبير أو انفجار سعري قوي، إلا أن المحللين يراقبون عن كثب مؤشرات سلاسل الكتل (On-Chain Data) وهيكل السوق التي تشير إلى بيئة متوازنة بحذر.
الوضع الحالي في سوق البيتكوين يثير تساؤلات حول المسار المستقبلي للسعر. هل نحن بصدد بناء زخم جديد أم مجرد حركة تصحيحية ضمن نطاق أوسع؟ لفهم الصورة بشكل أفضل، نحتاج إلى التعمق في البيانات المتاحة وتحليلات الخبراء الذين يراقبون نبض السوق عن كثب. هذا التقرير يستعرض آراء محللين بارزين من منصة CryptoQuant ويحلل مؤشرات مهمة لتحديد ما إذا كانت البيتكوين تستعد لانطلاقة قوية أو لمواصلة مرحلة التماسك الحالية التي اتسمت بها الأسابيع الماضية.
بيانات سلاسل الكتل تشير إلى التوازن، لكن الطلب يضعف
وفقًا للمحلل Darkfost من CryptoQuant، فإن السوق في الوقت الحالي يفتقر إلى إشارات متطرفة تدل على جني أرباح كبير أو ذعر واسع النطاق بين المستثمرين. في تحليل حديث له، أوضح Darkfost أن الأرباح المحققة (Realized Profits) على مدار متوسط متحرك لسبعة أيام لا تزال أقل من 1 مليار دولار. هذا المستوى يتماشى مع الأرقام التي لوحظت خلال التصحيح السوقي في أواخر عام 2024، ويقع بشكل كبير دون الذروات التي شهدها السوق في أوائل عام 2025، والتي كانت تتسم بنشاط بيعي كبير وجني أرباح من قبل المستثمرين على المدى الطويل.
يشير المحلل إلى أن مستويات الأرباح المحققة الحالية تدل على أن السوق ليس تحت ضغط بيعي كبير من قبل المستثمرين الكبار أو المؤسسات التي تسعى للخروج من صفقاتها. هذا العامل يدعم استمرار مرحلة التماسك الحالية، حيث لا يوجد تدفق كبير للعملات المباعة إلى السوق قد يدفع الأسعار نحو الهبوط الحاد. الاستقرار النسبي في مستويات جني الأرباح يعكس حالة من الهدوء النسبي بين الفاعلين الرئيسيين في السوق.
في نفس التقرير، ناقش Darkfost أيضًا كيف يمكن أن يكون ضعف الطلب هو العامل الذي يحد من الزخم الصعودي الإضافي للبيتكوين. من خلال تحليل النسبة بين المعروض الجديد من البيتكوين والمعروض الذي ظل خاملاً لأكثر من عام (وهو مؤشر على سلوك حاملي العملة على المدى الطويل)، لوحظ أنه في حين أن الطلب لا يزال إيجابيًا بشكل عام، إلا أنه شهد ضعفًا مستمرًا منذ أن وصلت البيتكوين إلى قمتها المحلية في مايو الماضي.
ماذا يعني هذا؟ يعني أن السوق قادر على امتصاص ضغوط البيع الحالية، وأن هناك من يشتري البيتكوين التي يتم عرضها للبيع، ولكن الاهتمام الشرائي الجديد والتدفقات النقدية الطازجة التي تدخل السوق ليست قوية بما يكفي لتحفيز ارتفاع جديد كبير ومستدام. بعبارة أخرى، القوة الشرائية الحالية كافية لمنع السعر من الهبوط بشكل كبير، لكنها ليست كافية لدفعه نحو الأعلى بشكل حاسم وتجاوز مستويات المقاومة الرئيسية بقوة.
نتيجة لذلك، يبدو أن السوق في حالة من التوازن المؤقت. هذه المرحلة تتسم بنشاط منخفض نسبيًا لكل من البائعين والمشترين الكبار. البائعون ليسوا في عجلة من أمرهم لتصفية مراكزهم بكميات كبيرة، والمشترون ليسوا مندفعين للدخول بقوة بأسعار أعلى. هذا يؤدي إلى تحركات سعرية محدودة وتداول ضمن نطاق سعري ضيق نسبيًا، وهو ما شهدناه بالفعل خلال الأسابيع القليلة الماضية.
متداولو البيتكوين يستعدون للتقلبات ضمن نطاق مزدحم
محلل آخر من CryptoQuant، وهو BorisVest، أكد هذا الشعور بالسوق المتنازع عليه بشدة من خلال تحليل تدفق الأوامر وبيانات المراكز المفتوحة على منصة بينانس (Binance)، وهي واحدة من أكبر بورصات العملات الرقمية في العالم. أشار إلى أن البيتكوين تتداول ضمن نطاق سعري واضح يتراوح بين 100,000 دولار و110,000 دولار منذ ما يقرب من شهر. هذا النطاق أصبح منطقة حاسمة يراقبها المتداولون والمستثمرون على حد سواء.
داخل هذا النطاق، شهدنا بناءً مستمرًا لكل من مراكز الشراء (Long Positions) ومراكز البيع (Short Positions). هذا يعني أن المتداولين يراهنون على اتجاهين متعاكسين داخل نفس المنطقة السعرية. يراقب المتداولون الأطراف القصوى لهذا النطاق عن كثب: مستوى الدعم عند 100,000 دولار ومستوى المقاومة عند 110,000 دولار. وفقًا لـ BorisVest، فإن أي اختراق حاسم فوق 110,000 دولار أو انخفاض كبير تحت 100,000 دولار يمكن أن يحدد المسار للحركة السعرية الهامة التالية. تجاوز المقاومة قد يشير إلى استئناف الاتجاه الصعودي، بينما كسر الدعم قد يفتح الباب لمزيد من الانخفاض.
النطاق السعري 100,000 دولار – 110,000 دولار أصبح فعليًا ساحة معركة بين “الثيران” (المشترين الذين يتوقعون ارتفاع الأسعار) و”الدببة” (البائعين الذين يتوقعون انخفاض الأسعار). لاحظ BorisVest أن مراكز البيع القصيرة (Short Positions) تتزايد حاليًا، مما يشير إلى أن جزءًا كبيرًا من المشاركين في السوق يتوقعون حدوث تصحيح هبوطي أو انخفاض في السعر على المدى القصير.
زيادة مراكز البيع القصيرة يمكن أن تكون إشارة على التشاؤم المتزايد بين بعض شرائح المتداولين، أو ربما محاولة للمضاربة على الانخفاض بعد الصعود الأخير. بغض النظر عن الدافع، فإن تراكم مراكز البيع القصيرة في منطقة سعرية معينة يخلق ظروفًا معينة قد تكون لها تبعات هامة.
ومع ذلك، أشار BorisVest أيضًا إلى أنه عندما تهيمن مراكز البيع القصيرة وتصبح ذات حجم كبير، يزداد خطر حدوث انعكاس مفاجئ وسريع في السعر يعرف باسم “تصفية المراكز البيعية القصيرة” أو “Short Squeeze”. يحدث هذا عندما تبدأ الأسعار في الارتفاع على عكس توقعات البائعين على المكشوف، مما يجبرهم على شراء البيتكوين في السوق لتغطية مراكزهم والخروج منها قبل أن تتفاقم خسائرهم. هذا الشراء القسري يضيف زخمًا إضافيًا للارتفاع، مما قد يؤدي إلى تسارع كبير في الحركة الصعودية. هذا السلوك يتوافق مع الاتجاهات الأخيرة في معدلات التمويل (Funding Rates)، والتي تُظهر توزيعًا متوازنًا نسبيًا لرهانات الشراء والبيع على العقود الآجلة، مما يعني أن السوق ليس منحازًا بشكل كبير نحو اتجاه واحد من حيث الرافعة المالية.
معدلات التمويل المتوازنة تشير إلى أن المتداولين الذين يستخدمون الرافعة المالية ليسوا منحازين بشكل كبير للشراء أو البيع، مما يقلل من احتمالية حدوث تصفية كبيرة ومفاجئة بسبب اختلال التوازن في هذه المعدلات. ومع ذلك، فإن تراكم المراكز في النطاق السعري الضيق لا يزال يعني أن هناك كميات كبيرة من السيولة تنتظر التحرك عند كسر أي من حدود النطاق.
في الختام، يظل سوق البيتكوين في مرحلة دقيقة. على الرغم من المكاسب المتواضعة الأخيرة والتحركات فوق مستوى 106,000 دولار، فإن ضعف الطلب المستمر يضعف من احتمالية حدوث اختراق سعري كبير وفوري. بيانات سلاسل الكتل تشير إلى غياب الضغط البيعي الكبير من المستثمرين الكبار، مما يدعم سيناريو التماسك. في المقابل، يشير تحليل تدفق الأوامر ومراكز المتداولين إلى أن النطاق بين 100,000 دولار و110,000 دولار يمثل نقطة محورية رئيسية، وأن اختراقه بأي اتجاه سيحدد الاتجاه القادم. تراكم مراكز البيع القصيرة داخل هذا النطاق يضيف عنصرًا من عدم اليقين، حيث يزيد من احتمالية حدوث “Short Squeeze” إذا ما بدأ السعر في الارتفاع بقوة. المتداولون يراقبون الآن المستويات الحرجة وينتظرون إشارة واضحة من السوق لتحديد الخطوة التالية.
يجب على المستثمرين والمتداولين البقاء حذرين ومتابعة تطورات السوق عن كثب. التركيز ينصب الآن على مستويات الدعم والمقاومة الرئيسية، بالإضافة إلى مراقبة تغيرات الطلب ونشاط المستثمرين الكبار. هل سيتمكن الثيران من تجميع ما يكفي من القوة لكسر حاجز 110,000 دولار، أم ستسيطر الدببة وتدفع السعر لاختبار مستوى 100,000 دولار مجددًا؟ الإجابة على هذا السؤال ستتكشف خلال الأيام والأسابيع القادمة.
الصورة المميزة تم إنشاؤها باستخدام DALL-E، الرسم البياني من TradingView.
“`