“`html
توقعات ستاندرد تشارترد: دورة بيتكوين الجديدة قد تتحدى الأنماط السابقة بدعم صناديق الاستثمار المتداولة وسياسات مواتية
يشهد سوق العملات الرقمية تطورات متسارعة، ومعها تتغير توقعات الخبراء والمؤسسات المالية الكبرى بشأن مستقبل الأصول الرقمية الرائدة مثل بيتكوين. في هذا السياق، قدم بنك ستاندرد تشارترد توقعات جريئة تشير إلى أن بيتكوين قد تشهد أقوى أداء نصفي سنوي لها على الإطلاق في أواخر عام 2025. تستند هذه التوقعات إلى مجموعة من العوامل الجديدة التي لم تكن موجودة بنفس القوة في الدورات السابقة، وعلى رأسها تدفقات قياسية إلى صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) الخاصة ببيتكوين، والمخاطر السياسية التي قد تؤثر على سياسات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وتزايد تبني بيتكوين على مستوى الدول السيادية.
وفقاً لجيوفري كيندريك، رئيس أبحاث الأصول الرقمية في ستاندرد تشارترد، فإن هذه العوامل مجتمعة ترسم صورة لمستقبل بيتكوين يختلف عن الأنماط التاريخية التي لطالما حكمت تحركاتها السعرية بعد حدث التنصيف.
تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة وشراء الشركات: محركات الطلب الجديدة
في مذكرة بحثية صدرت في الثاني من يوليو، توقع كيندريك أن تتجاوز تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة وشراء الشركات لمخزون بيتكوين مستويات الربع الثاني من العام، والتي بلغت 245,000 بيتكوين، وذلك في كل من الربع الثالث والرابع من هذا العام. هذا التوقع يعكس إيماناً قوياً بتزايد الطلب المؤسساتي والشركاتي على بيتكوين، والذي يمثل تحولاً هيكلياً مهماً في طبيعة المستثمرين في هذا الأصل الرقمي.
لطالما كان المستثمرون الأفراد هم المحرك الرئيسي لسوق بيتكوين في الدورات السابقة. لكن مع إطلاق صناديق الاستثمار المتداولة الفورية في الولايات المتحدة، فتح الباب أمام فئة جديدة وكبيرة من المستثمرين الذين يفضلون الوصول إلى بيتكوين عبر أدوات استثمارية تقليدية ومنظمة. هذا التدفق المستمر للأموال من خلال هذه الصناديق يمثل طلباً حقيقياً ومستداماً يضع ضغوطاً صعودية على سعر بيتكوين.
بالإضافة إلى ذلك، يتزايد اهتمام الشركات بإضافة بيتكوين إلى ميزانياتها العمومية كشكل من أشكال التحوط ضد التضخم أو كأصل استثماري. هذا الاتجاه، رغم أنه لا يزال في مراحله المبكرة نسبياً على نطاق واسع، يساهم أيضاً في زيادة الطلب المؤسساتي ويعزز شرعية بيتكوين كفئة أصول.
توقعات سعرية جريئة: 200,000 دولار في الأفق؟
حافظ بنك ستاندرد تشارترد على توقعه السابق بأن تصل بيتكوين إلى سعر 200,000 دولار بنهاية العام. يعتبر هذا التوقع من بين الأكثر تفاؤلاً في السوق، ولكنه يعكس الثقة في قوة العوامل الدافعة الجديدة. وقام البنك أيضاً بتحديث توقعاته لربع الثالث من العام، حيث حدد سعر بيتكوين المستهدف عند 135,000 دولار. تشير هذه التوقعات المرحلية إلى مسار صعودي قوي خلال النصف الثاني من عام 2024.
وأشار كيندريك إلى أن تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة لبيتكوين قد تجاوزت التوقعات بالفعل، وأن السوق بدأ يدرك أن أنماط أسعار العملات المشفرة بعد التنصيف لا تزال سليمة على الرغم من الشكوك التي ظهرت في وقت سابق. هذا يعني أن التأثير الإيجابي لحدث التنصيف، الذي يخفض معدل إنشاء بيتكوين جديدة، يتضاعف الآن مع الطلب القوي القادم من صناديق الاستثمار المتداولة والمؤسسات.
إن تحقيق هذه التوقعات السعرية سيمثل قفزة هائلة من المستويات الحالية، وسيؤكد على الدور المتزايد للمستثمرين الكبار والمؤسسات في تحديد مسار سعر بيتكوين، بعيداً عن التقلبات التي كانت تهيمن عليها تحركات المستثمرين الأفراد بشكل كبير في الماضي.
رياح السياسة المواتية وتبني الدول السيادية
لم تقتصر توقعات كيندريك على الجوانب المتعلقة بالطلب المباشر على بيتكوين، بل تطرقت أيضاً إلى العوامل الكلية والسياسية التي قد تلعب دوراً مهماً. سلط الضوء على أن الأسواق تواجه مخاطر متزايدة لاستقلالية الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، خاصة مع احتمال أن يقوم الرئيس دونالد ترامب، إذا فاز في الانتخابات، باستبدال رئيس الفيدرالي جيروم باول مبكراً، مما قد يؤدي إلى تحول نحو سياسة نقدية أكثر تساهلاً.
إن سياسة نقدية أكثر تساهلاً تعني عادةً خفض أسعار الفائدة وتوفير سيولة أكبر في النظام المالي، مما يقلل من جاذبية الأصول التقليدية ذات العائد المنخفض ويزيد من جاذبية الأصول البديلة مثل بيتكوين، والتي يُنظر إليها غالباً كأصل نادر ومخزن للقيمة.
وفي تصريح لافت، قال كيندريك:
“تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة وتدفقات محافظ الشركات كلها مرتبطة بالسياسة الأمريكية.”
هذا التصريح يؤكد على الترابط المتزايد بين عالم الأصول الرقمية وقرارات السياسة الاقتصادية والمالية الكبرى، خاصة في الولايات المتحدة التي تعتبر أكبر سوق مالي في العالم. فقرارات مثل الموافقة على صناديق الاستثمار المتداولة أو التغييرات المحتملة في سياسة الفيدرالي لها تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الطلب على بيتكوين واستعداد المؤسسات والشركات للاستثمار فيها.
من العوامل الأخرى التي تعزز النظرة المستقبلية لبيتكوين هو إقرار قانون GENIUS في الولايات المتحدة، والذي حصل مؤخراً على موافقة مجلس الشيوخ. أشار ستاندرد تشارترد إلى أن مثل هذه التشريعات ستعزز الوضوح التنظيمي، وتسهل التبني الأوسع للأصول الرقمية، وتدمج العملات المشفرة بشكل أكبر في النظام المالي التقليدي. إن وجود إطار تنظيمي واضح يقلل من حالة عدم اليقين للمستثمرين المؤسساتيين ويشجعهم على الدخول إلى السوق بثقة أكبر.
كما توقع كيندريك تزايد تبني بيتكوين على المستوى السيادي، مشيراً إلى أن أي دليل على شراء بيتكوين من قبل دول سيعزز الطلب طويل الأجل واستقرار الأسعار، على غرار التأثير الذي شوهد من تراكم الشركات لمخزون بيتكوين في الأشهر الأخيرة. إن تبني دولة ما لبيتكوين كعملة قانونية أو الاحتفاظ بها كجزء من احتياطياتها يمثل خطوة هائلة نحو الشرعية العالمية ويعزز مكانة بيتكوين كأصل احتياطي محتمل.
نظرية دورة التنصيف: هل أصبحت من الماضي؟
تطرقت المذكرة البحثية أيضاً إلى المخاوف السائدة في السوق بشأن دورة تنصيف بيتكوين، وهو حدث مجدول يحدث كل أربع سنوات ويخفض مكافآت التعدين إلى النصف، وقد أثر تاريخياً على أنماط الأسعار. في الدورات السابقة، انخفضت أسعار بيتكوين عادةً بعد حوالي 18 شهراً من حدث التنصيف. بناءً على تنصيف أبريل 2024، فإن هذا النمط التاريخي قد يشير إلى انخفاضات محتملة في سبتمبر أو أكتوبر من هذا العام.
ومع ذلك، يعتقد ستاندرد تشارترد أن الديناميكية قد تغيرت. كتب كيندريك أنه بفضل تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة القوية وشراء الشركات، وهي عوامل لم تكن موجودة بنفس القوة في الدورات السابقة، قد تتجنب بيتكوين الانخفاض النموذجي الذي يلي التنصيف. هذا يعني أن العوامل الهيكلية الجديدة للطلب تتجاوز التأثير التاريخي لأنماط ما بعد التنصيف.
قال كيندريك إن الأسعار من المرجح أن تكون متقلبة في أواخر سبتمبر وأوائل أكتوبر حيث تركز الأسواق على هذا النمط التاريخي، لكنه توقع استئناف الاتجاه الصعودي في نهاية العام، مدفوعاً بعوامل الطلب الهيكلية الجديدة هذه. هذا يشير إلى أن أي تراجع محتمل في الخريف قد يكون مجرد فترة تصحيح قصيرة قبل أن تستعيد بيتكوين زخمها الصعودي.
خلص كيندريك إلى أن الأشهر القادمة ستظهر كيف تجاوزت بيتكوين سلوك دورة التنصيف السابقة، ملخصاً نظرته المستقبلية ببساطة قائلاً:
“استعدوا.”
هذا التلخيص المقتضب يحمل دلالة على أن الفترة القادمة ستكون حاسمة ومثيرة لمستثمري بيتكوين، حيث تتشكل ديناميكيات جديدة قد تغير قواعد اللعبة التي اعتاد عليها السوق لسنوات. إن الابتعاد عن النماذج التاريخية التي كانت تعتمد بشكل كبير على دورات التنصيف ووجود عوامل هيكلية قوية مثل صناديق الاستثمار المتداولة والتبني المؤسساتي والسيادي يرسم مستقبلاً مختلفاً لبيتكوين، مستقبل أقل اعتماداً على “الطقوس” الأربع سنوية وأكثر اعتماداً على الاندماج في النظام المالي العالمي.
في الختام، تشير توقعات ستاندرد تشارترد إلى أن بيتكوين تمر بمرحلة تحول. العوامل التي كانت تدفع سعرها في الماضي (مثل دورات التنصيف التي تؤثر على العرض بشكل أساسي) تتكامل الآن مع عوامل جديدة وقوية تؤثر على الطلب بشكل كبير (مثل صناديق الاستثمار المتداولة، وشراء الشركات، والتبني السيادي، والسياسات النقدية). هذا المزيج من العوامل يمكن أن يدفع بيتكوين إلى مستويات سعرية لم يتم بلوغها من قبل، ويجعل دورتها الحالية مختلفة بشكل جوهري عن سابقاتها.
يبقى السؤال الأهم: هل ستتحقق هذه التوقعات الجريئة؟ سوق العملات الرقمية معروف بتقلباته وعدم القدرة على التنبؤ به بشكل كامل. ومع ذلك، فإن التحليلات المقدمة من مؤسسات مالية كبرى مثل ستاندرد تشارترد، والتي تستند إلى بيانات التدفقات والعوامل الكلية، توفر رؤى قيمة حول الاتجاهات المحتملة التي قد تشكل مستقبل بيتكوين في السنوات القادمة.
المستثمرون والمراقبون على حد سواء سيراقبون عن كثب أداء بيتكوين في الأشهر القادمة، وخاصة حول فترات التقلب المتوقعة في الخريف، لمعرفة ما إذا كانت عوامل الطلب الجديدة قوية بما يكفي للتغلب على الأنماط التاريخية لما بعد التنصيف ودفع بيتكوين نحو آفاق جديدة.
هذه المرحلة قد تكون بداية لعصر جديد لبيتكوين، حيث تنتقل من كونها مجرد أصل رقمي هامشي إلى لاعب رئيسي في المشهد المالي العالمي، مدعومة بقواعد استثمارية راسخة وتبني واسع النطاق على مختلف المستويات.
“`