بينانس تقتحم عالم إطلاق التوكنات بنموذج جديد على غرار Pump.fun
في خطوة تعكس التطور المستمر في عالم العملات المشفرة واستجابةً للاهتمام المتزايد بنماذج إطلاق التوكنات اللامركزية، أعلنت بينانس، أكبر بورصة عملات مشفرة في العالم من حيث حجم التداول، عن إطلاق نموذج جديد ومبتكر لتوليد التوكنات (TGE) عبر محفظتها الخاصة، Binance Wallet. يأتي هذا النموذج، الذي يعتمد على هيكل “منحنى الربط” (Bonding Curve)، بالشراكة مع منصة إطلاق الميم كوين Four.Meme، ويعد نقطة تحول محتملة في طريقة إطلاق التوكنات الجديدة، خاصة تلك المرتبطة بقطاع الميم كوين سريع التقلب.
ملخص سريع (TL;DR):
- نموذج منحنى الربط الجديد من بينانس يعدل أسعار التوكنات مباشرة بناءً على طلب المستخدمين الفعلي في الوقت الحقيقي خلال الحدث.
- يتطلب المشاركة في هذه الأحداث امتلاك رصيد من عملة بينانس (BNB) ونقاط ألفا الخاصة ببينانس.
- تظل أوامر الشراء التي يضعها المستخدمون مغلقة وغير قابلة للإلغاء، كما أن عملة BNB المستخدمة في الشراء تبقى محجوزة حتى انتهاء الحدث.
- بينانس تدخل بقوة ساحة منحنيات الربط، متزامنة مع تزايد نشاط منصات إطلاق الميم كوين المنافسة مثل LetsBONK، التي تجاوزت مؤخراً Pump.fun في حجم النشاط.
ظهور نموذج حدث التوكن الجديد على محفظة بينانس
تمثل محفظة بينانس (Binance Wallet) المنصة التي ستستضيف هذا النموذج الجديد لإطلاق التوكنات. يعتمد النظام بشكل أساسي على مفهوم “منحنى الربط”، وهو آلية تسعير ديناميكية تتغير فيها أسعار الأصل (في هذه الحالة، التوكن الجديد) تلقائياً بناءً على العرض والطلب الحاليين. في سياق حدث توليد التوكنات، يعني هذا أن سعر التوكن يرتفع تدريجياً كلما زاد عدد المستخدمين الذين يشترون التوكن خلال نافذة الحدث المحددة. على العكس، إذا كان هناك بيع (وهو غير ممكن خلال مرحلة الشراء الأولية في هذا النموذج)، فإن السعر سينخفض، مما يخلق علاقة مباشرة وشفافة بين سلوك المستخدمين وقيمة التوكن.
هذا النهج يحاكي إلى حد كبير الآلية التي اشتهرت بها منصات مثل Pump.fun، والتي تتيح لأي شخص إطلاق توكن جديد بسرعة وسهولة بناءً على منحنى ربط بسيط. لكن دمج هذه الآلية ضمن نظام بينانس البيئي يضيف طبقة جديدة من الوصول والمصداقية المحتملة (وإن كانت لا تلغي المخاطر الجوهرية). أكدت بينانس أن هذا هو الظهور الأول لهذا النموذج المحدد لإطلاق التوكنات على منصتها، مما يشير إلى أنها خطوة استراتيجية لاستكشاف آليات جديدة لتحديد قيمة الأصول في مراحلها المبكرة.
تم تطوير هذا النموذج بالشراكة مع Four.Meme، وهي منصة متخصصة في إطلاق توكنات الميم كوين. هذا التعاون يسلط الضوء على تركيز بينانس على استكشاف هذا القطاع الشعبي والمربح من سوق العملات المشفرة، وتوفير أدوات تتناسب مع طبيعته المتغيرة والسريعة. وقد أعلنت بينانس أن المشروع الأول الذي سيستخدم هذا النموذج سيتم الكشف عنه قريباً، مما يثير ترقباً كبيراً بين المستخدمين والمجتمع.
التسعير المباشر والأوامر المغلقة خلال الأحداث
إحدى السمات الرئيسية والفريدة لهذا النموذج هي طريقة إدارة عملية الشراء والتداول خلال نافذة الحدث. تتيح الصيغة الجديدة للمستخدمين شراء التوكنات باستخدام عملة BNB الخاصة ببينانس. ومع ذلك، فإن التوكنات التي يتم شراؤها خلال الحدث تكون “غير قابلة للتحويل” حتى ينتهي الحدث بالكامل. هذا يعني أن المستخدمين لا يمكنهم نقل التوكنات إلى محافظ خارجية أو بيعها في أي سوق آخر أثناء استمرار حدث التوليد.
الأهم من ذلك، أن آلية التسعير في هذا النموذج تعمل بشكل مباشر وتلقائي. كلما زاد عدد أوامر الشراء الموضوعة من قبل المستخدمين، ارتفع سعر التوكن وفقاً لمنحنى الربط المحدد مسبقاً. هذه الشفافية في التسعير تسمح للمشاركين برؤية كيف يؤثر الطلب الجماعي على قيمة الأصل في الوقت الفعلي.
ومع ذلك، هناك جانب حاسم يجب على المستخدمين الانتباه إليه: بمجرد وضع أمر الشراء، فإنه يصبح مغلقاً وغير قابل للإلغاء. هذا يعني أنه لا يمكن للمستخدم التراجع عن قراره أو استعادة عملة BNB التي استخدمها للشراء حتى لو تغير رأيه أو تدهورت ظروف السوق خلال الحدث. تظل عملة BNB المستخدمة في الشراء محجوزة (مغلقة) أيضاً حتى اللحظة التي ينتهي فيها الحدث. بعد انتهاء نافذة حدث التوليد بنجاح، تصبح التوكنات قابلة للتحويل ويمكن للمستخدمين البدء في تداولها بحرية، غالباً على منصة التداول الفوري لبينانس أو قسم مخصص مثل “بينانس ألفا” إذا كان مصطلحاً يشير إلى منطقة تداول محددة.
وصفت بينانس هذا الهيكل بأنه يوفر طريقة أكثر “انفتاحاً ومساواة” لتحديد القيمة الأولية للتوكن قبل أن يتم إدراجه بالكامل في أسواق التداول التقليدية. الفكرة هي أن سعر الإطلاق يتشكل بناءً على الاهتمام الحقيقي للمستخدمين المباشرين، بدلاً من أن يتم تحديده بواسطة قائمة انتظار خاصة أو جولات تمويل مغلقة.
للمشاركة في هذه الأحداث، يتطلب من المستخدمين تلبية شرطين رئيسيين: امتلاك رصيد كافٍ من عملة BNB في محفظة بينانس الخاصة بهم، بالإضافة إلى امتلاك رصيد من “نقاط بينانس ألفا” (Binance Alpha Points). نقاط ألفا هذه هي جزء من نظام بينانس الداخلي وتستخدم لتحديد أهلية المستخدمين بناءً على مستوى نشاطهم وتفاعلهم مع منصة بينانس بشكل عام. هذا الشرط يهدف على الأرجح إلى تفضيل المستخدمين النشطين والملتزمين بالمنصة، وربما للحد من مشاركة البوتات (الروبوتات) أو المضاربين غير الجادين الذين قد يحاولون التلاعب بالحدث.
الهدف المعلن لبينانس من وراء استخدام نقاط ألفا وجعل الوصول مقيداً ليس مفتوحاً للجميع بلا شروط، هو جعل عملية الوصول إلى مبيعات التوكنات المبكرة “أكثر اتساقاً وعدالة” للمستخدمين الذين يساهمون بنشاط في النظام البيئي لبينانس، مع توفير آلية تمنع إلى حد كبير عمليات التداول الآلية أو المتلاعبة خلال حدث التوكن نفسه. ترى بينانس أن هذا النظام مصمم لمنح المستخدمين الشرعيين فرصة أوضح وأكثر تنظيماً للانضمام إلى مبيعات التوكنات في مراحلها الأولى.
منصات إطلاق الميم كوين ومخاطر المستخدمين
يأتي إطلاق هذا النموذج الجديد من بينانس في وقت تشهد فيه ساحة منصات إطلاق الميم كوين منافسة شرسة ونشاطاً متزايداً بشكل ملحوظ. أصبحت هذه المنصات، التي غالباً ما تسمح بإطلاق التوكنات بسرعة وبتكلفة منخفضة نسبياً، شائعة جداً خاصة على سلاسل الكتل مثل سولانا (Solana). ومؤخراً، شهدنا تجاوز منصة LetsBONK لمنصة Pump.fun من حيث عدد إطلاقات التوكنات وحجم التداول المرتبط بها على شبكة سولانا، مما يدل على مدى ديناميكية وتغير هذه السوق.
ومع ذلك، فإن الشعبية المتزايدة لهذه المنصات ونماذج الإطلاق السهلة لا تخلو من المخاطر. يظل حذر المستخدمين وتوخي الحيطة موضوعاً حيوياً ومستمر النقاش عبر جميع هذه المنصات، بما في ذلك النماذج الجديدة التي تتبناها المنصات الكبرى مثل بينانس. ترتبط توكنات الميم كوين عموماً بتقلبات سعرية هائلة، وغالباً ما تكون مدفوعة بالمضاربة والضجة الإعلامية (hype) أكثر من القيمة الجوهرية للمشروع (إن وجدت).
يجب على المستخدمين الذين يفكرون في المشاركة في هذه الأحداث أن يدركوا أن نموذج منحنى الربط، على الرغم من شفافيته في تحديد السعر الأولي، لا يضمن نجاح المشروع أو سلامة الاستثمار على المدى الطويل. هناك دائماً خطر فقدان جزء كبير أو كل رأس المال المستثمر. وقد ظهرت العديد من القصص التحذيرية حول مستخدمين تكبدوا خسائر كبيرة في توكنات تم إطلاقها عبر نماذج مشابهة. على سبيل المثال، ذكرت شركة التحليلات Lookonchain حالة فقد فيها مستخدم مبلغاً كبيراً يقدر بـ 75,000 دولار أمريكي في توكنات PUMP، مما يسلط الضوء على المخاطر الفعلية المرتبطة بالمضاربة على توكنات الميم كوين سريعة الإطلاق والتقلب.
على الرغم من أن بينانس توفر منصة منظمة وتطبق إجراءات أمنية مقارنة بالمنصات اللامركزية بالكامل، فإنها لا يمكنها أن تحمي المستخدمين بشكل كامل من تقلبات السوق الحادة أو فشل المشروع الأساسي. طبيعة الأوامر المغلقة تعني أيضاً أن المستخدم يتحمل المخاطر الكاملة لانخفاض السعر المفاجئ بعد وضع الأمر، دون القدرة على التخارج المبكر. لذلك، من الضروري جداً إجراء بحث شامل (DYOR – Do Your Own Research) وفهم كامل للمخاطر قبل المشاركة في أي حدث لإطلاق توكنات يعتمد على هذا النموذج، أو أي استثمار في توكنات الميم كوين بشكل عام.
إطلاق بينانس لهذا النموذج الجديد يمثل محاولة لسد الفجوة بين سهولة الإطلاق التي تقدمها المنصات اللامركزية الكبيرة وبين الوصول والقاعدة المستخدمين الواسعة لبينانس. قد يجذب هذا النموذج عدداً أكبر من المستخدمين إلى عالم توكنات الميم كوين ومنحنيات الربط، ولكنه أيضاً يحمل معه المسؤولية على المستخدمين لفهم الآليات المعقدة والمخاطر العالية المرتبطة بهذا النوع من الأصول والاستثمارات. في النهاية، يبقى النجاح أو الفشل، وكذلك الربح أو الخسارة، معتمداً بشكل كبير على ديناميكيات السوق المتقلبة وقرارات الاستثمار الفردية المبنية على فهم دقيق للمخاطر والمكافآت المحتملة.
بينانس تتطلع إلى أن يكون هذا النموذج أداة قيمة لكل من المبدعين الذين يسعون لإطلاق توكناتهم بطريقة مدعومة بالطلب الفعلي، وللمستخدمين الذين يرغبون في الوصول المبكر إلى المشاريع الجديدة. ومع الكشف عن المشروع الأول الذي سيستخدم هذه الآلية، سيتمكن المجتمع من تقييم الأداء الفعلي لهذا النموذج الجديد في بيئة بينانس المنظمة.
“`