الحيتان؟ لا، الوافدون الجدد: ارتفاع مفاجئ في حاملي بيتكوين الجدد يغذي صعود السوق – دراسة
شهدت عملة البيتكوين (Bitcoin) ارتفاعًا هائلاً في الآونة الأخيرة، حيث تجاوزت أسعارها حاجز 123,000 دولار أمريكي هذا الأسبوع. وبعد أشهر من الخفوت في اهتمام المستثمرين الأفراد، تشير الأرقام الجديدة إلى تدفق رؤوس أموال طازجة إلى السوق مرة أخرى. هذا التغيير الحاد يمثل نقطة تحول مهمة، مما يثير تساؤلات حول من يقف وراء هذا الزخم الجديد وهل يمكن أن يستمر هذا الصعود.
لطالما كانت البيتكوين في طليعة الأصول الرقمية، تجذب انتباه المستثمرين من مختلف الشرائح، من المؤسسات الكبيرة إلى الأفراد. ومع ذلك، فإن الطبيعة الدورية لسوق العملات المشفرة تعني أن فترات الهدوء غالباً ما تتبعها فترات من النشاط المكثف. إن ما يميز الارتفاع الحالي هو ليس فقط حجم القفزة السعرية، بل أيضاً هوية اللاعبين الجدد الذين يدخلون الساحة.
تدفق رؤوس أموال جديدة: الوافدون الجدد يقودون الدفة
وفقًا لبيانات Glassnode، وهي شركة رائدة في تحليل البيانات على السلسلة (on-chain data)، فقد استحوذ المشترون لأول مرة على 140,000 بيتكوين إضافية خلال الأسبوعين الماضيين. ارتفعت حيازاتهم من 4.77 مليون بيتكوين إلى ما يقرب من 5 ملايين بيتكوين (تحديداً 4.91 مليون بيتكوين)، بزيادة قدرها 2.86%. هذا التدفق الهائل للعملات الجديدة ساعد في دفع سعر البيتكوين لتجاوز أعلى مستوياته الأخيرة.
هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات جافة؛ إنها مؤشر حيوي على زيادة ثقة المستثمرين الجدد في أكبر عملة مشفرة في العالم من حيث القيمة السوقية. في الماضي، غالباً ما كانت الصعودات الكبيرة مدفوعة بالـ “حيتان” – المستثمرين الكبار الذين يمتلكون كميات ضخمة من البيتكوين. ولكن هذه المرة، يبدو أن الوافدين الجدد هم من يغذون هذا الصعود بشكل كبير، مما يضيف طبقة جديدة من الديناميكية والاستقرار المحتمل للسوق.
إن دخول مستثمرين جدد بكميات كبيرة يوحي بأن رواية البيتكوين كـ “ذهب رقمي” أو أصل تحوط ضد التضخم، بالإضافة إلى إمكاناتها كتقنية مالية ثورية، بدأت تترسخ في أذهان شريحة أوسع من الجمهور. هذا التدفق المتزايد لرأس المال الطازج يمنح السوق دعماً قوياً ويقلل من تأثير أي تصحيحات محتملة قد تحدث على المدى القصير.
حاملو المدى القصير يسجلون نقطة تكلفة جديدة: استقرار وتوقعات بالاستمرار
اللاعبون الجدد ليسوا الوحيدين النشطين في السوق. تشير التقارير إلى أن الكيانات التي اشترت البيتكوين خلال الأشهر الستة الماضية باتت تمتلك الآن قاعدة تكلفة تزيد عن 100,000 دولار أمريكي للمرة الأولى. وهذا يعني أن هؤلاء المستثمرين، الذين يُعرفون بحاملي المدى القصير (Short-Term Holders)، قد صمدوا في وجه تقلبات الأسعار ولم يبيعوا بخسارة بعد.
هذه الظاهرة تحمل دلالات مهمة. فهي تشير إلى أن العديد من هؤلاء المستثمرين يتوقعون استمرار الارتفاع الحالي. إن قدرتهم على الصمود خلال الانخفاضات وعدم التسرع في البيع عند تسجيل الأرباح البسيطة، تعكس ثقة قوية في المسار المستقبلي للبيتكوين. ومع ذلك، فإن التمسك الشديد بالعملة يمكن أن يخلق ضغطاً إذا ما انخفضت الأسعار إلى ما دون متوسط نقطة الشراء الخاصة بهم، مما قد يدفعهم إلى البيع لتقليل الخسائر في سيناريو سلبي.
إن هذه الفئة من المستثمرين، على الرغم من أنهم يُعتبرون “حاملي المدى القصير”، إلا أن سلوكهم يشبه في كثير من الأحيان سلوك الـ “HODLers” (مصطلح يشير إلى المستثمرين الذين يحتفظون بأصولهم لفترة طويلة بغض النظر عن التقلبات) عندما يرون إمكانية صعود أكبر. إن تسجيل نقطة تكلفة أعلى من 100,000 دولار يوضح أن هذه المجموعة دخلت السوق في فترة متقدمة من الارتفاع، وما زال لديها قناعة بإمكانية تحقيق المزيد من الأرباح.
المشترون عند الانخفاض يتحركون بسرعة: دعم قوي عند المستويات الدنيا
كشفت خريطة قاعدة التكلفة من Glassnode أن المشترين تحركوا بسرعة عندما انخفض سعر البيتكوين إلى ما دون 116,000 دولار أمريكي في وقت سابق من هذا الأسبوع. فقد تم تداول حوالي 196,600 بيتكوين بين مستويي 116,000 دولار و 118,000 دولار. هذه الموجة من الشراء السريع أضافت أكثر من 23 مليون دولار أمريكي من القيمة بالقرب مما يبدو أنه ذروة محلية.
هذا السلوك يعتبر علامة واضحة على العزيمة القوية من قبل أولئك الذين يدعمون السوق عند المستويات السعرية الأدنى. ففي كل مرة يشهد فيها السعر تراجعاً، تظهر قوة شرائية سريعة تستغل هذه الفرص. وهذا يدل على وجود إيمان راسخ بالقيمة الأساسية للبيتكوين، ورغبة في تجميع المزيد من العملات عند أي فرصة انخفاض، بدلاً من الذعر والبيع. هذا النمط من الشراء عند الانخفاض (buy-the-dip) يُعد مؤشراً إيجابياً للغاية على وجود دعم قوي للسعر ويقلل من احتمالية حدوث انهيار كبير.
إن وجود طبقات دعم قوية عند مستويات سعرية محددة يعكس نضجاً متزايداً في السوق. بدلاً من التقلبات العشوائية، نرى استراتيجيات شراء مدروسة من قبل مجموعات من المستثمرين الذين يراقبون مستويات الأسعار الحرجة ويتفاعلون معها بسرعة، مما يساهم في بناء أرضية صلبة للسعر.
محادثات العملات البديلة تفوق عمليات البحث عن بيتكوين: تحول في الاهتمام؟
بينما ينشغل “الحيتان” والمشترون الجدد بالاستثمار في البيتكوين، يبدو أن الجمهور على محرك البحث جوجل أقل حماساً للبيتكوين نفسها. لقد ارتفع نشاط البحث عن “Bitcoin” بشكل متواضع في الأسبوعين الماضيين، لكنه لا يزال أقل بكثير من المستويات المرتفعة التي شوهدت عندما تجاوزت البيتكوين 100,000 دولار للمرة الأولى هذا العام.
في الوقت نفسه، تشير البيانات من Santiment إلى أن الحديث قد تحول نحو العملات البديلة (Altcoins). ومع استحواذ الإيثيريوم (Ethereum) على الأضواء، يبدو أن العديد من المستثمرين الأفراد متحمسون للتوكنات التي تعد بحركات أكبر على المدى القصير. هذه الظاهرة ليست جديدة في سوق العملات المشفرة؛ فغالباً ما ينجذب المستثمرون الأفراد إلى الأصول التي لم تشهد بعد ارتفاعات هائلة، على أمل تحقيق أرباح سريعة وكبيرة.
هذا التحول في اهتمام البحث والحديث العام قد يكون مؤشراً على أن المستثمرين الأفراد يبحثون عن فرص “القفزة الكبيرة التالية” خارج البيتكوين، التي يرونها بالفعل في قمتها أو أنها تتطلب استثماراً أولياً كبيراً جداً. يمكن أن يؤثر هذا على زخم البيتكوين، حيث أن الاندفاع الجماهيري غالباً ما يكون الوقود الذي يحول الارتفاعات الحادة إلى صعودات مكافئة.
اهتمام المستثمرين الأفراد لا يزال خافتاً: هل يعيق ذلك مسيرة البيتكوين؟
على الرغم من الارتفاع الكبير في الأسعار، لم يقفز المستثمرون الأفراد بشكل جماعي مرة أخرى إلى السوق. بناءً على التقارير، لم يظهر بعد “الخوف من تفويت الفرصة” (FOMO) لدى عامة الناس بشكل كبير. هذا النقص في الضجة واسعة النطاق يمكن أن يحد من مدى وسرعة صعود البيتكوين من هنا.
في الارتفاعات السابقة، كان تدفق الفضول من المشترين العاديين هو الذي حول الارتفاعات الحادة إلى مسارات مكافئة ومستدامة. فعندما تبدأ أخبار البيتكوين في الظهور في وسائل الإعلام الرئيسية وتثير فضول العامة، تتدفق السيولة بكميات هائلة من الحسابات الفردية، مما يدفع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة. إن غياب هذا العنصر في الارتفاع الحالي يشير إلى أن السوق لا يزال مدفوعاً بشكل أساسي من قبل المستثمرين الأكثر دراية أو الكبار.
إذا لم ينضم المستثمرون الأفراد بقوة، فقد تجد البيتكوين صعوبة في تجاوز المستويات الحالية بكثير على المدى القصير. ومع ذلك، فإن هذا قد يمثل أيضاً فرصة صحية للسوق لتوطيد مكاسبه وبناء قاعدة دعم أقوى قبل أن ينضم المزيد من المستثمرين المتأخرين. السؤال هو متى، إن حدث ذلك، سيبدأ عامة الناس في الشعور بهذا الـ FOMO الذي يُغير قواعد اللعبة؟ وهل يحتاج السوق إلى حافز إضافي، مثل سعر قياسي جديد، لإيقاظ اهتمام الجماهير؟
خلاصة وتوقعات مستقبلية
إن التحليل الحالي لسوق البيتكوين يكشف عن صورة معقدة ولكنها واعدة. من ناحية، هناك تدفق قوي لرؤوس الأموال من المشترين الجدد وحاملي المدى القصير الذين يظهرون ثقة عالية وقدرة على الصمود في وجه التقلبات. هؤلاء المستثمرون الجدد، بالإضافة إلى المشترين الاستراتيجيين عند الانخفاضات، يوفرون أساساً متيناً للارتفاع الحالي.
من ناحية أخرى، لا يزال اهتمام المستثمرين الأفراد خافتاً، وقد تحول جزء كبير من حديثهم نحو العملات البديلة. هذا النقص في مشاركة الجمهور الواسعة قد يحد من الزخم البارابولي الذي شهدناه في دورات صعود سابقة.
للمضي قدماً، سيكون من الأهمية بمكان مراقبة متى وكيف سيبدأ المستثمرون الأفراد في العودة إلى البيتكوين. إن تدفقهم سيكون بمثابة إشارة قوية لإمكانية استمرار الارتفاع بوتيرة أسرع. في الوقت الحالي، يبدو أن البيتكوين تستفيد من ثقة فئة محددة من المستثمرين الجدد والمشترين الاستراتيجيين، مما يضعها في وضع مستقر مع إمكانية تحقيق المزيد من المكاسب، حتى لو لم تكن سريعة أو جنونية كما يتوقع البعض.
“`