مشروع ترامب للعملات المشفرة يحوز 251 مليون دولار من الإيثيريوم: 26 مليون دولار أرباحًا وما زالت في ازدياد

شهدت الأشهر القليلة الماضية تحولاً ملحوظًا في عالم العملات المشفرة، مدفوعة بارتفاع كبير في قيمة عملة الإيثيريوم (ETH)، ثاني أكبر عملة رقمية من حيث القيمة السوقية. وفي خضم هذا الارتفاع، برزت شركة World Liberty Financial (WLF)، وهي الذراع الرئيسي لأعمال العملات المشفرة المرتبطة بعائلة ترامب، كلاعب رئيسي يحقق مكاسب هائلة. مع وصول مقتنيات WLF من الإيثيريوم إلى قيمة تجاوزت ربع مليار دولار، يبدو أن استراتيجية الشركة في تراكم هذه العملة الرقمية تؤتي ثمارها بشكل لافت، محققة أرباحًا ورقية تقدر بعشرات الملايين من الدولارات.

لم يأتِ هذا النجاح من فراغ؛ بل هو نتيجة لاستراتيجية استثمارية مدروسة، بالإضافة إلى الأداء القوي والمستقر الذي أظهرته عملة الإيثيريوم مؤخرًا. إن تتبع مقتنيات WLF يعكس ثقة كبيرة في إمكانات الإيثيريوم على المدى الطويل، وهو ما يتزامن مع اهتمام مؤسسي متزايد يشهده السوق. في هذه المقالة، سنغوص في تفاصيل استثمارات WLF، ونحلل العوامل التي دفعت الإيثيريوم إلى هذا الارتفاع، ونستكشف المشهد الأوسع للطلب المؤسسي على هذه العملة الرقمية الواعدة.

مقتنيات WLF من الإيثيريوم: نظرة عامة

كشفت البيانات الحديثة أن شركة World Liberty Financial (WLF)، وهي الشركة الرائدة في مجال العملات المشفرة التابعة لعائلة ترامب، قد عززت بشكل كبير تراكمها لعملة الإيثيريوم (ETH). في 18 يوليو، أنفقت الشركة 3 ملايين دولار من عملة USDC المستقرة للحصول على 861 إيثيريوم إضافية. وفقًا للمعلومات التي كشف عنها متتبع البيانات على السلسلة “Lookonchain”، رفعت هذه العملية الأخيرة إجمالي مقتنيات WLF من الإيثيريوم إلى 70,143 وحدة، تقدر قيمتها حاليًا بنحو 251 مليون دولار. هذه المقتنيات الضخمة تترجم إلى أرباح غير محققة تتجاوز 23 مليون دولار، مما يعكس الأداء الاستثنائي لهذه الاستثمارات في ظل الارتفاع المستمر لأسعار الإيثيريوم.

تعتبر هذه الأرقام مؤشرًا واضحًا على مدى جدية WLF في التزامها بقطاع الأصول الرقمية، وتحديدًا بإيثيريوم كأصل استراتيجي. إن حجم الاستثمار وحجم المقتنيات يضع الشركة في صدارة المستثمرين الكبار في هذا المجال، مما يثير تساؤلات حول الأهداف طويلة الأمد للشركة ودورها المحتمل في تشكيل مستقبل العملات الرقمية، خاصة مع تزايد ارتباط الشخصيات العامة بالاستثمار في هذا القطاع.

استراتيجية WLF المتراكمة

كشف متتبع السلسلة “Lookonchain” عن تفاصيل دقيقة لاستراتيجية WLF في تراكم الإيثيريوم. بين 29 نوفمبر 2024 و 5 مارس 2025، أنفقت World Liberty حوالي 214.9 مليون دولار لشراء 66,275 إيثيريوم، بمتوسط سعر بلغ 3,243 دولارًا لكل وحدة. هذه الفترة الزمنية الطويلة تشير إلى نهج تراكمي ومنظم، حيث كانت الشركة تستغل تقلبات السوق لبناء مركزها في الإيثيريوم بشكل تدريجي ومحسوب، وهو ما يعتبر استراتيجية شائعة بين المستثمرين المؤسسيين الكبار الذين يهدفون إلى تقليل متوسط التكلفة.

مراحل الشراء الرئيسية

لم تتوقف استراتيجية WLF عند الشراء الأولي الضخم؛ بل استمرت في تعزيز مقتنياتها من خلال عمليات شراء إضافية ومتقاربة، مما يدل على ثقة متجددة في مسار صعود الإيثيريوم. ويمكن تلخيص أبرز هذه المراحل الأخيرة كالتالي:

• شراء 16 يوليو: استحوذ المشروع على 1,531 إيثيريوم إضافية، وأنفق ما يقارب 3,266 دولارًا على كل وحدة. كان هذا الشراء مؤشرًا على استمرار الثقة في الإيثيريوم حتى بعد ارتفاع الأسعار.
• الشراء اللاحق في 16 يوليو: بعد فترة وجيزة من عملية الشراء الأولى في نفس اليوم، عادت الشركة إلى السوق واشترت 1,531 إيثيريوم أخرى بنفس المبلغ تقريبًا. هذه الخطوة السريعة رفعت إجمالي مقتنياتها إلى أكثر من 69,000 إيثيريوم، مما يعكس رغبة قوية في زيادة التعرض للأصل.
• شراء 18 يوليو: بعد أقل من 24 ساعة، وسعت WLF من وتيرة مشترياتها، حيث أنفقت 3 ملايين دولار أخرى على 861 إيثيريوم إضافية. هذه العملية الأخيرة دفعت خزينة الشركة إلى 70,143 إيثيريوم، بقيمة تقدر بـ 251 مليون دولار في وقت الشراء.

مع ارتفاع سعر الإيثيريوم بنسبة 8.5% في الـ 24 ساعة الماضية وتداوله حول 3,629 دولارًا، تُظهر استثمارات World Liberty في الأصل حاليًا ربحًا ورقيًا أنيقًا يقارب 26 مليون دولار. وقد جاء هذا الربح بعد أن استحوذت الشركة على كامل مقتنياتها بمتوسط سعر يبلغ حوالي 3,249 دولارًا لكل وحدة. هذا يشير إلى أن الارتفاع الأخير في سعر الإيثيريوم قد تجاوز متوسط تكلفة الشراء لـ WLF، مما حفز عمليات الشراء الأخيرة ومكن الشركة من تحقيق هذه الأرباح الملموسة.

الأداء القوي للإيثيريوم يدعم الأرباح

لا شك أن الأرباح التي حققتها WLF هي انعكاس مباشر للأداء القوي والمثير للإعجاب الذي أظهرته عملة الإيثيريوم في الأسواق العالمية مؤخرًا. الإيثيريوم، الذي يحتل المرتبة الثانية عالميًا من حيث القيمة السوقية، شهد انتعاشًا أخضر مذهلاً تجاوز توقعات الكثيرين. ففي الأيام السبعة الماضية، ارتفع سعر الإيثيريوم بنسبة 22.2%، في حين بلغ الارتفاع الشهري للعملة نسبة 43%. أما على مدار الأشهر الثلاثة الماضية، فقد قفزت قيمتها بنسبة 126.2%، مما يؤكد على زخمها الصعودي المستمر.

ورغم هذه المكاسب الكبيرة، لا يزال الإيثيريوم منخفضًا بنحو 26% عن أعلى مستوى له على الإطلاق، والذي بلغ 4,878 دولارًا أمريكيًا في نوفمبر 2021. ومع ذلك، فإن هذا الانتعاش الأخير قد دفع سعر الإيثيريوم أخيرًا فوق متوسط تكلفة الشراء لـ WLF، مما أدى إلى تحقيق الأرباح الورقية التي نتحدث عنها وحفز عمليات الشراء الأخيرة من جانب الشركة. هذا الأداء القوي ليس مجرد تقلبات عادية في السوق؛ بل يعكس ثقة متزايدة في قدرة الإيثيريوم على التوسع والتطور، مدعومًا بأسس تقنية قوية واستخدامات متنامية في مجالات مثل التمويل اللامركزي (DeFi) والرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs) والمشاريع اللامركزية.

إن تجاوز الإيثيريوم لمتوسط تكلفة شراء كبار المستثمرين مثل WLF يبعث برسالة إيجابية إلى السوق، ويشير إلى أن القاع قد يكون قد تحقق وأن الاتجاه الصعودي قد بدأ بالفعل. هذا الأمر يجذب المزيد من المستثمرين الأفراد والمؤسسات، الذين يرون في الإيثيريوم فرصة استثمارية واعدة بناءً على أدائها التاريخي وإمكاناتها المستقبلية.

تزايد الطلب المؤسسي على الإيثيريوم

لا تقتصر دائرة الاهتمام بـ الإيثيريوم على World Liberty Financial وحدها. يشهد السوق حاليًا موجة متزايدة من الطلب المؤسسي على الإيثيريوم، مما يعكس ثقة متنامية في هذا الأصل الرقمي كاستثمار طويل الأجل. هذا الاهتمام المتزايد من قبل الشركات والمؤسسات الكبرى هو عامل حاسم في دعم سعر الإيثيريوم واستقراره، ويدل على نضج سوق العملات المشفرة بشكل عام.

SharpLink Gaming: أكبر حائز مؤسسي

أصبحت شركة SharpLink Gaming، المدرجة في بورصة ناسداك، مؤخرًا أكبر حائز مؤسسي لعملة الإيثيريوم، متجاوزة بذلك مؤسسة الإيثيريوم نفسها. تمتلك الشركة الآن أكثر من 280 ألف إيثيريوم. ووفقًا لـ Lookonchain، أضافت الشركة 32,892 إيثيريوم أخرى في الـ 24 ساعة الماضية، مما رفع إجمالي مقتنياتها إلى أكثر من 313,000 إيثيريوم، تتجاوز قيمتها 1.1 مليار دولار بالأسعار الحالية. هذا الاستثمار الضخم من شركة عامة يشير إلى اعتراف متزايد بقيمة الإيثيريوم كأصل ميزانية عمومية، مما يمهد الطريق لمزيد من الشركات لاتباع هذا النهج.

محافظ جديدة واستراتيجيات حيازة طويلة الأجل

بالإضافة إلى الشركات المعروفة، حددت منصات التحليلات على السلسلة محفظتين تم إنشاؤهما حديثًا، وقد بدأتا بتجميع 206,415 إيثيريوم بقيمة سوقية تبلغ 745 مليون دولار من بورصتي Kraken و FalconX خلال الأيام العشرة الماضية. هذا التراكم الضخم في محافظ جديدة يشير إلى استراتيجيات حيازة طويلة الأجل، حيث يقوم المستثمرون الكبار بسحب عملاتهم من البورصات إلى محافظ شخصية، مما يقلل من العرض المتاح في السوق ويدعم الأسعار على المدى الطويل. غالبًا ما تُعرف هذه المحافظ بـ “الحيتان” التي ترى قيمة كبيرة في الأصول التي تستحوذ عليها.

صناديق الإيثيريوم المتداولة (Spot Ethereum ETFs)

شهدت صناديق الإيثيريوم المتداولة (ETFs) أيضًا نموًا ملحوظًا في الأسابيع القليلة الماضية. سجل صندوق BlackRock’s ETHA أرقامًا قياسية مرتين في يومين، حيث جذب أكثر من 546 مليون دولار في يوم واحد بعد أن سجل 489 مليون دولار من التدفقات في اليوم السابق. هذا التدفق الهائل لرأس المال إلى صناديق الإيثيريوم المتداولة يعكس طلبًا قويًا من المستثمرين المؤسسيين والأفراد الذين يبحثون عن طريقة منظمة وآمنة للاستثمار في الإيثيريوم دون الحاجة إلى امتلاك العملة بشكل مباشر. إن نجاح هذه الصناديق يعزز الشرعية والسيولة في سوق الإيثيريوم.

آفاق المستقبل للإيثيريوم

إن استثمارات WLF والاهتمام المؤسسي المتزايد بالإيثيريوم ليسا مجرد ظواهر عابرة، بل هما مؤشران على آفاق واعدة تنتظر هذه العملة الرقمية الرائدة. تعتمد قوة الإيثيريوم على عدة عوامل أساسية تجعلها جاذبة للمستثمرين على المدى الطويل. أولاً، تعتبر شبكة الإيثيريوم العمود الفقري لمجموعة واسعة من التطبيقات اللامركزية (dApps)، بدءًا من التمويل اللامركزي (DeFi) وصولاً إلى الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs) والألعاب القائمة على البلوكتشين. كلما زاد استخدام هذه التطبيقات، زاد الطلب على الإيثيريوم لدفع رسوم المعاملات (Gas fees) والمشاركة في الشبكة.

ثانيًا، التحديثات المستمرة للشبكة، مثل الانتقال إلى آلية إثبات الحصة (Proof of Stake) مع تحديث “The Merge” والتحديثات اللاحقة مثل “Shapella”، قد حسنت بشكل كبير من كفاءة الشبكة وأمانها وقدرتها على التوسع. هذه التحسينات تجعل الإيثيريوم أكثر استدامة وصديقة للبيئة، مما يجذب المزيد من المطورين والمستخدمين. كما أن التحديثات المستقبلية التي تهدف إلى زيادة قابلية التوسع، مثل Sharding والحلول من الطبقة الثانية (Layer 2 solutions)، تعد بزيادة سرعة المعاملات وتقليل تكلفتها، مما سيعزز من اعتماد الإيثيريوم على نطاق أوسع.

ثالثًا، يعتبر الإيثيريوم “العملة الاحتياطية” لعالم التمويل اللامركزي. إن غالبية المشاريع والبروتوكولات في مساحة DeFi مبنية على شبكة الإيثيريوم أو تتفاعل معها. هذا الارتباط الوثيق يضمن أن ازدهار نظام DeFi البيئي يترجم مباشرة إلى طلب متزايد على الإيثيريوم. بالإضافة إلى ذلك، فإن إمكانية الإيثيريوم لأن تكون أصلًا منتجًا للعائد من خلال التخزين (Staking) تجعلها جذابة للمستثمرين الذين يبحثون عن تدفقات دخل سلبية، وهو ما يزيد من قيمة حيازتها.

أخيرًا، فإن دخول اللاعبين المؤسسيين الكبار وصناديق الاستثمار المتداولة في السوق يضفي شرعية وثقة أكبر على الإيثيريوم كفئة أصول. هؤلاء المستثمرون لا يجلبون رؤوس أموال ضخمة فحسب، بل يساهمون أيضًا في استقرار السوق ونضجه من خلال توفير سيولة أكبر وتبني ممارسات استثمارية طويلة الأجل. كل هذه العوامل مجتمعة تشير إلى مستقبل مشرق للإيثيريوم، ليس فقط كعملة رقمية، بل كبنية تحتية حيوية للاقتصاد الرقمي الجديد.

الخلاصة

في الختام، يمثل ازدهار استثمارات World Liberty Financial في الإيثيريوم دليلًا ساطعًا على القوة الدافعة للعملات المشفرة، وتحديدًا لثاني أكبر عملة رقمية في العالم. لقد نجحت استراتيجية WLF المتأنية في تراكم الإيثيريوم في تحقيق أرباح ورقية كبيرة، تجاوزت 26 مليون دولار، وذلك بفضل الارتفاع القوي الذي شهدته العملة والذي تجاوز متوسط تكلفة الشراء للشركة. هذا النجاح ليس معزولًا، بل يتزامن مع اتجاه أوسع للطلب المؤسسي المتزايد على الإيثيريوم، والذي يظهر من خلال استثمارات شركات مثل SharpLink Gaming، وظهور محافظ جديدة ضخمة، والتدفقات القياسية إلى صناديق الإيثيريوم المتداولة.

إن كل هذه المؤشرات ترسم صورة لمستقبل واعد لعملة الإيثيريوم. فالشبكة لا تزال تتطور وتتحسن، وتوفر أساسًا متينًا للابتكار في مجالات التمويل اللامركزي والرموز غير القابلة للاستبدال، وتجذب اهتمامًا متزايدًا من المستثمرين على جميع المستويات. مع استمرار نمو الوعي والتبني، يبدو أن الإيثيريوم مهيأ لمواصلة مساره الصعودي، ليس فقط كأصل استثماري مربح، ولكن كركيزة أساسية للاقتصاد الرقمي العالمي.