مطورون إيثيريوم يتقاضون رواتب أقل من 50% من أقرانهم: تقرير جديد يكشف عن فجوة مقلقة
في قلب واحدة من أكبر شبكات البلوك تشين وأكثرها تأثيراً في العالم، يعمل جيش من المطورين الأساسيين الذين يشكلون العمود الفقري لشبكة الإيثيريوم. لكن تقريراً حديثاً صادراً عن “بروتوكول جيلد” (Protocol Guild) كشف عن حقيقة مقلقة: هؤلاء المطورون الذين لا غنى عنهم يتقاضون رواتب أقل بكثير من المعايير الصناعية، مما يهدد مستقبل الشبكة واستقرارها على المدى الطويل.
فجوة الأجور: أرقام صادمة
جمع الاستطلاع، الذي شمل 111 من أصل 190 عضواً في “بروتوكول جيلد”، بيانات أظهرت أن غالبية مطوري إيثيريوم الأساسيين يكسبون ما بين 50% إلى 60% أقل من أقرانهم في أدوار مماثلة في مشاريع أخرى. الأرقام تتحدث عن نفسها:
- متوسط الرواتب: بلغ متوسط رواتب المطورين الذين شملهم الاستطلاع حوالي 140,000 دولار سنوياً.
- عروض المنافسين: في المقابل، وصل متوسط العروض التي تلقاها أقرانهم في المشاريع المنافسة إلى 300,000 دولار.
التقرير فصّل أيضاً الأجور حسب مجال التركيز، حيث بلغ متوسط رواتب مطوري العملاء ومنسقي المشاريع 130,000 دولار، بينما حصل الباحثون على متوسط أعلى قليلاً وصل إلى 215,000 دولار. هذه الأرقام، رغم أنها قد تبدو مرتفعة، إلا أنها لا تعكس القيمة الحقيقية والطلب الكبير على هذه المهارات في سوق العملات المشفرة المزدهر.
غياب الحوافز والأسهم: حلقة مفرغة
لم تتوقف المشكلة عند الرواتب الأساسية. كشف التقرير أن هؤلاء المساهمين الأساسيين لا يحصلون على أي حصص في الأسهم أو العملات الرقمية من جهات عملهم. كان التخصيص العام لهذه الحوافز “صفراً”، حيث أفاد 37% فقط من المشاركين بأنهم تلقوا أي شيء من هذا القبيل.
وعلى النقيض تماماً، تضمنت العروض النهائية التي قُدمت لأقرانهم في المؤسسات المنافسة خلال العام الماضي حصة متوسطة من الأسهم أو العملات الرقمية بنسبة 6.5%. وتراوحت هذه الحصص من تخصيصات على مستوى المؤسسين المشاركين بنسبة 10% إلى 30%، إلى منح للموظفين الأوائل بنسبة 0.1% إلى 3%. هذا التفاوت الكبير لا يؤثر فقط على الدخل المحتمل، بل يقلل أيضاً من شعور المطورين بالانتماء والملكية في المشروع الذي يكرسون له وقتهم وخبراتهم.
ضغوط متزايدة وعروض خارجية مغرية
هذه الفجوة في التعويضات خلقت ضغوطاً هائلة على المطورين. ما يقرب من 40% من المشاركين في الاستطلاع تلقوا عروض عمل خارجية خلال العام الماضي. في المجموع، تم الكشف عن 108 عروض عمل لـ 42 فرداً، بمتوسط حزمة تعويضات تصل إلى 359,000 دولار. بل إن بعض المطورين صرحوا بأنهم تلقوا عروضاً تصل إلى 700,000 دولار للانتقال إلى مشاريع أخرى.
هذه الأرقام لا تظهر فقط حجم الفجوة، بل تشير إلى خطر حقيقي يواجه شبكة الإيثيريوم: نزيف المواهب. عندما يرى المطورون أن بإمكانهم مضاعفة دخلهم وتأمين مستقبلهم المالي بسهولة في مكان آخر، يصبح من الصعب جداً الاحتفاظ بهم.
“بروتوكول جيلد”: شريان حياة للمطورين
في مواجهة هذا التحدي، برزت مبادرة “بروتوكول جيلد”، التي تأسست في عام 2022، لتصبح شريان حياة لهؤلاء المطورين. بدعم من “تعهد 1%” من مشاريع رائدة مثل EigenLayer، وEther.fi، وTaiko، وPuffer، نجحت المجموعة في توزيع أكثر من 33 مليون دولار منذ إطلاقها. كما تعهدت شركة VanEck في عام 2023 بالتبرع بنسبة 10% من أرباح صندوقها المتداول في البورصة (ETF) للإيثيريوم الفوري لهذه المبادرة.
خلال الأشهر الـ 12 الماضية، تلقى عضو “جيلد” المتوسط 66,000 دولار من خلال هذا التمويل، بينما كان متوسط التوزيع 74,285 دولاراً. هذا الدعم الإضافي مثل ما يقرب من ثلث إجمالي التعويض السنوي للعديد من الموظفين، مما رفع متوسط الأجر من 140,000 دولار إلى 207,121 دولاراً.
أهمية الدعم الإضافي ومستقبل الإيثيريوم
أظهرت ردود الاستطلاع مدى أهمية هذا الدعم الإضافي، حيث وصف 59% من المشاركين تمويل “جيلد” بأنه “مهم جداً” أو “مهم للغاية” لقدرتهم على مواصلة العمل على تطوير الإيثيريوم. هذا يؤكد أن المبادرة ليست مجرد زيادة في الدخل، بل هي عامل حاسم في استقرار القوى العاملة الأساسية للشبكة.
شبكة الإيثيريوم تؤمن ما يقرب من تريليون دولار من القيمة، وتخدم ملايين المستخدمين، وتشغل آلاف التطبيقات التي تعتمد على التحديثات والتحسينات الرئيسية. حذرت “بروتوكول جيلد” من أن التعويض غير الكافي يعرض الإيثيريوم للخطر من خلال:
- تقويض الاحتفاظ بالمطورين: فقدان المواهب لصالح المنافسين.
- إبطاء التقدم: تأخير في تنفيذ خارطة طريق الشبكة والتحديثات الهامة.
- تهديد الحياد طويل الأمد: الاعتماد على عدد قليل من الكيانات الممولة جيداً قد يضر بلامركزية الشبكة.
أكدت المجموعة أيضاً على أن مواءمة الأجور مع أسعار السوق أمر بالغ الأهمية للحفاظ على المواهب وضمان نمو النظام البيئي في المستقبل. إن الاستثمار في المطورين الأساسيين ليس مجرد مسألة عدالة، بل هو ضرورة استراتيجية للحفاظ على مكانة الإيثيريوم كقوة رائدة في عالم البلوك تشين.