ektsadna.com
القوانين والتنظيمات

الغموض التنظيمي يحيط بمتسلسلات الطبقة الثانية: صراع بين الصناعة وهيئة الأوراق المالية والبورصات

الغموض التنظيمي يحيط بمتسلسلات الطبقة الثانية: صراع بين الصناعة وهيئة الأوراق المالية والبورصات

شهدت ساحة العملات المشفرة مؤخرًا جدلاً محتدمًا حول الطبيعة القانونية لمتسلسلات الطبقة الثانية (L2 sequencers)، وهو الجدل الذي يضع عمالقة الصناعة في مواجهة مباشرة مع المنظمين. فبينما يرى قادة مثل بول جريوال، كبير المسؤولين القانونيين في كوين بيس، وجيسي بولاك، مؤسس Base، أن هذه المتسلسلات هي مجرد بنية تحتية أساسية، لا بورصات، تُعارض هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) هذا الرأي، ملمحة إلى أن الكيانات المركزية التي تُشغل محركات المطابقة قد تُصنف كبورصات تخضع لمتطلبات التسجيل. هذا التناقض يُلقي بظلال من عدم اليقين على مستقبل ابتكارات الطبقة الثانية، ويُبرز الحاجة الماسة إلى إطار تنظيمي واضح ومتوازن.

ما هي متسلسلات الطبقة الثانية (L2 Sequencers)؟

لفهم جوهر هذا الخلاف، من الضروري أولاً أن نتعمق في ماهية متسلسلات الطبقة الثانية وكيف تعمل. باختصار، تُعد متسلسلات الطبقة الثانية مكونات حيوية في حلول التوسع من الطبقة الثانية (Layer-2 scaling solutions) المصممة لزيادة كفاءة وسرعة شبكات البلوكتشين الأساسية مثل إيثيريوم. تُعالج هذه المتسلسلات المعاملات خارج السلسلة الرئيسية (off-chain)، ثم تقوم بتجميعها (batching) وإرسالها إلى الطبقة الأولى (mainnet) للتسوية النهائية. هذه العملية تُقلل من الازدحام وتكاليف الغاز على السلسلة الرئيسية، مما يجعل تطبيقات البلوكتشين أكثر قابلية للاستخدام. الدور الأساسي للمتسلسل هو جمع معاملات المستخدمين، ترتيبها غالبًا على أساس “من يأتي أولاً يُخدم أولاً” (first-in/first-out)، ثم تجميعها وإرسالها إلى إيثيريوم للتسوية.

حجة الصناعة: البنية التحتية وليست بورصات

تُصر الشركات الرائدة في مجال العملات المشفرة على أن متسلسلات الطبقة الثانية لا ينبغي أن تُعامل كبورصات. يقود هذا الرأي بول جريوال، كبير المسؤولين القانونيين في كوين بيس، الذي شبه متسلسل Base بخدمات أمازون ويب (AWS) في منشور له بتاريخ 22 سبتمبر. وشدد جريوال على أن بلوكتشين الطبقة الثانية تعمل كبنية تحتية للأغراض العامة، تقوم بمعالجة الأكواد بشكل حتمي. وأوضح أن L2s “تُجمّع جميع المعاملات بينما تُؤجل أي تفاعل رسمي للأوامر/قواعد المطابقة إلى العقود الذكية والواجهات الأمامية للتطبيق”. هذا يعني أن المتسلسل لا يتخذ قرارات بشأن المطابقة أو يتحكم في منطق التداول، بل يوفر فقط بيئة لتنفيذ هذه العمليات.

من جانبه، قدم جيسي بولاك، مؤسس Base، تفاصيل تقنية تُعزز حجة البنية التحتية. أوضح بولاك أن متسلسل Base يجمع معاملات المستخدمين، ويرتبها بترتيب ورودها، ثم يجمعها ويرسلها إلى إيثيريوم للتسوية. وأكد أن المتسلسلات تُحدد ترتيب معالجة المعاملات ولكنها لا تعمل كمحركات مطابقة تُقْرِن أوامر الشراء والبيع. وفقًا لبولاك: “تحدث مطابقة أو تنفيذ المعاملات على مستوى التطبيق، داخل العقود الذكية. يضمن المتسلسل تنفيذ هذه المعاملات بطريقة متسقة ومنظمة، لكنه لا يُقرر المطابقات أو يتحكم في منطق التداول”. كما أشار إلى أن المستخدمين يمكنهم تجاوز المتسلسل عن طريق إجراء المعاملات على Base مباشرة عبر إيثيريوم، مما يحافظ على الة ومقاومة الرقابة من مجموعة المدققين في إيثيريوم. هذه النقطة الأخيرة حاسمة، حيث تُبرز أن المتسلسلات ليست نقطة تحكم واحدة لا يمكن تجاوزها، وهو ما يميزها عن البورصات التقليدية.

المنظور التنظيمي لهيئة الأوراق المالية والبورصات (SEC)

على النقيض من ذلك، تُقدم هيئة الأوراق المالية والبورصات (SEC) منظورًا تنظيميًا أكثر صرامة، والذي تُعبر عنه مفوضة الهيئة هيستر بيرس، المعروفة بـ “أم العملات المشفرة”. في مقابلة بتاريخ 8 سبتمبر على برنامج The Gwart Show، أوضحت بيرس اعتبارات تنظيمية مختلفة، مُفرقة بين البروتوكولات اللامركزية حقًا والكيانات المركزية التي تستخدم تقنية البلوكتشين. أشارت بيرس إلى أن حلول الطبقة الثانية ذات الترتيب المركزي للمعاملات قد تواجه تدقيقًا تنظيميًا. وذكرت: “إذا كان لديك محرك مطابقة تُسيطر عليه جهة واحدة تُسيطر على جميع أجزائه، فإن ذلك يُشبه إلى حد كبير البورصة”.

أضافت بيرس أنه يجب على المشغلين النظر في تسجيل البورصة إذا كانوا يُسهّلون معاملات الأوراق المالية من خلال أنظمة مركزية. كما شددت على الحاجة إلى حماية البروتوكولات اللامركزية حقًا، واصفة إياها بأنها أكواد “لا يملكها أحد” ولا يمكن تسجيلها لدى المنظمين. هذا التمييز بين ما هو “لامركزي بحت” وما هو “مركزي مع استخدام تقنية البلوكتشين” هو نقطة محورية في النقاش، حيث يُشير إلى أن نية المطورين وهيكل التحكم هما عاملان حاسمان في التحديد التنظيمي.

حالة Base واللامركزية: رحلة نحو الاستقلال

أقر بولاك، مؤسس Base، بالمركزية الحالية لل، مشيرًا إلى أن Base قد وصلت إلى “المرحلة الأولى من اللامركزية” ومكّنت مقترحات الكتل التي لا تتطلب إذنًا. ويُواصل الفريق العمل نحو “المرحلة الثانية” من اللامركزية وزيادة لامركزية بناء الكتل. هذا الاعتراف بالمركزية الحالية والالتزام بالتحرك نحو اللامركزية يُظهر وعي الصناعة بالتحديات التنظيمية. ومع ذلك، فإن المدة التي ستستغرقها هذه الرحلة نحو اللامركزية الكاملة، وما إذا كانت كافية لتلبية متطلبات المنظمين، لا تزال غير واضحة. تُشكل هذه الرحلة اختبارًا حقيقيًا لقدرة منصات الطبقة الثانية على تحقيق التوازن بين الكفاءة التشغيلية والمبادئ الأساسية للامركزية في عالم العملات المشفرة.

الحاجة إلى إطار تنظيمي واضح: ضوء في نفق الغموض

يُسلط هذا التباين في وجهات النظر الضوء على الحاجة المُلحة إلى إطار تنظيمي شامل وواضح للعملات المشفرة، قادر على حل قضايا معقدة مثل وضع متسلسلات Base والعديد من الابتكارات الأخرى في هذا المجال. إن غياب الوضوح التنظيمي لا يُعيق الابتكار فحسب، بل يُخلق أيضًا بيئة من عدم اليقين تُضر بكل من الشركات والمستثمرين. يجب على المنظمين أن يتعاونوا مع خبراء الصناعة لتطوير قوانين تُحافظ على حماية المستهلك واستقرار السوق، مع السماح بالابتكار والنمو. فالهدف ليس خنق التكنولوجيا، بل فهمها وتوجيهها نحو مسار آمن ومُثمر.

الخاتمة: مستقبل الطبقة الثانية في مهب الريح

في الختام، يُعد الجدل حول متسلسلات الطبقة الثانية مثالاً صارخًا على التحديات التنظيمية التي تواجه صناعة العملات المشفرة المتطورة باستمرار. فبينما تُقدم حلول الطبقة الثانية وعودًا هائلة بتحسين كفاءة البلوكتشين وقابلية التوسع، فإن عدم اليقين التنظيمي يُهدد بتبديد هذه الوعود. يجب على كل من الصناعة والمنظمين العمل معًا بجدية لإيجاد أرضية مشتركة تُوازن بين الحاجة إلى الابتكار وضرورة حماية المستثمرين. إن مستقبل الطبقة الثانية، ومستقبل ال اللامركزي ككل، يعتمد إلى حد كبير على مدى قدرتنا على تجاوز هذا الغموض والوصول إلى إطار تنظيمي يُعزز النمو المستدام والمسؤول.

ما رأيك في هذا الجدل؟ هل ترى متسلسلات الطبقة الثانية كبنية تحتية أم كبورصات؟ شاركنا أفكارك في التعليقات!

مواضيع مشابهة