ektsadna.com
أخبار العملات الرقميةأخبار عامة

تحديث Bitcoin Core v30.0: ثورة في OP_RETURN تثير جدلاً واسعًا في مجتمع البيتكوين

تحديث Bitcoin Core v30.0: ثورة في OP_RETURN تثير جدلاً واسعًا في مجتمع ال

شهدت شبكة البيتكوين، العمود الفقري للعالم المالي ال، حدثًا مهمًا مع إطلاق التحديث المنتظر طويلاً Bitcoin Core v30.0. هذا الإصدار الجديد، الذي نشر في 11 أكتوبر، ليس مجرد تحديث روتيني؛ بل يمثل نقلة نوعية في قدرات الشبكة، خاصة فيما يتعلق بوظيفة OP_RETURN. في حين يجلب التحديث تحسينات ضرورية مثل اتصالات العقد المشفرة الاختيارية، وتحسينات في الأداء والرسوم، وإصلاح العديد من الأخطاء، إلا أن التغيير الجوهري في OP_RETURN هو الذي أثار أشد ردود الفعل والجدل داخل مجتمع البيتكوين. يُعد هذا التحديث نقطة تحول قد تعيد تشكيل فهمنا لاستخدامات البيتكوين وتطبيقاتها المستقبلية، مما يثير تساؤلات حول التوازن بين الابتكار والحفاظ على المبادئ الأساسية للشبكة.

ما الذي تغير في OP_RETURN؟

لطالما كانت OP_RETURN تُعرف بأنها “جدار البيانات” المدمج في البيتكوين، وهي آلية تسمح للمستخدمين بإرفاق بيانات وصفية (Metadata) مثل النصوص والصور أو التوقيعات الرقمية بمعاملات البيتكوين دون التأثير على وظيفتها المالية الأساسية. كانت هذه الميزة تقتصر سابقًا على 80 بايت من البيانات لكل مخرج OP_RETURN، مما حد من حالات الاستخدام غير المالية بشكل كبير. كان هذا القيد يعتبر ضروريًا لمنع إساءة استخدام ال كوحدة تخزين للبيانات، والحفاظ على طبيعتها كدفتر أستاذ مالي بحت.

مع الإصدار الجديد v30.0، توسعت هذه الحدود بشكل جذري. أصبح الآن بإمكان مخرج OP_RETURN الواحد أن يحمل ما يصل إلى 100,000 بايت من البيانات، بالإضافة إلى السماح بتمرير و مخارج OP_RETURN متعددة في المعاملة الواحدة افتراضيًا. هذا التغيير ليس مجرد زيادة عددية؛ بل هو فتح آفاق جديدة تمامًا أمام ما يمكن للمطورين والمستخدمين فعله على شبكة البيتكوين. عمليًا، يعني ذلك أن مشغلي العقد الذين يقومون بتشغيل الإصدار 30 يمكنهم الآن معالجة المعاملات التي تتضمن هياكل بيانات أكبر وأكثر تعقيدًا، بدءًا من النقوش الشبيهة بـ NFT (Non-Fungible Tokens) وصولاً إلى بيانات التطبيقات الوصفية، كل ذلك دون الحاجة إلى تكوين يدوي معقد. هذه المرونة الجديدة تفتح الباب أمام مستوى غير مسبوق من التجارب على السلسلة، مما قد يدفع البيتكوين إلى مجال أوسع من التطبيقات لم يكن متاحًا من قبل.

لقد وصف المطورون هذا التغيير بأنه يُمكّن من إجراء تجارب أثرى على السلسلة، مما يعزز قدرات شبكة البيتكوين. وقد علق أحد محللي السوق قائلاً: “OP_RETURN صُممت للاستخدام. تخيل قوة سجل غير قابل للرقابة، ولا يمكن تعديله. لا يمكن للغزاة إعادة كتابة التاريخ. يمكن للبشرية أن تسجل الحقائق من ها الخاصة، في تلك اللحظة بالذات. [هذا] منجم ذهب للمؤرخين في المستقبل وقفزة لا تصدق للبشرية.” هذا التصريح يلخص الحماس الكبير لدى البعض تجاه هذه القدرات الجديدة، ورؤيتهم للبيتكوين ليس فقط كعملة، بل ك لحفظ التاريخ والمعلومات بطريقة لا مركزية ومقاومة للرقابة.

تضخم البلوكتشين وضغط الرسوم: الجانب المظلم؟

رغم الحماس الذي رافق التوسع في OP_RETURN، إلا أن هناك تحذيرات جادة من أن هذه الخطوة قد تسرع من تضخم البلوكتشين وتزيد من الضغط على رسوم المعاملات. يخشى البعض من أن يغرق المستخدمون الـ mempool (مجموعة المعاملات غير المؤكدة) بملفات بيانات كبيرة الحجم، مما يؤدي إلى زيادة حجم الكتل وتبعات اقتصادية على الشبكة. فإذا أصبحت المعاملات التي تتضمن بيانات ثقيلة أكثر شيوعًا، فإن ذلك قد يدفع متوسط حجم كتل البيتكوين إلى ما يتجاوز حجمها الحالي البالغ 1.5 ميغابايت، وصولاً إلى 4 ميغابايت لكل كتلة. هذه القفزة الكبيرة يمكن أن تعيد تشكيل اقتصاديات الشبكة بشكل جذري، مما يؤثر على أوقات التأكيد وتكاليف المعاملات.

وفقًا لبيانات Mempool Research، تمثل النقوش (Inscriptions) ومعاملات OP_RETURN بالفعل 40% من جميع معاملات البيتكوين من حيث العدد، و10% من حيث الرسوم، و28% من حيث الوزن. هذه الأرقام تسلط الضوء على التأثير الكبير الذي تحدثه هذه الأنواع من المعاملات بالفعل على شبكة البيتكوين. ومع التوسع الأخير في OP_RETURN، من المتوقع أن تزداد هذه النسب، مما يثير قلقًا مشروعًا بشأن قدرة الشبكة على الحفاظ على كفاءتها اللامركزية. هذا التضخم المحتمل للبلوكتشين يمكن أن يؤدي إلى زيادة متطلبات التخزين للعقد الكاملة، مما قد يجعل تشغيل العقد أكثر تكلفة ويقلل من اللامركزية إذا أصبح الوصول إلى تشغيل العقد أكثر صعوبة على الأفراد.

انقسام المجتمع: فائدة أم بريد مزعج؟

أثار هذا التغيير جدلاً محتدمًا بين مطوري البيتكوين ومشغلي العقد. يرى البعض أن التوسع في OP_RETURN يمثل تطورًا طبيعيًا يمنح البيتكوين تكافؤًا مع سلاسل الكتل القادرة على العقود الذكية مثل الإيثيريوم. بالنسبة لهم، فإن هذه التغييرات هي خطوة ضرورية لمواكبة الابتكار في عالم العملات المشفرة وتوسيع نطاق استخدام البيتكوين إلى ما هو أبعد من مجرد عملة رقمية. يرون أن القدرة على إرفاق بيانات أكبر وأكثر تعقيدًا تفتح الباب أمام تطبيقات مبتكرة مثل الهويات الرقمية والسجلات الثابتة، مما يعزز فائدة البيتكوين في العصر الرقمي.

ومع ذلك، يجادل آخرون بأن هذا التغيير يخاطر بتخفيف الدور الأساسي للبيتكوين كشبكة مالية من نظير إلى نظير. بالنسبة لهؤلاء، يجب أن تظل البيتكوين تركز على وظيفتها الأساسية وهي نقل القيمة، وأن أي شيء يتجاوز ذلك يعتبر “بريدًا مزعجًا” (spam) يثقل كاهل الشبكة ويضر بكفاءتها. هذا الانقسام يعكس رؤيتين مختلفتين تمامًا لمستقبل البيتكوين وما يجب أن تكون عليه أولوياتها.

انتقادات لوك داشجر: “برمجيات خبيثة”

من أبرز المعارضين للتغيير هو المطور البارز لوك داشجر (Luke Dashjr)، الذي انتقد التغيير بشدة، قائلاً إن Core 30 “كسر” التحكم في حجم حامل البيانات وألغاه بالكامل، مما يسمح بمزيد من “مخرجات البريد المزعج” (spam outputs) لكل معاملة. ووفقًا لداشجر، فإن البيتكوين لا تدعم تخزين البيانات بما يزيد عن (على الأكثر) 80 بايت (في OP_RETURN، ولكن ذلك ليس جوهريًا) المرفقة بمعاملة مالية؛ أو 95 بايت لكل كتلة في الكوين بيس. وأوضح أن هذا الحجم ليس كبيرًا بما يكفي لمواد الاعتداء الجنسي على الأطفال (CSAM). واعتبر استغلال الثغرات الأمنية، كما هو الحال مع النقوش، ليس سلوكًا/حالة استخدام مدعومة، بل هو إساءة استخدام لأكواد التشغيل النصية. وشدد على أن الأمر لا يتعلق بتخزين البيانات بحد ذاته، بل بإلحاق الضرر بالبيتكوين باستخدام نصوص مزعجة. واختتم بقوله إن توسيع OP_RETURN يزيد من حجم تخزين البيانات “المدعوم”، وهو ما يكفي لتضمين مواد CSAM، وهو ما يثير قلقًا أخلاقيًا وتقنيًا عميقًا لديه.

نظرًا لهذه المخاوف، وصف داشجر الإصدار 30 بأنه “برمجيات خبيثة” (malware) وحث على “هجرة جماعية إلى Knots”، وهو عميل بديل يفرض سياسات أكثر صرامة. هذه الدعوة من شخصية مؤثرة مثل داشجر تظهر عمق الانقسام والحدة في النقاش.

دفاع آدم باك: “مهاجمة البيتكوين”

في المقابل، رد آدم باك (Adam Back)، الرئيس التنفيذي لشركة Blockstream وأحد رواد التشفير، بأن شيطنة التغييرات في OP_RETURN ترقى إلى “مهاجمة البيتكوين”. ووفقًا لباك، فإن التحديث يتضمن إصلاحات أمنية ومتانة مشروعة من “بعض أمهر المطورين على هذا الكوكب”. لقد دافع باك عن التغييرات باعتبارها جزءًا من عملية تطوير مستمرة للبيتكوين تهدف إلى تعزيز قدراتها ومرونتها. ويرى أن التغييرات لا تمثل تهديدًا للبيتكوين، بل هي ضرورية للحفاظ على أهميتها وقدرتها على التكيف في بيئة تقنية سريعة التغير، وأن أي محاولة لإيقاف الابتكار هي في الواقع محاولة لإضعاف شبكة البيتكوين.

ما التالي؟ حلول مقترحة

وسط هذا الانقسام الحاد، اقترح بعض أعضاء المجتمع حلولًا على مستوى السياسات لهذا التحديث. فقد اقترح نيك سابو (Nick Szabo)، عالم التشفير الشهير، “إلغاء استخدام OP_RETURN لوظائف المعاملات المالية في المستقبل؛ وإضافة القدرة على تقليم (prune) أحدث OP_RETURN مع الاحتفاظ بالقديمة”. يهدف هذا الاقتراح إلى الفصل بين الاستخدامات المالية وغير المالية لـ OP_RETURN، مما يسمح بحفظ سجلات مالية نظيفة مع توفير مساحة للتجارب غير المالية التي يمكن تقليمها لاحقًا لتجنب تضخم البلوكتشين.

في غضون ذلك، سلطت BitMEX Research الضوء على مفهوم OP_Return2، وهي آلية “سوفت فورك” (soft-fork) تسمح للمعاملات بالالتزام بتجزئات (hashes) تصل إلى 8 ميغابايت من البيانات الخارجية، دون إجبار العقد الكاملة على التحقق منها أو تخزينها. وفقًا للشركة، يمكن لهذا الاقتراح أن يحافظ على سلامة البيانات مع تقليل تضخم السلسلة. ومع ذلك، يحذر الباحثون من أن عمال قد لا يكون لديهم حافز كبير لتضمين مثل هذه المعاملات إذا لم تعوض الرسوم التعقيد الإضافي. ويشيرون أيضًا إلى أن وظائف التوقيت الزمني المماثلة موجودة بالفعل بتكلفة أقل، مما يقلل من جاذبية OP_Return2 إذا لم تكن الفوائد واضحة وملموسة.

خاتمة

إن تحديث Bitcoin Core v30.0 والتغييرات التي طرأت على OP_RETURN يمثلان منعطفًا حرجًا في تطور البيتكوين. إنه يثير تساؤلات عميقة حول هوية البيتكوين ومستقبلها: هل هي مجرد عملة رقمية أم منصة بيانات لا مركزية؟ بينما يرى البعض أنها خطوة جريئة نحو الابتكار وتعزيز قدرات الشبكة، يخشى آخرون من أنها قد تضر بالأسس التي بنيت عليها البيتكوين، مهددة استقرارها وكفاءتها. ستستمر هذه النقاشات في تشكيل مسار شبكة البيتكوين، ومعها، مستقبل العملات المشفرة والتقنية المالية ككل. إن القدرة على إيجاد حلول وسطية تجمع بين الابتكار والحفاظ على مبادئ اللامركزية والكفاءة ستكون هي المفتاح لتوجيه البيتكوين نحو مسار مستدام ومزدهر.

هذا الجدل يعكس الطبيعة الديناميكية والمفتوحة لتطوير البيتكوين، حيث تتصادم الرؤى المختلفة حول كيفية المضي قدمًا. بينما يرى المبتكرون ضرورة التكيف مع التطورات التكنولوجية واستكشاف حالات استخدام جديدة، يشدد المحافظون على أهمية الحفاظ على البروتوكول الأساسي خاليًا من التعقيدات والمخاطر غير الضرورية. في نهاية المطاف، سيتم تحديد مستقبل OP_RETURN وموقعها في نظام البيتكوين البيئي من خلال التوافق المجتمعي والتبني العملي لهذه التغييرات. ستكون الأشهر والسنوات القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كانت هذه التغييرات ستقود البيتكوين إلى عصر جديد من الابتكار أو ستتسبب في تحديات غير متوقعة لأساساتها.

مواضيع مشابهة