مؤتمر ريبل سويل 2025: بلاك روك وناسداك يتفقان على جاهزية السوق للعملات الرقمية
شهد مؤتمر ريبل سويل 2025 في نيويورك، والذي أصبح حديث الساعة في عالم العملات الرقمية والتمويل، لحظات فارقة أكدت على تحول جذري قادم في المشهد المالي العالمي. كان من أبرز هذه اللحظات تصريح ماكسويل شتاين، عضو فريق الأصول الرقمية في بلاك روك، والذي قوبل بتصفيق حار وصدى واسع النطاق على وسائل التواصل الاجتماعي. هذا التصريح لم يكن مجرد وجهة نظر، بل هو إعلان صريح بأن السوق المالية العالمية جاهزة الآن لتبني واسع النطاق لتقنية البلوكتشين، وهو ما يمثل نقطة تحول تاريخية نحو مستقبل مالي أكثر لامركزية وكفاءة.
وأشار شتاين إلى أن البنية التحتية القوية التي تبنيها شركات رائدة مثل ريبل يمكن أن تسهل قريبًا حركة تريليونات الدولارات على السلسلة (on-chain)، مما يمهد الطريق لعصر جديد من التدفقات المالية الشفافة والسريعة. هذا لا يعني مجرد تحسينات تدريجية، بل يشير إلى إعادة هندسة شاملة لكيفية نقل وتبادل القيمة على مستوى عالمي. إن القدرة على تسوية المعاملات الضخمة بكفاءة عالية وبتكاليف منخفضة هي ما يجذب عمالقة التمويل التقليدي إلى هذا المجال.
ماكسويل شتاين من بلاك روك: سوق العملات الرقمية جاهزة وتستعد لتريليونات الدولارات
خلال جلسته الملهمة في مؤتمر ريبل سويل، سلط ماكسويل شتاين الضوء على التحول الجاري في التمويل العالمي بطريقة لم لم يسبق لها مثيل. لقد أشار بوضوح إلى أن الأوراق المالية التقليدية لا تزال محتفظة بها ضمن أنظمة قديمة، مما يخلق فجوة كبيرة في الكفاءة والشفافية مقارنة بإمكانيات البلوكتشين. ومع ذلك، شدد على أن هذا الفصل الواضح بين الأصول التقليدية والأصول المرمزة يتلاشى تدريجياً وبشكل متسارع. هذا التلاشي ليس مجرد تكامل سطحي، بل هو اندماج عميق يهدف إلى الاستفادة من أفضل ما في العالمين.
وأوضح شتاين أن إثبات الفائدة الحقيقية والعملية هو الأهم لتحقيق تبني أوسع على المدى القصير والمتوسط. فالمؤسسات الكبرى تحتاج إلى أدلة ملموسة على أن تقنيات البلوكتشين يمكنها حل مشاكل حقيقية وتحقيق قيمة اقتصادية مضافة. وأفاد بأن هناك حاليًا نوعين رئيسيين من المستخدمين يقودان هذا التحول المتسارع نحو التبني:
- المستخدمون المخضرمون والنشطون بالفعل في مساحة العملات الرقمية والذين يؤمنون بإمكانياتها الثورية.
- الموجة الثانية والحاسمة من المتبنين المؤسسيين الأوائل الذين بدأوا في استكشاف وتطبيق حلول البلوكتشين على نطاق تجريبي ثم على نطاق أوسع.
أكد شتاين بقوة على الحاجة الملحة إلى زخم مستمر ومطرد في السوق. هذا الزخم لا يقتصر على ارتفاع الأسعار، بل يشمل زيادة الاستخدام الفعلي والتطبيقات المبتكرة التي يمكنها إظهار الفائدة العملية لحلول البلوكتشين في سيناريوهات العالم الحالمة. هذا بدوره سيجذب اللاعبين الماليين الأكبر والأكثر تحفظًا للدخول إلى هذا المجال. وقال في تصريح مؤثر: “نحتاج إلى هذا الزخم في السوق لإثبات الفائدة، لجعل اللاعبين الكبار يدخلون في النهاية. إنها مسألة إظهار القيمة المضافة بشكل لا يقبل الجدل.”
وكما لوحظ من قبل ديانا، وهي ناشطة ومدافعة عن XRP على منصة X الشهيرة، فقد أشاد شتاين صراحة بشركة ريبل وغيرها من الشركات الرائدة في بناء البنية التحتية للبلوكتشين. لقد أقر بفضلهم في إثبات أن البلوكتشين يعمل بكفاءة، ليس فقط كمفهوم نظري واعد، بل كبنية تحتية مالية حقيقية وموثوقة يمكن الاعتماد عليها في نقل وتسوية المعاملات المالية الضخمة. إن هذا الاعتراف من شخصية بارزة في بلاك روك يمثل شهادة قوية على النضج المتزايد للصناعة.
إن الفكرة الجريئة بأن تريليونات الدولارات من رأس المال العالمي يمكن أن تتحرك في نهاية المطاف عبر شبكات البلوكتشين تمثل تغييرًا جوهريًا وغير مسبوق في كيفية عمل الأنظمة المالية العالمية. هذه الفكرة بدت وكأنها أسطورة بعيدة المنال وغير قابلة للتحقيق عندما تم إنشاء صناعة العملات الرقمية لأول مرة، وكانت تُقابل بالتشكك والسخرية. ومع ذلك، ما بدا ذات يوم وكأنه خيال بعيد في الأيام الأولى للعملات الرقمية، بدأ الآن يتجسد كواقع ملموس بفضل الابتكار المستمر وجهود البناة. وتنتقل الأسماء الكبيرة في التمويل التقليدي إلى صناعة العملات الرقمية كل يوم، مما يؤكد أن هذا التحول ليس مجرد موجة عابرة بل هو اتجاه لا رجعة فيه.
الرئيس التنفيذي لناسداك: التنظيم هو المفتاح الأهم لتبني المؤسسات
لم تكن رؤية ماكسويل شتاين هي الوحيدة التي لفتت الأنظار في مؤتمر ريبل سويل 2025. فقد شاركت أدينا فريدمان، الرئيس التنفيذي لناسداك، وهي واحدة من أبرز الشخصيات في عالم التمويل، وجهة نظرها الثاقبة في الحدث. وقد ركزت بشكل خاص على الحاجة الملحة إلى وضوح تنظيمي شامل لتشجيع مشاركة مؤسسية أوسع وأعمق في مساحة الأصول الرقمية. إن هذا الوضوح ليس مجرد تفضيل، بل هو شرط أساسي للمؤسسات الكبرى.
وأوضحت فريدمان أن المؤسسات المالية الكبرى ترغب بشدة في الانخراط في هذا السوق الناشئ والمثير، ولكنها تتطلب قواعد وإرشادات محددة بوضوح. يجب أن تعطي هذه القواعد الأولوية لحماية المستثمرين في المقام الأول، وأن تضع أطرًا مستقرة وقابلة للتنبؤ يمكن للمؤسسات العمل ضمنها بثقة. هذا يؤكد على أن الثقة والأمان ليسا مجرد شعارات تسويقية، بل هما أساس لا غنى عنه لجذب الاستثمارات المؤسسية الضخمة التي ستغير وجه السوق بشكل جذري.
ووفقًا لفريدمان، بمجرد تحقيق هذا الوضوح التنظيمي المطلوب، يمكن لهذه المؤسسات الدخول بثقة تامة إلى السوق، مع علمها أنها تعمل بموجب مبادئ توجيهية آمنة وشفافة تضمن الامتثال وتحد من المخاطر. إن غياب هذا الوضوح يعتبر عائقًا كبيرًا يمنع العديد من اللاعبين الكبار من القفز إلى هذا المجال رغم اهتمامهم الكبير.
وأضافت فريدمان أن تقدمًا ملموسًا وكبيرًا يحدث بالفعل داخل قطاع التمويل التقليدي. فالعديد من البنوك والمؤسسات المالية الكبرى لا تقف مكتوفة الأيدي، بل تقوم بتجربة نشطة للسندات المرمزة (tokenized bonds)، وأدوات الدخل الثابت المرمزة، وحتى إنشاء عملاتها المستقرة الخاصة (stablecoins). هذا التورط المتزايد هو دليل واضح على أن المؤسسات التقليدية لا تنتظر الابتكار ليصل إليها أو يفرض نفسه عليها، بل إنها تجد بنشاط طرقًا مبتكرة للمشاركة في النظام البيئي للأصول الرقمية بينما تنتظر الحصول على الموافقة التنظيمية الكاملة.
لخصت فريدمان هذه النقطة الحاسمة بقولها: “لكن أعتقد أنه لجعلهم يشاركون حقًا في السوق، يجب أن يكون هناك وضوح تنظيمي.” هذا التصريح يلخص التحدي الأكبر والفرصة الأعظم في آن واحد؛ فالوضوح التنظيمي ليس فقط ضرورة قانونية وتشغيلية، بل هو المحفز الرئيسي الذي سيدفع بالنمو الهائل ويفتح الأبواب أمام رؤوس أموال ضخمة للانخراط بشكل كامل في هذا المجال الواعد. إن التعاون الوثيق والمثمر بين المشرعين وصناع السياسات وقادة الصناعة أمر حيوي لضمان بيئة تنظيمية مواتية للابتكار مع حماية صارمة للمستهلكين والمستثمرين على حد سواء.
مستقبل مشرق وواعد للتمويل الرقمي والتحول العالمي
تؤكد تصريحات قادة الفكر البارزين من بلاك روك وناسداك على حقيقة لا تقبل الجدل وتضعها في صدارة الأجندة المالية العالمية: لم تعد العملات الرقمية وتقنية البلوكتشين مجرد مفاهيم نظرية مجردة أو حركات هامشية محدودة التأثير. لقد أصبحتا جزءًا لا يتجزأ من المحادثة المالية العالمية، وتمثلان الموجة القادمة والحاسمة من الابتكار التي ستشكل ملامح الاقتصاد العالمي للقرون القادمة. إن التوقعات بتحرك تريليونات الدولارات على السلسلة ليست مجرد أحلام، بل هي خطط استراتيجية يتم العمل عليها.
إن الرؤية المستقبلية الطموحة التي قدمها شتاين حول تريليونات الدولارات التي ستنتقل على السلسلة، والتأكيد الحاسم على الحاجة إلى الوضوح التنظيمي من قبل فريدمان، يشيران معًا إلى مسار نمو واضح ومحدد المعالم. وبينما تستمر الشركات الرائدة عالميًا مثل ريبل في بناء وتطوير البنية التحتية الرقمية الضرورية التي تدعم هذا التحول، فإن التمويل التقليدي يستجيب ويتكيف بذكاء، ليس بالخوف أو المقاومة، بل بالاستكشاف النشط والتبني التدريجي. هذا التلاقح والاندماج بين النظم المالية القديمة والجديدة هو ما سيقودنا حتمًا إلى مستقبل مالي أكثر كفاءة، وأكثر شفافية، وأكثر شمولية للجميع، بغض النظر عن موقعهم الجغرافي أو وضعهم الاقتصادي.
ما رأيك في مستقبل البلوكتشين والتمويل التقليدي في ظل هذه التطورات السريعة؟ شاركنا أفكارك وتوقعاتك القيمة في التعليقات أدناه! نحن حريصون على سماع وجهات نظركم!
