ektsadna.com
منصات التداول

سوق المشتقات المشفرة يستعيد استقراره بحذر بعد حدث التصفية الكبرى: تقرير بايبيت يكشف عن استراتيجيات المتداولين الدفاعية

سوق المشتقات المشفرة يستعيد استقراره بحذر بعد حدث التصفية الكبرى: بايبيت يكشف عن استراتيجيات المتداولين الدفاعية

لقد مر ما يقرب من شهر على تعرض المشفرة لأحد أكبر أحداث التصفية في تاريخه، وهي واقعة هزت الثقة وأعادت تشكيل المشهد العام للتداول. في أعقاب هذه الهزة الكبيرة، يأتي تقرير مشترك وحصري حول مشتقات العملات المشفرة، صادر عن بورصة العملات المشفرة الرائدة عالمياً بايبيت (Bybit) ومعهد أبحاث ال المرموق بلوك سكولز (Block Scholes). يكشف هذا التقرير عن رؤى بالغة الأهمية مفادها أن المتداولين يتلمسون طريقهم نحو الاستقرار بحذر شديد، متبعين نهجاً دفاعياً يعكس دروس الماضي القريب. هذا الموقف الحذر والتوجه الدفاعي قد انتشر في جميع أنحاء سوق المشتقات المالية الرقمية، مؤثرًا بذلك على كل من خيارات العملات المشفرة (Crypto Options) والعقود الدائمة (Perpetual Contracts). إن فهم ديناميكيات هذا التحول أمر بالغ الأهمية للمستثمرين الذين يسعون للتنقل في هذا السوق المعقد.

يعكس هذا ال المتعمق تحولًا استراتيجيًا واضحًا في سلوك المستثمرين، حيث لم تعد المجازفة غير المحسوبة هي السمة الغالبة، بل يسعى الجميع جاهدين للتكيف مع بيئة السوق الجديدة التي تتسم بالتقلبات الشديدة والشكوك المتزايدة. إن تحليل هذه التداعيات بعناية فائقة وفهم كيفية استجابة السوق لها، لا سيما من خلال سلوك المتداولين الرئيسيين، يعد أمرًا بالغ الأهمية ليس فقط للمتداولين والمستثمرين الأفراد، بل أيضًا للمؤسسات المالية الكبرى التي تراقب هذا القطاع سريع التطور. يمثل هذا التقرير اً على نضوج سوق العملات المشفرة وتزايد احترافية المشاركين فيه، حيث أصبحت أدوات إدارة المخاطر والتحوط جزءًا لا يتجزأ من استراتيجياتهم اليومية.

تداعيات حدث التصفية الكبرى وأثرها المستمر على الفائدة المفتوحة

كشفت بايبيت من خلال تحليلها المعمق أن الفائدة المفتوحة الاسمية (Notional Open Interest) في العقود الدائمة قد بقيت راكدة بشكل ملحوظ، محافظة على مستوياتها دون عتبة الـ 10 مليارات أمريكي، وذلك منذ وقوع حدث التصفية الضخم الذي هز الأسواق مؤخراً. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه التصفية الضخمة كانت قد انطلقت شرارتها الأصلية بفعل التوترات التجارية المتجددة بين الولايات المتحدة والصين، مما ألقى بظلاله على الأسواق المالية التقليدية وامتد تأثيره السلبي إلى قطاع العملات المشفرة الحساس. أكدت بايبيت أن هذا الحدث كان له تأثير عميق ومباشر على أسواق المقايضات الدائمة (Perpetual Swap Markets) لديها، حيث يظهر المتداولون الآن شهية محدودة للغاية، بل تكاد تكون معدومة، لإعادة الدخول في المراكز التي كانوا قد خسروها بشكل كبير خلال تلك الفترة العصيبة. هذا التردد يعكس مستوى عميقًا من الحذر النفسي والمالي، حيث يفضل المستثمرون تقييم المخاطر المتبقية بعناية فائقة وإعادة بناء استراتيجياتهم قبل اتخاذ أي خطوات استثمارية جريئة قد تعرضهم لمخاطر مماثلة مرة أخرى. إن هذه الفترة المطولة من الركود في مستويات الفائدة المفتوحة لا تعد مجرد مؤشر رقمي فحسب، بل هي علامة واضحة وحاسمة على أن السوق لم يتعافَ بالكامل من الصدمة التي تعرض لها، وأن الذاكرة المؤسسية للمتداولين لا تزال تحتفظ بقسوة ومرارة خبرة التصفية الأخيرة. علاوة على ذلك، يشير استمرار هذا الركود إلى أن الثقة العامة لم تعد بالكامل بعد إلى مستوياتها المعهودة، وأن هناك حاجة لمزيد من الوقت والشفافية لكي تستقر الأمور وتعود السيولة والنشاط إلى مستوياتهما السابقة التي كانت تميز السوق.

تأثير السياسات الاقتصادية الكلية والتقلبات على معنويات سوق الكريبتو

على الرغم من إحراز بعض التقدم الدبلوماسي الوجيز بين الحكومتين الأمريكية والصينية في أعقاب حادث التصفية، والذي كان من الممكن أن يبعث على بعض التفاؤل، إلا أن النبرة المتشددة والصارمة لرئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول (Jerome Powell)، خلال اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) الذي تلاه، قد ألقت بظلالها واستدامت المشاعر الهبوطية (Bearish Sentiment) في الأسواق. لقد أظهر المتداولون ردود فعل أكثر تحفزًا لتجنب المخاطر (Risk-off Reactions) بشكل واضح، وظهر ذلك جليًا مع الانخفاض الكبير في سعر ال (BTC) إلى مستويات وصلت إلى 107,000 دولار أمريكي، وفي نفس الوقت انخفضت انحرافات خيارات البيع والشراء قصيرة الأجل (Short-tenor Put-call Skews) بشكل حاد ومخيف نحو الاتجاه الهبوطي. هذا الانعكاس السريع في المعنويات يؤكد مدى حساسية وتأثر سوق العملات المشفرة الشديد بالأخبار الاقتصادية الكلية والقرارات السياسية الصادرة من أكبر الاقتصادات العالمية، مما يجعلها عرضة للتقلبات الشديدة استجابة لهذه العوامل الخارجية.

في الوقت الراهن، عادت انحرافات التقلب (Volatility Skews) لكل من البيتكوين والإيثريوم (ETH) في سوق الخيارات إلى التحيز الهبوطي، وذلك بعد فترة وجيزة كانت فيها تفضل خيارات الشراء (Calls). وقد عادت هياكل المدة (Term Structures) لكلا الأصلين إلى طبيعتها بشكل تدريجي، ولكن من الملاحظ أن التقلب “عند السوق” (At-the-market volatility) لا يزال مرتفعًا بشكل غير متوقع. هذا الوضع الفريد يشير بوضوح إلى استمرار الطلب القوي على الاختيارية (Optionality) من قبل المتداولين، حتى في ظل بيئة سوقية يُعرف عنها تاريخيًا بانخفاض التقلبات. يعكس هذا السيناريو رغبة متزايدة وملحة من جانب المستثمرين في حماية أنفسهم بشتى الطرق من التقلبات المستقبلية المحتملة والغير متوقعة، حتى لو كان ذلك يعني تحمل تكاليف إضافية أو دفع علاوة سعرية على هذه الخيارات. إن استمرار ارتفاع التقلب الضمني (Implied Volatility) ليس مجرد رقم، بل هو إشارة قوية وحاسمة على أن السوق لا يزال يتوقع تحركات سعرية كبيرة ومؤثرة في المستقبل القريب، وهذا بدوره يدفع المتداولين للبحث الدؤوب عن أدوات ووسائل فعالة للتحوط ضد هذه التحركات العنيفة المحتملة.

المتداولون يتخذون موقفًا دفاعيًا: استراتيجيات التحوط تكتسب زخمًا

بينما ظلت الفائدة المفتوحة في سوق العقود الآجلة ثابتة وغير متحركة بشكل كبير، شهد قطاع الخيارات زيادة مطردة وملحوظة، مما يشير إلى تحول استراتيجي في تفضيلات المتداولين. لا تزال الفائدة المفتوحة للبيتكوين تستحوذ على ما يقرب من نصف إجمالي الفائدة المفتوحة في سوق الخيارات، مع انتشار الباقي عبر ثماني عملات بديلة (Altcoins) رئيسية يتم تتبعها بانتظام. على الرغم من أن ظروف السوق الحالية تعكس بوضوح نقصًا في الزخم الصعودي وتظهر فك ارتباط العملات المشفرة عن المشاعر الأوسع نطاقًا لتفضيل المخاطر (Risk-on Sentiment) التي قد تكون سائدة في الأسواق التقليدية، فإن مستويات الفائدة المفتوحة للخيارات تعكس بشكل لافت تلك التي شوهدت قبل حدث التصفية الكبرى. هذا النمط المثير للاهتمام يشير بقوة إلى أن هناك طبقة من المستثمرين الجادين والمحترفين الذين يستمرون في استخدام سوق الخيارات لأغراض استراتيجية معقدة، بغض النظر عن التقلبات اليومية الحادة أو الانفصال عن أسواق الأصول التقليدية الأوسع نطاقًا. هؤلاء المتداولون يستخدمون الخيارات ليس فقط للمضاربة، بل كأدوات قوية لإدارة المخاطر وتحقيق أهداف استثمارية طويلة الأجل.

علاوة على ذلك، تعكس الفائدة المفتوحة للخيارات بوضوح موقفًا دفاعيًا راسخًا وطلبًا مستمرًا ومتزايدًا من المتداولين على خيارات البيع قصيرة الأجل (Short-term Puts). وهذا يعني أن المشاركين في السوق ليسوا فقط يراقبون، بل يقومون أيضًا بالتحوط (Hedging) بنشاط عبر استخدام الخيارات كدرع واقٍ. وقد أوضح تقرير بايبيت وبلوك سكولز هذا الأمر بدقة بالغة، حيث جاء فيه: “لقد أظهر المتداولون استعدادًا ملحوظًا لدفع تقلبات قصيرة الأجل إلى مستويات أعلى خلال أحداث الضغط الكبرى في السوق، مما أدى إلى عكس المنحنى (Yield Curve Inversion) لفترة وجيزة. وعلى الرغم من أن هذا الانعكاس كان قصير الأجل، إلا أنه ترك وراءه خط أساس أعلى وأكثر رسوخًا في تسعير التقلب، مع تركيز خاص وملحوظ في خيارات البيع”. هذا التوجه يعني أن المتداولين أصبحوا الآن أكثر وعياً بالمخاطر المحتملة ويستخدمون أدوات التحوط بشكل استباقي وذكي لحماية رؤوس أموالهم القيمة. إن الارتفاع المستمر في الطلب على خيارات البيع لا يشير فقط إلى أن الكثيرين يتوقعون المزيد من الانخفاضات أو على الأقل يرغبون في تأمين أنفسهم ضدها، بل يجعل هذه الخيارات أداة أساسية وفعالة للغاية في استراتيجياتهم الدفاعية القائمة على إدارة المخاطر. كما أن هذا التوجه يؤكد على نضج متزايد وغير مسبوق في سوق العملات المشفرة، حيث يبتعد المستثمرون بشكل تدريجي عن مجرد المضاربة قصيرة الأجل نحو تبني استراتيجيات استثمارية أكثر تعقيدًا وتطورًا تركز على إدارة المخاطر المحكمة والتخطيط طويل الأجل.

تحركات سعر البيتكوين الأخيرة: بين النطاق المحدد والتقلبات المفاجئة

في غضون هذه التطورات السوقية، ذكرت بايبيت أن سعر البيتكوين (BTC) قد ظل محصورًا بشكل كبير في نطاق تداول محدد وواضح يتراوح بين 105,000 دولار و115,000 دولار. هذا النطاق الضيق نسبياً يعكس حالة من عدم اليقين والترقب في السوق، حيث يترقب المتداولون محفزات قوية وجديدة إما لدفع السعر للأعلى بقوة أو للأسفل بشكل حاد. ومع ذلك، وعلى نحو مفاجئ، انخفض الأصل يوم الثلاثاء الماضي إلى 99,000 دولار، متجاوزًا هذا النطاق المحدد وكسرًا مستويات دعم نفسية مهمة. كان البيتكوين يتداول فوق 101,800 دولار بقليل وقت كتابة هذا التقرير، وذلك وفقًا للبيانات الموثوقة من CoinMarketCap. هذه التقلبات الأخيرة، لا سيما الانخفاض المفاجئ، تؤكد مرة أخرى على الطبيعة المتقلبة وغير المتوقعة للبيتكوين حتى في الفترات التي يُنظر إليها على أنها “استقرار حذر” أو “تجميع”. إن قدرة الأصل على الانخفاض بسرعة خارج نطاق التداول المتوقع تذكر المستثمرين بوضوح بالمخاطر الكامنة في هذا الأصل الرقمي وتدعو إلى اليقظة المستمرة وعدم الركون إلى الاستقرار الظاهري.

الكسر الأخير لدون الدعم النفسي الهام عند 100,000 دولار يعزز النظرة الحذرة وقد يؤدي إلى مزيد من الضغط الهبوطي إذا لم يتمكن البيتكوين من استعادة المستويات الرئيسية بسرعة وثبات. على المدى القصير، قد يواجه البيتكوين مقاومة قوية عند عتبة الـ 105,000 دولار، بينما قد يشكل مستوى الـ 95,000 دولار أو حتى الـ 90,000 دولار مستويات دعم حرجة يجب مراقبتها عن كثب. هذه التحركات السعرية الأخيرة تؤكد أهمية التحليل الفني إلى جانب التحليل الأساسي في اتخاذ قرارات التداول في سوق العملات المشفرة.

الخاتمة: استقرار مع حذر في الأفق يتطلب يقظة مستمرة

بشكل عام، يُظهر سوق المشتقات المشفرة علامات واعدة على استعادة الاستقرار، وإن كان هذا الاستقرار يتسم بالحذر الشديد ويدفعه موقف دفاعي راسخ ومدروس من قبل المتداولين والمؤسسات. يقدم تقرير بايبيت وبلوك سكولز رؤى قيمة وعميقة حول كيفية استجابة السوق بشكل فعال لأحداث التصفية الكبرى وكيف يقوم المتداولون بتكييف استراتيجياتهم لمواجهة التحديات المستقبلية. مع استمرار التقلبات المحتملة وتأثير العوامل الاقتصادية الكلية المتغيرة، يبقى التحوط الفعال وإدارة المخاطر المحكمة في صميم عمليات المتداولين الناجحين. من الضروري للغاية للمستثمرين الأفراد والمؤسسات على حد سواء البقاء على اطلاع دائم بأحدث التقارير والتحليلات للسوق، وذلك للتمكن من الإبحار ببراعة في هذه المياه المعقدة والمتغيرة باستمرار. إن الفهم العميق لآليات السوق الأساسية، مثل مستويات الفائدة المفتوحة وأنحرافات التقلب، يمكن أن يوفر للمتداولين ميزة تنافسية لا تقدر بثمن في بيئة السوق المتغيرة باستمرار. استمرار مراقبة هذه المؤشرات الحيوية سيكون حاسماً لتوقع التحركات المستقبلية للسوق واتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة ومربحة. لا شك أن المستقبل يحمل المزيد من التحديات والفرص في سوق العملات المشفرة، والجاهزية والاستعداد هما مفتاح النجاح.

مواضيع مشابهة