ektsadna.com
بيتكوين

هبوط البيتكوين الأخير: هل نحن في “لحظة الاكتتاب العام” وماذا تعني لتحركات السوق المستقبلية؟

هبوط ال الأخير: هل نحن في “لحظة الاكتتاب العام” وماذا تعني لتحركات السوق المستقبلية؟

شهدت عملة البيتكوين الرقمية، ملكة المشفرة، تراجعًا كبيرًا تجاوز 30% من أعلى مستوياتها على الإطلاق البالغة 126 ألف ، لتتداول حاليًا حول 85,500 دولار، بعد أن لامست لفترة وجيزة مستوى 82 ألف دولار. هذا الهبوط الحاد أثار قلق المتداولين والمحللين على حد سواء، خاصة وأن التحركات الأخيرة من قبل المستثمرين طويلي الأجل (Long-term holders) بدأت تغير من طريقة استجابة السوق للضغوط. فمع تضاؤل السيولة، أصبحت تقلبات الأسعار أكبر وأكثر حدة من المعتاد، مما ينذر بمرحلة جديدة من عدم اليقين في السوق.

تُشكل هذه التراجعات تحديًا كبيرًا للمستثمرين، ففي الوقت الذي كان فيه البيتكوين يُنظر إليه كأصل مقاوم للتقلبات، تُظهر الأحداث الأخيرة أن حتى الأصول الرقمية الأكثر رسوخًا ليست بمنأى عن الضغوط البيعية الكبيرة. السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: ما الذي يقود هذه التحركات، وماذا تعني هذه الديناميكيات المتغيرة لمستقبل البيتكوين؟

تحذير بيتر شيف: هل البيتكوين في “لحظة الاكتتاب العام”؟

في خضم هذه التراجعات، أطلق المستثمر الشهير في الذهب، بيتر شيف، تحذيرًا صارخًا، واصفًا ما يحدث للبيتكوين بأنه “لحظة الاكتتاب العام (IPO moment) الخاصة به”. يرى شيف أن تحول المستثمرين المخضرمين والقدامى إلى بائعين يؤدي إلى زيادة المعروض في قمة السوق، مما يجعل عمليات البيع المستقبلية أعمق وأكثر تأثيرًا.

وأوضح شيف في تعليق له أن “هذا القدر من البيتكوين المنتقل من الأيدي القوية إلى الأيدي الضعيفة لا يزيد من العرض المتداول فحسب، بل يعني أيضًا أن عمليات البيع المستقبلية ستكون أكبر”. هذه الرؤية، التي لطالما رددتها الأصوات المتشائمة على مر السنين، تجد صدى أقوى هذه المرة في ظل تحركات واضحة على سلاسل الكتل (on-chain moves) وتدفقات كبيرة للخارج من صناديق ال المتداولة في البورصة (ETFs).

يلاحظ المتداولون أن المستثمرين طويلي الأجل والواثقين من أصولهم غالبًا ما يقومون بتقليص مراكزهم بالقرب من القمم المحلية. وعندما يقوم الكثيرون بذلك في وقت واحد، فإن حركة السعر غالبًا ما تصبح أكثر عنفًا وتقلبًا. يرى البعض أنه بعد كل هذه السنوات، يمر البيتكوين أخيرًا بلحظة “الاكتتاب العام” الخاصة به، حيث تتوفر سيولة كافية لـ “العمالقة الأوائل” (OGs) لتصفية استثماراتهم وتحقيق أرباحهم. هذا التحول من الأيدي القوية (المستثمرين الملتزمين على المدى الطويل) إلى الأيدي الضعيفة (المضاربين الجدد أو الباحثين عن الربح السريع) يؤدي إلى زيادة السيولة المعروضة للبيع، وبالتالي يزيد من حساسية السوق للصدمات ويجعل التصحيحات المستقبلية أشد.

تحركات الحيتان وعمليات البيع الكبيرة: علامات ضغط بيعي

تُظهر التقارير الحديثة أن “الحيتان” (كبار المستثمرين) والمحافظ القديمة قامت بتحريك أكثر من 400,000 بيتكوين خلال شهر أكتوبر، وهو نشاط يرتبط عادةً بضغط بيعي كبير في السوق. هذا الكم الهائل من التحويلات يشير إلى أن المستثمرين الكبار يستعدون إما لتغيير استراتيجياتهم أو لتحقيق أرباح ضخمة.

من بين الأمثلة البارزة على هذه التحركات، ما ورد عن المستثمر المبكر “أوين غوندين” الذي قام بتصفية محفظته الكاملة البالغة 11,000 بيتكوين خلال شهري أكتوبر ونوفمبر. هذه الخطوة وحدها تمثل بيعًا ضخمًا قادرًا على إحداث تأثير كبير في سوق ذات سيولة متناقصة.

ولم تقتصر عمليات البيع على المستثمرين الأوائل فقط، بل شملت أيضًا شخصيات بارزة في عالم التجزئة. أعلن روبرت كيوساكي، مؤلف كتاب “الأب الغني والأب الفقير”، عن عملية بيع بقيمة تقدر بنحو 2.25 مليون دولار. وصرح كيوساكي بأنه اشترى البيتكوين عندما كان سعره حوالي 6,000 دولار وباعه بالقرب من 90,000 دولار، ويعتزم إعادة استثمار العائدات في أعمال مدرة للدخل. هذه التصرفات من قبل شخصيات مؤثرة يمكن أن تؤثر سلبًا على معنويات السوق وتشجع صغار المستثمرين على البيع أيضًا.

المحركات الرئيسية للهبوط: من بيتفينكس

يشير المحللون في بورصة “بيتفينكس” (Bitfinex) إلى عاملين رئيسيين وراء الانخفاض الأخير في سعر البيتكوين: بيع المستثمرين طويلي الأجل، وعمليات التصفية القسرية للمراكز المرفوعة (leveraged liquidations) في أسواق المشتقات. عندما تبدأ المراكز ذات الرافعة المالية العالية في التصفية، يمكن أن تتوالى الأسعار هبوطًا بشكل متسلسل قبل أن يتمكن السوق من إيجاد نقطة دعم مستقرة. هذا التأثير المتسلسل يضخم من حجم التراجعات ويجعلها أسرع وأكثر دراماتيكية.

إن تضافر هذين العاملين يخلق بيئة سوقية هشة، حيث أن بيع المستثمرين طويلي الأجل يزيل جزءًا كبيرًا من الدعم الأساسي للسعر، بينما تزيد التصفية القسرية من الضغط البيعي اللحظي بشكل كبير، مما يدفع الأسعار إلى مستويات لم تكن متوقعة لولا هذه الظروف.

تدفقات صناديق البيتكوين المتداولة (ETFs) خارجًا: سحب ملياري

وفقًا لبلومبرغ وإيداعات الصناديق، سحب المستثمرون ما يقرب من مليار دولار من صناديق البيتكوين المتداولة في جلسة واحدة، وهو ثاني أكبر تدفق يومي للخارج بين مجموعة الصناديق الاثني عشر. وقد تصدرت “IBIT” التابعة لشركة بلاك روك هذه التدفقات السلبية بسحب 355 مليون دولار، بينما شهد كل من “GBTC” التابع لـ “جراي سكيل” و “FBTC” التابع لـ “فيدلتي” سحب حوالي 200 مليون دولار لكل منهما.

وعلى مدى الشهر الماضي، سجلت منتجات صناديق الاستثمار المتداولة ما يقرب من 4 مليارات دولار في صافي التدفقات الخارجة. وتشير أرقام “سيتي ريسيرش” التي استشهد بها مراقبو السوق إلى أن كل مليار دولار يتم سحبها يؤدي إلى تراجع سلبي بنحو 3.4% في سعر البيتكوين. هذه العلاقة المباشرة بين تدفقات الصناديق وسعر البيتكوين تسلط الضوء على مدى تأثير اللاعبين المؤسسيين على السوق.

ومع ذلك، كان هناك تحرك مضاد يشير إلى تقلبات السوق. أظهرت التقارير أن صناديق الاستثمار المتداولة سجلت تدفقات داخلية بقيمة 238 مليون دولار في اليوم التالي، مما يؤكد كيف يمكن للتدفقات أن تنعكس بسرعة. هذه التحولات السريعة تجعل من الصعب التنبؤ بالاتجاهات طويلة الأجل، وتزيد من المخاطر للمتداولين.

الخلاصة: هل تحدد تحركات الحيتان مستقبل البيتكوين؟

يُظهر تحذير شيف وتأكيدات المحللين أن البيتكوين لا يزال عرضة للهزات الكبيرة عندما يقرر كبار المستثمرين البيع. حتى مع شراء بعض المؤسسات، فإن انتقال العملات من أيدي المالكين طويلي الأجل إلى المستثمرين العاديين أو أصحاب “الأيدي الضعيفة” يمكن أن يجعل انخفاضات الأسعار المستقبلية أكبر وأسرع. هذا يعني أن بنية السوق تتغير، وقد نكون على وشك رؤية تقلبات أكثر حدة في الدورات القادمة.

من المرجح أن يولي مراقبو السوق اهتمامًا وثيقًا لما يفعله هؤلاء المستثمرون المخضرمون، لأن تصرفاتهم قد تحدد مدى حدة الانهيار التالي. في بيئة تتسم بتضاؤل السيولة وزيادة حساسية السوق للضغوط البيعية، تصبح مراقبة سلوك “الحيتان” ومؤشرات تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة أمرًا بالغ الأهمية لأي مستثمر يسعى لاتخاذ قرارات مستنيرة.

ننصح دائمًا بإجراء بحثك الخاص، واستشارة مستشار مالي قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية في سوق العملات المشفرة المتقلب.

مواضيع مشابهة