تأثير البيانات الاقتصادية وانهيار أسواق العملات المشفرة: نظرة تحليلية للأسبوع القادم
يشهد الأسبوع القادم سلسلة من الأحداث الاقتصادية الهامة التي من شأنها أن ترسم ملامح المشهد الاقتصادي العالمي حتى نهاية العام، وتحدد ما إذا كانت الأسواق ستستمر في تسعير تخفيف السياسة النقدية. تتجه الأنظار بشكل خاص نحو تقارير أسواق العمل ومؤشر مديري المشتريات (PMI) المتأخرة، بالإضافة إلى تقرير تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) لشهر سبتمبر، وهو المؤشر المفضل للاحتياطي الفيدرالي. في غضون ذلك، شهدت أسواق العملات المشفرة تراجعاً حاداً، مما يضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى توقعات المستثمرين.
البيانات الاقتصادية الرئيسية هذا الأسبوع: محركات السوق المنتظرة
سيكون الأسبوع حافلاً بالبيانات الاقتصادية التي ستوفر مؤشرات حاسمة حول صحة الاقتصاد الأمريكي، خاصة في ظل التوقعات المتزايدة بتخفيض أسعار الفائدة.
الاثنين: بيانات مؤشر ISM التصنيعي لشهر نوفمبر
من المقرر أن تصدر بيانات مؤشر ISM التصنيعي لشهر نوفمبر يوم الاثنين، والتي ستقدم لمحة عن أداء قطاع التصنيع الأمريكي. يتوقع الاقتصاديون أن يظل المؤشر في منطقة الانكماش، مما يشير إلى استمرار التحديات التي يواجهها القطاع الصناعي. يعتبر هذا المؤشر بالغ الأهمية حيث يؤثر بشكل مباشر على توقعات النمو الاقتصادي ويقدم إشارة مبكرة حول النشاط الاقتصادي العام. أي ضعف مستمر في هذا القطاع قد يعزز من حجج تخفيض أسعار الفائدة.
الثلاثاء: بيانات فرص العمل JOLTS لشهر سبتمبر المتأخرة
يوم الثلاثاء، ستصدر بعض بيانات فرص العمل المتأخرة لشهر سبتمبر من تقرير JOLTS (مسح فرص العمل ودوران العمالة). تُعد هذه البيانات مؤشراً رئيسياً على قوة سوق العمل وتوازن العرض والطلب على العمالة. إذا أظهرت البيانات تراجعاً في عدد فرص العمل المتاحة، فقد يشير ذلك إلى تباطؤ في سوق العمل، مما يزيد من احتمال اتخاذ الاحتياطي الفيدرالي لقرارات تيسيرية.
الأربعاء: بيانات التوظيف غير الزراعي ADP ومؤشرات PMI للخدمات
الخميس: طلبات إعانة البطالة الأولية
يوم الخميس، سنتابع عن كثب بيانات طلبات إعانة البطالة الأولية. أي علامات ضعف في سوق العمل أو في النشاط الاقتصادي العام من شأنها أن تضيف إلى احتمالات تخفيض أسعار الفائدة. تُعتبر هذه البيانات مؤشراً حساساً لمدى صحة سوق العمل الأمريكي، وأي ارتفاع غير متوقع فيها قد يُفسر على أنه دليل إضافي على الحاجة إلى دعم اقتصادي.
وأضاف نايتلي: “بعد التعليقات الأخيرة من كبار المسؤولين وتقرير الوظائف المختلط، عادت السوق بقوة لتتوقع تخفيضاً ثالثاً متتالياً بمقدار 25 نقطة أساس”. هذا يعكس المعنويات السائدة في السوق وتوقعات المستثمرين بأن الاحتياطي الفيدرالي سيتجه نحو سياسة أكثر تيسيراً.
الجمعة: بيانات تضخم PCE وتقرير ثقة المستهلك
يوم الجمعة، سيصدر تقرير تضخم PCE المتأخر لشهر سبتمبر، بالإضافة إلى تقرير ديسمبر عن معنويات المستهلكين. تُعد بيانات PCE حاسمة بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي في تحديد مسار السياسة النقدية. إذا أظهرت البيانات تراجعاً في التضخم، فقد يمنح ذلك الاحتياطي الفيدرالي مزيداً من المرونة لتخفيض أسعار الفائدة. كما أن تقرير ثقة المستهلك يقدم نظرة على الإنفاق المستقبلي ومعنويات الأسر، مما يؤثر على التوقعات الاقتصادية العامة.
توقعات أسعار الفائدة والسياسة النقدية
تحسنت توقعات المستثمرين بشكل كبير الأسبوع الماضي مع تأكيد توقعات تخفيض أسعار الفائدة. تُظهر عقود CME الآجلة تسعيراً بنسبة 87% لاحتمالية تخفيض سعر الفائدة بحلول العاشر من ديسمبر. هذا يشير إلى اعتقاد راسخ في السوق بأن الاحتياطي الفيدرالي سيتجه نحو سياسة نقدية أكثر تيسيراً قريباً.
وفي سياق متصل، أعلن الرئيس ترامب أنه قرر من سيكون الرئيس القادم للاحتياطي الفيدرالي، وسيعلن عن ذلك “قريباً”. هذا القرار قد يكون له تأثيرات كبيرة على استقرار السياسة النقدية في المستقبل وعلى استجابة السوق.
انهيار أسواق العملات المشفرة: تصفية الرافعة المالية تضرب الأسعار
في ظل هذه الخلفية الاقتصادية المتقلبة، عانت أسواق العملات المشفرة من ضربة قوية أخرى تمثلت في “تصفية رافعة مالية” كبيرة في أواخر تداول الأحد، مما أدى إلى محو 540 مليون دولار وتسبب في تراجع بنسبة 4% في إجمالي الرسملة السوقية.
البيتكوين: أسوأ أداء في نوفمبر منذ 2018
فقدت البيتكوين ما يقرب من 5% من قيمتها، حيث انهارت من 91,500 دولار، وهو المستوى الذي كانت قد حافظت عليه خلال عطلة نهاية الأسبوع، لتصل إلى أقل من 86,000 دولار بحلول صباح الاثنين في آسيا. كانت العملة لا تزال تتراجع وقت كتابة هذا التقرير، حيث تداولت بنسبة 5% أقل مما كانت عليه في نفس الوقت من يوم الأحد، مسجلة بذلك أسوأ أداء لها في شهر نوفمبر منذ عام 2018. هذا التراجع الحاد يعكس مدى حساسية السوق للرافعة المالية وتأثير الأحداث الاقتصادية الكبرى.
الإيثيريوم والعملات البديلة: حمام دم في السوق
خسرت الإيثيريوم مستوى 3,000 دولار، متراجعة بنسبة 4.8% إلى 2,860 دولاراً وقت كتابة هذا التقرير. كانت العملات البديلة (altcoins) تعاني أيضاً، حيث شهدت “حمام دم” من التراجعات الحادة. يشير هذا الانهيار الشامل إلى أن المستثمرين في العملات المشفرة يتفاعلون بقوة مع حالة عدم اليقين في الاقتصاد الكلي ومع تصفية المراكز ذات الرافعة المالية العالية.
الخلاصة: أسبوع حاسم يحدد النبرة
تُعد البيانات الاقتصادية لهذا الأسبوع حاسمة لتحديد نبرة السوق حتى نهاية العام، وما إذا كانت الأسواق ستستمر في تسعير تخفيف السياسة النقدية. في الوقت نفسه، فإن الانهيار الأخير في أسواق العملات المشفرة يضيف بُعداً آخر من التقلبات، ويُظهر كيف يمكن للأحداث الاقتصادية الكبرى أن تؤثر على الأصول الرقمية. يجب على المستثمرين مراقبة هذه المؤشرات عن كثب لاتخاذ قرارات مستنيرة في ظل هذه البيئة المتقلبة.
