“`html
آدم باك: لا يزال الوقت مبكرًا للمستثمرين الأفراد لشراء البيتكوين
في عالم العملات الرقمية سريع التطور، تحظى آراء الشخصيات المؤثرة والمخضرمين بوزن كبير، لا سيما عندما تتعلق بمستقبل أكبر الأصول الرقمية من حيث القيمة السوقية: البيتكوين. مؤخرًا، جمع مؤتمر البيتكوين 2025 في لاس فيجاس نخبة من العقول الرائدة في هذا المجال لمناقشة قضايا محورية حول البيتكوين، وكان أحد أبرز المشاركين آدم باك، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة بلوكستريم (Blockstream)، والذي يُعتبر شخصية أسطورية في عالم التشفير والبيتكوين، كونه أحد الرواد الأوائل في تطوير تقنيات التشفير التي مهدت الطريق لظهور البيتكوين.
لم يكن آدم باك وحده في هذه الجلسة النقاشية الهامة. فقد شاركه المنصة شخصيات بارزة أخرى، مما أضفى على النقاش ثراءً وعمقًا. كان من بين هؤلاء:
- أليكس ثورن (Alex Thorn): رئيس الأبحاث على مستوى الشركة في جالاكسي ديجيتال (Galaxy Digital)، وهي شركة خدمات مالية وبنوك تجارية متخصصة في الأصول الرقمية.
- دان مورهيد (Dan Morehead): المؤسس والشريك الإداري في بانتيرا كابيتال (Pantera Capital)، وهي إحدى أقدم وأكبر صناديق الاستثمار المتخصصة في العملات الرقمية.
- دان تابيرو (Dan Tapiero): الشريك الإداري والرئيس التنفيذي وكبير مسؤولي الاستثمار في 10T Holdings + 1RoundTable Partners، وهو مستثمر معروف بخلفيته في أسواق السلع والذهب وتحوله لاحقًا إلى البيتكوين.
تناولت الجلسة موضوعًا حيويًا يتعلق بمستقبل الشركات التي تحتفظ بالبيتكوين في خزائنها (Bitcoin treasury companies)، وكيف يمكن للشركات دمج البيتكوين في استراتيجياتها المالية والميزانيات العمومية. كانت هذه المناقشة مهمة لأنها تعكس التحول المتزايد في النظرة إلى البيتكوين من مجرد أداة للمضاربة إلى أصل احتياطي استراتيجي يمكن للشركات الكبرى والمؤسسات اعتماده.
البيتكوين مقابل الذهب: وجهة نظر دان تابيرو
افتتح دان تابيرو الجلسة بمشاركة رأيه حول البيتكوين مقارنة بالذهب، وهو مجال لديه فيه خبرة عميقة. أشار تابيرو إلى قناعته الراسخة بالملكية المادية للأصول، وهو ما دفعه لبدء عمل تجاري في مجال الذهب المادي قبل سنوات. ولكنه أوضح أن التركيز الحالي يتحول نحو تبني البيتكوين و”رفع مكانته” كأصل مهم.
قال تابيرو: “لطالما آمنت حقًا بالملكية المادية وأن الفرد له الحق ويجب أن يكون قادرًا على امتلاك أصوله الخاصة، ولهذا بدأت عملي في مجال الذهب المادي قبل سنوات. أعتقد أن تركيزنا اليوم ينصب على زيادة التبني ورفع مكانة البيتكوين. أعتقد أن فهم البيتكوين كأصل مهم أمر ضروري.”
هذا التبني من قبل شخص مثل تابيرو، الذي يأتي من خلفية الذهب التقليدية، يؤكد التغير في التصورات حول البيتكوين ودوره المحتمل كشكل من أشكال النقود الصعبة أو مخزن للقيمة في العصر الرقمي.
الشركات التي تحتفظ بالبيتكوين في خزائنها ورؤية آدم باك
عندما طُلب من آدم باك التعبير عن رأيه في الشركات التي تحتفظ بالبيتكوين في خزائنها، قدم منظورًا يعكس تجربته المبكرة في هذا المجال. أشار باك إلى أن شركة بلوكستريم نفسها كانت في الواقع واحدة من أوائل هذه الشركات.
أوضح باك: “في الواقع، بلوكستريم هي إحدى أوائل الشركات التي تحتفظ بالبيتكوين في خزائنها. نحن موجودون منذ عام 2014 وعملنا مع مستثمرينا لوضع البيتكوين في الميزانية العمومية آنذاك ومنذ ذلك الحين. أعتقد أن الطريقة للنظر إلى الشركات التي تحتفظ بالبيتكوين هي أن البيتكوين هو فعليًا السعر الأصعب (harder rate). من الصعب جدًا التفوق على أداء البيتكوين؛ معظم الناس الذين استثمروا في أشياء منذ ظهور البيتكوين فكروا: كان يجب أن أضع ذلك في البيتكوين وليس في الشيء الآخر.”
فكرة البيتكوين كـ “سعر أصعب” أو “نقود أصعب” هي مفهوم أساسي في مجتمع البيتكوين. تعني أن البيتكوين لديه معدل تضخم منخفض ومحدد مسبقًا (من خلال عملية التنصيف أو الهالفينج) وعرض إجمالي محدود (21 مليون عملة)، مما يجعله أكثر ندرة ومقاومة لفقدان القوة الشرائية مقارنة بالعملات الورقية التي يمكن للحكومات طباعتها بكميات غير محدودة.
واصل آدم باك شرح سبب تحول الشركات نحو معيار البيتكوين (Bitcoin standard).
صرح باك: “لهذا السبب تجد الشركات تتحول إلى معيار البيتكوين لأنه الطريقة الوحيدة لهم لمواكبة البيتكوين. يبدأون بقاعدة رأسمالية من البيتكوين. يستخدمون الإيرادات التشغيلية لشراء المزيد من البيتكوين، ومن ثم يصبحون قادرين على المشاركة في هذا النوع من التحكيم الدقيق (micro arbitrage).”
يشير “معيار البيتكوين” للشركات إلى استراتيجية تقوم فيها الشركة بالاحتفاظ بجزء كبير من احتياطياتها النقدية أو أصولها الاحتياطية بالبيتكوين بدلاً من العملات الورقية التقليدية. ترى هذه الشركات أن البيتكوين يوفر تحوطًا ضد التضخم ووسيلة للحفاظ على القوة الشرائية لرأس مالها على المدى الطويل. استخدام الإيرادات التشغيلية لشراء المزيد من البيتكوين يعزز هذا الموقف ويسمح للشركة بالاستفادة من ارتفاع قيمة البيتكوين.
أما مفهوم “التحكيم الدقيق” (micro arbitrage) في سياق الشركات التي تحتفظ بالبيتكوين، فيمكن تفسيره بطرق متعددة. قد يشير إلى قدرة الشركة على استخدام البيتكوين في عملياتها التجارية بطرق توفر ميزة مالية طفيفة، أو ربما يشير إلى الاستفادة من التقلبات قصيرة الأجل في سعر البيتكوين كجزء من استراتيجية إدارة الخزانة، على الرغم من أن التركيز الأساسي غالبًا ما يكون على الاستثمار طويل الأجل.
توقعات الأسعار المستقبلية
في ختام الجلسة، وجه أليكس ثورن سؤالًا مباشرًا ومثيرًا: “بعد خمس سنوات من الآن، كم سيكون سعر البيتكوين؟” هذا السؤال هو دائمًا نقطة محورية في أي مناقشة حول البيتكوين، حيث تتفاوت التوقعات بشكل كبير.
قدم المشاركون توقعاتهم، والتي عكست تفاؤلهم بمستقبل الأصل:
- دان مورهيد توقع: 750,000 دولار
- دان تابيرو توقع: 1,000,000 دولار
- آدم باك قال ببساطة: “مليون بسهولة”
هذه التوقعات المليونية ليست غريبة على خبراء البيتكوين الذين يرون في الأصل إمكانات هائلة للنمو بسبب ندرته، وتبنيه المتزايد من قبل المؤسسات، واعتباره كتحوط ضد التضخم. توقع آدم باك “مليون بسهولة” يتماشى مع رؤيته للبيتكوين كأصل متفوق يصعب التفوق عليه، ويشير إلى إيمانه القوي بمساره التصاعدي على المدى المتوسط والطويل.
البيتكوين والمستثمر الفرد: هل الوقت مبكر حقًا؟
في ملاحظة ختامية أثارت الكثير من التفكير، اختتم آدم باك بالقول:
“لا يزال الوقت مبكرًا للمستثمرين الأفراد.”
هذا التصريح من شخصية ذات وزن مثل آدم باك يستحق التوقف عنده وتحليله. في حين أن التوقعات المليونية قد توحي بأن البيتكوين قد وصل بالفعل إلى مرحلة متقدمة، إلا أن باك يشير إلى أن المستثمرين الأفراد قد لا يزالون في بداية الطريق من حيث المشاركة أو الفهم الكامل لإمكانيات البيتكوين أو حتى من حيث توقيت الدخول الأمثل.
ماذا يمكن أن يعني هذا التصريح؟
يمكن تفسير قول باك بعدة طرق:
- مقارنة بالتبني المؤسسي: قد يعني أن موجة التبني الكبرى التالية ستأتي من المؤسسات الكبرى، وصناديق التقاعد، والشركات، وحتى الدول، وأن دخول المستثمرين الأفراد بكميات كبيرة لم يبدأ بعد مقارنة بحجم رأس المال المؤسسي الذي يمكن أن يتدفق إلى السوق.
- إمكانات النمو المستقبلية: على الرغم من الارتفاعات الهائلة التي شهدها البيتكوين، فإن الوصول إلى سعر مليون دولار أو أكثر يعني أن القيمة السوقية ستنمو بشكل كبير، وأن المستويات الحالية لا تزال تعتبر “مبكرة” بالنسبة للمدى الكامل لإمكانيات البيتكوين كأصل عالمي.
- مخاطر التقلب: قد يكون باك يشير إلى أن السوق لا يزال متقلبًا للغاية، وأن المستثمرين الأفراد قد لا يكونون مجهزين للتعامل مع هذه التقلبات مقارنة بالمستثمرين المحترفين ذوي الأفق الزمني الطويل والقدرة على تحمل المخاطر الأكبر. قد يكون الوقت “مبكرًا” بمعنى أن مخاطر التقلب لا تزال مرتفعة بالنسبة للمستثمر العادي الذي قد يحتاج إلى رؤية مزيد من الاستقرار أو نضج السوق.
- فهم التكنولوجيا والقيمة الحقيقية: قد يقصد باك أن العديد من المستثمرين الأفراد لا يزالون لا يفهمون تمامًا التكنولوجيا الأساسية للبيتكوين، وفلسفته كنقود صعبة، ودوره كتحوط ضد التضخم، وكيف يختلف عن الأصول الرقمية الأخرى. وبالتالي، قد يكونون يشترون بناءً على الضجيج بدلاً من الفهم، مما يجعل الدخول “مبكرًا” من حيث الوعي الكامل.
- دورات السوق: قد يشير ببساطة إلى أننا ما زلنا في المراحل الأولية أو المتوسطة من دورة سوق صاعدة كبيرة للبيتكوين، وأن معظم المكاسب المحتملة للمستثمرين الأفراد الذين يتبنون استراتيجية الشراء والاحتفاظ لم تتحقق بعد.
بغض النظر عن التفسير الدقيق، فإن تصريح آدم باك يضيف طبقة من التعقيد إلى الرواية المحيطة بالبيتكوين. فهو لا ينفي التوقعات الصعودية، بل يضعها في سياق أن مسيرة التبني والنمو لا تزال في مراحلها الأولية بالنسبة لشريحة كبيرة من المستثمرين، لا سيما الأفراد مقارنة بالهيئات الكبيرة.
إن نقاشات مثل تلك التي جرت في مؤتمر البيتكوين 2025 تسلط الضوء على الأهمية المتزايدة للبيتكوين في المشهد المالي العالمي. مع استمرار المؤسسات في استكشاف طرق لدمج البيتكوين في استراتيجياتها، ومع تزايد الوعي بالبيتكوين كأصل نادر ومقاوم للتضخم، فإن النقاش حول قيمته ودوره المستقبلي سيستمر في التطور.
تصريح آدم باك يمثل تذكيرًا بأن الرحلة لا تزال طويلة، وأن الفرص لا تزال قائمة، ولكن ربما بطرق تتطلب فهمًا أعمق للسوق والدور الذي يمكن أن يلعبه البيتكوين على المدى الطويل، سواء بالنسبة للشركات التي تحتفظ به في خزائنها أو بالنسبة للمستثمر الفرد الذي يتطلع إلى تأمين جزء من ثروته في هذا الأصل الرقمي الفريد.
يمكن مشاهدة النقاش الكامل للجلسة وبقية فعاليات اليوم الثاني من مؤتمر البيتكوين 2025 أدناه:
[المرجع لمحتوى فيديو – لا يتم تضمين رابط فعلي]
نشر هذا المقال لأول مرة في Bitcoin Magazine وكتبه أوسكار زاراجا بيريز.
“`