“`html
البيتكوين يتجه نحو منطقة سعر 120 ألف دولار مع ارتفاع تدفقات التداول والرافعة المالية
يشهد نشاط سلسلة كتل البيتكوين (BTC) تكثيفًا ملحوظًا مع استقرار الأصل بالقرب من مستوى 108,000 دولار. في خضم هذه المرحلة من تعزيز السعر واكتشاف مستويات جديدة، برزت منطقة سعر 120,000 دولار كهدف رئيسي ومهم يثير اهتمام المستثمرين والمحللين على حد سواء.
تسلط رؤى وبيانات من منصة Glassnode، المتخصصة في تحليل بيانات سلسلة الكتل، الضوء على التطورات الأخيرة. أشار تقريرهم الصادر في 28 مايو إلى عدة نقاط رئيسية تعكس الديناميكية الحالية للسوق. من أبرز هذه النقاط ارتفاع كبير في ربحية المستثمرين، وتزايد قوي في عمليات التراكم (الشراء والاحتفاظ)، وتدفقات تداول نشطة وملحوظة على منصات التداول. هذه الظروف، كما يوضح التقرير، تحمل تشابهًا كبيرًا مع الأنماط التي لوحظت خلال فترات الذروة في الدورات الصاعدة السابقة لسوق البيتكوين.
بعد أن سجل البيتكوين أعلى مستوى جديد له على الإطلاق عند 111,000 دولار، شهد الأصل تصحيحًا سعريًا طفيفًا، متراجعًا إلى منطقة 107,000 دولار. منذ ذلك الحين، استقر السعر وتماسك فوق هذا المستوى، مما يشير إلى وجود دعم قوي ورغبة من المشترين في الدفاع عن هذه المنطقة السعرية. هذا الاستقرار بعد تسجيل أعلى مستوى تاريخي جديد هو سلوك صحي عادةً ما يظهر في الأسواق الصاعدة، حيث يعيد المتداولون تنظيم محافظهم ويستعدون للحركة التالية.
تزايد ملحوظ في التراكم
إحدى الإشارات القوية التي تدعم التوقعات الإيجابية هي الارتفاع الحاد في وتيرة التراكم. وفقًا لمؤشر Accumulation Trend Score من Glassnode، اقترب المؤشر من قيمته القصوى التي تبلغ 1.0. تعني القيمة القريبة من 1.0 أن جزءًا كبيرًا من المشاركين في السوق، سواء كانوا حيتانًا (كبار المستثمرين) أو مستثمرين صغارًا، يقومون بزيادة حيازاتهم من البيتكوين بنشاط خلال هذه المرحلة من اكتشاف الأسعار. يشير هذا إلى ثقة قوية في آفاق السعر المستقبلية وعدم رغبة في البيع عند المستويات الحالية. لوحظ سلوك مماثل في السوق خلال ذروات سابقة في عام 2024، تحديدًا عند مستويات 70,000 دولار و107,000 دولار، مما يؤكد أن هذا النمط التراكمي يرتبط بمراحل صعودية قوية.
التراكم القوي في هذه المرحلة يشير إلى أن المستثمرين ذوي المدى الطويل يستغلون أي تراجع طفيف في السعر للشراء، بدلًا من البيع لجني الأرباح. هذه الديناميكية تقلل من المعروض المتاح في السوق وتزيد من ضغط الشراء، مما يمهد الطريق لحركات صعودية أخرى. القرب من القيمة القصوى للمؤشر يعكس إجماعًا واسعًا بين فئات مختلفة من المستثمرين على استراتيجية الشراء والاحتفاظ (HODLing).
ربحية المستثمرين في أعلى مستوياتها
لا يقتصر النشاط الإيجابي على التراكم فحسب، بل يمتد ليشمل ربحية المستثمرين أيضًا، والتي تشهد سخونة متزايدة. وصل مقياس الربح غير المحقق النسبي (Relative Unrealized Profit) إلى مستوى يرتبط تاريخيًا بظروف السوق المفعمة بالنشوة والتفاؤل المفرط. يشير هذا المقياس إلى حجم الأرباح التي يحتفظ بها المستثمرون على الورق (على حيازاتهم التي لم يتم بيعها بعد) بالنسبة للقيمة السوقية للأصل. الوصول إلى هذه المستويات التاريخية يعني أن غالبية حيازات البيتكوين في السوق تتمتع حاليًا بأرباح كبيرة غير محققة.
أشار التقرير إلى أن أيام التداول التي تشهد مستويات الربح هذه تشكل حوالي 16% فقط من إجمالي أيام التداول في تاريخ البيتكوين، مما يؤكد ندرة هذه الظروف وحجم الربحية الحالي للمستثمرين. بالإضافة إلى ذلك، يشير مؤشر نسبة ربح المخرجات المنفقة (Spent Output Profit Ratio – SOPR) إلى أن متوسط العملات التي تم تحريكها على سلسلة الكتل قد حققت ربحًا بنسبة 16%. هذا المتوسط يضع اليوم الحالي ضمن أعلى 8% من الأيام التاريخية من حيث متوسط الربح المحقق على العملات المنقولة. هذا يعني أن حتى العمليات البيع التي تحدث غالبًا ما تكون عمليات جني أرباح يتم فيها بيع عملات كانت محتفظًا بها وحققت مكاسب كبيرة.
نشاط التداول يتصاعد
تؤكد سلوكيات منصات التداول المركزية الاتجاه الإيجابي العام للسوق. يتدفق ما يقرب من 33% من إجمالي حجم تداول البيتكوين الآن عبر هذه المنصات، وهو ارتفاع ملحوظ مقارنة بالمستويات التي لوحظت في وقت سابق من العام. زيادة النشاط على المنصات المركزية تشير إلى دخول مزيد من السيولة والمشاركة من قبل المتداولين، سواء للشراء أو البيع.
تحليل التدفقات إلى المنصات يكشف عن تفاصيل مهمة. يبلغ متوسط الربح على العملات التي يتم إيداعها في المنصات بغرض البيع أو التداول حوالي 9,300 دولار، بينما يبلغ متوسط الخسارة على العملات المودعة حوالي 780 دولارًا فقط. هذا يؤدي إلى نسبة ربح إلى خسارة تبلغ 12:1. هذه النسبة المرتفعة تشير بوضوح إلى أن الغالبية العظمى من المتداولين الذين يقومون بإيداع البيتكوين في المنصات يفعلون ذلك وهم يحققون أرباحًا كبيرة. هذا النمط من نسبة الربح إلى الخسارة المرتفعة يعكس أيضًا ما لوحظ خلال دورات صعودية سابقة، حيث يميل المتداولون إلى جني الأرباح مع ارتفاع الأسعار، لكن الحجم الإجمالي للسيولة والطلب يظل قويًا بما يكفي لامتصاص هذا البيع.
ارتفاع الرافعة المالية
جانب آخر من السوق يشهد سخونة هو سوق المشتقات المالية، حيث تتزايد الرافعة المالية بشكل ملحوظ. ارتفع إجمالي العقود الآجلة المفتوحة (Futures Open Interest) من 36.8 مليار دولار إلى 55.6 مليار دولار منذ شهر أبريل، بزيادة قدرها 51%. كما ارتفع إجمالي العقود الخيارات المفتوحة (Options Open Interest) بشكل حاد، مسجلاً رقماً قياسياً جديداً على الإطلاق بلغ 46.2 مليار دولار، بزيادة قدرها 25.8 مليار دولار. يشير الارتفاع الكبير في الرافعة المالية إلى زيادة شهية المتداولين للمخاطرة واستخدام أدوات الرافعة المالية لتعزيز مراكزهم.
الرافعة المالية المرتفعة يمكن أن تكون سيفاً ذا حدين؛ فبينما يمكنها تضخيم الأرباح في حالة استمرار الاتجاه الصعودي، فإنها تزيد أيضًا من مخاطر حدوث عمليات تصفية كبيرة في حالة تراجع السعر، مما قد يؤدي إلى تقلبات حادة. ومع ذلك، فإن الارتفاع في العقود المفتوحة، خاصة في سوق الخيارات، يشير إلى تدفق كبير لرأس المال الجديد ورغبة في التحوط أو المضاربة على حركات سعرية كبيرة قادمة.
تأثير صناديق تداول البيتكوين المتداولة في البورصة (ETFs)
لا تزال صناديق تداول البيتكوين الفورية المتداولة في البورصة (Spot Bitcoin ETFs) تلعب دورًا محوريًا في توفير زخم إضافي لجانب الشراء. تستمر هذه الصناديق في جذب تدفقات داخلية تفوق 300 مليون دولار يوميًا. هذه التدفقات تمثل طلبًا مؤسسيًا مستمرًا على البيتكوين، حيث تقوم هذه الصناديق بشراء البيتكوين في السوق الفوري لمواكبة الطلب على أسهمها. يساهم هذا التدفق المستمر للأموال المؤسسية بشكل مباشر في دعم الأسعار ودفعها نحو الأعلى، مما يضيف طبقة من الدعم الأساسي للسوق.
يعكس الاهتمام المستمر بصناديق ETF الفورية قبولًا متزايدًا للبيتكوين كفئة أصول قابلة للاستثمار من قبل شريحة أوسع من المستثمرين التقليديين والمؤسسات المالية الكبرى. هذا التدفق المستمر لا يعزز السعر الحالي فحسب، بل يساهم أيضًا في بناء أساس قوي للنمو المستقبلي.
التحليل الفني ونماذج التسعير على السلسلة
من الناحية الفنية، يتداول البيتكوين حاليًا بشكل مريح فوق متوسطات الحركة الرئيسية، مما يعزز الزخم الصعودي. يتداول السعر فوق المتوسط المتحرك لـ 111 يومًا عند 91,800 دولار، وفوق المتوسط المتحرك لـ 200 يوم عند 94,300 دولار. تجاوز السعر لهذه المتوسطات المتحركة الرئيسية يعتبر إشارة فنية قوية على الاتجاه الصعودي المستمر. بالإضافة إلى ذلك، يتداول السعر فوق متوسط تكلفة حاملي البيتكوين على المدى القصير عند 95,900 دولار، مما يعني أن غالبية المستثمرين الذين اشتروا البيتكوين مؤخرًا يحققون أرباحًا، وهذا يقلل من احتمالية حدوث ضغط بيع كبير من هذه الشريحة.
تضع نماذج التسعير المعتمدة على بيانات سلسلة الكتل منطقة مقاومة رئيسية تالية بين 120,300 دولار و135,700 دولار. تاريخيًا، لم يقضِ البيتكوين سوى حوالي 17.5% من تاريخ تداوله ضمن هذا النطاق السعري. غالبًا ما عملت هذه المنطقة كحد أعلى خلال فترات التفاؤل المفرط وذروات السوق الصاعدة. الوصول إلى هذه المنطقة يعني دخول البيتكوين إلى مرحلة تاريخية نادرة حيث يواجه مستويات مقاومة ناجمة عن العملات التي تم شراؤها بأسعار مرتفعة للغاية في الدورات السابقة.
خلاصة التقرير والتوقعات المستقبلية
خلص تقرير Glassnode إلى أن السوق يشهد سخونة وتصاعدًا في النشاط والربحية والتراكم، لكنه لم يصل بعد إلى مرحلة الإرهاق أو الذروة النهائية التي تسبق عادةً الانعكاسات الكبيرة. المؤشرات الحالية تدعم استمرار الاتجاه الصعودي، لكن مع تزايد الرافعة المالية والربحية، يزداد أيضًا احتمال ظهور ضغط بيع ناتج عن جني الأرباح.
إذا استمر الزخم الحالي مدعومًا بالطلب القوي من صناديق ETF والمستثمرين الأفراد والمؤسسات، فإن الاختبار الرئيسي التالي لسعر البيتكوين قد يحدث عند منطقة 120,000 دولار وما يليها ضمن نطاق المقاومة المحدد على السلسلة (120,300 – 135,700 دولار). قدرة السوق على امتصاص ضغط جني الأرباح المتزايد عند هذه المستويات ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كان البيتكوين سيتمكن من اختراق هذه المنطقة ومواصلة مساره الصعودي نحو مستويات سعرية أعلى بكثير. يظل التركيز منصبًا على توازن القوى بين المشترين الراغبين في التراكم عند المستويات الحالية والمرتفعة، والبائعين الذين يسعون لجني الأرباح بعد تحقيق مكاسب كبيرة.
“`