“`html
الديمقراطيون يطالبون بتعديل قانون GENIUS بسبب صلات ترامب بالعملات المشفرة
تتجه الحكومة الأمريكية نحو إقرار أول تشريع لها على الإطلاق يتعلق بالعملات المشفرة، وهو قانون “توجيه وإنشاء الابتكار الوطني للعملات المستقرة الأمريكية” (Guiding and Establishing National Innovation for U.S. Stablecoins)، المعروف اختصاراً باسم GENIUS Act. يهدف هذا التشريع إلى وضع إطار تنظيمي واضح للعملات المستقرة في الولايات المتحدة، وهي خطوة تعتبر بالغة الأهمية لتنظيم سوق الأصول الرقمية المتنامي وضمان استقرارها وحماية المستثمرين. ومع ذلك، يواجه مشروع القانون مقاومة ودعوات قوية للتعديل من قبل بعض المشرعين الديمقراطيين.
يضغط النواب الديمقراطيون بشدة من أجل تضمين حماية إضافية في مشروع القانون المقترح. تتركز هذه المطالب على ضرورة إضافة بنود تهدف إلى مكافحة الفساد ومنع إساءة استخدام السلطة من قبل المسؤولين العموميين، وبالأخص أفراد عائلة الرئيس السابق دونالد ترامب والدوائر المقربة منه. تأتي هذه المخاوف في الوقت الذي تتزايد فيه الأنباء حول انخراط عائلة ترامب في قطاع العملات المشفرة، مما يثير تساؤلات حول تضارب محتمل في المصالح.
وفقًا لتقرير صادر عن موقع “أكسيوس” الإخباري، تصر مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ على أن مشروع القانون الحالي بحاجة إلى تعديلات جوهرية. هذه التعديلات المقترحة تسعى بشكل خاص لمنع ترامب وأعضاء دائرته الداخلية من تحقيق أرباح شخصية غير مشروعة من العملات المستقرة. كما تهدف هذه البنود إلى وضع حواجز تمنع بيع النفوذ لمن يدفع أكثر في ظل الإطار التنظيمي الجديد، وهو ما يعتبره الديمقراطيون خطراً حقيقياً يجب التصدي له قبل إقرار القانون بشكل نهائي.
لماذا يضغط أعضاء مجلس الشيوخ لتعديل قانون GENIUS؟
يمثل قانون GENIUS المقترح خطوة تاريخية، حيث من شأنه أن يؤسس أول إطار تنظيمي فيدرالي مخصص للعملات المستقرة في الولايات المتحدة. هذه العملات، التي تم تصميمها للحفاظ على قيمة مستقرة مرتبطة عادة بعملة ورقية مثل الدولار الأمريكي، تعتبر جسراً مهماً بين عالم العملات الورقية التقليدية وعالم الأصول الرقمية المتقلب. إقرار تشريع ينظمها يعتبر أمراً حيوياً لتعزيز الثقة في هذه الفئة من الأصول وتمكين استخداماتها الواسعة في المدفوعات والتمويل اللامركزي.
تم تقديم مشروع القانون الأصلي في فبراير الماضي من قبل السيناتور بيل هاجرتي، وحظي برعاية مشتركة من قبل السيناتور كيرستن جيليبراند والسيناتور سينثيا لوميس. ويحدد المشروع عدداً من المتطلبات الأساسية لمصدري العملات المستقرة. إذا تم سنه، فإن القانون سيؤسس إطاراً فيدرالياً للترخيص والإشراف، مما يعني أن الجهات التي ترغب في إصدار عملات مستقرة ستحتاج إلى الحصول على تراخيص اتحادية محددة. هذا يتطلب عملية مراجعة وتقييم دقيقة للتأكد من قدرة هذه الجهات على الالتزام بالمعايير التنظيمية.
بالإضافة إلى ذلك، يفرض مشروع القانون متطلبات صارمة تتعلق بالشفافية والاستقرار المالي. يلزم مصدري العملات المستقرة بالخضوع لعمليات تدقيق أمني ومالي منتظمة للتأكد من أن لديهم الاحتياطيات الكافية لدعم العملات التي يصدرونها. يحد التشريع أيضاً من إصدار العملات المستقرة على الكيانات المرخصة فقط، ويحظر تداول الأصول التي لا يتم دعمها بالكامل باحتياطيات مناسبة وآمنة. هذه البنود تهدف إلى منع انهيار العملات المستقرة بسبب نقص الدعم المالي أو ممارسات غير سليمة، وهو ما حدث مع بعض العملات المستقرة في الماضي وتسبب في خسائر للمستثمرين وزعزعة الثقة في السوق.
قبل أن يتم تمرير مشروع القانون في مجلس الشيوخ في وقت سابق من الأسبوع، كان الديمقراطيون قد أثاروا بالفعل مخاوف جدية بشأن تضارب محتمل في المصالح يتعلق باستثمارات الرئيس السابق ترامب في مجال العملات المشفرة. على الرغم من أنهم كانوا قد سحبوا دعمهم لمشروع القانون في مرحلة سابقة بسبب هذه المخاوف، إلا أن معظمهم، باستثناء زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، صوتوا بالموافقة في النهاية، ربما لإبقاء الباب مفتوحاً للتفاوض على التعديلات في مراحل لاحقة من العملية التشريعية.
مخاوف بشأن مشاريع ترامب في مجال العملات المشفرة
مع اقتراب قانون GENIUS بضع خطوات فقط من أن يصبح قانوناً نافذاً، عاد الديمقراطيون ليؤكدوا مرة أخرى على ضرورة إجراء تعديلات حاسمة. يصرون على أن هذه التعديلات يجب أن تُضمّن نصوصاً توفر حماية صريحة ضد الفساد المحتمل. يقود السيناتور جيف ميركلي، والسيناتور إليزابيث وارن، والسيناتور تشاك شومر الجهود للضغط من أجل تقديم هذه التعديلات قبل أن يتم التصويت النهائي على القانون في مجلس الشيوخ، لضمان أن النسخة النهائية من التشريع تتضمن الضمانات اللازمة.
يحظى هذا التعديل المقترح برعاية مشتركة من عدد آخر من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، بما في ذلك السيناتور جاري بيترز، والسيناتور جاك ريد، والسيناتور كريس ميرفي، والسيناتور مايكل بينيت. على الرغم من أن معظم هؤلاء المشرعين صوتوا في السابق لصالح مشروع القانون الأصلي، فقد كشفت مصادر مطلعة على المسألة أنهم قد يعيدون النظر في موقفهم ويسحبون دعمهم إذا افتقر التشريع في صيغته النهائية إلى الضمانات الكافية ضد الفساد. هذا يضع ضغطاً كبيراً على العملية التشريعية ويهدد بعرقلة إقرار القانون الذي يعتبره البعض ضرورياً لتنظيم السوق.
تأتي هذه المخاوف في ظل نشاط متزايد لعائلة ترامب في قطاع العملات المشفرة. أطلقت شركة “وورلد ليبرتي فايننشال” (World Liberty Financial – WLFI)، وهي شركة تابعة لعائلة ترامب، عملة مستقرة جديدة تحمل اسم “USD1”. هذه الخطوة بحد ذاتها تثير تساؤلات حول توقيت إطلاق العملة وتوافقها مع التطورات التشريعية الجارية. الأمر الذي يزيد من حدة المخاوف هو أن هذه العملة الجديدة قد أبرمت بالفعل صفقة لتصبح عملة التسوية لاستثمار ضخم بقيمة 2 مليار دولار تقوم به شركة “MGX” ومقرها أبوظبي في بورصة العملات المشفرة “بينانس” (Binance). هذا الارتباط بين شركة تابعة لعائلة ترامب وصفقة استثمارية دولية كبرى في مجال الأصول الرقمية يغذي الشكوك حول احتمالية استغلال النفوذ السياسي لتحقيق مكاسب مالية.
في الوقت الذي يستمر فيه الضغط من أجل التعديل، يرى بعض الديمقراطيين أن مشروع القانون يجب أن يمر بغض النظر عن المخاوف المتعلقة بعائلة ترامب. على سبيل المثال، يصر السيناتور مارك وارنر، وهو ديمقراطي، على أن تمرير القانون أمر ضروري لمستقبل الابتكار المالي في الولايات المتحدة. صرح وارنر بأن احتمالية الفساد، على الرغم من أهميتها، لا يجب أن تعمي الحكومة الأمريكية عن الحقيقة الأوسع نطاقاً وهي أن تقنية البلوك تشين والعملات المشفرة موجودة لتبقى وتلعب دوراً متزايد الأهمية في الاقتصاد العالمي. يجادل مؤيدو القانون بأنه يجب وضع الإطار التنظيمي أولاً، ويمكن التعامل مع قضايا تضارب المصالح المحتملة من خلال آليات أخرى.
في تطور موازٍ، أطلق كبار المشرعين الديمقراطيين تحقيقاً مستقلاً في مشروع ترامب للعملات المشفرة. يركز هذا التحقيق على مجموعة من المخاوف الخطيرة، بما في ذلك احتمال جمع أموال بشكل غير قانوني، إساءة استخدام السلطة السياسية، وتأثيرات أجنبية محتملة على العملية السياسية الأمريكية. هذه التحقيقات تزيد من الضغط السياسي المحيط بمشروع قانون GENIUS وتبرز التحديات التي تواجه محاولة تنظيم هذا القطاع الجديد في بيئة سياسية مشحونة. العلاقة بين النفوذ السياسي والمكاسب المالية في قطاع سريع التطور مثل العملات المشفرة هي قضية معقدة وتتطلب معالجة دقيقة لضمان نزاهة السوق وثقة الجمهور.
يُظهر النقاش الدائر حول قانون GENIUS التوترات الكامنة بين الحاجة الملحة لتنظيم قطاع العملات المستقرة وبين المخاوف العميقة بشأن الفساد وتضارب المصالح في أعلى مستويات الحكومة. بينما يتفق الكثيرون على ضرورة وجود إطار تنظيمي لضمان الاستقرار والابتكار، يصر الديمقراطيون على أن هذا الإطار يجب أن يتضمن آليات قوية لمنع المسؤولين العموميين وأقاربهم من استغلال مواقعهم لتحقيق مكاسب شخصية غير مبررة. يعكس هذا الصراع التحدي الأكبر المتمثل في دمج التقنيات المالية الجديدة ضمن الأنظمة القانونية والسياسية القائمة، مع الحفاظ على مبادئ النزاهة والشفافية والعدالة.
إن نتيجة هذا الصراع التشريعي ستحدد ليس فقط مستقبل تنظيم العملات المستقرة في الولايات المتحدة، بل ستضع أيضاً سابقة لكيفية التعامل مع قضايا تضارب المصالح المحتملة في الفضاء المتزايد للأصول الرقمية. يبقى أن نرى ما إذا كان الديمقراطيون سينجحون في فرض تعديلاتهم المقترحة، أو ما إذا كان القانون سيمر بصيغته الحالية، تاركاً المخاوف بشأن الفساد دون معالجة صريحة ضمن نصوصه.
“`