إريك ترامب: الجميع يريد البيتكوين والجميع يشتريها

شهد مؤتمر البيتكوين 2025 الذي عُقد في لاس فيغاس نقاشاً مثيراً للاهتمام حول مستقبل البيتكوين والآراء المحيطة به، بمشاركة مجموعة بارزة من الشخصيات المؤثرة في عالم العملات الرقمية والتكنولوجيا. كان من بين المتحدثين البارزين مايك هو، الرئيس التنفيذي وعضو مجلس إدارة شركة American Bitcoin، ومات بروساك، الرئيس التنفيذي لذات الشركة، بالإضافة إلى آرون أرنولد، مؤسس Altcoin Daily، ودونالد ترامب جونيور، وإريك ترامب.

قدم هؤلاء المتحدثون رؤاهم المختلفة وتوقعاتهم لمسار البيتكوين، مسلطين الضوء على التحديات والفرص في هذا السوق المتنامي باستمرار. وقد أثارت تصريحاتهم تفاعلاً كبيراً بين الحضور والمتابعين حول العالم، نظراً لوزنهم وتأثيرهم في مجتمعات الأعمال والاستثمار.

قيادة البيتكوين إلى أمريكا

بدأ إريك ترامب النقاش بكلمات قوية وحاسمة، مؤكداً على دور أمريكا الريادي في تبني البيتكوين والثورة الرقمية. قال إريك: “نحن نجلب البيتكوين إلى أمريكا، وأمريكا ستنتصر في ثورة العملات المشفرة”. هذه التصريحات تعكس رؤية طموحة لوضع الولايات المتحدة في مقدمة الدول التي تحتضن التكنولوجيا اللامركزية وتستفيد منها على نطاق واسع.

يشير هذا التركيز على “جلب البيتكوين إلى أمريكا” إلى جهود محتملة لتعزيز القبول والتبني على المستوى الوطني، سواء من خلال السياسات التنظيمية الداعمة أو من خلال تشجيع الشركات والأفراد على استخدام واستثمار البيتكوين. إن ربط هذا الهدف بـ “الانتصار في الثورة الرقمية” يؤكد على الأهمية الاستراتيجية التي يوليها البعض للعملات المشفرة كجزء لا يتجزأ من مستقبل الاقتصاد والتكنولوجيا.

خزانة بيتكوين بقيمة 2.5 مليار دولار

استكمل دونالد ترامب جونيور النقاش بتسليط الضوء على التطورات الأخيرة التي تعزز مكانة البيتكوين في القطاع المؤسسي. أشار إلى التزام شركتي True Social و TMTG بتخصيص مبلغ ضخم لخزانة البيتكوين الخاصة بهما.

صرح ترامب جونيور قائلاً: “الإعلان كله بالأمس، True Social و TMTG ملتزمان بتخصيص 2.5 مليار دولار لخزانة بيتكوين. ثم ثلاثية العملات المشفرة التي لدينا هي ما نقوم به مع World Liberty و USD1 من منصة التمويل اللامركزي (DeFi). نحن متفائلون جداً بالعملات المشفرة.”

يعتبر هذا التزام المؤسسات الكبرى بمبالغ كهذه مؤشراً قوياً على تزايد الثقة في البيتكوين كأصل احتياطي وكجزء من الاستراتيجية المالية للشركات. إن تخصيص 2.5 مليار دولار ليس بالأمر الهين ويعكس تحولاً في النظرة التقليدية للأصول، حيث بدأت العملات الرقمية تحتل مكانة alongside الأصول التقليدية مثل الذهب أو النقد.

كما أشار دونالد ترامب جونيور إلى أنشطتهم في مجال التمويل اللامركزي (DeFi) من خلال منصات مثل World Liberty و USD1، مما يدل على اهتمامهم ليس فقط بالبيتكوين كأصل، بل أيضاً بالابتكارات الأوسع في نظام العملات المشفرة والتمويل اللامركزي الذي يهدف إلى إعادة تشكيل الخدمات المالية التقليدية.

طلب عالمي هائل على البيتكوين

عاد إريك ترامب ليتناول جانباً حيوياً من السوق الحالي للبيتكوين، وهو الطلب المتزايد والقيود المفروضة على العرض. أكد إريك أن العالم كله يريد البيتكوين، وأن الشركات تواجه صعوبات في شرائه بسبب هذا الطلب الهائل مقارنة بالعرض المتاح.

وقال إريك بوضوح: “الجميع يريد البيتكوين. الجميع يشتري البيتكوين.”

هذه الجملة البسيطة تحمل في طياتها دلالات عميقة حول التحول الحاصل في النظرة إلى البيتكوين. لم يعد مجرد اهتمام محدود من قبل المتحمسين للتكنولوجيا أو المستثمرين المغامرين، بل أصبح هدفاً لشركات ومؤسسات وأفراد على نطاق عالمي. يعكس هذا الطلب المتزايد إدراكاً متنامياً لقيمة البيتكوين كأصل نادر، وكمخزن للقيمة في ظل عدم اليقين الاقتصادي، وكملاذ آمن محتمل ضد التضخم.

مشكلة العرض المحدود هي جزء أساسي من تصميم البيتكوين (الحد الأقصى هو 21 مليون عملة). عندما يقابل الطلب المتزايد عرضاً محدوداً، فإن ذلك يخلق ضغطاً تصاعدياً على الأسعار. الصعوبات التي تواجهها الشركات في شراء كميات كبيرة من البيتكوين تشير إلى أن السيولة قد لا تكون كافية لتلبية رغبات جميع المشترين الكبار في آن واحد، مما يؤدي إلى تنافس محموم على العملات المتاحة.

كما تطرق إريك إلى فكرة أن النظام المالي التقليدي “معطل”، وأن العملات المشفرة، وبالأخص البيتكوين، تقدم حلولاً لهذه المشاكل. قال إريك: “النظام كله معطل، والآن فجأة لديك العملات المشفرة التي تحل كل المشاكل. إنها تجعل كل شيء أرخص، وأسرع، وأكثر أماناً، وأكثر شفافية. إنها تجعل النظام بأكمله أكثر وظيفية.”

تلخص هذه العبارة العديد من المزايا التي يروج لها مؤيدو العملات المشفرة. اللامركزية تقلل من الحاجة إلى الوسطاء، مما قد يخفض التكاليف. تقنية البلوك تشين تتيح معالجة أسرع للمعاملات مقارنة بالأنظمة المصرفية التقليدية. الطبيعة المشفرة وتوزيع السجلات تعزز الأمان والشفافية، حيث يمكن لأي شخص التحقق من المعاملات على السلسلة العامة (مع الحفاظ على خصوصية الهوية في كثير من الأحيان). كل هذه العوامل تساهم في جعل النظام المالي “أكثر وظيفية” وأكثر كفاءة.

التقلب وفرص التعدين

قدم مايك هو، من American Bitcoin، وجهة نظره حول التقلبات في سعر البيتكوين وكيف يمكن أن تكون مفيدة، بالإضافة إلى دور التعدين في استراتيجيتهم.

علق هو قائلاً: “نحن نرى تعدين البيتكوين كطبقة أساسية للقدرة على تجميع بيتكوين إضافي مبتكر لمساهمينا بخصم مقارنة بما يمكن للسوق شراء البيتكوين به. ثم هناك قيمة في تقلبات السهم. عادةً ما يحمل التقلب دلالة سلبية، ولكن هنا، التقلب هو ما يسمح لنا بجمع قروض تحويلية منخفضة التكلفة لتسريع تجميع البيتكوين.”

توضح هذه النظرة أن الشركات التي تعمل في مجال تعدين البيتكوين أو تمتلكه بكميات كبيرة قد ترى التقلبات من منظور مختلف. فبينما قد يخيف التقلب المستثمرين الأفراد أو المؤسسات التقليدية، فإنه يمكن أن يخلق فرصاً استثمارية واستراتيجيات مالية معقدة تسمح بتجميع المزيد من البيتكوين بشروط مواتية، كما هو الحال مع استخدام القروض التحويلية المرتبطة بأداء السهم والبيتكوين.

يعتبر التعدين بحد ذاته طريقة “لتصنيع” البيتكوين بتكلفة أقل من شرائه مباشرة من السوق، مما يجعله استراتيجية جذابة للشركات التي تسعى لزيادة ممتلكاتها من البيتكوين.

تجميع الساتوشيات (Stacking Sats)

أكد مات بروساك، الرئيس التنفيذي لـ American Bitcoin، على استراتيجيتهم الرئيسية وهي تجميع أكبر قدر ممكن من البيتكوين، وهي ممارسة يشار إليها غالباً في مجتمع البيتكوين بـ “تجميع الساتوشيات” (Stacking Sats)، حيث الساتوشي هو أصغر وحدة من البيتكوين.

قال بروساك: “نحن نبحث عن طرق لتجميع أكبر قدر ممكن من البيتكوين بأسرع وقت ممكن. نحن نقوم بتجميع الساتوشيات لعمليات التعدين لدينا. سنقوم بتجميع الساتوشيات للتجميع.”

هذه التصريحات تؤكد على التركيز الشديد على اكتناز البيتكوين وزيادة حيازات الشركة منه. سواء كان ذلك من خلال عمليات التعدين التي تولد بيتكوين جديداً، أو من خلال استراتيجيات الاستحواذ والشراء من السوق، فإن الهدف هو واحد: مراكمة البيتكوين. تعكس هذه العقلية إيماناً قوياً بالقيمة المستقبلية للبيتكوين، حيث يعتبر تجميع الكميات اليوم استثماراً أساسياً للمستقبل.

توقعات الأسعار المستقبلية

كجزء من النقاش، قدم المتحدثون توقعاتهم لسعر البيتكوين بنهاية العام. كانت هذه التوقعات متفائلة وتعكس الثقة في النمو المستمر للأصل.

• توقع إريك ترامب أن يصل سعر البيتكوين إلى 170,000 دولار.
• توقع دونالد ترامب جونيور نطاقاً يتراوح بين 150,000 دولار و 175,000 دولار.
• توقع مايك هو سعراً يتجاوز 200,000 دولار.

تظهر هذه التوقعات تبايناً طفيفاً بين المتحدثين، لكنها جميعها تشير إلى قفزة كبيرة محتملة في قيمة البيتكوين مقارنة بأسعاره الحالية (وقت النقاش في مؤتمر 2025). يجب دائماً التعامل مع توقعات الأسعار بحذر، حيث أن سوق العملات المشفرة معروف بتقلباته الشديدة وتأثره بعوامل متعددة. ومع ذلك، فإن مثل هذه التوقعات من شخصيات بارزة يمكن أن تؤثر على معنويات السوق وتساهم في تحقيق التنبؤات ذاتياً إلى حد ما.

اختتم إريك ترامب النقاش بتأكيد على الإمكانات الهائلة للسنوات القادمة. قال: “السنوات العشر القادمة ستكون متصاعدة بشكل مطلق.” تشير عبارة “متصاعدة بشكل مطلق” (absolutely parabolical) إلى نمو متسارع وهائل، ربما يفوق النمو الذي شهده البيتكوين حتى الآن. يعكس هذا تفاؤلاً كبيراً بمستقبل التكنولوجيا اللامركزية وتبنيها على نطاق عالمي، ليس فقط كأصل استثماري، بل كجزء من البنية التحتية المالية والتقنية للمستقبل.

الخلاصة

قدم النقاش الذي جرى في مؤتمر البيتكوين 2025 رؤى قيمة من قادة في مجالات مختلفة مرتبطة بالعملات المشفرة. من التأكيد على قيادة أمريكا في هذا المجال، مروراً بالتزامات مؤسسية ضخمة تجاه البيتكوين، وتسليط الضوء على الطلب العالمي المتزايد والتحديات المرتبطة بالعرض المحدود، وصولاً إلى الاستراتيجيات المتبعة في التعدين وتجميع البيتكوين، وانتهاءً بتوقعات مستقبلية متفائلة جداً.

تؤكد هذه المحادثات على أن البيتكوين والعملات المشفرة لم تعد مجرد ظاهرة هامشية، بل أصبحت جزءاً متزايد الأهمية من المشهد المالي والاقتصادي العالمي، وتثير اهتماماً متزايداً من قبل الشركات الكبرى والشخصيات المؤثرة. بينما يظل سوق العملات المشفرة مليئاً بالتحديات والمخاطر، فإن التفاؤل الذي عبر عنه المتحدثون في هذا النقاش يعكس اعتقاداً راسخاً بإمكانات البيتكوين والتقنيات المرتبطة به لتغيير العالم نحو الأفضل.

إن الطلب الذي وصفه إريك ترامب بـ “الجميع يريد البيتكوين” ليس مجرد عبارة عابرة، بل هو شهادة على الانتشار المتزايد للوعي بالبيتكوين كأصل فريد ذي خصائص لا مثيل لها. ومع استمرار تطور البنية التحتية وسهولة الوصول، من المرجح أن يستمر هذا الطلب في النمو، مما يدعم النظرة المتفائلة للمستقبل التي عبر عنها المشاركون في هذا النقاش المهم.