“`html
إيثيريوم تشهد تدفقات بقيمة 205 مليون دولار أسبوعياً بعد ترقية بيكترا الناجحة
شهد سوق الأصول الرقمية انتعاشاً ملحوظاً خلال الأسبوع الماضي، مع استمرار تدفق الاستثمارات نحو منتجات الأصول الرقمية للمرة الخامسة على التوالي. هذا الزخم الإيجابي دفع إجمالي التدفقات الواردة لهذا العام إلى مستويات قياسية جديدة، متجاوزاً الذروة السابقة التي سجلت في فبراير. وفي خضم هذا الانتعاش العام، برزت شبكة إيثيريوم بأداء لافت، حيث جذبت اهتماماً كبيراً من المستثمرين، خاصة في أعقاب التطورات الأخيرة على شبكتها.
صورة السوق الإجمالية: تجاوز القمم السابقة ومحو الانخفاضات
لخمسة أسابيع متتالية، واصلت منتجات الاستثمار في الأصول الرقمية جذب رؤوس الأموال، مسجلة تدفقات إجمالية بلغت 785 مليون دولار خلال الأسبوع الماضي وحده. هذا التدفق المستمر رفع إجمالي التدفقات الواردة منذ بداية العام إلى 7.5 مليار دولار، متجاوزاً بذلك الرقم القياسي السابق البالغ 7.2 مليار دولار الذي تم تسجيله في فبراير. الأهم من ذلك، أن هذه التدفقات الأخيرة نجحت في محو كامل التدفقات الخارجة التي بلغت 7 مليارات دولار وشهدتها السوق خلال فترة التراجع في فبراير ومارس، مما يشير إلى تعافٍ قوي في ثقة المستثمرين بالسوق ككل وقدرته على استيعاب الصدمات.
إيثيريوم تتألق: ثقة متجددة بعد ترقية بيكترا
في قلب هذا الانتعاش، كان أداء إيثيريوم (ETH) متميزاً بشكل خاص. وفقاً لأحدث تقرير صادر عن CoinShares بعنوان “Digital Asset Fund Flows Weekly Report”، شهدت إيثيريوم تدفقات استثمارية ضخمة بلغت 205 ملايين دولار خلال الأسبوع الماضي. هذا المبلغ يمثل مساهمة كبيرة في إجمالي تدفقات العام حتى الآن لإيثيريوم، والتي وصلت إلى 575 مليون دولار. هذا الارتفاع الكبير في التدفقات الواردة لإيثيريوم يُعد مؤشراً قوياً على تجدد ثقة المستثمرين في ثاني أكبر عملة رقمية من حيث القيمة السوقية.
تعزى هذه الثقة المتزايدة جزئياً إلى التطورات الإيجابية المحيطة بشبكة إيثيريوم. أحد العوامل الرئيسية هو نجاح إطلاق ترقية “بيكترا” (Pectra upgrade)، والتي أصبحت أخيراً قيد التشغيل في 7 مايو، بعد سلسلة من التأخيرات التي كانت قد أثرت على المعنويات سابقاً. تُعد ترقية بيكترا، التي تجمع بين ترقيات براغ وكانكون/دينفر السابقة، خطوة مهمة نحو تحسين كفاءة الشبكة وقابليتها للتوسع، مما يعزز جاذبيتها للمطورين والمستخدمين على حد سواء. الإطلاق الناجح لهذه الترقية بعد فترات من عدم اليقين بث فيها الهدوء في أوساط مجتمع إيثيريوم والمستثمرين على حد سواء، وأكد على قدرة الشبكة على التطور والتحسن المستمر.
عامل آخر ربما ساهم في تعزيز ثقة المستثمرين هو تعيين المدير التنفيذي المشارك الجديد لـ Ethereum Foundation، توماسز ستانشاك (Tomasz Stańczak). القيادة الجديدة والاستقرار الإداري غالباً ما تُنظر إليها بعين الإيجاب في المشاريع الكبيرة، ويمكن أن تلعب دوراً في جذب الاستثمار من خلال توفير رؤية واضحة ومسار محدد للتطوير المستقبلي للشبكة. هذه التطورات مجتمعة، سواء كانت تقنية أو إدارية، يبدو أنها لعبت دوراً حاسماً في دفع إيثيريوم لتكون في صدارة تدفقات الأصول الرقمية خلال الأسبوع الماضي.
البيتكوين وغيرها من الأصول الرقمية: مشهد متنوع
لم تكن إيثيريوم وحدها المستفيد من موجة التدفقات الإيجابية. شهدت بيتكوين (BTC)، العملة الرقمية الأكبر، تدفقات كبيرة أيضاً بلغت 557 مليون دولار خلال الأسبوع الماضي. ومع ذلك، كان هذا الرقم أقل قليلاً من التدفقات التي شهدتها بيتكوين في الأسبوع السابق. يُعتقد أن هذا التباطؤ النسبي في تدفقات بيتكوين قد يكون متأثراً بموقف الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المستمر في التشدد بشأن السياسة النقدية، مما قد يدفع بعض المستثمرين إلى توخي الحذر في الأصول ذات المخاطر العالية، مثل العملات الرقمية، على الرغم من طبيعة بيتكوين كأصل ملاذ آمن محتمل في أوقات عدم اليقين الاقتصادي.
من جهة أخرى، جذبت منتجات “البيتكوين القصيرة” (Short-bitcoin products)، وهي المنتجات التي تتيح للمستثمرين المراهنة على انخفاض سعر البيتكوين، تدفقات بقيمة 5.8 مليون دولار للأسبوع الرابع على التوالي. هذا يشير إلى أن بعض المستثمرين يستخدمون هذه المنتجات كنوع من “التحوط” (hedging) ضد مخاطر الانخفاض المحتمل في أسعار بيتكوين، خاصة مع استمرار الأسعار في الارتفاع وتحقيقها لمستويات جديدة. هذا السلوك يعكس حذراً موجوداً في جزء من السوق، حتى في ظل التدفقات الإيجابية العامة.
بالإضافة إلى البيتكوين وإيثيريوم، شهدت عملات رقمية أخرى تدفقات استثمارية خلال نفس الفترة، وإن كانت بأحجام أصغر. سجلت سوي (Sui) تدفقات بلغت 9.3 مليون دولار، بينما جذبت ريبل (XRP) 4.9 مليون دولار. أما كاردانو (Cardano) وشين لينك (Chainlink) فقد سجلتا تدفقات متواضعة بلغت 0.5 مليون دولار و 0.2 مليون دولار على التوالي. هذه الأرقام تشير إلى اهتمام متفرق ببعض العملات البديلة (altcoins) في السوق، على الرغم من أن الجزء الأكبر من التركيز لا يزال على العملات الرقمية الكبرى.
سولانا في مواجهة التيار: تدفقات خارجة
في المقابل، شهدت بعض الأصول الرقمية تدفقات خارجة خلال الأسبوع الماضي، مما يشير إلى تحول في تفضيلات بعض المستثمرين أو عمليات جني أرباح. أبرز هذه الأصول كانت سولانا (Solana)، التي شهدت تدفقات خارجة بلغت 0.89 مليون دولار. هذا التباين بين أداء سولانا والتدفقات القوية التي شهدتها إيثيريوم يوفر لمحة عن الديناميكيات المتغيرة داخل سوق العملات البديلة، حيث قد ينتقل رأس المال من شبكة إلى أخرى بناءً على الأداء الأخير، التطورات التقنية، أو المعنويات العامة المحيطة بكل مشروع. بالإضافة إلى سولانا، شهدت منتجات الأصول المتعددة (multi-asset products)، التي تستثمر في سلة متنوعة من الأصول الرقمية، تدفقات خارجة أكبر بلغت 2.9 مليون دولار، مما قد يشير إلى أن بعض المستثمرين يفضلون حالياً التركيز على أصول معينة بدلاً من المحافظ المتنوعة.
الفروقات الإقليمية في معنويات المستثمرين
عند النظر إلى توزيع التدفقات الاستثمارية من منظور إقليمي، يتضح وجود انقسامات واضحة في معنويات المستثمرين حول العالم. كانت الولايات المتحدة في صدارة المناطق الجاذبة للاستثمار، حيث سجلت تدفقات أسبوعية قوية بلغت 681 مليون دولار. يعكس هذا الأداء القوي في الولايات المتحدة ربما الدور المتزايد لصناديق تداول البيتكوين الفورية (Bitcoin Spot ETFs) التي تم إطلاقها هناك، والتي فتحت الباب أمام شريحة أوسع من المستثمرين المؤسساتيين والأفراد للاستثمار في الأصول الرقمية عبر قنوات استثمارية تقليدية ومنظمة.
ساهمت مناطق أخرى بشكل إيجابي أيضاً، وإن كان بحجم أصغر. ساهمت ألمانيا بتدفقات بلغت 86.3 مليون دولار، بينما سجلت هونغ كونغ مساهمة كبيرة نسبياً بلغت 24.2 مليون دولار. يُعد هذا الرقم لهونغ كونغ الأكبر منذ نوفمبر 2024، مما يشير إلى اهتمام متجدد من المستثمرين في المنطقة، وربما يعكس التطورات التنظيمية الأخيرة هناك التي أصبحت أكثر دعماً للأصول الرقمية. تبعت أستراليا وسويسرا بتدفقات متواضعة بلغت 13.5 مليون دولار و 2.7 مليون دولار على التوالي.
في المقابل، ساءت المعنويات في بعض المناطق الأخرى، حيث سجلت تدفقات خارجة. شهدت السويد تدفقات خارجة بلغت 16.3 مليون دولار، بينما سجلت كندا تدفقات خارجة بقيمة 13.5 مليون دولار. كما شهدت البرازيل تدفقات خارجة بلغت 3.9 مليون دولار خلال الأسبوع الماضي. هذه الفروقات الإقليمية تسلط الضوء على أن العوامل المحلية، مثل البيئة التنظيمية، السياسات الاقتصادية، ومستوى الوعي والتقبل للأصول الرقمية، لا تزال تلعب دوراً هاماً في تشكيل سلوك المستثمرين وتوزيع رؤوس الأموال على مستوى العالم.
باختصار، شهد الأسبوع الماضي استمراراً للاتجاه الإيجابي في تدفقات الأصول الرقمية، مع بروز إيثيريوم كأحد أبرز المستفيدين، مدفوعة بالنجاح التقني والإداري. في حين واصلت بيتكوين جذب استثمارات كبيرة، واجهت بعض الأصول مثل سولانا تحديات تمثلت في تدفقات خارجة. هذه التطورات تؤكد على الطبيعة الديناميكية لسوق الأصول الرقمية وتأثير العوامل التقنية، الاقتصادية، والإقليمية على تحركات رؤوس الأموال.
“`