“`html
المغرب يعتقل العقل المدبر وراء عمليات اختطاف حديثة مرتبطة بالعملات المشفرة في فرنسا
في خطوة مهمة ضمن الجهود الدولية لمكافحة الجريمة المنظمة التي تستهدف قطاع العملات المشفرة، ألقت السلطات المغربية القبض على رجل يحمل الجنسيتين الفرنسية والمغربية، يُشتبه في كونه العقل المدبر وراء سلسلة من عمليات الاختطاف الوحشية المرتبطة بالعملات المشفرة التي شهدتها فرنسا مؤخرًا. من بين أبرز ضحايا هذه السلسلة مؤسس مشارك لشركة Ledger البارزة في مجال محافظ العملات المشفرة.
تم اعتقال المشتبه به، الذي يُعتقد أنه لعب دورًا رئيسيًا في التخطيط والتنسيق لهذه العمليات الإجرامية، في مدينة طنجة شمال المغرب. ويُشير التقرير إلى أنه كان بحوزته عند القبض عليه عدد من الأسلحة البيضاء وعدة هواتف محمولة، مما يعزز الشكوك حول تورطه في أنشطة إجرامية خطيرة تتطلب تخطيطًا وأدوات محددة.
تفاصيل الاعتقال
وفقًا لتقرير إعلامي محلي، فإن المشتبه به، ويدعى باديس محمد أميدي باجو (Badiss Mohamed Amide Bajjou)، يبلغ من العمر 24 عامًا وكان مطلوبًا من قبل السلطات الفرنسية. وقد صدرت بحقه مذكرة حمراء من الإنتربول في عام 2023، تتعلق بتهم خطيرة تشمل الاعتقال، والاختطاف، والحبس غير المشروع، أو الاحتجاز التعسفي لرهينة. هذا يُظهر مدى خطورة الجرائم المنسوبة إليه والجهود الدولية التي بُذلت لتعقبه والقبض عليه.
جاءت عملية الاعتقال بناءً على طلب من السلطات الفرنسية، حيث قامت المديرية العامة للأمن الوطني وجهاز المخابرات المغربي بتعقب باجو والقبض عليه في طنجة. وقد أكدت المديرية العامة للأمن الوطني في المغرب هذه العملية في بيان رسمي، مشيدة بالتعاون الأمني بين البلدين. إن التنسيق الفعال بين أجهزة الشرطة والمخابرات في مختلف الدول يُعد حاسمًا في تفكيك الشبكات الإجرامية العابرة للحدود والتي تستغل التطورات التكنولوجية مثل العملات المشفرة لأغراضها غير المشروعة.
في تعليق على عملية الاعتقال، صرح وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانين في منشور على منصة X (تويتر سابقًا): “أشكر المغرب بصدق على هذا الاعتقال الذي يبرهن على التعاون القضائي الممتاز بين بلدينا، لا سيما في مكافحة الجريمة المنظمة”. هذا التصريح يؤكد على أهمية التعاون الثنائي في مواجهة التحديات الأمنية المشتركة ويوجه رسالة قوية للجماعات الإجرامية بأن الحدود الجغرافية لن تحول دون ملاحقتهم.
يأتي هذا التطور في أعقاب جهود مكثفة بذلتها السلطات الفرنسية لمكافحة هذه الظاهرة الإجرامية. ففي الأسبوع الماضي فقط، وجهت السلطات الفرنسية اتهامات لـ 25 شخصًا، من بينهم ستة قُصّر، فيما يتعلق بسلسلة من عمليات الاختطاف ومحاولات الخطف التي وقعت في المنطقة. هذا يُشير إلى أن هذه الجرائم ليست من تنفيذ فرد واحد، بل هي غالبًا جزء من عمليات منظمة تشمل عددًا من الأفراد بأدوار مختلفة.
نظرًا لتصاعد هذه الحوادث المقلقة التي تستهدف العاملين في قطاع العملات المشفرة، عقد وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتاليو اجتماعًا طارئًا مع قادة الصناعة في شهر مايو الماضي. هدف الاجتماع كان مناقشة سبل تعزيز أمن الأفراد المشاركين في هذا القطاع الذي يُنظر إليه من قبل المجرمين كمصدر للثروة السهلة. في وقت لاحق، أعلنت الوزارة عن خطط لتحسين سلامة الأفراد المعنيين، تشمل هذه الإجراءات الجديدة منحهم أولوية الوصول إلى خطوط الطوارئ الخاصة بالشرطة، وإجراء تقييمات لأمن منازلهم، وتلقي إحاطات أمنية من مسؤولي إنفاذ القانون الفرنسيين. هذه التدابير تعكس القلق المتزايد على مستوى الحكومة الفرنسية من تأثير هذه الجرائم على الأفراد وثقة المستثمرين في القطاع.
عمليات اختطاف مرتبطة بالعملات المشفرة
شهدت فرنسا مؤخرًا عددًا من عمليات الاختطاف ومحاولات الخطف الفاشلة التي استهدفت المديرين التنفيذيين والمسؤولين في شركات العملات المشفرة وعائلاتهم. هذه الموجة من الجرائم ألقت بظلالها على مجتمع العملات المشفرة في البلاد وأثارت مخاوف كبيرة بشأن الأمن الشخصي لأولئك الذين يُنظر إليهم على أنهم يمتلكون أو يديرون ثروات كبيرة في هذا المجال.
واحدة من أحدث هذه الحوادث وقعت في 13 مايو الماضي في وضح النهار، وهي محاولة اختطاف فاشلة لكنها بالغة الخطورة. حاول مهاجمون يُقال إنهم مرتبطون بهذه الشبكة الإجرامية اختطاف ابنة وحفيد بيير نويزات، الرئيس التنفيذي لمنصة العملات المشفرة الفرنسية Paymium. تثير محاولة اختطاف أفراد عائلة المسؤولين التنفيذيين قلقًا بالغًا، حيث تُظهر أن المجرمين مستعدون لاستهداف ليس فقط الأفراد الرئيسيين بل أيضًا أحبائهم لممارسة الضغط والحصول على الفدية.
هذه المحاولة جاءت بعد حادثتين ناجحتين تم فيهما إطلاق سراح الضحايا لاحقًا مع فقدان بعض أصابعهم، مما يدل على مستوى صادم من الوحشية والتعذيب المستخدم من قبل مرتكبي هذه الجرائم لفرض إرادتهم وإجبار الضحايا على التعاون أو دفع الفدية. استخدام العنف الجسدي الشديد يميز هذه السلسلة من الاختطافات ويجعلها متميزة عن الجرائم المالية التقليدية.
أيضًا في شهر مايو، تم اختطاف والد مليونير فرنسي في عالم العملات المشفرة أثناء سيره مع كلبه في باريس. تم احتجاز الضحية لعدة أيام قبل إطلاق سراحه بعد طلب فدية بلغت حوالي 7.8 مليون دولار. هذه الحادثة تسلط الضوء على أن الضحايا ليسوا بالضرورة هم المديرين التنفيذيين بأنفسهم، بل قد يكونون أفرادًا من عائلاتهم يُعتقد أنهم نقطة ضعف يمكن استغلالها.
في شهر يناير الماضي، وتحديدًا في الساعات الأولى من يوم 21 يناير، تم إجبار ديفيد بالاند، المؤسس المشارك لشركة Ledger، على الخروج من منزله في وسط فرنسا. تم احتجاز المسؤول التنفيذي لعدة أيام في الأسر حتى عملية شرطية ناجحة في ليلة 22 يناير أدت إلى تحريره. تضمنت هذه الحالة أيضًا طلب فدية ضخمة، قدرت بحوالي 11.4 مليون دولار. نجاح عملية الإنقاذ في هذه الحالة يُعد بارقة أمل ويُظهر فعالية التدخل الأمني عند توفر المعلومات اللازمة.
إن اعتقال المشتبه به الرئيسي في المغرب يُعد خطوة محورية في تفكيك هذه الشبكة الإجرامية التي استهدفت الأفراد المرتبطين بقطاع العملات المشفرة في فرنسا. يبرهن هذا الاعتقال على ضرورة التعاون الدولي الوثيق بين وكالات إنفاذ القانون في مختلف البلدان لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود التي تتكيف بسرعة مع التطورات التكنولوجية. كما تُبرز هذه السلسلة من الأحداث الحاجة الملحة لزيادة الوعي الأمني بين العاملين في قطاع العملات المشفرة واتخاذ تدابير وقائية فعالة لحماية أنفسهم وعائلاتهم من هذه التهديدات المتزايدة الخطورة.
يُتوقع أن تستمر التحقيقات في كل من فرنسا والمغرب للكشف عن مزيد من التفاصيل حول هذه الشبكة الإجرامية، وتحديد هويات المتورطين الآخرين، وفهم كيفية اختيارهم لضحاياهم وتنفيذ عملياتهم. إن النجاح في القبض على من يُشتبه في كونه العقل المدبر يُعد ضربة قوية لهذه الشبكة ومن شأنه أن يُساهم في ردع الآخرين الذين قد يفكرون في استهداف مجتمع العملات المشفرة بمثل هذه الجرائم البشعة.
“`